الأصحاح الثاني والعشرون
هنالك ما يُفضّل على الكنوز الأرضية ولو أن الإنسان طالما يضحي به ليحصل على تلك الكنوز؟ وهو:
1. الصيت أفضل من الغنى العظيم والنعمة الصالحة أفضل من الفضة والذهب.
ذُكرت كلمة "اسم" بمعنى صيت في تكوين11: 4 ثم في تثنية26: 19؟ و2صمموئيل7: 9؟23؟ 8: 13؟ وفصول أخرى كثيرة. فالاسم بهذا المفهوم خير من الثروة الجزيلة؟ والتوقير أفضل من دخل كبير (جا7: 1). ويخطئ الشاب خطاً كبيراً إذ يحسبه أمراً يسيراً أن يفوز بمثل هذا الصيت الجليل في ميدان القتال؟ أو في مصاف الكُتّاب الفطاحل؟ أو في أسواق التجارة. ولكن ليس أحد يكسب صيتاً أبقى من صيت العائش لله؟ والذي من أجل خاطر الرب يسوع المسيح يرى في كل ما يقدمه العالم نفاية! لقد كان التعلق بداود والتكريس له هو الذي جعل لأبيشاي وبناياهو اسماً (2صم23: 18؟22)؟ والتكريس للمسيح هو الذي جعل ذكراً أبدياً لكثيرين ممن كان يمكن أن يطويهم النسيان الأبدي. هل كنا نسمع شيئاً عن الاثنى عشر رسولاً لولا أنهم تركوا كل شيء وتبعوا يسوع؟! وأي فخر أو مجد يتصل باسم شاول المعلم الطرسوسي بالقياس إلى بولس رسول المسيح؟!
2. الغني والفقير يتلاقيان؟ صانعهما كليهما الرب.
إن أبوّة الله واخوّة الإنسان؟ حقيقة كتابية صريحة. والواقع أنه من الكتاب وحده وُهب للناس أن يعرفوا أن الله «صنع من دم واحد كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض» (أع17: 26). أما العقل البشري فما كان له؟ بعيداً عن الإعلان الإلهي؟ أن يكتشف هذا. فإن الأخوّة الشاملة العامة؟ أى اتحاد كل جنس وأمة من الناس في أسرة واحدة كبيرة من أصل واحد مشترك؟ رغم التفاوت في الجسم والسلالة؟ أمور لم يكن يحلم الفلاسفة بها حتى أنارتهم كلمة الله الموحى بها. صحيح أن العلماء القدامى كانوا يعترفون متفاخرين؟ بأخوّة الأجناس العليا؟ أما أن يجدوا في العبد الحقير الجاهل أخاً؟ فذلك أمر يتمرد عليه العقل الإنساني. لكن الكتب المقدسة تشهد طولاً وعرضاً لهذه الحقيقة؟ أن الناس جميعاً من أب واحد؟ هو آدم؟ ومترابطون معاً بربُط لا انفكاك لها. وإذ تعلن أن آدم ابن لله؟ تعلن أيضاً أن الله هو «أبو الأرواح» (عب12: 9)؟ أي أبو الناس جميعاً من زاوية الخلقة.
لكن لنضع في بالنا أن الأبوّة العامة بهذا المفهوم تختلف جداً عن الحقيقة الكريمة المتصلة بعائلة الله كما هي معلنة بفم سيدنا ورسله. لقد أضاع الإنسان؟ بالسقوط؟ الشَبَه الإلهي؟ وصار خاطئاً محطماً؟ غريباً أجنبياً. ومن هنا احتاج إلى فداء وطبيعة جديدة. فبالولادة الجديدة؟ أولئك الذين بالطبيعة كانوا أبناء الغضب؟ وبالتصرف أبناء المعصية؟ صاروا أولاد الله وشركاء الطبيعة الإلهية. فقد وُهبت لهم حياة جديدة؟ حياة أبدية؟ كما وًهب لهم الروح القدس الذي به يصرخون «يا أبا الآب» (رو8: 15). وهؤلاء الأشخاص هم وحدهم الذين تتكون منهم أخوّة الخليقة الجديدة؟ لأنهم حاصلون على حياة وطبيعة مشتركة.
هذا الفارق ينبغي أن يستقر في أذهاننا في يوم التساهل والتراخي الذي نعيش فيه؟ حيث يتمرد الناس على حقيقة السقوط؟ زاعمين أن الله أبوهم بغضّ النظر عن الولادة الجديدة؟ ويربطون في أسرة واحدة القديس والخاطئ.
