السفر الخامس
الكتاب الخامس من المزامير (من مزمور 107 - 150) يوضح العودة الكاملة ورجوع العشرة الأسباط من إسرائيل، والقضاء النهائي على أعدائهم، وتأسيس مملكة المسيح الألفية والكثير من التعبيرات الموجودة في الأسفار الأربعة السابقة من مزامير لا نجدها في هذا السفر[69]، مثل "ارجع يا رب" (مز 6: 4، مز 80: 14، مز 90: 13) و "إلى متى؟" (مز 6: 3، مز13: 1 – 2، مز 35: 17، مز 74: 10، مز 79: 5، مز 80: 4، مز 89: 46، مز 90: 13، مز 94: 3 - 4).و "قم يا رب" (مز 3: 7، مز 7: 6، مز 9: 89، مز 10: 12، مز 17: 13، مز 44: 23 و 26، مز 74: 22، مز 82: 8). وغيرها من التعبيرات المشابهة، ذلك لأن هذا السفر يرى الأشياء من النقطة التي يعود فيها الرب ويسكن في صهيون (مز 110: 2، مز 125: 2، مز 128: 5، مز 132: 13، مز 134: 1 – 3، مز 135: 21، إلخ.....) في السفر الرابع يرى الرب عائداً وفي السفر الخامس يرى الرب عائداً كما أن شعبه (الأسباط العشرة بصفة خاصة) عائد إليه (مز 107: 3، مز 114: 1، مز 122: 4، مز 120 – 134 "ترنيمات المصاعد"، مز 125: 2، مز 135: 8 – 12، مز 136: 10 – 22، مز 137: 1 و 4، مز 138: 7، مز 147: 2، مز 148: 14).
وترى الضيقة العظيمة في نهايتها، والوحش وضد المسيح قد قضى عليهما وصارا خارج المشهد في ذلك الوقت[70]. والظروف التي تجري هنا في هذا السفر تقع في الفترة بين 1290 و 1335 يوماً من النصف الثاني من الضيقة العظيمة[71] - انظر الخارطة على صفحة.. ومع أن الرب يعود في هذا السفر غير أن أعداء إسرائيل لم يخضعوا تماماً[72]. وجوج (روسيا) لم يدمر تماماً "سحق رؤوسها في أرض واسعة" ترجمة داربي (مز 110: 6) "كل الأمم أحاطوا بي" (مز 118: 10 - 12)، و "رجل الظلم" (مز 140: 1 و 4 و 11) يشير إلى الآشوري الذي هو جوج (روسيا)[73]. فمن ثم فإن أسباط إسرائيل الراجعة لا تزال في ضيق ولم تضع يدها على كل ميراث الأرض الموعودة[74]. ولكن قبلما يأتي السفر إلى الختام فإن أعداء إسرائيل في النهاية يخضعون ويأتي إسرائيل إلى الخلاص الكامل وبركة الملكوت. ومع أن المزامير تأتي بنا إلى خلاص إسرائيل وبركة الملك فإنها تدخل بنا إلى الملك الألفي[75].والسفر الخامس من المزامير يشار إليه في التقسيم مثل سفر التثنية. لأن التثنية تعيد كتابة بني إسرائيل في رحلتهم من مصر إلى أرض الموعد وترسم له أسلوب الحياة عند امتلاكهم للأرض.
والسفر الخامس من المزامير يصور أيضاً أسباط إسرائيل العائد من كل جزء في العالم (ومصر رمز لها) إلى أرض الموعد وفرحهم وتسبيحهم هناك والمجموعات المختلفة من هذا السفر من المزامير هي من (مز 107 – 113، مز 114 – 119، مز 120 – 134، مز 135 – 136، مز 137 - 150). وكل مجموعة تبدأ بأسباط إسرائيل في ضيقها وهي بعيدة عن أرض الموعد ولكنهم عائدون إلى الرب في صهيون وتنتهي بإخضاع جميع أعدائهم وتسبيحهم للرب في مملكته (الملك الألفي).
المزامير من 107 – 113
مزمور 107:
يبدأ هذا المزمور مجموعة جديدة. إنه يرى أسباط إسرائيل (خاصة العشرة الأسباط) الذين تشتتوا بين الأمم وقد جمعوا عائدين إلى أرض موعدهم (ع 1 - 3). ويعطينا هذا المزمور وصفاً رباعياً لمستقبل إسرائيل في خلاصه وعودتهم إلى أرضهم. وكل وصف ينتهي بهذه التسبحة (أو الذوكصولوجية) "فليحمدوا الرب على رحمته وعجائبه لبي آدم". فأولاً تراهم كتائهين في فقر برية هذا العالم يعانون من الجوع والعطش ولكن يتدخل الرب أحضروا إلى الحمد بتسبيحه (ع 4 - 9). وثانياً يرون موثقين في بيت السجن في سلاسل الذل ولكنهم يصرخون إلى الرب في ضيقهم فيحررهم (ع 10 - 16). وثالثاً يرون كجهالة يأتون إلى أبواب الموت لحاجتهم إلى المعرفة ومرة أخرى يصرخون إلى الرب فيعينهم الرب ويشفيهم (ع 17 - 22). وفي النهاية يرون كبحارة والرياح العاصفة تتقاذفهم جيئة وذهاباً في بحر الأمم ومرة أخرى يصرخون إلى الرب فيخلصهم من ضيقهم ويهديهم إلى الملجأ المرغوب وأرض موعدهم (عد 23 - 32). والرب الذي في تعاملاته القضائية معهم ضرب أرضهم بالقحط بسبب عصيانهم (تث 11: 13 - 17) فإنه يباركها الآن (ع 33 - 38). وبعد عودة الاثني عشر سبطاً من إسرائيل عندما يستريحون في أرضهم فإنهم مرة أخرى يقلون تحت ضغوط أخرى وربما يكون مرجع هذا إلى اقتراب الجيوش تحت قيادة جوج (روسيا) الذي سيهاجم عندما تعود إسرائيل إلى أرضها (حز 38 : 11 - 12). ولكن الرب يخلصهم ويجعلهم فرحين (ع 39 - 43).
