Skip to main content

الحاجة إلى الإنجيل

(الإصحاحات 1: 18- 3: 20)

رأينا كيف أن الإنجيل يعلن بر الله. وها هو الرسول يستأنف الآن إظهار الحاجة لمثل هذا الكشف أو الإعلان، ويضع أكواماً من الأدلة فوق بعضها، والإثبات تلو الآخر، ونصاً كتابياً فوق نص آخر، وذلك كي يقيم الدليل على الحقيقة الجليلة بأن الإنسان ليس له برّ ذاتي، بل إنه بالحري، بالطبيعة والممارسة، لا يتناسب كلياً مع قداسة الله اللامتناهية الذي يقوم عرشه على البر. هذا ما يفعله بولس الرسول في القسم التالي من الرسالة (1: 18- 3: 20). فببراعة يحضر العالم كله إلى المحاكمة ويظهر أن الدينونة تقع على الجميع لأن الجميع أخطأوا. فالإنسان أثيم بشكل ميئوس منه ولا يستطيع أن يفعل شيئاً كي يُصلح شأنه. وإذا لم يكن لدى الله برٌّ له فإنه مقضيٌ عليه لا محالة.

في الآيات (18- 32) من الإصحاح الأول يطرح بولس قضية الهمجيين غير المتمدنين. "لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ." وبالدرجة الأولى يأتي العالم الوثني. ويليه أولئك الذين أتاهم كشف الله. إن الهمجيين والوثنيين هم أثمة عموماً. وهم لم يعرفوا الإله الحقيقي ولذلك فإنهم "بدون إله في العالم". ولذلك فإن سلوكهم يتصف بالإثم والفحشاء.

من جهة أخرى، عُهد إلى اليهودي معرفة الله وشريعة إلهية بالبر. أُعدَّ له أن يتمجّد بهذا في حين أنه كان يسلك في الإثم والشر. لقد كان يعرف الحق (وقد ألقى به جانباً في ركن مهمل) وغرق في الإثم. ولكلا المجموعتين أُعلن غضب الله.

ليس للوثنيين عذر. وإن الوثنية وعبادة المخلوق ليست من مراحل التطور الإنساني التي ينتقل بها الإنسان من الوحل إلى الألوهية. عبادة الأوثان هي انحدار وانحطاط وليست ارتقاءً إلى الأعلى. الأمم الوثنية العظيمة كانوا يعرفون في الماضي أشياء أكثر من التي يعرفونها الآن. معرفة الله التي تأتت عن الطوفان كانت منتشرة في كل أرجاء العالم القديم. ووراء كل الأنظمة الوثنية العظيمة كان هناك التوحيد الخالص. ولكن ما أمكن للبشر أن يتحملوا هذه المعرفة العميقة لله لأنها كانت توبخهم على خطاياهم، ولذلك فإن تقبلهم لآلهة وألوهيات أقل شأناً كانت تشكل حلاً وسطاً، وبعد ذلك كانوا يصلون في نهاية الأمر إلى فقدان معرفة الإله الحقيقي كلياً. ولكن حتى اليوم تبقى الخليقة شاهداً دائماً لله. "إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ". هذا الكون المنظّم بفصوله المتعاقبة والدقة الرياضية لحركات الأجرام السماوية يقدّم شهادة أو دليلاً على الفكر الإلهي. والنجوم في مساراتها تعلن قدرة الخالق العظيم:

"وإذ تسطع فإنها تنشد،

إن اليد التي صنعَتْنا إلهيةٌ هي".

وهكذا فإن "أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرَى مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ َقُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتَهُ". إن كلمة "المبروءات" (أو المصنوعات) هي في الأصل اليوناني (Poima)، ومنها تأتي كلمة (Poem) أي قصيدة. فالخلق هو قصيدة الله الملحمية، وكل جزء منه لائق بحد ذاته ويدل على البراعة مثل كل سطر وبيت شعري في تسبيحة ملوكية مهيبة. في (أفسس2: 10) نجد نفس الكلمة من جديد. "لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ- (أي قصيدته)، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا". هذه هي قصيدة الله الأعظم: ملحمة الفداء.