إن المسيحي يعترف في غير تردد أن يهوه خالق الجميع؟ وأن قلبه يتجه نحو كل مخلوق أوجده؟ لكنه يؤمن بعائلتين في الكتاب: أولاد الله؟ وأولاد إبليس (1يو3: 10)؟ هذان تعبيران مميزان. وواضح أنه لن يُدعى أحد ابناً لإبليس ما لم تثبت مقاومته للحق ورفضه للمسيح.
3. الذكي يبصر الشر فيتوارى والحمقى يعبرون فيعاقَبون.
هذا برهان واضح على مدى محبة الله؟ أنه حذرنا من نتائج رفض التوبة قدامه؟ ورفض النعمة المقدمة بالمسيح يسوع. فالرجل الحكيم يبصر الشر من بعيد ويحتمي في المخبأ الذي أعده الله. لكن الأحمق يقسي قلبه ويأبى أن يسمع فيهلك. «ويكون إنسان كمخبأ من الريح وستارة من السيل؟ كسواقي ماء في مكان يابس كظل صخرة عظيمة في أرض معيية» (إش32: 2). والإيمان يرى إتمام هذه الأقوال الثمينة في «الإنسان يسوع المسيح» (1تى2: 5)؟ فيهرب إليه هاتفاً «أنت ستر لي» (مز32: 7). على أن في رفضه وازدراء نعمته دينونة أبدية محققة. وازن بين سجان فيلبي وبين حكام الرومان (أع 16: 25-40).
4. ثواب التواضع ومخافة الرب هو غنى وكرامة وحياة. 5. شوك وفخوخ في طريق الملتوي. من يحفظ نفسه يبتعد عنها.
ما أعظمها فوارق بين طرق ومكافآت الأتقياء والملتوين! فالسماء هي نصيب الأتقياء؟ وجهنم هي ختام المطاف للملتوين. يمتاز التقي عن رفاقه بالروح المتواضعة المنسحقة ومخافة الرب؟ أما الفاجر فهو متمرد عنيد. طريق الأول تؤول للغنى الحقيقي؟ وإلى الكرامة التي من الله؟ وإلى الحياة الأبدية. أما خطوات الآخر فإنها تتشابك بالفخاخ والأشواك التي إن توقاها إنسان بطاعة كلمة الرب ينجو ويُحفظ. وازن بين حزقيا ومنسى قبل اتضاعه (2أى29-33).
6. ربِّ الولد في طريقه فمتى شاخ أيضاً لا يحيد عنه.
إن تنشئة الولد على أساس سليم أمر في غاية الأهمية. وقد صار مثلاً ما يقوله الجزويت "أعطنا ولدك حتى الثانية عشرة؟ ولا يعنينا من يتعهده فيما بعد". إن الشجرة تتبع اتجاه سنواتها الأولى؟ هكذا مع بنينا وبناتنا. إذا علمناهم في الطفولة أن يحبوا العالم ويركضوا وراء سخافاته؟ فمتى شبوا لابد أن يعيشوا للعالم. ومن الجهة الأخرى إذا علمناهم عن البطل الذي يعيش لأجله جميع أهل الدهر الحاضر الشرير؟ فمتى شبوا لا نخشى عليهم كثيراً من التخلي عن هذا الحكم. ولزام على الوالدين أن يذكروا أنه ليس يكفي أن يكلموا صغارهم عن الرب يسوع أو تحذيرهم من طرق العالم؟ بل عليهم أن يلاحظوا أن يكونوا هم أنفسهم قدوة فيما يعلمونه لصغارهم؟ فذلك يؤثر في تدريب الشباب أكثر من أي شيء آخر. إن كلام التقوى عن الانفصال للمسيح؟ بينما تتجلى روح العالم في اللباس وترتيب البيت والبيئة التي نعيش فيها؟ يراه الصغار تصنعاً ورياء؟ ولا نعجب؟ عندئذ؟ إذا رأيناهم؟ متى كبروا؟ يلقون بكلامنا عرض الحائط ويسيرون في طرقنا التي تعلن غرض قلوبنا الحقيقي. ولكن حيث الجو المقدس المنعش يملأ البيت؟ ويقترن كلام التقوى بعيشة التقوى؟ فللآباء أن يعتمدوا على الرب ليحفظ أهل بيوتهم تابعين الطريق الصحيح. انظر تيموثاوس (2تي1: 5).
7. الغني يتسلط على الفقير والمقترض عبد للمقرِض.