مزمور 108:
يرينا تسبيح إسرائيل بعد ردهم وعودتهم إلى أرض موعدهم (ع 1 - 6). ويلاحظ أنه عند رجوع أسباط إسرائيل واستقرارها في الأرض فإن أعدادها الهائلة ستملأ أرضها ولكنها لا تكفيها. عند إذ سيسألون الرب أن يوسع تخومهم (أش 49: 18 – 23، زك 10: 7 - 10). ويجيب الرب سؤالهم وحاجتهم وفي هذا المزمور نرى الميراث الكامل على كل من جانبي نهر الأردن من البحر المتوسط إلى نهر الفرات كوعده لإبراهيم (مز 108: 7 - 10، تك 15: 18 – 21، أش 26: 15). وسيقود الرب جيوش إسرائيل العائدة من غزوات لامتلاك ميراثهم الكامل[76] (مز 108: 11 – 13، أش 11: 14، أر 51: 19 – 23، ميخا 4: 13، صف 2: 9). هذه الحملة ستمتد خارجاً إلى حدود أرض أشور عند نهر الفرات (مي 5: 5 - 9). وسيبقى الأعداء في هذه الأجزاء من ميراث إسرائيل مثل الباقين من الأمم العربية التي ستبقى عند إجراء القضاء مبكراً وخضوعها لإسرائيل. وسيمحى الأدوميون والفلسطينيون تماماً من الوجود بواسطة إسرائيل (عو 10: 17 – 21، صف 2: 5) وسيوضع الموآبيون والعمونيون تحت الجزية (أر 48: 47، 49: 6، أش 16: 3). وسينتصر إسرائيل.
مزمور 109[77]:
إن أسباط إسرائيل العشرة الراجعة تتعلم إذ ترى أمامها تفاصيل آلام واتضاع المسيح ورفضه. ولم تكن الأسباط العشرة في الأرض وقت مجيء المسيح الأول عندما رفض من إخوته اليهود ولكنهم يتعلمون من آلامه التي حدثت كواقع تاريخي واستحضروا لمعرفة آلام الرب يسوع المسيح التي اجتازها حيث قد رفض من شعبه الذي أحبه للغاية (ع 1 - 5). ويمثل يهوذا الأمة اليهودية الغير مؤمنة الذين رفضوا المسيح في مجيئه الأول. هذه البغضة التي استدعت المطالبة بإنزال أشد القضاء المرعب الذي نجده في كل المزامير اللعنات (انظر قائمة هامش مزمور 5). فالذين اتبعوا يهوذا في رفضه للمسيح وهم اليهود المرتدين التابعين ضد المسيح، وهم أدبياً يمثلون عائلته ("بنوه وامرأته") فمن ثم يشتركون معه في القضاء الذي لحقه (ع 6 - 20). وصوت الرب يسمع كمن يطلب لخلاصه من فعلة الشر. وفي هذا نرى ثقته الكاملة وخضوعه للإرادة الإلهية (ع 21 - 31).
مزمور 110:
في مزمور 109 يذكر المسيح في اتضاعه، وفي مزمور 110 يرى في مجده. وهذا المزمور هو الإجابة الإلهية لصراخ المزمور الصادق. وعلى أساس القيامة يرى الرب يسوع صاعداً إلى السموات[78] بحسب مشيئة الله (ع 1). انظر أيضاً أعمال 2: 32 – 35، عب 10: 12 – 13. هذا خلال الفترة الحاضرة للنعمة الآن (تقريباً 2000 سنة). ولكن ذلك الذي رفض نراه الآن يحكم بشكل علني. وشعبه الذي رفضه مرة "منتدب" أو راغب (حيث استرد له) في يوم قوته. والمسيح منظور إليه كالملك الذي يحكم "من صهيون"[79] (ع2 - 3) وككاهن يمارس كهنوته على رتبة ملكي صادق (ع 4) وكقاضي يتمم القضاء على أعداء الله ( ع 5 - 7).
مزمور 111:
الثلاثة المزامير الهلليلويا متتابعة (مز 111، مز 112، مز 113). وهذه الثلاثة مزامير هي التعبير عن تقدير إسرائيل لكل ما فعله الرب لأجلهم. وإذ قد بدا الملك الألفي فإن صدى مزمور 111 هليلويا لأجل "أعمال" (تذكر عدة مرات) الرب حيث قوة عنايته التي تعمل لتتميم كل مواعيد عهده مع إسرائيل الراجع.
مزمور 112:
نجد الهلليلويا لمدى البركة التي ترتبط بالذين يخافون الرب. ويفرح إسرائيل بأمانة وطمأنينته في الرب. ولن تقوم أمة في ذلك الوقت تسمح لها بمواجهة إسرائيل بعد ذلك (نا 1: 15، مز 147: 14، أش 60: 18، أش 2: 4، 1 مل 5: 4).
مزمور 113:
كان المزمور 111 هلليلويا لأجل أعمال الرب التي يجريها مع إسرائيل، ومزمور 112 هلليلويا لأجل بركة الرب وأمانة الممنوح إسرائيل، ولكن الآن في مزمور 113 نجد هلليلويا لأجل عظمة ومجد الرب نفسه. والتسبيح في هذا المزمور أكثر اتساعاً وكونياً "من مشرق الشمس إلى مغربها" (أي من الشرق إلى الغرب). والتسبيح ممتد في كل الأرض فالأمم ترتبط مع إسرائيل في تقديم الهلليلويا للرب (ع 1 - 4). إنهم يسبحونه لعظمته ولتنازله بالنعمة لكي يأتي بالإنسان إلى الشركة مع نفسه ويا له من موضوع! فهذه المجموعة من المزامير تختم بهلليلويا أخرى (ع 5 – 9).
المزامير من 114 – 119
مزمور 114:
هذا المزمور يأخذنا للوراء مرة أخرى إلى الوقت عندما يخلص إسرائيل (خاصة العشرة الأسباط) ويحضروا إلى أرضهم (مت 24: 31). ويسترجع تاريخ خلاص إسرائيل القديم من مصر والرحلة إلى أرض كنعان كظل لخلاصهم المستقبلي. هذه الرحلة التاريخية غالباً ما ترتبط عند الأنبياء بعودة أسباط إسرائيل في المستقبل إلى أرض موعدهم (أش 11: 15 – 16، 51: 9 – 11، أر 16: 14 – 15، حز 20: 34 – 36، إلخ..). وهنا تشابه محدد بين الرحلتين، فقد خرج بنو إسرائيل من مصر وعبروا البرية حيث امتحنوا وأتوا إلى أرض موعدهم. وفي يوم آت ستصعد أسباط إسرائيل مرة أخرى من كل جزء في العالم (حيث كانت مصر رمزاً لها – حز 20: 34).، إلى البرية حيث يمتحنوا (حز 20: 35 - 39) ثم يستحضروا إلى أرض الموعد (حز 20: 40 - 44). والمزمور يرى الرب مظهراً قوته الفريدة لعودة أسباط مهيئاً الطريق لهم (ع 3 - 7)، ومسدداً لكم أعوازهم (ع 8). انظر أش 49: 9 – 12.
