Skip to main content

الفصلُ الخامِس وَصَفاتٌ لِلتَّواصُلِ معَ النَّاس

 مُؤخَّراً، كُنتُ أُشارِكُ مَعَكُم سِلسِلَةً من الرَّسائِل التي أسمَيتُها، "وَصفاتٌ كِتابِيَّةٌ للمَشاكِل." في سلسِلَةِ الرَّسائِل هذه، إكتَشَفنا معاً أنَّ اللهَ أعطانا ستَّةً وسِتِّينَ سِفراً مُوحَىً بهِ، لأنَّهُ يعرِفُ أنَّ لدَينا العديد من المشاكِل. إن كُنَّا سنفتَحُ كلمةَ اللهِ بِرُوحِ التوقُّعِ والثِّقة، سوفَ نكتَشِفُ أنَّ اللهَ كتبَ وصفاتٍ عمَلِيَّة في كلمتِهِ المُوحى بها، لمُعالَجَةِ مشاكِلِنا.

في هذه السِّلسِلة من المشاكِل، تأمَّلنا معاً بالوصفاتِ الكتِابِيَّةِ للعلاقاتِ الصَّعبة. هل أنتَ تعيشُ في علاقَةٍ صَعبَة؟ أو هل تجَعَلُ علاقَتَكَ صَعبَةً معَ شَخصٍ آخَر؟ لدى الكتاب المُقدَّس الكَثير ليَقُولَهُ حولَ هذا المَوضُوع. ثُمَّ نظَرنا إلى مُشكِلَةِ الغضَبِ الآثِم. فالغَضَبُ هُوَ غالِباً سببٌ من أسبابِ صُعوبَةِ العلاقات. ولقد تأمَّلنا بِوصفاتِ الغَضَبِ المُقدَّس، أو الإستنكار البارّ. فهُناكَ أوقاتٌ يَصِحُّ فيها أن نغضَبَ، بحسبِ كلمةِ الله.

يُوجَدُ خيطٌ مُتَسَلسِلٌ يمتَدُّ عبرَ هذه الوَصفات، وهُوَ الإتِّصال. في الوَصفَةِ التي أظهَرَت لنا كيفَ نتكَيَّفُ معَ العلاقَةِ الصَّعبَة، تأمَّلنا وتعلَّمنا أنَّهُ في العلاقَةِ الصَّعبَة، علينا أن نُحافِظَ على ثِمارِ الرُّوح، لأنَّ هذا يُبقِي البابَ مفتُوحاً أمامَ الله ليعمَلَ في هذه العلاقة. فإذا تركنا البابَ مفتُوحاً أمامَ الله، نكسَبُ سمعَ هذا الشخصِ الصَّعب المِراس، وقد يُعطينا هذا الفُرصَةَ لنُعلِّمَ أُولئكَ الذين "يُناقِضُونَ أنفُسَهُم." بإمكانِنا أن نُعلِّمَهُم، بما يُسمَّى أَحياناً "لحظَةَ التَّعلُّم." وبإمكانِنا أن نضعَ أمامَهُم حقيقَةً من كَلِمَةِ اللهِ تستطيعُ أن تُحَرِّرَهُم (2 تيمُوثاوُس 2: 23- 23).

تُوجِّهُنا هذه الوَصفاتُ إلى التواصُلِ خلالَ إجتيازِنا عبرَ هذه العلاقاتِ الصَّعبَة. وعندما يتعلَّقُ الأمرُ بالغَضَبِ، سواءٌ أكانَ غضَباً مُقدَّساً أم آثِماً، فقد شاركتُ معَكُم أنَّ الكلماتِ الأكثَر أهَمِّيَّةً في أيَّةِ علاقَةٍ هي التالية: "لقد كُنتُ مُخطِئاً، أنا آسِف، هل تُسامِحُني؟" أو، "لقد كُنتَ أنتَ مُخطِئاً، ولقد جرَحتَني، ولكِنَّني أُسامِحُكَ." هذه الكَلماتُ أنقَذَت العديد من الزِّيجات والأنواع الأُخرى من العلاقات. وغيابُ هذه الكلمات أدَّى إلى خرابِ الكَثير من العلاقات وتدميرها.

هُناكَ أشخاصٌ لن يقُولُوا أبداً أنَّهُم مُخِطئون، ولا يتلفَّظُونَ بعبارَة "أنا آسِف." فبالنسبَةِ لهُم، يفتَرِضُ هذا القولُ أنَّهُم على خطأ، بينما هُم يعتَقِدُونَ أنَّهُم لا يُخطِئونَ أبداً. ولن يقُولُوا أبداً، "أتُسامِحُني؟" فعندما يرونَ هذه الأشياء، يضَعُونَها تحتَ خانَةِ الشخصِ الآخر في علاقتِهم. ولن يقولُوا أبداً مثلَ هذه الكلمات، وهكذا تنفَسِخُ هذه العلاقات.

هذه الكلماتُ البَسيطَةُ هي: "كُنتُ مُخطِئاً، أنا آسِف، أتُسامِحُني، أو: لقد كُنتَ أنتَ مُخطِئاً (سواءٌ أقَبِلتَ بذلكَ أم لا)، ولقد آذَيتَني، ولكِنَّني أُسامِحُكَ." هكذا كلماتٍ أنقَذَت زيجاتٍ وعلاقاتٍ كَثيرَة. وقولُ هذه الكلمات أو عدَمُ قولِها هُوَ قَضِيَّةُ إتِّصال.