"كم كان عظيماً أن يخلق العالم من العدم.

والأعظم من ذلك كان الفداء".

هاتان القصيدتان الرائعتان قد أُنشدتا في (سفر الرؤية الإصحاح 4و 5). ففي الإصحاح الرابع نجد القديسين المتوّجين والجالسين على العروش يعبدون المسيح كخالق. وفي الإصحاح الخامس يعبدونه كفادٍ.

إذا تابعنا مناظرة بولس نلاحظ في الآيات 21- 23 أن الأمم الهمجية لا عذر لها يبرر حالة الجهل الوحشية التي يعيشون فيها. ذلك "لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى وَالطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ وَالزَّحَّافَاتِ." لاحظوا خطوات الانحدار على مزلجة الوثنية- لقد تصور عَبَدةُ الأوثان الله في البداية على هيئة إنسانٍ مثالي، ثم شبهوه بالطيور التي تحلق باتجاه السماء، إلى جانب الحيوانات البهيمية التي تجوب الأرض بحثاً عن فريسة، وأخيراً كأفاعٍ ومختلف الحيوانات الدابة المقيتة، سواء منها الزاحفة أو التي تقتات على الحشرات. وحتى في مصر كانوا يعبدون الأفعى والخنفساء رغم أن الميثولوجيا المصرية القديمة يكمن وراءها الوحي الأصيل بإله حقيقي حيّ واحد. يا لدرجة الانحطاط الشديدة التي تتبدى عن إحدى أكثر الأمم استنارة في العصور القديمة! ولا تخلو بقية الأمم من علائم مشابهة من الانحراف والفساد.

بما أن البشر تخلوا عن الله فإنه تخلى عنهم أيضاً. وفي الآيات التالية نقرأ مرتين أن "الله أسلمهم"، أولاً للنجاسة ومن ثم لأهواء الهوان. وعندما نقرأ أن "الله أسلمهم إلى ذهن مرفوض" نفهم أن الرذائل والفظائع الوضيعة الموصوفة هنا هي النتيجة الطبيعية لتحوّلهم عن القدّوس. إن صورة الوثنية بما فيها من فحشاء تفوق الوصف ليست صورة مبالغاً فيها، ويدرك ذلك كل من له إطلاع على حياة الشعوب الوثنية عبدة الأصنام. والأمر المريع هو أن كل هذا الفساد والفحشاء تعود للظهور والآن من جديد في أرقى المجتمعات المعاصرة حيث ينكر الرجال والنساء الله. إذا حَوّل الناس حقيقة الله إلى أكذوبة وعبدوا وخدموا المخلوق دون الخالق فإن نظام الطبيعة برمته ينحرف ويتدنس. فبعيداً عن مخافة الله ليس هناك قوة أو سلطة ما تكبح الرغبات الشريرة للقلب الطبيعي أو تقوّمها. إنها جزء من نفس طبيعة الأشياء التي سيتبدى بها الجسد في أبشع مظاهره عندما يتخلى الله عن البشر ويتركهم يتبعون نزعات وميول شهواتهم الرديئة.

يا لهذه الصورة عن الجنس البشري في منأى عن الله التي نجدها في الآيات الختامية. فالخطيئة والفساد تسود في كل مكان. ولا نجد البرّ عندما ندير ظهرنا إلى الله. ولا يشعر الناس بخطاياهم أو يخزون من طرقهم المعوجة، بل نلاحظ أن "الَّذِينَ إِذْ عَرَفُوا حُكْمَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ يَسْتَوْجِبُونَ الْمَوْتَ لاَ يَفْعَلُونَهَا فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يُسَرُّونَ بِالَّذِينَ يَعْمَلُونَ!".