مزمور 115:
يعطى هذا المزمور الجانب الأدبي لخلاص إسرائيل. والعشرة الأسباط الذين اتسم تاريخهم الطويل بالوثنية (1 مل 17: 7 – 41، هو 4: 17) يرون هناك وهم يدينون أوثانهم (هو 14: 8) التي أمسكوا بها (ع 1 - 8). وتحرض الأمة لتثق في الرب بالمباينة مع الاتكال على الأصنام. وتذكر ثلاث مجموعات "إسرائيل" و"بيت هرون" (الكهنة) و"متقى الرب" التي تضم الأمم (ع 9 - 11). وتزداد أمة إسرائيل في العدد وذلك لدخول العشرة الأسباط إلى الأرض، ويشجعون بوعد الرب لهم بالبركة (ع 12 - 18). قارن أش 9: 3، 26: 15، 49: 19 – 21.
مزمور 116:
أسباط إسرائيل العشرة قد رجعت إلى أرض إسرائيل (ع 9 و 18 - 19) وإذ استردوا إلى الرب فإنهم يحتفلون بخلاصهم. وهم متحققون بأنهم كانوا عند نقطة الموت عندما أحسن الرب وخلصهم واجتذبهم بالمحبة والتقوى من قلوبهم (ع 1 - 9) لقد تجاوبوا مع صلاحه ويريدون أن يقدموا شيئاً للرب إزاء كل ما فعله لهم (ع 12). ويقررون أن يوفوا نذورهم ويقدموا ذبائح شكرهم (ع 13 - 18). ويختم المزمور بأن كل إسرائيل (كل الاثني عشر) معاً في أورشليم يعبدون الرب (ع 18 و19).
مزمور 117:
إن إسرائيل المسترد يدعو الشعوب والأمم لتعبد الرب.
مزمور 118:
وضع هذا المزمور جيداً هنا. ويتضح أنه أنشد لعيد المظال الذي يطابق رمزياً البركات الألفية للأرض. وإسرائيل المسترد يتحدث عن أشياء في هذا المزمور بعد حدوثها كواقع، إذ اجتازوا فيها. لقد تعلموا أشياء محددة طوال وقت ضيقهم والآن يقدمون الشكر للرب لأجل هذا (ع 1 - 4). إنهم يتحدثون بثقة تامة ويقين في الرب. لقد استطاع أن يخلصهم في زمن الضيق وأرجعهم إلى أرضهم فإنه يستطيع بكل يقين أن يعتني بهم بسبب أعدائهم "وأنا سأرى بأعدائي (أو بالذين يبغضونني ع7) إذ هم مقيمون في الأرض (ع 5 - 9). وإذ هم يفرحون معاً فإن تحالفاً كبيراً من الأمم يحيط بهم. هذا التحالف الأممي الذي يقترب من إسرائيل بعد رجوعه هو جوج (حز 37 - 39). وهو الهجوم الآشوري الثاني[80]. وبقوة الرب يوضع جوج تحت القضاء. وجيوش إسرائيل المسترد تشتبك في معركة منتصرة[81] يهزمون فيها الأمم التابعة لجوج (ع 10 - 18). انظر ميخا 4: 11 – 13، 5: 5 – 9، زك 14: 14، ملا 3 – 4، مز 108: 11 – 13، أش 11: 12 – 14. وإذ يرى الملك الألفي في تباشير دخوله اقترابه في إسرائيل نجد "أبواب البر" التي يشار بها للمسيح كالطريق إلى بركة الله. (وبطريقة مشابهة يدعو نفسه "الباب" في يوحنا 10: 7)[82]. إن الآلاف في العصر المسيحي يستخدمون هذا الباب لنوال بر الله، ولكن الآن فإن إسرائيل في النهاية يدخل ذات الباب ويعرفون الرب كمخلصهم (ع 19 - 21). وإسرائيل (أي اليهود) رفضت المسيح "كالحجر" عندما كان هنا على الأرض (في مجيئه الأول أعمال 4: 11)، ولكنهم الآن يعترفون به كرأس الزاوية، الأساس الذي بنيت عليه الكنيسة. وفي النهاية يجد إسرائيل أن ذات الحجر هو أساسهم اليقيني. وإذ يأتي اليوم الألفي. (ع 24) فإن إسرائيل يفرح بالرب ويقدم ذبائح تذكارية (حز 44 – 46، أش 56: 7، أر 33: 18) تقديراً لعمله الفدائي العظيم الذي أتمه على الصليب (ع 22 - 29).
مزمور 119:
هذا المزمور يتضمن مجموعة ومنه يتبرهن أن ناموس الرب (كلمة الله) قد كتب على قلب إسرائيل المفدى. قارن أرميا 31: 31 – 34، حز 36: 27. وتجد عملياً أن كل عدد (باستثناء ثلاثة أعداد 90 و122 و 132) في هذا المزمور الطويل يذكر فيه كلمة الله[83]. وهذا يرينا أن كل فكر وكل عمل في إسرائيل في ذلك اليوم سينبع من ناموس الرب. وهناك 22 فصل في هذا المزمور بحسب الأبجدية العبرانية، وثمانية أعداد في كل فصل. والعدد 8 شائع في المزمور إذ يتحدث عن بداية جديدة مع ترتيب جديد للأشياء عند دخول الملك الألفي الآتي. ومن المناسب تماماً أن هذا المزمور يرتبط بهذا العدد 8. وفي الفصول المختلفة نجد إسرائيل المفدى يفكر ملياً في كل ما قد حدث. وكل فصل نتبين منه تدريباً متميزاً يجتازون فيه. وبحسب الأبجدية العبرانية – "أليف" - بركة السير مع الله بالطاعة (ع 1 - 8)، "بيت" – طريق تطهيرهم (ع 9 - 16)، "جيم" التأمل في رحمة الله (ع 17 - 24)، "دالت. التحقق من ضعفهم (ع 25 - 32) – "هي" طلب التعلم من خلال الكلمة (ع 33 - 40). "واو" شهادة مقدمة للعالم (ع 41 - 48). "زين" التعيير من العالم (ع 49 - 56). "حيط" الرب وكلمته هما المصدر الوحيد في زمن الشدائد (ع 57 - 64)، "طيط" في كل الظروف يتعلم فكر الله فيتدرب على الطاعة، "يود" الرجاء في الله الخالق في زمن الضيق (ع 73 - 80)، "كاف" التعزية بالكلمة في زمن الاضطهاد (ع 81 - 88)، "لامد" معرفة الرب كالمطلق السلطان في زمن المتاعب (ع 89 - 96)، "ميم" تعلم الحكمة من الكلمة (ع 105 - 112)، "سامخ" الحفظ في زمن الأحكام (ع 113 - 120)، "عاين" توقع الخلاص (ع 121 - 128)، "بي" الشركة (ع 129 - 136)، "صادي" الغيرة لله (ع 137 - 144)، "قوف" الاتكال (ع 145 - 152)، "ريش" الثبات (ع 153 - 160)، "شين" السرور بالله وبكلمته (ع 161 - 168)، "تاف" التسبيح للرب والتطلع إليه لكمال الخلاص (ع 169 - 176).