إن المؤمن الذي يطيع نصيحة الكتاب «لا تكونوا مديونين لأحد بشيء إلا بأن يحب بعضكم بعضاً» (رو13: 8) ينجو من استعباد الدائن. والغني في الغالب يتسلط على الفقير؟ إلا حيث تحول النعمة دون ظهور كبرياء القلب البشري. لذلك فمن الطبيعي أن المُقرض يعُد نفسه أسمى من المقترض. على أن المقترض يخسر حريته إذ يهمل النصيحة الإلهية. فمن الأفضل بكثير؟ حين توجد في ظروف ضيقة؟ أن ترتمي في حضن الرب؟ على أن تكون لك وفرة مؤقتة عن طريق الاستدانة. والواقع أنه لا شيء يسحق روح الإنسان مثل الدين؟ إذا كان ضميره يؤنبه عليه. فعلى المسيحي أن يرهب الاستدانة ويتخلص منها؟ فكم من سعي يبذله العدو لتقويض سلامه وإفساد اتكاله على الرب. ومن أسف أنه لايوجد اهتمام كبير بهذا الموضوع بين القديسين؟ فالناس قلّما يفكرون في الكمبيالات واقتراض المال دون ضمان مناسب؟ الأمر الذي يسبب لهم فيما بعد هواناً وحزناً عميقاً؟ ويجلب إهانة على المسيح. إنما القديس الذي يريد أن يكون عبداً للرب وحده؟ ولا يستعبده إنسان؟ ينفر من الدين بمختلف الصور. فكثيرون إذ أهملوا هذا الموضوع تركوا عائلاتهم في حمأة الضيق كما فعل أحد أبناء الأنبياء (2مل4: 1).
8. الزارع إثماً يحصد بلية وعصا سخطه تفنى. 9. الصالح العين هو يبارك لأنه يعطي من خبزه للفقير.
في العددين مقارنة مقصودة؟ تذكّرنا بيقينية الحصاد طبقاً لنوع الزرع؟ فالذي يزرع إثماً يحصد بطلاً. ومع أنه قد يتمتع بمركز سيادة وينفث غضبه ضد ما هو من الله؟ فإن عصاه تخيب؟ وسلطانه يصبح في النهاية أضحوكة؟ كما نرى فرعون البائس. أما الإنسان المشفق المحسن؟ الذي يبذر بذار الاهتمام بالآخرين؟ فيحصد حصاداً وفيراً من التقدير والبركة لنفسه. إن الخبز الملقى على وجه المياه يعود بعد أيام كثيرة. انظر عبد ملك (إر38: 7-12؟ 39: 16-18).
10. أطرد المستهزئ فيخرج الخصام ويبطل النـزاع والخزي.
انظر 21: 11. إن المستهزئ في سفر الأمثال هو تماماً الشتَّام المذكور في 1كورنثوس5: 11؟ فمثل هذا الشخص يسبب مساوئ بالغة في وسط جماعة الرب. فكلامه الشرير؟ مقترناً بازدرائه لكل قيد تقوي؟ لابدّ أن يستمر يعمل؟ كالخميرة في العجين؟ حتى يخمر العجين كله ما لم يوقَف عند حدّه. ومن هنا ضرورة إطاعة كلمة الله «إعزلوا الخبيث من بينكم» (1كو 5: 11-13). إن الناموس لم يكن ليرحم من على هذه الأخلاق؟ فالشخص الذي يستهزئ بإله إسرائيل؟ ويزعج شعبه؟ كان بمقتضى شاهدين أو ثلاثة يحكم عليه بالموت لعزل الشر من وسطهم (تث17: 2-7). وفي تدبير النعمة لا يقتضي الأمر هذه الخطوة الخطيرة؟ بل على القديسين أن يعزلوه من جماعتهم؟ لينجو الباقون من السقوط في طرقه الدنسة؟ ويُحفظ اسم المسيح من الإهانة. وفي الخارج يتعامل معه الله؟ لأنه في الداخل كان للجماعة مصدر حزن وللرب مبعث تعيير. انظر هيمينايس والإسكندر (1تي20: 1).
11. من أحب طهارة القلب فلنعمة شفتيه يكون الملك صديقه.