ما هُوَ الإتِّصال؟

أرادَ أُستاذٌ جامِعِيٌّ أن يستَخدِمَ درساً موضُوعيَّاً غيرَ إعتِيادِيّ، ليُعَلِّمَ صفَّهُ عن مبادِئِ الإتِّصال. فتعمَّدَ الوُصُولَ مُتأخِّراً إلى صَفِّهِ ذاتَ يوم، وكما توقَّعَ، وجدَ تلاميذَهُ في فَوضى عارِمَة ومُشادّاةٍ حادَّة. فتحرَّكَ بِسُرعة إلى مُقدِّمَةِ الصَّفّ، وضربَ بكَفِّهِ بِقُوَّةٍ على طاوِلَةِ مكتَبِهِ. وصرخَ قائِلاً، "أُريدُ فوضَى عارِمَة!" مُباشَرَةً بعدَ أن ضربَ بكفِّهِ على الطاوِلَة، بِصَوتٍ يُشبِهُ طلقَةَ المُسدَّس، فجأَةً صمتَ التلاميذُ صمتاً مُطبَقاً.

لقد قدَّمَ فِكرَتَهُ وشرَحَ لتلاميذِهِ أنَّ الخُبَراءَ يتَّفِقُونَ بِقَولِهِم لنا أنَّ 7 % فقط ممَّا نتواصَلُ بِهِ معَ الآخرين يُنقَلُ من خلالِ الكَلِمات. و 44 % يُنقَلُ من خلالِ حركاتِ الجَسد، و 49 % يُنقَلُ من خلالِ نَبَراتِ التَّشديد التي نضَعُها على الكلمات التي ننطِقُ بها. علَّمَ هذا الأُستاذُ تلاميذَهُ أنَّ ما قالَهُ لهُم – "أُريدُ فوضى عارِمَة!" – كان فقط 7 % من الرِّسالَةِ التي وجَّهَها لهُم. و 93 % الباقِيَة من رسالتِهِ تمَّ التَّواصُلُ بها من خلالِ حركاتِهِ الغاضِبَة وصوتِهِ المُرتَفِع، واللَّذَانِ كلاهُما نقلا رسالَةً تقُولُ، "توقَّفُوا حالاً عن الكلام."

إنَّ مبادِئَ الإتِّصال هذه بِعَينِها تَصِحُّ بحذافِيرِها في الزواج، أو في أيّةِ علاقَةٍ أُخرى. هُناكَ أزواجٌ كَثِيرُون يُخبِرُونَ راعي كنيستِهم أو مُرشدَهُم الزَّوجِيّ قائِلين، "نحنُ لا نتواصَلُ. نحنُ لا نُكَلِّمُ بعضُنا بعضاً بتاتاً." ولكن بناءً على الدرس الذي تعلَّمناهُ من الأُستاذ والتلاميذ، بإمكانِكُم الجزم أنَّ  الزوجَ والزوجَةَ يتواصَلانِ لا محالَة, حتَّى عندما يكُفَّانِ عنِ الكلامِ بتاتاً. وتواصُلُها يكمُنُ في الطَّريقَةِ التي يتواصَلانِ بها، وبماذا يتواصَلانِ، ولكنَّ المُحتَّم هُوَ أنَّ الزوجَ والزَّوجَةَ يتواصَلانِ دائماً بشكلٍ عام.

يُعرِّفُ القامُوسُ التواصُلَ بكونِهِ "إعطاءُ وأخذُ المَعلُومات، الرَّسائِل، والأفكار، وذلكَ عن طريقِ الكلام، الحركات، أو وسائِل أُخرى." يحدُثُ الإتِّصالُ في الزواج أو في العلاقاتِ الأُخرَى، من خلالِ هذه "الوسائِل الأُخرى." فبِإمكانِ إبتِسامَةٍ أن تُعبِّرَ عن مُجَلَّداتٍ من التفكيرِ الإيجابِيّ والعواطِفِ الجَيَّاشَة. وتجَهُّمٌ أو إزدِراءٌ، يُمكِنُ أن يُعَبِّرا عن مُجلَّداتٍ من الغضَبِ والسُّخرِيَة. فعندما يُغلِقُ الرَّجُلُ البابَ بِعُنفٍ، أو عندَمايضرُبُ الجدارَ بقَبضَتِهِ، ألَيسَت هذه وسائِل مُتَنوِّعَة من الإتِّصال؟

عندما يتوقَّفُ الرَّجُلُ والمَرأَةُ عن التكلُّمِ معاً، وعندَما يُعامِلانِ بَعضُهما بعضاً بإحتِقارٍ صامِت، ألا يكُونَانِ يتواصَلانِ؟ سمِعتُ مرَّةً إمرأَةً حَكيمَةً تقُولُ، "عندما يَصمُتُ زَوجي، عليكَ أن تَتَنصَّتَ لتُصغِيَ برَويَّةٍ لما يقُولُهُ."


أضيئُوا الأنوار

بينما تتكاثَرُ البَكتِيريا في الظَّلام، مُعظَمُ البَكتِيريا لا تستطيعُ العَيشَ في النُّور. فإذا أرادَ زَوجٌ وزَوجَةٌ أن يَبنِيا علاقَةً زوجِيَّةً وطيدة ويُحافِظا عليها، يُمكِنُ النَّظَرُ إلى تواصُلِهِما الجَيِّد وكأنَّهُ نُورٌ ساطِعٌ يُسلِّطانِهِ على البَكتيريا التي تُشَكِّلُ عقبَةً في تواصُلِهما. وعندما يفعَلانِ ذلكَ، مُعظَمُ هذه البَكتِيريَا سوفَ تمُوتُ، وبحُسنِ التواصُل، سيُمكِنُهما التعامُلُ معَ البَكتيريا التي لم تَمُتْ. يَصِحُّ هذا المبدَأُ على كُلِّ العلاقات.