المزامير من 120 – 134
مزمور 120:
هذه المجموعة من المزامير تسمى "ترنيمات المصاعد" Ascents (انظر عناوين المزامير). ومن الواضح أنها تكون كتاباً صغيراً للترنيم يستخدمه بنو إسرائيل عند صعودهم إلى أورشليم في الأعياد السنوية لفصح ويوم الخمسين والمظال (تث 16: 16، مز 122: 4). ومن الناحية النبوية تصف عودة أمة إسرائيل (خاصة العشرة أسباط) عندما ترجع إلى أرضها[84]. ويبدأ مزمور 120 بأسباط إسرائيل وهم بعيدون عن أرضهم ("لغربتي في ما شك" مكان شمال إسرائيل، "بسكني قي خيام قيدار" مكان شرق إسرائيل ع 5). لقد أيقظت فيهم رغبات جديدة للرب هذه الرغبات تأتي بنتائج من المحيطين بهم بالتعبير والضيق[85]. وهذا يقودهم إلى الصراخ للرب في هذه الضيقات ويتحققون أنهم ساكنون في مكان لا يجب أن يكونوا فيه.
مزمور 121:
وإذ هم مشتتون في أماكن كثيرة في الأرض فإن العشرة الأسباط ترفع عينيها نحو أرضها ويطلبون العون من فوق لكي يأتوا إلى هناك (ع 1) فالرب كالخالق وكالحافظ يتولى العناية بهم وحفظهم في كل خطوة عند رجوعهم إلى أرضهم (ع 2 – 8). قارن أر 31: 9، مت 24: 31.
مزمور 122:
وكما أن رحلة الأسباط إلى أرض إسرائيل من أماكن مختلفة في الأرض فإنهم يلتقون بإخوتهم العائدين إلى ذات الهدف، فإنهم يشجعون أحدهم الآخر في سرعة وصولهم إلى مدينة أورشليم (ع 1 - 4). ويصلون معاً للسلامة أورشليم (ع 6 - 9).
مزمور 123:
والأسباط العائدة تختبر التعيير من هؤلاء الساكنين معه في أرض شتاتهم ويتطلعون إلى الرب ليناولوا منه العون والرحمة ويحفظوا من المستهزئين الذين يسخرون من تدريبات إيمانهم للرجوع إلى أرضهم.
مزمور124:
إن البقية العائدة تطلب من الرب حفظها طوال الطريق. إنهم لن يصيبهم التعيير من المستهزئين فحسب (مزمور 123) ولكن الناس قامت ضدهم في محاولة لتدميرهم (ع 1 - 5). إنهم يباركون الرب لأنه بمعونته هربوا من خطط الأعداء (ع 6 - 8).
مزمور 125:
وإذ تقترب الأسباط من أرض إسرائيل، فينظرون إلى الجبال المحيطة بأورشليم وأكثر من ذلك فإنهم يرون الرب ساكناً في صهيون (ع 2). وهذا تشجيع عظيم لهم إذ يجعلهم أن يتطلعوا بالإيمان إلى الوقت عندما يستبعد ويقضي على كل الشر ويرتفع البر وحده.
مزمور 126:
يرى أسباط إسرائيل الآن كمن دخلوا أرض إسرائيل.فسبيهم وتشتتهم الطويل تحول في النهاية واستردوا إلى الرب[86] (مز 14: 7). فامتلأت أفواههم ضحكاً وفرحاً إذ يصرخون معاً مع السبطين من اليهود. والأمم المحيطة بهم تجبر على الاعتراف بأن الرب صنع أشياء عظيمة لإسرائيل إذ يشهدون بأن أمة قد ولدت في يوم واحد (ع 1 - 3)وهم إذ يستشعرون الخطر بسبب الأعداء فإن إسرائيل لا تزال تصلي لأجل خلاصها الكامل وبركتها في الأرض (ع 4 - 6).
مزمور 127:
يشير كل من مزمور 127 و 128 إلى الوقت عندما تعود كل أسباط إسرائيل للسكن في أرضهم آمنين تحت حماية الرب (حز 38: 11). وتدريبهم في ذلك الوقت هو إعادة بناء مدينة صهيون (أش 61: 4، أر 30: 18، أر 31: 38 – 40، عا 9: 14) التي خربها ملك الشمال قبلاً (مز 73: 18 – 20: 74: 1 – 8، مز 75: 3. مز79: 1 – 3 و 7، مز 80: 12 - 16). ويعترفون بحاجتهم للرب لحفظ المدينة مظهرين بذلك أن الأعداء لا يزالوا موجودين (ع 1 - 2). وإذ تبنى بيوتهم من جديد يتوقعون الأفراح بأن يكون لهم بنون وتقام العائلات في الأرض (ع 3 – 5).
مزمور 128:
يصف هذا المزمور حياة السلام للإسرائيلي التقي الذي عاد إلى الأرض ويسكن آمناً هناك. وتصف أفراح العائلة في ذلك اليوم (أش 62: 8 – 9، أش 65: 21 - 23). والجميع في سلام تام وفي ترتيب تقوى لأن الرب سيسكن في صهيون (ع 5).
مزمور 129:
بينما يستمتع إسرائيل الراجع بالسلام في أرضهم نتيجة حضور الرب في صهيون، ولكنهم يراجعون الضيقات التي كابدوها من أعدائهم. وكثيراً ما استخدم الله أعداءهم وخاصة الآشوري (أش 10: 5) لقضاء التأديب في الماضي ("شباب" إسرائيل يشير إلى أيامهم القديمة في الأرض في أزمنة العهد القديم) هذه المضايقات تشتمل على هجوم ملك الشمال وجيوشه (دا 11: 40 – 43، مز 73: 19 – 19، مز 74: 1 – 8، مز 75: 3، مز 79: 1 – 3، مز 80: 12 - 16) التي استخدمها الله لإظهار التوبة المطلوبة (التي يتحدث عنها "الحراث")في شعبه (ع 1 - 3). انظر أيضاً يوئيل 2: 12 – 17. كما يسترجعون أيضاً عبودية المسيح ("الشرير") أثناء فترة الضيقة العظيمة، ولكنهم رأوا قوة الرب وهي تدحره بالقضاء عليه (ع 4). وفي النهاية يتطلعون للأمام للخلاص التام الذي سيلحق صهيون عندما يتم القضاء على الظالمين ومنهم جوج (روسيا) (ع 5 - 8).