إن الحاكم البار يُسر بالإنسان ذي القلب الطاهر والأقوال اللطيفة. بل وإن ملك الملوك يكون صديق مثل هذا الإنسان؟ فالأنقياء القلب هم الذين يعاينون الله (مت5: 8)؟ ويظهرون ذلك بطاعة القول «ليكن كلامكم كل حين بنعمة مصلحاً بملح» (كو4: 6). أما لسان المرارة الذي يعيب كل حين على الآخرين؟ فليس هو لسان إنسان الله نقي القلب؟ بل هو دليل على أن صاحبه ليس في ذاته مستقيماً. اقرأ ما يقال عن مردخاي (إس10: 2؟3).
12. عينا الرب تحفظان المعرفة وهو يقلب كلام الغادرين.
إن عين الرب على حقه؟ الذي هو المعرفة الوحيدة والحقة. هو يحرسه نهاراً وليلاً؟ ولا يدعه يسقط على الأرض. وحين يتكلم به خدامه؟ فإن عينه تلاحظ؟ ويعمل على أن ينجح فيما أرسله إليه. أما أقوال الغادرين الزائفة فتتلاشى لأن الرب نفسه يهدمها. والخطأ لا ينجح دائماً؟ وإن بدا نجاحه مؤقتاً؟ لكنه سيباد. قارن ميخا وأنبياء البعل (1مل22).
13. قال الكسلان الأسد في الخارج. فأقتل في الشوارع.
راجع ملاحظاتنا عن ص12: 27؟ 15: 19؟ 19: 24؟ 21: 25. ما أكثر المعاذير التي يختلقها الكسول ليبرر عدم نشاطه. فحيث لا مخاطر ولا مشاكل فإنه يتخيلها؟ وإذا وجِدت فعلاً فإنه يبالغ في تقديرها؟ لدرجة أنه يراها جبلاً لا يمكن مغالبته. لكن الشخص الذي يمضي في قوة الإيمان يرى الأسود وقد خارت قواها. قارن مع هذا الكسلان؟ بناياهو بن يهوياداع أحد أبطال داود (2صم23: 20).
14. فم الأجنبيات هوة عميقة ممقوت الرب يسقط فيها.
راجع شرح ص2: 16-19؟ 6: 23-35؟ 7: 4-27. إن المرأة الأجنبية تخدع؟ بكلامها المعسول؟ من يقف ليسمع لها؟ وهذا هلاكه. لكن الذي يسير مع الله لا يؤخذ بفخها؟ بل الذي لا ترضي الرب طرقه هو الذي يقع فريسة خداعها؟ فيقع في الخطية وعواقبها المرعبة كأعمى في حفرة عميقة. انظر يهوذا (تك38).
15. الجهالة مرتبطة بقلب الولد. عصا التأديب تبعدها عنه.
إن ترك الولد وشأنه معناه خرابه؟ لأن الجهالة مرتبطة بقلبه؟ لكن التأديب المنظم يصلح ما فيه من نـزعات طبيعية للضلال. والعصا هنا ليست حرفية بالضرورة؟ فإن العقوبات البدنية ليست لازمة دائماً؟ وقد تكون أحياناً خطأً كبيراً. لكن التأديب الحازم المقترن بالشفقة؟ هو الذي يحدّد أهمية العدد الذي أمامنا. تتحدث العصا في الكتاب طولاً وعرضاً عن السلطة والقوة؟ وفي الحالة التي أمامنا يعني بها ذلك القيد الأبوي الذي يدين له الولد بالكثير. وضياع هذا القيد كان السبب في قدر كبير من الطرق الشريرة التي سلك فيها أبشالوم وأدوناي (2صم14؟ 1مل1: 6)
16. ظالم الفقير تكثيراً لماله ومعطي الغنى إنما هما للعوز.
إن تجميع الثروة بواسطة ظلم الفقير؟ أو محاولة التزلف بتقديم هدايا للأغنياء الذين لا يحتاجون إليها كلا التصرفين أحمق ونذير بالفقر والعوز. إن من يمارس أحد العملين قد يبدو ناجحاً مؤقتاً؟ لكن نهايته ستُظهر صدق كلمة الله. ذلك لأنه لن يجد السعادة التي سعى إليها؟ وسيُرغَم أخيراً على الاعتراف بفشل مقاصده وذلك بسبب إثم قلبه. اقرأ يعقوب5 عن اضطهاد الأغنياء للفقير واحتجاز أجرته عنه.
17. أمل أذنك واسمع كلام الحكماء ووجه قلبك إلى معرفتي. 18. لأنه حسن إن حفظتها في جوفك. أن تتثبت جميعاً على شفتيك. 19. ليكون اتكالك على الرب عرفتك أنت اليوم. 20. ألم أكتب لك أموراً شريفة من جهة مؤامرة ومعرفة. 21. لأعلمك قسط كلام الحق لترد جواب الحق للذين أرسلوك.
