Skip to main content

النظامان أيضاً مظاهرهما وأثمارهما (5: 13- 26)

"فإنكم أنتم أيها الإخوة" بعكس أولئك الراغبين في الاستبعاد "إلى الحرية قد دعيتم" وليس إلى الاستبعاد لأمثال تلك الطقوس الظاهرة "لكن لا تجعلوا الحرية معبثاً" أو فرصة "لأميال الجسد" كأن الحرية هي الاسترسال في الشهوات. يُقال إن سورياً شوهد مرة يسد قارعة السبيل بالجلوس في منتصفه على أثر إعلان الدستور هناك فلما اعترض أحد المارة عليه قال أنه "في عهد الحرية"! "بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضاً" لأن هذه الخدمة هي الحرية الحقيقية الوحيدة التي لم يعرفها ذلك الذي سدّ قارعة السبيل. فضلاً عن أن هذه الحرية تتمم الشريعة لا تخالفها "لأن الشريعة كلها تتمم بكلمة واحدة" أي يقوم بها تماماً من يقوم بإحدى وصاياها القائلة "أحبّ قريبكَ كنفسكَ" وقد قال الرسول في موضع آخر "مَنْ أَحَبَّ غَيْرَهُ فَقَدْ أَكْمَلَ النَّامُوسَ. لأَنَّ «لاَ تَزْنِ، لاَ تَقْتُلْ، لاَ تَسْرِقْ، لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ، لاَ تَشْتَهِ»، وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً أُخْرَى، هِيَ مَجْمُوعَةٌ فِي هذِهِ الْكَلِمَةِ:«أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَصْنَعُ شَرًّا لِلْقَرِيبِ، فَالْمَحَبَّةُ هِيَ تَكْمِيلُ النَّامُوسِ" "فإذا كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضاً" باعتقادكم أن الحرية هي الانهماك في إرضاء النفس "فاحرسوا لئلا تفنوا بعضكم بعضاً" وهذا ولا شك نهاية كل ثورة أو دستور لم يُراع فيه هذا المبدأ مبدأ المحبة للكل. لأن الاهتمام بإرضاء النفس يحصل عنه تصادم بين الأفراد تكون نهايته إفناء القوم بعضهم بعضاً لا محالة.

"فأقول اسلكوا بحسب الروح" أي روح الحرية الحقيقية- روح خدمة الآخرين التي هي هبة يسوع المسيح لتابعيه "فلن تتموا شهوة الجسد" وذاك نتيجة محتمة لسلوكهم بالروح؟ ولماذا ذلك؟ "لأن الجسد يشتهي (ما هو) ضد الروح" إن مبدأ الجسد هو رضاء النفس "والروح (ما هو) ضد الجسد" وشهوة الروح روحية مقدسة "لأن هذين" المبدأين "متضادان حتى لا تفعلوا ما تريدون" لأن الروح يعاكس شهوة الجسد والعكس بالعكس "ولكن إن كنتم تنقادون بالروح" بوضعكم أنفسكم تحت سلطة روح المحبة المطلقة وهي "أزقى شريعة" "فلستم تحت شريعة" ضعيفة محدودة وقد تخلصتم من ربقة الجسد. "وأعمال الجسد واضحة: كالزنى والنجاسة والعهر والدعارة، وعبادة الأوثان والسحر، والعداوات والخصام والغيرة والسخط، والتعصبات والانشقاقات والتحزبات والمحاسدات، والقتل والسكر والبطر، وما أشبه ذلك" لاحظ أن خطايا الخلق والطباع مذكورة مع خطايا الشهوة. وخطية السعي فيما للنفس كخطية الإدناس الجسدانية "مما أقول لكم مسبقاً" أي قبل أن يجيء يوم الدينونة "كما سبقت فقلت أيضاً إن الذين يفعلون مثل هذه لن يرثوا ملكوت الله" لأن ملكوت الله ليس فيه مجال لأمثالها وأمثال من يفعلونها "وأما ثمر الروح" أي الثمر الناتج مباشرة عن طبيعة روح الله نفسه "فهو المحبة والفرح والسلام والأناة واللطف والفضل والثقة والوداعة وامتلاك النفس. أمثال هذه لا شريعة ضدها!" فأين لزوم شريعة إذاً؟ وقد وردت جميع الصفات باعتبارها مظاهر متنوعة للمحبة في 1 كورنثوس 13 فالمحبة إذن هي ثمرة الروح العظمى وكل ما سواها فروع لها "والذين للمسيح" بإيمانهم القلبي "قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" باندماجهم في ذلك المصلوب ومعيشتهم بروح محبته.

التطبيق: لا شك أن كل من يقرأ هذه السطور بتمعن ودقة فكر ويخضع لتعاليمها لا يحتاج إلى تطبيق. فإننا نعتقد أن هذه التعاليم تستطيع أن تحدث تغييراً كلياً في حياة كل من يقرأها بإخلاص.

  • عدد الزيارات: 1541