مزمور 130:
نرى في هذا المزمور يوم الكفارة[87] (لا 23: 26 – 32، أش 53: 1 - 2) في تطبيقه الكامل على الأمة. فالاثني عشر سبطاً معاً يصرخون إلى الرب بتوبة كاملة عن خطاياهم وفي تواضع حقيقي عميق يتعلمون أن هناك غفراناً من الرب (ع 1 – 4). وتظهر فيهم ثقة هادئة ورجاء في الرب إذ يطرحون نفوسهم على رحمته ولأجل كل ما يأتي عليهم (ع 5 - 8).
مزمور 131:
إنه تواضع القلب الذي سيظهر في الاثني عشر سبطاً لإسرائيل من جراء فحص نفوسهم العميق والحكم على الذات كما في المزمور السابق صف 3: 11 – 13.
مزمور 132:
من الناحية التاريخية فقد كتب هذا المزمور الملك سليمان عند اكتمال بناء الهيكل[88]. وحكم الملك سليمان صورة لحكم المسيح الألفي الآتي. وفي هذا المزمور يعيد أمامنا تدريبات داود أبيه في أن يعطي التابوت (رمز للمسيح) مسكناً أرضياً مناسباً في صهيون. ومن الناحية النبوية فإن الأسباط الراجعة من إسرائيل ستجتاز اختبارات (أو تدريبات) متشابهة لتهب مسكناً للرب في صهيون ليسكن بين شعبه. وهذا سيطابق ما يحدث عند إقامة الهيكل الألفي المستقبلي (ع 1 - 5). ويعيد لنا المزمور أيضاً عودة التابوت إلى إسرائيل بعد "إيخابود" (زوال المجد) الذي كتب على شعبه (ع 6 - 9). وهذا يطابق عودة مجد الرب إلى شعبه. انظر حزقيال 43: 1 – 5، حجى 2: 7. وأكثر من ذلك فإن وعد الرب لداود يذكر بأن نسله سيجلس على عرشه إلى الأبد (2 صم 7: 12 - 16). والمسيح كابن داود سيتخذ مكانه في صهيون كملك إسرائيل[89] (ع 10 - 18).
مزمور 133:
وإذ يسكن الرب بين شعبه كمسياهم فإن العداوة التي قامت بين السبطين (يهوذا وبنيامين - اليهود) وبين العشرة الأسباط ستنتزع. فالحسد والنزاع الذي دام طويلاً بينهما (إش 11: 13) سوف يبطل. وروح الله (المزمور له "بالدهن الطيب" أو "الزيت الطيب" Precious Oil بحسب ترجمة داربي) الذي ينسكب على الأمة الجديدة الراجعة (يؤ 2: 28 - 29)، وبركة الرب (المرموز لها بالندى ع 3) التي تنزل أو تتساقط عليهم.
مزمور 134:
يختم هذا المزمور المجموعة بأن الأرض تبارك من صهيون. وصهيون هو مكان البركة على الأرض لأن الرب فيها. وتبدأ ببركة نازلة أولاً على إسرائيل (مز 133: 3). ثم بركة من إسرائيل صاعدة بالشكر (مز 134: 1 – 2)، وأخيراً بركة بواسطة إسرائيل ممتدة للعالم (مز 134: 3).
المزامير من 135 – 136
ليس هذان المزموران كبقية المجموعات الأخرى من المزامير بل بالحري هو ملحق[90] للمجموعة السابقة من مزامير المصاعد. ويكونا إضافة قصيرة وهي تعطي تسبحة إسرائيل لأجل مراحم الرب إذ أنه أعادهم مرة أخرى.
مزمور 135:
ينظر للإثني عشر سبطاً وهم راجعين إلى أرضهم ويقفون في ديار الرب، ويدعون لتسبيح الرب لخلاصهم ورجوعهم (ع 1 - 4). ويسترجعون بذاكراتهم قوته المتفردة للقضاء على أعداءه ونوالهم الخلاص (ع 5 - 12)[91]. وإذ استحضروا إلى أرضهم فإن الأسباط يحاكمها الرب وتخوم إسرائيل (حز 11: 9 – 10، 20: 34 – 38) حيث ينزع منهم المتمردين (الوثنيين) (ع 13 - 18). ثم يتوقف القضاء ويحرض إسرائيل لتسبيح الرب الساكن في صهيون والأمم ("خائفي الرب") وأيضاً في دائرات هذا النداء (ع 19 - 21).
مزمور 136:
في مزمور 135 كان الفداء لإسرائيل لتسبيح الرب لخلاصهم. والآن في هذا لمزمور نجد تجاوب إسرائيل. إنهم يبتهجون بخلاصهم بالتسبيح للرب لأجل رحمته. ويستعيدون في تسبيحهم خلاصهم الكامل ورجوعهم إلى أرض ميراثهم. وهذا ينطبق رمزياً على خلاصهم من المصريين القدماء. قارن أش 11: 15 – 16، 51: 9 – 11، أر 16: 14 – 15. وأما ترنيمتهم فتكرر تلك اللازمة "لأن إلى الأبد رحمته" ( وتتكرر 26 مرة).
المزامير من 137 – 150
مزمور 137:
يبدأ هذا المزمور المجموعة الأخيرة من السفر[92]. ومرة أخرى ترى العشرة الأسباط من إسرائيل وهي خارج أرض موعدها (ع 1 و4) وهي تعير من الأمم (ع 1 – 3). ويحرك الله قلوبهم نحو أورشليم وأرض سكنهم لكي يشعروا أنه هو المكان الذي يرتبطون به. وكنتيجة لذلك فهم غير قادرين أن يرنموا أو يفرحوا حتى يعودوا مرة أخرى إلى صهيون (ع 4 - 6). ورغبتهم في الرجوع إلى صهيون تجعلهم يطلبون ويصلون للأجل القضاء على أعدائهم الذين دمروهم من قبل (ع 7 – 9). وبابل كلاهما سيتم القضاء النهائي عليهما كما في أسفار الأنبياء (عو 18، أش 13: 19 – 20، 14: 22).
مزمور 138:
وبالمباينة مع المزمور السابق فإن أسباط إسرائيل ترى فرحة وتسبح الله (ع 1). لقد صرخوا إلى الرب فأعطاهم قوة ن لدنه (ع 3) لكي يجعل طريقهم نحو أرضهم (ع 7) وإذ لم يصلوا إلى الأرض فإن تسبيحه يتجه نحو الهيكل (وإن كانوا ليسوا هناك بعد)[93]. وهذا المزمور به يعطي مصدرين عظيمين لإسرائيل في الطريق (ع 2 – 3) وهما كلمة الله والصلاة ("في يوم دعوتك" أو صرخت) بالنظر إلى إحيائهم أو رجوعهم إلى أرضهم وإخضاع أعدائهم (ع 7 – 8). وهم يضرمون ثقتهم من جديد في الرب ويتوقعون الوقت الذي فيه جميع أمم الله تسبحه (ع 4 – 5).
