رابعاً: المواضيع الرئيسية في سفر المزامير
المواضيع الرئيسية في سفر المزامير هي ثلاثة مواضيع:
(1) الموضوع الأول: هو النبوات الخاصة بشخص الرب يسوع المسيح إذ توجد تفصيلات كثيرة خاصة بولادته وحياته وآلامه وموته وقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الله ثم ظهوره. وهذا الموضوع هو أحلى وأهم موضوع يلذ لنا التأمل فيه لأن شخص الرب يسوع هو موضوع الكتاب المقدس كله كما قال له المجد لتلاميذه "أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير" (لو 24: 44). ولو أخرجنا الرب يسوع من الكتاب لا تبقى له قيمة ولا تبقى فيه روح "لأن شهادة يسوع هي روح النبوة".
وكما سبق أن قلنا أن سفر المزامير لا يرينا الحوادث لأن الحوادث مذكورة في الأناجيل حيث نرى محاكمة الرب والصلب لكن في المزامير نجد أحساسات الرب الداخلية "إلهي إلهي لماذا تركتني" وهو يعطينا تفصيلات دقيقة عن أمور حدثت بعد 1000 سنة من كتابتها مثل "ثقبوا يدي ورجلي" "على لباسي ألقوا قرعة" "في عطش يسقونني خلا".
(2) الموضوع الثاني في سفر المزامير: هو الاختبارات الشخصية لرجال الله الذين أوحى إليهم بكتابة هذه المزامير التي منها صلوات وقصائد إذ نقرأ "قصيدة" "ترنيمة محبة" "مذهبة".
سكبوا قلوبهم أمام الله بما فيها من ضيقات واحتياجات وانتظارات وقد دونها لنا الروح القدس لكي نستفيد نحن منها ونتشجع في الاتكال على الرب وانتظاره بصبر لينقذنا من ضيقاتنا وآلامنا.
"اتكلوا عليك فنجيتهم" ، "إليك صرخوا فنجوا". "عليك اتكلوا فلم يخزوا"، كما أن بعض المزامير تعبر عن أشواق كاتبيها لله مثل: "يا الله إلهي أنت، إليك أبكر. عطشت إليك نفسي يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء (مز 63: 1). "كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله". أشواق تعبدية إلى الله بعضها صلوات. صلوات سكب القلب في الضيق ثم تشجيع "اتكلوا على الرب يا كل قديسيه" ثم تشجيع على انتظار الرب "لماذا أنت منحنية يا نفس قومي ارتجي الله".
"ليتشدد وليتشجع قلبك وانتظر الرب. انتظر الرب واصبر له" "سلم للرب طريقك واتكل عليه وهو يجري" كل هذه اختبارات لرجال الله مسجلة لنا لكي نستفيد منها ونتشجع عندما نجتاز في مثل هذه الاختبارات.
واختبارات داود هي أكثر الاختبارات المسجلة في سفر المزامير وذلك لتنوعها من صعود إلى هبوط. في مجد وهوان في ارتفاع وسقوط. نجده جالساً على العرش ثم مطروداً من العرش. ماشياً حافي القدمين ومغطى الرأس وباكياً نجده يسبح الله: أقوم في نصف الليل لأحمدك على أحكام برك. سبع مرات في النهار سبحتك. طول النهار تسبيح. ونجده في مرة أخرى يقول "افتح فمي! ما الذي قفل فمه؟ الخطية حيناً نجده فرحاً في الرب وحيناً آخر نجده باكياً فمثلاً في مزمور 6 نجد القول في كل ليلة أعوم سريري بدموعي ثم نجده منتعشاً. وفي مزمور 32 نقرأ "لما سكت بليت عظامي من زفيري اليوم كله لأن يدك ثقلت عليّ نهاراً وليلاً. تحولت رطوبتي إلى يبوسة القيظ. قلت أعترف للرب بذنبي وأنت رفعت آثام خطيتي"
هذه هي المزامير التي لنا أن نتشجع بها في اختباراتنا في الحياة.
(3) الموضوع الثالث: هو اختبارات البقية عندما تجتاز في الضيقة العظيمة مستقبلاً عندما يسكبون قلوبهم أمام الرب بالتضرع وطلب الانقاذ فنقرأ مثلاً "حتى متى يا رب" ثم يتداخل الرب لإجابة طلباتهم وانقاذهم من ضيقاتهم وبسط سلطانه عليهم في الملك الألفي. ونقرأ في مزمور 46 مثلاً "الله لنا ملجأ وقوة عونا في الضيقات وجد شديداً لذلك لا نخشى ولو تزحزحت الأرض ولو انقلبت الجبال إلى قلب البحار. تعج وتجيش مياهها تتزعزع الجبال بطموها.. .... رب الجنود معنا ملجأنا إله يعقوب. سلاه" هذا هو لسان حال البقية التقية وكما سبق وقلنا أن كلمة سلاه وقف جميل للتأمل في وسط المزامير وهي كلمة عبرية مكتوبة كما هي. وصلوات البقية أثناء الضيقة العظيمة تتفق مع روح المسيح في آلامه أو بالحري المسيح يشترك مع البقية في آلامها عند اجتيازها الضيقة العظيمة.
- عدد الزيارات: 5267