بناءً على هذا التعريف للإتِّصالِ أو التواصُل، هُناكَ مُلاحَظَةٌ أُخرى بإمكانِي تقديمُها هي أنَّهُ يُوجدُ دائماً بُعدانِ للإتِّصال. يُفيدُ تعريفي العَمَليّ للإتِّصال أنَّهُ، "عطاءُ وأخذُ المَعلومات، الرَّسائِل، والأفكار." يتبَعُ أنَّ التواصُلَ في العلاقَةِ الزوجِيَّةِ، أو في أيَّةِ علاقَةٍ أُخرى، فيهِ مجالٌ للعطاءِ وآخَرُ للأخذ. بِحَسَبِ هذا التَّعريف، بإمكانِي أيضاً الإستِنتاج أنَّهُ يُوجَدُ بُعدانِ لمشاكِل التواصُل في العلاقات. أحياناً يكُونُ مصدَرُ المُشكِلة هُوَ المُعطي، وأحياناً أُخرى يكُونُ مصدَرُ المُشكِلة هُوَ الشخصُ الذي يتلَقَّى الإتِّصال.

وصفَت إحدى النِّساء مُشكِلَةَ الإتِّصال في زواجِها كالآتي: "وكأنَّ زَوجي يعيشُ على جَزيرَةٍ سِرِّيَّةٍ، وأنا أَدُورُ حولَ هذه الجزيرة منذُ عشرينَ عاماً، مُحاوِلَةً إيجاد مرفَأٍ لأركُنَ فيهِ سفينَتي، ولكن بِدُونِ جَدوَى."

تصوَّرْ أنَّكَ أنتَ وزوجَتُكَ تعيشانِ بالفِعل على جَزيرَتَينِ مُنفَصِلَتَين، وطريقَةُ تواصُلِكُما الوَحيدة هي بِواسِطَةِ الجهاز اللاسِلكِي. فلِكَي تتواصَلا معاً، ينبَغي أن يحدُثَ أمران؛ على واحدٍ منكُم أن يفتَحَ جهازَهُ اللاسِلكيّ ويُرسِلَ رِسالَةً للشخصِ الآخَر. والزوجُ الآخر الذي تُرسَلُ إليهِ الرِّسالَة، على أن يُقَرِّرَ أن يفتَحَ جهازَ الإستِقبالِ خاصَّتَهُ، وأن يُفتِّشَ على الموجَةِ الصحيحة، فيتلَقَّى تِلكَ الرِّسالة.

كما تعلَّمنا في الفَصلِ الأخير، حتَّى التواصُل الذي لدَينا إيَّاهُ معَ الله لهُ بُعدان: العطاءُ والأخذ. التواصُلُ في الزواج أو في أيَّةِ علاقَةٍ أُخرى لهُ بُعدانِ مُمَيَّزانِ، كما ولو كُنتُما كَزَوجَينِ كُلٌّ منكُما على جزيرَةٍ منفَصِلاً عن الآخر.

أحياناً، يكُونُ مصدَرُ مُشكِلَةِ التواصُلِ في الزواج هُوَ أنَّ المُرسِلَ لا يُديرُ جهازَهُ اللاسِلكي ولا يُرسِلُ رسالَةً. وعندما يفعَلُ هذا، تفسُدُ الرِّسالَةُ وتُصبِحُ مُشوَّشَة.  قالت إمرَأَةٌ مرَّةً عن زوجها، "أنا أعرِفُ أنََّكَ تَظُنُّ أنَّكَ فَهِمتَ ما قُلتُهُ أنا، ولكن ما أنتَ بحاجَةٍ أن تعرِفَهُ هُوَ أنَّ ما قُلتُهُ أنا هُوَ ليسَ ما قصدتُهُ." هُناكَ أوقاتٌ أيضاً يكُونُ فيها جهازُ الإستِقبالِ مُغلَقَاً، أو غيرَ مَوضُوعٍ على المَوجَةِ الصَّحيحَةِ.

عبرَ أكثَر من عشرة عقُودٍ قضَيتُها في خِدمَتي كراعي كنيسة، كانَ يُجيبُني الأزواجُ بَينَما أسألُهم عن تواصُلِهم، فيقُولُونَ أنَّهُ ليسَ بينهم تواصُلٌ جَيِّد. وبما أنَّ الأشخاص الذي لا يتكلَّمُونَ كثيراً معَ بعضِهم نادِراً ما يتزوَّجُونَ، مُعظَمُ هؤُلاء الأزواج أجابُوا على سُؤالي بقولِهم لي أنَّهُ كانَ لديهم إتِّصالٌ جَيِّدٌ جداً عندما تزوَّجُوا في بدايَةِ الأمر.

وعندما إتَّفقنا أنا وشَريكَينِ زَوجِيَّين على أنَّهُ من الواضِح أنَّ شَيئاً ما حدَثَ ودمَّرَ خُطُوطَ تواصُلِهما، أعطَيتُهما فرضاً منزِليَّاً. طَلبتُ منهُما أن يكتُبَا لائِحَةً بكُلِّ الأسباب التي يعتَقِدانِ أنَّها إدَّت إلى تضرُّرِ تواصُلِهما. من هذه اللوائح، إكتَشَفتُ عارِضَينِ واضِحَين ونمُوذَجِيَّين لمُشكِلَةِ التواصُلِ في الزواج. وهذان العارِضَانِ كانَا أنَّ أحدَهُما توقَّفَ عنِ الكلام، والعارِضُ الآخر كانَ أنَّ أحدُهما أو الآخر كانَ يَغضَبُ عندَ مُحاوَلَتِهما التواصُل.