أمامنا نوع من التحدي يذكرنا بذلك القول الذي تكرر سبع مرات في رؤيا2؟3 أى «من له أذنان للسمع فليسمع». فكثيرة هي أقوال الحكمة التي سمعناها وكثير يأتي بعد. لكن النفس قد تألفها جميعاً بحيث تفشل في إدراك سمو طابعها. والشيء الذي يعوزنا هو توجيه القلب للمعرفة المقدّمة لنا. إذ من الأهمية بمكان أن نحفظها في جوفنا؟ وأن تثبت على شفاهنا؟ إذا كنا نريد أن نظهرها عملياً في حياتنا؟ نحن الذين يجب أن يكون اتكالنا على الرب.
إن العبارة «ألم أكتب لك أموراً شريفة» هي عبارة فريدة؟ فإنها في الأصل العبري تعني حرفياً "ألم أضعها أمامك في ثلاث طرق" أو "مرة ثالثة". ثم أنه يعني بها أسمى الأمور قدراً؟ أسمى من الحكمة البشرية. أى أن الله يعيّن ويحدّد الطريق الأمين المستقيم الذي يجب أن يسلكه أولاده وبذلك "يتعلمون يقين كلام الحق"؟ حتى يتسنى لهم أن يستعملوه في مجاوبة السائلين. وفي يوم الشك والإلحاد؟ ما أسعد النفس التي تستريح على أقوال الله الحي وتعرف طبيعتها الكريمة.
من بين كتبة العهد الجديد؟ أربعة رسل اقتبسوا بلا تردد من سفر الأمثال؟ باعتباره موحى به من الله كسائر الكتب المقدسة. يقتبس منه بولس (رو12: 19؟20؟ عب12: 5؟6) ويعقوب (يع4: 6) وبطرس (1بط4: 8؟17؟18؟ 2بط2: 22)؟ ويهوذا في حكمه على المعلمين الكذبة الذين كانوا قد تسللوا إلى الكنيسة في ذلك الوقت (يه12).
ولكن الأهم في نظر المؤمن؟ أن سيدنا له المجد؟ في خطابه في لوقا 14؟ يستعمل هذا الكنـز ويقتبس ثلاث أعداد من ص 25: 6-8. وفضلاً عن هذا فهناك إشارات وتلميحات إلى تعليمه خلال الأسفار الأخيرة من العهد القديم وكل أجزاء العهد الجديد. ذلك أن الله أراد أن يربط هذا الجزء العملي؟ أقوال الحق هذه؟ بسائر أجزاء كتابه المقدس.
22. لا تسلب الفقير لكونه فقيرا ولا تسحق المسكين في الباب. 23. لأن الرب يقيم دعواهم ويسلب سالبي أنفسهم.
هذه كلمة تحذير لمن يجلسون في كراسي القضاء؟ التي تعنيها عبارة «في الباب»؟ فإذا كانت أساليب العدالة ملتوية؟ فليذكر من يصدر أحكاماً باطلة ظالمة أن القاضي الأعلى يلاحظ؟ وأنه سيجازي كل واحد كما يكون عمله. فالحاكم العادل كريم في عينيه؟ لأنه يعكس كمال عرشه؟ العرش الأبيض الذي لم يدنسه الإثم. فإذا وقع خطأ على الفقراء الآن؟ فإن يهوه نفسه سيظهر في أعلى المحاكم بوصفه المحامي عنهم؟ يوم يكون مرعباً حقاً نصيب أولئك الذين استخدموا كراسي القضاء لمناصرة الإثم. وماذا تكون يومئذ حالة أمثال هيرودس وبيلاطس؟ يوم يُسحبون سحباً أمام محكمة القداسة المطلقة؟
24. لا تستصحب غضوباً ومع رجل ساخط لا تجئ. 25. لئلا تألف طرقه وتأخذ شركاً إلى نفسك.
يُعرف الإنسان بأصحابه؟ «والمعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة» (1كو15: 33)؟ ولذلك فمن الأهمية بمكان الاعتبار الدقيق لمسألة الصداقة الوثيقة. فإن مصاحبة إنسان تعود الغضب (مثلاً) من شأنها أن تجعلك تتدنس بطرقه المتسرعة وتجلب على نفسك شركاً. فالغضب والخبث من أعمال الجسد؟ وعلى المسيحي ألا تكون له شركة بأمثال هؤلاء؟ لأننا سرعان ما نتدنس بأمورهم. والسير مع أحد يظهر هذه البراهين على الجسدانية خطر على السلوك والشهادة. فشاول (وكل من على شاكلته) لا يصلح أن يكون صديقاً لداود (وأمثاله) انظر ص21: 24.