مزمور 139:
وإذ تقترب الأسباط من حدود الأرض فإن الرب يستحضرهم إلى البرية لكي يفحص حقيقة قلوبهم (حز 11: 9 – 10، 20: 34 - 38). ولا شيء يمكن أن يفلت من عينه المقدسة. وترى هنا أوجه عديدة من قدرة الرب الإلهية في فحصه لهم: فمعرفته التامة بكل شيء (ع 1 - 6)، وحضوره في كل مكان في ذات الوقت (ع 7 – 12)، وقوته غير المحدودة (ع 13 – 18). أما نتيجة هذا الفحص فإن الأشرار (أو المتمردين حز 20: 38) ينزعون من وسطهم وينظر لهم كأعداء الرب (ع 19 – 21). أما الذين لهم إيمان حقيقي وهم متذللون تماماً فسوف يحضرون إلى الأرض وبإرادتهم المنكسرة وأفكارهم المحكومة عليهم يتركون برغبة واحدة أن يقودهم الله في الطريق الأبدي (ع 23 – 24).
مزمور 140:
وهم إذ احضروا إلى أرض ميراثهم واستقروا هناك، فإن أسباط إسرائيل سيقلون بسبب مضايقة جيوش الأعداء التي اجتمعت للحرب. ونعرف من النبوة أن هذه الجيوش التي تصعد على أسباط إسرائيل العائدة إلى أرضها هي تحت قيادة جوج (روسيا) انظر حز 36 – 39، ومزمور 140إلى 144 يصف أحزان الأسباط المجتمعة من إسرائيل بسبب ما يعانوه من جيوش روسيا والأمم العديدة المتحدة معها. والبقية من إسرائيل (الاثني عشر سبطاً) تطلب من الرب أن يحفظها من "الشرير ورجل الظلم" الذي هو الآشوري في صورته النهائية (جوج روسيا)[94] ومحاولة العدو في ذلك الوقت هو "تعثير" أو "تقليب" إسرائيل الجديدة المستقرة (حز 38: 8 - 13). و"الشرير" (الإسرائيليين المرتدين) الذين استبعدوا من بين الأسباط العائدة من إسرائيل. وتركوا عند حدود الأرض (مز 139: 19 - 20) يصبحون في ارتباط مع الآشوري عند صعوده. ومن الواضح أنهم سينزعون عندما تتقدم هذه الجيوش نحوهم (ع 1 - 5)[95]. وإذ يجيب على صراخ إسرائيل، فإن الرب يحميهم "ظللت رأسي في يوم القتال" (ع 6 - 8). قارن مزمور 46: 4 – 6، نا 1: 7، أش 26: 20 – 21، 37: 33 – 34، مى 5: 5. إنهم يطالبون الرب أن يبيد الرأس[96] لتلك الجيوش المهاجمة لكي يفرحوا بالشكر لاسمه (ع 9 - 13).
مزمور 141:
ويصل تقدم جيوش الآشوري (جوج - روسيا) إلى نهايته عندما يزداد صراخ البقية من إسرائيل ويصبح أكثر عمقاً. وينظر إلى صراخهم في هذا المزمور باعتباره صلاة. في مزمور 142 نجده تضرع (فهو أكثر توسل)، وفي مزمور 143 نجده صلاة مع تضرعات (تأتي في صيغة الجمع). إنهم يطلبون حماية الرب، ورغبتهم أن تقبل صلاتهم كبخور (ع 1 - 2). ومع أن إسرائيل يسترد للرب في ذلك الوقت غير أنه في البداية لا يعرفوا حقيقة قلبه تجاههم وغير متيقنين من صلاحه وعنايته بهم. وذلك كان من الضروري أن يتضرعوا لتجربة الغزو الآشوري[97] الثاني حتى يتعلموا أن يثقوا في الرب وفي قوة حمايته وحفظه لهم. ويقبلون الأحزان كتأديب من الرب الذي يفحص قلبهم ويخلصهم من الشر الكامن فيهم. ويستمرون في الصلاة حتى ينزع بالقضاء هذه الأدلة (الآشوري) المستخدمة لتأديبهم عندما تصل التجربة إلى نهايتها (ع 3 – 6). ويتذكرون المذبحة المؤلمة في الهجوم الأول (مز 79: 1 – 3، الخ....) ويصلون لكي لا تتكرر مرة أخرى (ع 7 - 10).
مزمور 142:
وإذ تزداد أحزانهم عمقاً فإن أسباط إسرائيل يستمرون في الصراخ إلى الرب. وتسمى هذه تضرع (ع 1 - 3). فليس لإسرائيل أمة أو قوة تطلب منها المعونة (ع 4)، لأن كل الأمم باستثناء الذين هم بقيادة جوج قد أخضعوا في ذلك الوقت. وعند إذ يتطلعون إلى الرب وحده كمصدرهم الوحيد ويثقون فيه كملجأهم الذي لن يخزيهم (ع 5 - 7).
مزمور 143:
هذا المزمور يرينا أحزان أعمق. ففي مزمور 142 كان هناك "تضرع" (أو توسل جاد)، ولكن هنا نجد "التضرعات" المزمور تعبير عن العوز المدقع والتام ولذلك نرى فحص القلب الكامل والرجوع إلى الرب. إنهم يتذكرون ما فعله الآشوري في هجومه السابق (الغزو الآشوري الأول – ملك الشمال والتحالف العربي معه مز 79: 1 – 3) عندما أخرب الأرض كلها ويخشون من وقوع مذبحة أخرى مشابهة (ع 1 – 3). ويتطلعون إلى الرب لإجابة سريعة لتضرعاتهم. كانت روحهم قد جربت إلى النهاية، وهم متحققون أنهم بدون معونة الرب فلا أمل في شيء ونهايتهم ستكون مثل الذين هبطوا قبلهم في الحفرة (ع 4 – 8). وفي التماس نهائي يصرخون إلى الرب لكي يبيد العدو حتى يخلصوا (ع 9 – 12).