إن كانَت مُشكِلَةُ تواصُلِهما أنَّ أحدَهُما أو كِلاهُما توقَّفا عن الكلام، طلَبتُ من الشريكِ الصامِتِ أن يكتُبَ لائحَةً بكُلِّ الأسبابِ التي من أجلِها توقَّفَ عن التحادُث. إن كانت المُشكلة أنَّ أحدَهُما أو كلاهُما كانَا يغضَبانِ عندما يُحاوِلانِ التحادُثَ معَ بعضِهما كُنتُ أطلُبُ من الشخصِ الغاضِب أن يكتُبَ لائحَةً بكُلِّ الأسباب التي جعلت التواصُلَ بيَنُهما يُسبِّبُ الغضَبَ لهما.

أخبَرتُهُما أنَّ أسبابَ توقُّفِهما عن الكلامِ مع بعضِهما، أو أنَّهُما كانَا يغضَبانِ عند مُحاوَلتِهما التواصُلَ، كانت تُسمَّى هذه الأسبابُ بمُعطِّلاتِ حلقة الإتِّصال. وهي تُشبِهُ قطعَةً كهربائيَّة تقطَعُ التيَّارَ الكَهربائِي عندما يزدادُ تحميلُ الشبكة، وينشأُ خطرٌ بإندلاعِ النار أو حُدُوثِ أذىً مُعيَّناً للأجهزة الكهربائيَّة في المنازِلِ والأبنِيَة. وطَلبتُ منهُما أن لا يُناقِشاَ لوائِحُهما بمُعطِّلاتِ حلقَةِ الإتِّصال، إلى أن نُناقِشَها معاً في جلستِنا المُقبِلة.

وعندما ناقَشتُ معَهُما "مُعطِّلاتِ حلقة الإتِّصال" هذه، واحدةً بعدَ الأُخرى، شجعَّتُهُما على التفكيرِ بما يَظُنَّانِهِ مطلُوباً لترميمِ حلقات الإتصال المقطوعة هذه. ولقد ركَّزَت هذه العمليَّةُ لي ولأُلئكَ الأزواج على الحقيقة التي لا تُدحَضُ أنَّ التواصُلَ الجَيِّد هُوَ وضعِيَّةُ عَطَاءٍ وأَخذٍ. كانت "مُعطِّلاتُ حلقَاتِ الإتِّصال" هذه غالَباً عن كيفَ يتِمُّ إستِقبالُ إتِِّصالِ أحدِ الشريكَين من قِبَلِ الشَّريكِ الآخر.

مثلاً، كتبَت زوجَةٌ مرَّةً، "عدم الإستِماع" كسببٍ أدَّى إلى توقُّفِها عنِ الكَلام. قالَت أنَّها عندما كانت تقُولُ لِزَوجِها، "لقد تكلَّمَ الطفلُ الجديدُ ببعضِ الكلماتِ اليوم،" أدرَكت أنَّ زوجها أدارَ لها الأُذن الطَّرشاء. وبما أنَّهُ من غَيرِ المُفتَرَضِ بالتَّواصُل أن يَكُونَ حِواراً معَ الذَّات أو مُونُولُوغ، توقَّفَتِ الزَّوجَةُ عن الكلام. وقبلَ أن تُجهِشَ بالبُكاء، أخبَرتني أنا وزوجَها أنَّ عدم إصغاء زوجها لها كانَ يعني أنَّهُ لم يكُنْ مُهتَمَّاً؛ وكونُهُ غير مُهتَمّ كانَ يعني أنَّهُ لم يشعُرْ بالإلتِزام، وعدم شُعُورِهِ بالإلتِزامِ تِجاهَها وتجاهَ الطفل يعني أنَّهُ لم يكُنْ يُحِبُّها ولم يكُنْ يُحبّ الطفل!

ذكَرَ زوجٌ أنَّهُ عندما كانَ يُشارِكُ أمراً كانَ مُهِمَّاً بالنسبَةِ لهُ، مثل فكرة ذهابِهِ ليدرُسَ في كُلِّيَّةِ اللاهُوت، كانَت زوجَتُهُ تضحَكُ عليهِ. عِندَها صَرَّحَ أنَّهُ لن يُشارِكَ بمَشاعِرِ قَلبِهِ العَميقَة معَ زوجَتِهِ مُجدَّداً.

عندما تفتَحُ قلبَكَ أمامَ شخصٍ آخر، وكأنَّكَ وضعتَ قَلبَكَ بينَ يديه. وعندما يُمسِكُ الشخصُ الأخرُ بقَلبِكَ بينَ يديهِ، بإمكانِهِ أن يعمَلَ بهِ ما يَشاء. بإمكانِهِ أن يعصُرَهُ؛ بإمكانِهِ أن يطرَحَهُ أرضاً ويدُوسَ عليهِ؛ أو بإمكانِهِ أن يزدَرِيَ بهِ. أسوَأُ شَيءٍ بإمكانِهِ أن يفعَلَهُ بقَلبِكَ هُوَ أن يتجاهَلَهُ، لأنَّ نقيضَ المحبَّةِ ليسَ الكَراهِيَة، بل اللامُبالاة أو التجاهُل.

أن تتجاهَلَ شخصاً آخر هُوَ نقيضُ محبَّةِ هذا الشخص الآخر. من المُمكِن أن تتجاوَبَ معَ مُحاوَلاتِ زوجتِكَ بالتواصُلِ معَكَ، بمُجرَّدِ تجاهُلِ عواطِفِها القَلبِيَّة للتواصُلِ معكَ. أنتَ تَتَجاهَلُ شَريكَةَ حياتِكَ الزَّوجِيَّة عندما تُحاوِلُ زوجَتُكَ أن تتواصَلَ معَكَ وأنتَ لا تُصغي إلَيها.