26. لا تكن من صافقي الكف ولا من ضامني الديون. 27. إن لم يكن لك ما تفي فلماذا يأخذ فراشك من تحتك؟
راجع ص6: 1-5؟ 11: 15. يوجد من لا يتعلمون بالوصايا؟ فلابد أن يتعلموا بالاختبار المرير. وليس من الصعب أن تجد كثيرين ممن قرأوا سفر الأمثال كل حياتهم؟ وبرغم تحذيراته الكثيرة؟ أضاعوا كل ما يمتلكون بسبب كفالة أو ضمانة أشخاص اتضح أنهم ليسوا موضع ثقة. وكم من آلام وفضائح أيضاً كان يمكن مجانبتها لو أنهم انتبهوا إلى نصيحة كالتي أمامنا! إذ تملك النعمة سومح اللذين لم يكن لهما ما يوفيان (لو7: 4-43) ولكن عند تطبيق العدالة؟ فإن من ليس لديه ما يسدد به التزاماته في خطر أن يفقد فراشه من تحته.
28. لا تنقل التخم القديم الذي وضعه آباؤك.
هذا في الغالب تكرار لما قاله الرب بفم موسى (تث19: 14)؟ فإن كل إسرائيلي كان قد نال نصيبه من الرب محدداً بمعالم واضحة يحترمها الكل. فمن ينقل تلك المعالم والتخوم بالقوة أو سراً؟ يحاكمه الله من أجل تعدّيه. غير أن نصيب شعب الله في تدبير النعمة الحاضر سماوي وليس أرضياً؟ ميراثهم في الحق الثمين المسَّلم لهم. وإزالة أو نقل التخوم والمعالم؟ أي تعاليم الكتاب الجوهرية المتميزة؟ يجلب عدم الرضا الإلهي. ومع ذلك فإن هذه هي المهمة التعسة؟ التي يشغف بها اليوم كثير من الدكاترة والعلماء؟ وفي سخريتهم لا يرون شيئاً مقدساً. فالحقائق الثمينة؟ كالكفارة والتبرير بالإيمان وسر الثالوث المقدس وشخص ربنا يسوع المسيح؟ كلها ليست في عيونهم سوى أمور عادية يهملونها أو يتجاهلونها كما أرادوا. لكن يوم الحساب قادم حين يدينهم الله بالعدل؟ وحين يلعنهم أولئك الذين غرروا بهم بنقل التخوم القديمة فكانوا سبباً في هلاكهم. وسيكون عسيراً حساب أولئك الذين جلسوا كمعلمين ومؤدبين لقطيع المسيح؟ بينما كانوا آلات الشيطان لهدم حقائق الكتاب المخلّصة. انظر كلمة التحذير التي كتبها بولس لتيموثاوس (2تي1: 8-13؟ 4: 1-5) ثم قارن أيضاً ص23: 10؟11.
29 أرأيت رجلا مجتهداً في عمله؟ أمام الملوك يقف؟ لا يقف أمام الرعاع.
إن مكافأة المجتهد محققة. فالشخص الذي يوجّه نفسه لعمله المخصص والمعين له؟ يمهد لنفسه السبيل للشهرة والاعتراف به لسبب كفايته. فكم بالحري إذا كان يعمل للرب طالباً استحسانه دون استحسان رفاقه! ويوصينا الرسول «غير متكاسلين في الاجتهاد (أو في العمل) حارين في الروح عابدين الرب» (رو12: 11) هذا هو قانون تنظيم خدمة المؤمن اليومية. ولكننا نخشى أن تنقلب الآية فنقرأها هكذا "حارين في العمل؟ متكاسلين في الروح خادمين ذواتكم".
إن من يحب أن يقف أمام الملك؟ ويتمتع قريباً بضياء استحسانه؟ لابد له أن يجتهد في أن يرضيه الآن. وفي هذا تحدثنا حياة دانيال الأمينة حديثاً منعشاً؟ فمهما كانت الأوضاع الحكومية التي وُجد في جوها؟ فإنه كان رجلاً يظهر دائماً في الطليعة؟ ويقف أمام الملوك.
- عدد الزيارات: 3684