مزمور 144:
هذا المزمور هو إجابة لصراخ إسرائيل في المزامير السابقة ويرينا نتيجة قيام الرب ليخلص شعبه إذ يقضي على أعدائهم ويأتي بهم إلى الملك الألفي. وكما في مزامير كثيرة فإن العدد الأول والثاني يكون رأس المزمور ويلخصه. والرب يثبت نفسه أنه الملجأ الذي يحتاجه إسرائيل. إنه نهض ليخضع الشعوب (الأمم) لإسرائيل. واستخدم إسرائيل في المعركة (ع 1 – 2). قارن (أر 51: 20 – 23، مي 4: 11 – 13، 5: 5 – 8). وفي ضيقتهم يصرخ إسرائيل للرب ليطأطىء السماوات للقضاء على هؤلاء الأمم الأعداء ("بني الغربة" أو "الغرباء") الذي ينظر إليهم مرة أخرى أنهم "مياه كثيرة" (ع 3 – 8). قارن (مز 46: 3، مز 65: 7، مز93: 3، الخ....). والأعداد من 9 – 51 تصف الفرح والبركة التي ستكون من نصيب إسرائيل في ذلك اليوم عندما يخلصهم الرب من كل مضايقيهم.
مزمور 145:
وهم إذ يخلصون من كل ضيقاتهم فإن إسرائيل تعيد وتحتفل بخلاصها الكامل بالتسبيح للرب كالمسيا الملك. وإذ يستعلن الملك الألفي فإن مجد المسيح كالملك يمتد إلى كل العالم. والمسيح يقود التسبيح لله (مز 22: 22) لأجل أعماله العجيبة (ع 1 – 7). ولأجل رحمته (ع 8 – 13) ولأجل قوة حفظه لكل خليقته (ع 14 – 21). وبينما شعبه يحفظ فإن أولئك الذين يظهرون أنفسهم كأشرار في الملك يتعامل الله معهم بالقضاء (ع 20، مز 101: 3 – 8، صف 3: 5، زك 5: 1 – 4).
مزمور 146:
تسمى الخمسة المزامير التالية "مزامير الهلليلويا العظيمة" (وتسمى أيضاً "الهلليل الكبير"). وهناك مزامير سابقة لهذه المزامير تبدأ أو تنتهي بـ "هلليلويا" أما هذه المزامير فتبدأ وتنتهي بـ "هلليلويا" ولهذا تكون نهاية مناسبة للمجموعة كلها التي تصف تسبيح الأرض كلها. وكلمة "يسبح" في الأصل العبراني اللغوي تتكرر 37 مرة في هذه الخمسة المزامير. وإسرائيل العائد قد تعلم عدم نفع الثقة بالإنسان. ولقد وجدوا أن الرب هو كل شيء (ع 1 – 5). لهذا تقدم له التسبحة كالخالق لكل شيء، والحافظ للحق (وربما يشير بهذا إلى المواعيد المعطاة للآباء) وكالمخلص للمظلومين (ع 6 – 7). وفي الجزء الأخير من المزمور فإن الرب يعتق الخليقة التي استعبدت بسبب الخطية (روميا 8: 20 – 23). وتفتح أعين العميان ويقوم ويشفي المنحنين (لوقا 13: 11 – 13) (ع 7 – 10). قارن إشعياء 35: 5 – 6.
مزمور 147:
يستمر تسبيح الرب. ويعاد بناء مدينة أورشليم بعد خرابها (مز 79: 1 - 3) ويعرف الرب كبانيها. قارن أش 61: 4، أر 30: 18، 31: 38 – 40، عا 9: 14 وأي إسرائيلي باق خاصة من العشرة الأسباط العائدين من أجزاء مختلفة في الأرض التي تشتتوا إليها، سيحضرون إلى أورشليم بواسطة الرب. قارن أش 11: 11 – 12، 66: 20. وسيعزيهم الرب ويجعلهم يرثون نصيباً في الملكوت (ع 1 - 6). ويستمر تسبيح الرب في الازدياد (ع 7 - 12). وستبقى الأربعة الفصول في الأرض (ع 14 - 20).
مزمور 148:
وهو يدعو كل الخليقة من أرقى الكائنات (الملائكة) إلى أدناها (الزواحف) لتشترك في الهلليلويا العظيمة (ع 1 - 10). وملوك الأرض وكل الشعوب في جميع الأمم، الكبار والصغار مدعوة لتشترك في التسبيح (ع 11 - 13).إنه يسبحونه لعظمته كالخالق (ع 5). ويختم المزمور بإسرائيل الذي له مكان القرب من الرب في جانب الملكوت الأرضي (ع 14).
مزمور 149:
وإذ الخليقة كلها تسبح الرب كخالق (مزمور 148)، فإن إسرائيل تسبحه كالفادي. وهي تسمي "ترنيمة جديدة" (ع 1 - 4)، فإن القضاء موضوع في يدي إسرائيل (ع 5 - 9) وسيستخدمون من الرب لحفظ بره وقضائه في الأرض الألفية (إش 60: 17، مى 5: 8 - 9).
مزمور 150:
وهنا تعلو أنغام التسبيح إلى أقصى درجة ممكنة فالخليقة كلها تشترك في تسبيح الله. والمزمور الأخير هذا يرينا أين سيكون التسبيح – في قدسه (ع 1)، لماذا يسبح – لكثرة عظمته (ع 2)، وكيفية تسبيحه – بجميع أنواع الأدوات الموسيقية[98] (ع 3 - 5)، وفي النهاية من الذي يقوم بالتسبيح - كل نسمة أو كل من به نفس (ع 6).
بروس انيستي
[69] مرة واحدة يرد التعبير في السفر الخامس (مز 132: 8) ولكنه يتجه إلى رغبة إسرائيل ليأخذ الرب مكانه وسلطانه في أورشليم كملك، أكثر من كونه نداء لكي يأتي لخلاصهم.
[70] يوحنا داربي "ملاحظات وتعليقات" مجلد 3 صفحة 174 و 182 و 211 و 215 يوحنا داربي "الموجز في أسفار الكتاب" على المزمور 110 ومزمور 120.
[71] س. هـ. ستورات "في المزامير" صفحة 137.
[72] يوحنا داربي "مجموعة من الكتابات" مجلد 30 صفحة 119 "السفر الخامس له طابع خاص لأنه يعيد لنا مشهد البقية وظروفها بعد رجوعها." انظر أيضاً يوحنا داربي "الموجز في أسفار الكتاب" في مزمور 120
[73] يوحنا داربي "ملاحظات وتعليقات" مجلد 3 صفحة 212 و 215 و 264، يوحنا داربي خطابات المجلد الأول صفحة 522 – 523، المجلد 3 صفحة 539.
[74] يوحنا داربي "الموجز في أسفار الكتاب" في مزمور 108.
[75] يوحنا داربي "ملاحظات وكلمات مختصرة" صفحة 206، "الموجز في أسفار الكتاب" في مزمور 149. "مجموعة من الكتابات" مجلد 19 صفحة 8.