كتبَ أحدُ الأزواج أنَّ زوجتَهُ كانت "سَليطَةَ اللِّسان." بالنسبَةِ لهُ، عندما جعلَ من نفسِهِ ضعيفاً قابِلاً للكَسرِ، بمُحاوَلَتِهِ أن يتواصَلَ معَها على مُستَوىً عميق، كانت غالِباً تستَغِلُّ إستسلامَهُ فتطعَنُهُ في الظَّهرِ. ولقد وجدتُ هذا مُثيراً للإهتمامِ أنَّهُ في جلسَةِ الإرشاد نفسِها تلكَ، ذَكَرت زوجَتُهُ على لائحتِها لمُعَطِّلاتِ حَلَقاتِ الإتِّصال أنَّ زوجَها كانَ "مُجرِماً في كلامِهِ." وكانت تخافُ أن تُحَدِّثَهُ عن أُمُورٍ عديدة، لأنَّهُ كانَ "سيغتالُها في كلامِهِ" إذا حاوَلَت أن تُخبِرَهُ بما كانَ يحتاجُ أن يسمَعَهُ، ولو لم يكُنْ يُحِبْ أن يسمَعَهُ.

هُناكَ نظرَةٌ مُشتَرَكَة حيالَ ديناميكيَّاتِ الإتِّصال بينَ الزوجِ والزَّوجَةِ، بينَ كُلِّ هذه الأمثِلة. فالإتِّصالُ ليسَ فقط الطريقة التي يُقدَّمُ فيها؛ الإتِّصالُ في العلاقَةِ الزَّوجِيَّةِ، أو في أيَّةِ علاقَةٍ أُخرى، يتعلَّقُ أيضاً بالطريقَةِ التي يُتَلَقَّى فيها هذا الإتِّصالُ من الشخصِ الآخر. في هذين المَثَلَين، الطريقَةُ التي تلقَّى بها أحدُ الشَّريكَينِ الإتِّصالَ من الشَّريكِ الزَّوجِيِّ الآخَر، كانت من مُعطِّلاتِ حلقَةِ الإتِّصال. إذ نُطَبِّقُ وصفاتٍ كتابِيَّةً على التواصُلِ في علاقاتِنا، تُرينا هذه الحقيقَةُ الأساسيَّةُ عن الإتِّصال في الحَياة أنَّنا نحتاجُ أن نُدرِّبَ أنفُسنا لنُصبِحَ مُتَلَقِّينَ جَيِّدين، أو مُستَمِعِينَ جَيِّدِين.


ظاهِرَة السُّلحُفاة

بينما كُنتُ أناقِشُ "مُعطِّلاتِ حلقة الإتِّصال" هذه معَ الشُّركاء الزَّوجِيِّين، قلتُ للكَثيرينَ منهُم أنَّهُم كانُوا يتصرَّفُونَ كزَوجَينِ من السلاحِف. فإذا أسأتَ مُعامَلَةَ السُّلحُفاة، تَنسَحِبُ هذه السُّلحُفاةُ إلى داخِلِ حُجرَتِها العَظمِيَّة، وتختَفي عن الأنظارِ لوقتٍ طَويل. عندما لا يُستَقبَلُ إتِّصالُنا بشكلٍ مُلائِم، ننسَحِبُ مثل السُّلحُفاةِ إلى داخِلِ حُجرَتِنا العَظمِيَّة. كثيرونَ من الشُّركاءِ الزَّوجِيِّين يعيشُونَ معاً مثل سُلحُفاتَين، ويحتاجانِ أن يفهَما أنَّ التواصُلَ لهُ مجالان أو بُعدان: مجالُ العطاءِ ومجالُ الأخذ.

إنَّ كُلاً من بَعدَي الإتِّصال هذين هُما على درجَةٍ كَبيرَةٍ من الأهمِّيَّة وينبَغي الإعتِرافُ بهما، وتقديرُهما، والتَّعامُلُ معَهُما، إذا أرادَ الشُّركاءُ الزَّوجِيُّون، أو المُؤمنُونَ في أيَّةِ علاقَةٍ، أن تكُونَ لديهم الوسيلة التي تُمكِِّنُهُم من المُحافَظة على وحدَتِهم في المسيح.

ظاهِرَة النِّيص

هُناكَ مقطُوعَةٌ شِعرِيَّةٌ صغيرَةٌ عن نِيصَينِ يُحاوِلانِ التعبِيرَ عن حُبِّهِما لِبَعضِهِما البَعض في ليلَةٍ بارِدة. عندما يُطرَحُ السُّؤال، "كيفَ يغمُرُ النِّياصُ بعضُهما البَعض؟" يكُونُ الجوابُ، "بحذَرٍ شَديد!" فكِلاهُما مُصَمِّمانِ على التعبِيرِ عن محبَّتِهِما وعطفِهِما لِبَعضِهِما البَعض، ولكن في كُلِّ مرَّةٍ يُحاوِلانِ الإقتِرابَ من بعضِهما البَعض، يعلَقانِ بأشواكِهما.

إنًَّ المعنى الجوهَريّ من تطبيقِ هذا الشِّعر واضِحٌ جِدَّاً. فعندما نُحاوِلُ أن نتواصَلَ على مُستَوىً حَميم كزَوجٍ وزَوجَةٍ، أو كمُؤمِنين، نعلَقُ أحياناً بأشواكِ الطريقة التي بها يتلقَّى الشريكُ الزَّوجِيُّ أو المُؤمنُ الآخَرُ محاوَلاتِنا للإنفِتاحِ والتواصُل. إنَّ تطبيقَ الإستعارَة الجميلة لهذا الشعر هُوَ أنَّهُ علينا أن لا نَنسَحِبَ ولا نُبعِدَ أنفُسَنا عن علاقَاتِنا، كَونَنا تشوَّكنا بطريقَةِ تلقِّي الآخرينَ لمحاولاتِنا التعبير عن الإتِّصال. لهذا يتطلَّبُ الإتِّصالُ الشجاعَةَ.

بالإختِصار

التَّواصُلُ ليسَ فقط ما يُقالُ، بل ما يُسمَعُ.

التواصُلُ ليسَ فقط ما يُقالُ، بل ما يُشْعَرُ بهِ.

التواصُلُ ليسَ فقط ما يُقَالُ، بل ما يُريدُ الناسُ سماعُهُ.

التواصُلُ ليسَ فقط ما يُقالُ، بل هُوَ جُملَةُ ما يُعَبَّرُ عنهُ بالكلامِ والحركاتِ والوسائِلِ الأُخرى.


القاعِدَة الذَّهَبِيَّة للإتِّصال

في عظتِهِ على الجَبَل، كانَ جَوهَرُ الحقيقَةِ التي علَّمَها يسُوعُ عن العلاقاتِ يُلَخَّصُ كالتَّالِي: "كُلُّ ما تُريدُونَ أن يفعَلَ النَّاسُ بكُم، هكذا إفعَلُوا أنتُم أيضاً بِهِم." (متَّى 7: 12) يُعرَفُ تعليمُ يسُوعُ هذا بالقاعدة الذَّهَبِيَّة.

بمَعنَىً ما، كُلُّ الأمثِلَة التي وصفتُها عن الشُّركاءِ الزَّوجِيِّين الذين يتلَقُّونَ الإتِّصال من أزواجِهِنَّ أو زوجاتِهم بطريقَةٍ غيرِ صحيحة، يُمكِنُ رَدُّها إلى مصدَرٍ واحِد والتعبِيرُ عنها بكلمةٍ واحِدة – الأنانِيَّة. تنطَبِقُ هذه الحَقيقَةُ نفسُها على التواصُل الذي نتمتَّعُ بهِ معَ إخوتِنا وأخواتِنا في المسيح، وفي كُلِّ علاقَاتِنا في هذا العالَم. القاعِدَة الذَّهَبِيَّة هي الحَلُّ الذي قدَّمَهُ يسُوعُ لمشاكِلِ التَّواصُل التي نُواجِهُها في كُلِّ علاقاتِنا، صعبَةً كانت أم سهلَة.

عندَما تُصبِحُ القَضِيَّةُ جَدِّيَّةً حيالَ تطبيق القاعِدَة الذَّهَبِيَّة التي قدَّمها يسُوع، سوفَ تكتَشِفُ أنَّكَ قبلَ أن تَتَمكَّنَ من تَطبيقِ تعليم يسُوع المُوجَز هذا عن العلاقات، يتوجَّبُ عليكَ أوَّلاً أن تضعَ نفسَكَ في مكانِ ذلكَ الشخصِ الآخر.

مثلاً، لكَي تُصبِحَ مُتَلَقِّياً جَيِّداً بينما تتواصَلُ معَ زوجَتِكَ، أو معَ زوجِكِ، أو معَ مُؤمِنٍ آخر، أو في علاقَةٍ إجتِماعِيَّة، ضَعْ نفسَكَ مكانَ الشخصِ الذي يحاوِلُ التَّواصُلَ معَكَ. إسأَلْ نفسَكَ، "إن كُنتُ أنا ذلكَ الشخص الآخر، وإن كُنتُ أُحاوِلُ قولَ ما يُحاوِلُ قولَهُ لي الآن، كيفَ كُنتُ أتَمَنَّى أن يتلقَّى ما أُكَلِّمُهُ بهِ؟" عندما تعرِفُ الجوابَ على هذا السُّؤال، إعمَلْ بهِ. بكُلِّ بَساطَةٍ، إعمَلْ بهِ، لأنَّ الجوابَ على هذا السُّؤال هُوَ القاعِدَة الذَّهَبِيَّة للتواصُلِ في العلاقات.

إن كُنتَ تُدَرِّبُ نفسَك لتُفكِّرَ بهذه الطريقة، سوفَ تُدرِكُ أنَّكَ سوفَ تُريدُهم أن يتلقُّوا تواصُلَكَ بطريقَةٍ مُلائِمَة. بالنسبَةِ للمُبتَدِئِين، سوفَ تُريدُهم أن يُصغُوا إلى أن يَسمَعُوا حقَّاً ما كُنتَ تُحاوِلُ قَولَهُ. من الواضِحِ أنَّكَ لا تُريدُ أن تتلقَّى زوجَتُكَ أو أيُّ شخصٍ آخر تواصُلَكَ أو كلامَكَ معَهُم بطريقَةٍ غيرِ صحيحَةٍ، كما وصفتُ في الأمثِلة السابقة. ولن تَرغَبَ بأن يكُونَ الذي يتلقُّونَ تواصُلَكَ مُزدَرينَ أو مُستَعِدِّينَ للشِّجار، أو سَليطي اللِّسان. ولن ترغبَ بأن تقُومَ زوجَتُكَ أو أيَّ مُؤمنٍ بإعطائكَ الأُذُن الطَّرشاء، لكونِهم غَيرُ مُهتَمِّينَ بما ستقُولُهُ، لأنَّهُم لا يهتَمُّونَ بما ستقُولُهُ، لأنَّهُم لا يُحِبُّونَكَ.