[76] من الملذ ملاحظة أن داود كتب هذا المزمور بعد وقت طويل، انتهاء من رفضه من شعبه وأصبح مقبولاً كملكهم الشرعي. وبعدما صار ملكاً هزم أعداء إسرائيل من الجهتين. إذ قاد جيشه في حملة انتصارات حتى إلى نهر الفرات لإحراز الانتصارات وهذا كله رمز للمسيح. انظر عنوان مزمور 60، ( 2 صم 8: 3 و 12 – 13، 1 مل 11: 15، 1 أي 18: 12).
[77] مزمور 109 ومزمور 110 يسيران معاً. نرى فيهما "آلام المسيح" (مز 109) والأمجاد (مز 110) التي بعدها، 1 بط 1: 11.
[78] في مزمور 109: 21 "اصنع" والتي تشير إلى آلام المسيح، وفي مزمور 110: 1 "اجلس" والتي تشير إلى المسيح جالس عن يمين الله في هذا الوقت الحاصل (تقريباً يساوي 2000 سنة)، ومزمور 110: 2 "تسلط" أو "احكم" والتي تشير إلى مجيء المسيح الألفي لمدة ألف عام. ومن الملذ أن نعرف أن هذا المزمور اقتبس 14 مرة في العهد الجديد.
[79]هذا المزمور لا يرى المسيح آتياً للحكم، ولكنه قد رجع وصار يحكم في صهيون (أورشليم) وتعبيره "من صهيون" تشير إليه كمن عاد – انظر يوئيل 3: 16 (2: 27)، عاموس 1: 2، مز 50: 2، مز 134: 3.
[80] يوحنا داربي يوفق هذه الأعداد مع الهجوم الآشوري الثاني (الذي هو جوج - روسيا) في أش 29. انظر "مجموعة من الكتابات" المجلد 30 صفحة 221.
[81] إن إسرائيل بالتأكيد لم تنتصر عند هجوم ملك أشور وحلفائه العرب (الذي سيتم مبكراً) وثلثي اليهود في الأرض في ذلك الوقت سيقتلون (دا 11: 40 – 42، يوئيل 2: 1 – 11، زك 13: 7 – 9، 14: 1 - 2).
[82] أرنو جبلين "كتاب المزامير" صفحة 437.
[83] إن كلمة الله يشار إليها بعشر مترادفات: كلمة، قول، طريق وهذه هي الكلمة في معناها العام، وصايا وشهادات.. أي العشرة الوصايا (حز 20: 1 – 17، 34: 29، تث 4: 13، 6: 17، 10: 4)، أحكام وهي قرارات الأحكام التي وضعها الرب في المسائل التي يمكن أن تبرز بين شعبه، معلناً فكره في مواقف قد تحدث (خر 21 – 23، لاحظ كلمات (إن) الشرطية في هذه الإصحاحات)، فرائض Statutes (أو أنظمة تمارس أو أنصبة تحفظ) وهي الشرح الأدبي للناموس كما توسع فيه الرب، عادة في الارتباط بعادات شعبه لحياتهم اليومية وهي قرارات (لاويين 18: 5 و 26، 19: 19، إلخ..)، أوامر Precepts وهي أدق تفاصيل الناموس (إش 28: 10، عب 9: 19)، قوانين وطقوس Ordinances وهي وصايا ترتبط بالذبائح والعبادة (عب 9: 1 و 10، خز 12: 14 و 17 و 21 و 43)، الناموس أو الشريعة Law وهي التوراة وتعني الكتابات الموسوية كلها أي الخمسة الأسفار لموسى Pentateuch (1 مل 2: 3).
[84] يوحنا داربي "ملاحظات وكلمات مختصرة" صفحة 202.
[85] هذا الاضطهاد ليس من ضد المسيح، إذ قد قضي عليه وصار خارج المشهدفي هذا الوقت. انظر يوحنا داربي "الموجز في أسفار الكتاب" في مزمور 120.
[86] انظر ترجمة يوحنا داربي للكتاب.. هامش عدد 1.
[87] يمكن أن نتتبع في هذه المجموعة من المزامير ("ترنيمات المصاعد") تتميم الثلاث الأعياد السنوية الأخيرة (لا 23: 23 - 44). عيد الأبواق (بصفة خاصة العشرة الأسباط) عند عودة إسرائيل للأرض (مز 120: -126)، عيد الكفارة وهو توبة إسرائيل (مزمور 130)، عيد المظال.. فرح إسرائيل معاً حول الرب في ملكه الألفي (مزمور 133 و 134).
[88] قارن 2 أيام 6: 41 – 42 مع أعداد 8 – 11 و 16 من هذا المزمور.
[90] انظر يوحنا بلت "تأملات موجزة في المزامير" صفحة 150، ف. جرانت "الكتاب المقدس العددي" المزامير صفحة 459، يوحنا داربي "ملاحظات وتعليقات" المجلد 3 صفحة 253 و255.
[91] خلاص إسرائيل من المصريين القدامى هو ظل لخلاصهم في المستقبل انظر ملاحظات على مزمور 87.
[92] ترينا المجموعات المختلفة في هذا السفر أن الأسباط العشرة من إسرائيل هم خارج أرض الموعد وعائدين إلى الرب في صهيون. ويخبرنا الكتاب أنهم شتتوا في كل الأمم (تث 28: 25، مز 107: 3). ونراهم آتين من الجنوب (مز 114)، ومن الشمال ومن الشرق (مز 120). والآن من الغرب. وبابل تطابق الأمم الغربية.
[93] ربما يكون موقع الهيكل في الأرض المقدسة. ومن المشكوك فيه أن يكون الهيكل الألفي قد بني بعد.
[94] "رجل الظلم هو الآشوري، العدو التالي لليهود" يوحنا داربي "ملاحظات وتعليقات" المجلد 3 صفحة 264، "جوج هو الصورة النهائية للآشوري" يوحنا داربي – خطابات مجلد 1، صفحة 522 – 523.
[95] لوندين "ملاحظات على الكتابات النبوية" صفحة 32، " مصر، أشور، إسرائيل" صفحة 43.
[96] "الرأس" في اللغة الأصلية العبرانية هي "روش" وهي ذات جذر كلمة روسيا ترجمة يوحنا داربي في حز 38: 2.
[97] في الغزو الآشوري الأول ينجح ملك الشمال والدول العربية المتحالفة معه في غزو إسرائيل (مز 73: 18 – 19، مز 74: 1 – 8، مز 75: 3، مز 79: 1 – 3 و 7، مز 80: 12 – 16، إلخ..) أما في الغزو الآشوري الثاني بقيادة جوج روسيا فلا نجده ينجح. وسيرجع الرب إلى صهيون (أورشليم) عندما يأتون إلى الأرض وسيقضى عليهم على جبال إسرائيل (حز 38 - 39).
[98] هذا صحيح ويتفق تماما مع الشعب الأرضي الذي يقدم العبادة الأرضية.
- عدد الزيارات: 6691