بَينما تتعرَّفُ على مُعطِّلات حلقة الإتِّصال الخاصَّة بكَ، وتتأمَّلُ بما يتطلَّبُهُ إسترجاعُ الحلقاتِ المكسُورَة في تواصُلِكَ معَ الآخرين، دَعْ قاعدة يسُوع الذَّهَبِيَّة تقُودُكَ. إن كُنتَ جادَّاً بِحَقٍّ بتطبيقِ هذا المبدأ العظيم، فإنَّ مبدَأَ العلاقاتِ الأدبيَّة المُلخَّص الذي يُقدِّمُهُ يسُوعُ، سيتوجَّبُ عليكَ أن تضعَ الآخرينَ في مركَزِ إهتماماتِكَ. ولكي يكُونَ الآخَرونَ في مركَزِ إهتماماتِكَ، ينبَغي أن تضعَ  اللهَ والمسيحَ والرَّوحَ القُدُسَ في مركزِ إهتماماتِكَ، لأنَّ تمحوُرَ إهتماماتِكَ حولَ الآخرين هُوَ أمرٌ مُناقِضٌ لِطَبيعتِكَ البَشَريَّة. عندما تُقَرِّرُ أن تلتَزِمَ بأن تضعَ الآخرينَ بدلَ نفسِكَ، تذكَّرْ أنَّكَ تُحاوِلُ المُستَحيل، إلا إن كُنتَ تُعَبِّرُ عن ثَمَرِ الرُّوحِ القُدُس (غلاطية 5: 22، 23).

هُناكَ تعليمٌ آخَرُ لِيَسُوع يُتمِّمُ ويُكمِّلُ القاعِدَة الذَّهَبِيَّة. هذا التعليم ينبَغي أن يُطبَّقَ أيضاً على تواصُلِنا معَ شُركائِنا الزَّوجِيِّين، وفي سائِرِ علاقاتِنا. يُخبِرُنا بُولُس أنَّ يسُوعَ قالَ، "مغبُوطٌ هُوَ العَطاءُ أكثَر من الأخذ" (أعمال 20: 35).

بما أنَّ التواصُلَ هُوَ وضعُ عطاءٍ وأخذ، علينا أن نتأمَّلَ بِحذَرٍ وبِرُوحِ الصَّلاة بالتواصُلِ الذي يحتاجُ أن يسمَعَهُ الذين نتعامَلُ معَهُم. ثُمَّ، عَلَينا أن نأخُذَ المُبادَرَة ونُساهِمَ بهذا التواصُل كعَطِيَّةٍ منَّا لهُم. بحَسَبَ قولِ يسُوع، سوفَ نتمتَّعُ بالمزيدِ من السعادَةِ والبَرَكَة عندما نُعطي النَّوع الصحيح من التواصُل، ممَّا كُنَّا سنختَبِرُهُ بمُجرَّدِ التفاعُلِ معَ تواصُلِ الآخرينَ معنا. (أفسُس 4: 21- 25، 29، 31، 32).


مبادِئُ بُولُس في الإتِّصال

بَينَما نتأمَّلُ بِنَوعِيَّةِ التواصُل الذي ينبَغي أن نُقدِّمَهُ كهِبَةٍ للآخرين، علينا أن نتأمَّلَ ببعضِ الكلمات التي كتبَها بُولُس للأفسُسِيِّين، عندما علَّمَهُم أن يكُونُوا قنواتٍ لتوصيلِ نعمَةِ اللهِ في كُلِّ مرَّةٍ يفتَحُونَ فيها أفواهَهُم. لقد شجَّعَهُم بُولُسُ على إستخدامِ الكلمات التي تَبنِي، أو على بُنيانِ الشخص الذي يتلقَّى إتِّصالَهُم. ولقد شجَّعَهُم أيضاً على لا يدعُوا أيَّةَ كلمةٍ فاسِدة تخرُجُ من أفواهِهم، ولا ما يُؤذِي الذين يُكلِّمُونَهُم (أفسُس 4: 29).

هُناكَ بضعُ مقاطِع عميقة في رسالَةِ بُولُس الرَّسُول الثانِيَة إلى الكُورنثُوسيِّين، التي تُبرِزُ البُعدَين الأكثَر أهمِّيَّةً وحيويَّةً في تواصُلِ العَطاءِ والأخذ. مثلاً، كتبَ بُولُس يقُولُ ما معناهُ، "لقد كلَّمناكُم بِصَراحَةٍ وحُرِّيَّة أيُّها الكُورنثُوسيُّون، وفتحنا قُلُوبَنا بإتِّساعٍ لكُم. ونحنُ لا نحبِسُ عنكُم عطفَنا، ولكن هذا ما تفعَلُونَهُ أنتُم. وبناءً على مبدأ المُعامَلَة بالمِثل – أتكلَّمُ كما لأولادي- إفتَحُوا أنتُم أيضاً قُلُوبَكُم لنا." (2 كُورنثُوس 6: 11- 13).

لِكَي نُفَسِّرَ ونُلَخِّصَ هذا المقطَع الكِتابِيّ، يَقُولُ بُولُس للكُورنثُوسيِّين، ولكَ ولِي تطبيقيَّاً، أنَّهُ وكَأَنَّ لنا أبواب إتِّصال على قُلُوبِنا. يَقُولُ بُولُس للكُورنثُوسيِّين أنَّ بابَ قَلبَهُ مفتُوحٌ على مِصراعَيهِ تجاهَهُم، أمَّا أبوابَ قُلُوبِهم فمُغلَقَةٌ تجاهَهُ، ولقد أدارُوا لهُ القفا.

بالنسبَةِ للرَّجُلِ والمَرأَةِ اللذين جمَعَهُما اللهُ وجعلَهُما واحداً، وبالنسبَةِ لنا كمُؤمنين ينبَغي أن يكُونُوا واحِداً في المسيح، يُريدُ اللهُ أن تكُونَ أبوابُ قُلُوبِنا مفتُوحَةً دائماً. للأسَف، الحقيقَةُ هي أنَّنا نقضِي الكثيرَ من وقتِنا كشُركاء زَوجِيِّين، وكإخوة وأخواتٍ في المسيح، ونحنُ نُديرُ ظُهُورَنا لِبَعضِنا البعض، وأبوابُ قُلُوبِنا مُقفَلَةً تجاهَ بعضِنا البَعض.

يقُولُ بُولُس أيضاً: "لأنَّهُ إن كُنتُ أُحزِنُكُم أنا فمَن هُوَ الذي يُفَرِّحُني إلا الذي أحزَنتُهُ؟" (2كُورنثُوس 2: 2) هذا المقطَع يُمكِنُ أيضاً أن يُطَبَّقَ على مَجَالَي تواصُلِ العَطاء والأخذ في علاقَةٍ ما. إن كُنتَ تُعطي وتتلقَّى التَّواصُلَ بإستمرار، بطريقةٍ تُحبِطُ الآخَرين، فمن تَظُنُّهُ سيرفَعُ معنَويَّاتِكَ؟ قد تقضِي ثُلثَي حياتِكَ معَ زوجَتِكَ، وسوفَ تقضِي الأبَديَّة معَ إخوتِكَ وأخواتِكَ في الرَّبّ. من هُنا إلى الأبديَّة، من الجَيِّدِ أن تعمَلَ على تواصُلٍ جَيِّدٍ معَ أُولئكَ الذين تُحِبُّهم الآن وسوفَ تُحِبُّهم إلى الأبد.

إنَّ شَريكَةَ حياتِكَ وإخوتَكَ المُؤمنين قد أُلقِيَت عليهم مسؤُوليَّةُ التواصُلِ معَكَ بطريقَةٍ تُساهِمُ بسعادَتِكَ الشَّخصِيَّة، وأنتَ مَسؤُولٌ عن بُنيانِهم.

يُشارِكُ بُولُس بنَظرَةٍ أُخرى عنِ التَّواصُلِ معَنا، والتي ينبَغي أن تُطَبَّقَ في تواصُلِنا كمُؤمنين معَ شُركائِنا الزَّوجِيِّين. يُخبِرُ بُولُس هؤلاء الكُورنثُوسيِّين أنَّهُ رفضَ خفايا الخِزِي، ويرفُضُ أن يسلُكَ في مَكرٍ في تواصُلِهِ معَهُم (2كُورنثُوس 4: 2). ويَحُضُّهُم أن يعمَلُ الشيءَ ذاتَهُ في تواصُلِهم معَهُ.

هُنا، ينبَغي أن أذكُرَ كلمة تحذِير. من المُمكِن أن تسحقَ زوجَتَكَ، أو أيَّ مُؤمِنٍ آخر بإسمِ الإستِقامَة، بينما أنتَ تتعامَلُ معَ مُشكِلَةِ ذنبِكَ الشَّخصِيّ. هُنا نَجِدُ مثلاً: سألَنا مرَّةً زوجانِ إن كانَ ينبَغي عليهما أن يتكلَّما بالحقيقَةِ بمحبَّةٍ، وأن يُخبِرا إبنَتَهُما أنَّها قد حُبِلَ بِها قبلَ أن يتزوَّجا. أجبتُ بِسُؤالِهِما عمَّا إذا كانَ يُلَبِّيانِ حاجةَ إبنَتِهما بمعرِفَةٍ أمرٍ ما، أم إن كانَ يُعالِجانَ ذنبَهُما الشخصي. بإمكانِنا أن نعمَلَ الأمرَ نفسَهُ معَ شريكِنا الزَّوجِي أو المُؤمن الآخر بإسم الإستِقامَة أو الصِّدق.

هُناكَ أوقاتٌ يتوجَّبُ فيها علينا الإحتِفاظ بِمعلُوماتٍ صادِقة وإخفائِها عن الآخرين، لَرُبَّما لأنَّهُم يُعانُونَ من مُشكِلَةٍ صِحِّيَّةٍ كمرضِ القَلبِ مثلاً. وقد يكُونُ لديهم مشاكِلَ عاطِفيَّة ويكُونُونَ غير مُستَقِرِّين عاطفيَّاً بشكلٍ لا يسمَحُ لهُم بتحمُّلِ صدقنا. فينبَغي علينا أن نُمَرِّرَ شُعُورَنا بالذَّنبِ، أو حاجَتَنا لنُعرَفَ كأشخاصٍ صادِقين، من خلالِ عدَسَةِ محبَّتِنا للآخرين،  وإلتِزامِنا بِخَيرِهم وسلامَتِهم، قبلَ أن نسحَقَهُم بصِدقِنا.

بعدَ أن ذكرتُ هذه الهُمُوم، يتوجَّبُ على المُؤمنينَ الأصِحَّاء والمُستَقِرِّينَ جسديَّاً ورُوحيَّاً وعاطِفيَّاً أن يسعُوا نحوَ علاقاتٍ صادِقة ومُنفَتِحَة. فما أسمَيتُهُ "بكتِيريا"، يُسمِّيهِ الرَّسُول بُولُس، "خَفايا الخِزي"، و"السلوك في المَكر." أنا أُسمِّي السلوك في المَكر "المُراوَغة والمُناوَرة في التواصُل، أو اللَّعِب على الكلام." عندما نتأكَّدُ من كونِنا نتعامَلُ معَ سلامَةِ الآخرين بدلَ أن نهتَمَّ بشُعُورِنا بالذَّنب، وعندما تكُونُ لدينا الشجاعَةُ للتواصُل، علينا أن نُسلِّطَ الضَّوءَ على خفايا الخِزِي، ونَكِفَّ عن السُّلُوكِ في المكرِ عندما نتواصَلُ معَ الآخرين.

  • عدد الزيارات: 10038