الصورة التي يرسمها الرسول عن الوثنية لا تزال حقيقية وإن المشهد التالي شاهد على ذلك: "فقد قال معلمٌ صيني مرةً لمبّشرٍ أن الكتاب المقدس لم يعد كتاباً قديماً جداً لأن الفصل الأول من رومية يعطي وصفاً لسلوك الإنسان الصيني، فهذا ما كان يمكن للمبشر أن يكتب بعد معرفته الكاملة بأولئك الناس. ليس في هذا الحديث خطأ غير طبيعي، بل إنه شهادةٌ يقدمها عابدُ أوثانٍ على الحق في الكتاب المقدس".

في الآيات الست عشرة الأولى من الإصحاح التالي (الثاني) نجد صنفاً آخر يبدو للعيان: إنه العالم المتحضر والمهذب. فمن المؤكد أن نجد بين المثقفين، أتباع النظريات الفلسفية المختلفة والمتنوعة، أناساً يعيشون مثل هذه الحياة البارة والذين يمكن أن يأتوا إلى حضرة الله ويعلنون مجده على أساس الصلاح الذي فيهم. بالتأكيد كان هناك أناس أقروا بأنهم كانوا ينظرون بازدراء واشمئزاز إلى الناس الغوغاء الجاهلين المنغمسين في الفسق والخلاعة الرديئة، ولكن هل كانت حياتهم الخاصة أفضل أو أنقى أو أكثر قداسةً من أولئك الذين كانوا يدينونهم بشدة مفرطة؟

جاء الآن دورهم ليُستدعوا للمثول أمام المحكمة، لكي تؤخذ أقوالهم، حيث يتهمهم الرسول بدون وجل أمام كرسي القضاء المهيب لـ "الرب البار الذي يحب البرّ". ""لِذَلِكَ أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ كُلُّ مَنْ يَدِينُ. لأَنَّكَ فِي مَا تَدِينُ غَيْرَكَ تَحْكُمُ عَلَى نَفْسِكَ. لأَنَّكَ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ تَفْعَلُ تِلْكَ الأُمُورَ بِعَيْنِهَا!".إن الفلسفة لا تحمي أتباعها أو مناصريها من أهواء الجسد. إدراك الشر ليس قوة كافية بالضرورة للتغلب على الشر. والثقافة لا تطهّر القلب ولا التعليم يغيّر الطبيعة. وستقوم عدالة الله ودينونته استناداً إلى الحق وهذا سيكون ضد فاعل الإثم. هذا وأن يطري المرء على الفضيلة بينما يمارس الرذيلة، قد يجعله يستمر في علاقاته مع أصدقائه، ولكنه لن يخدع الله ذي العينين النقيتين القادرتين تماماً على مشاهدة الإثم الذي يرتكبه الإنسان.

إنه يسأل بصرامة قائلاً: "أَفَتَظُنُّ هَذَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تَدِينُ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ وَأَنْتَ تَفْعَلُهَا أَنَّكَ تَنْجُو مِنْ دَيْنُونَةِ اللهِ؟ أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟" فالناس ميّالون إلى اعتبار الله غافراً وصافحاً عن الطرق التي يسلكون فيها إذا ما كان "الحكم بالدينونة على العمل السيئ الشرير لا يتم تنفيذه بسرعة"، في حين أن الله ينتظر برحمته الطويلة الأناة أن يجد الناس الفرصة لمواجهة خطاياهم والاعتراف بذنبهم وعلّهم بذلك يجدون رحمةً. ولكن، وبدلاً من ذلك، ولقسوة وجحود قلوبهم، فإن الناس، الذين لا تلمسهم النعمة الإلهية، ""يَذْخَرُونَ لأِنَفْسِهم غَضَباً فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ الَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ".

يا له من تعبير فخم: "يذّخرون" أو (يخزنون)، "غضباً في يوم الغضب"! وكم كان شديد الذكاء جواب تلك المرأة الملونة العجوز التي وُبِّخَت على حماقة إيمانها بـ "بحيرة النار والكبريت" لأنه "لا يمكن أن توجد كل تلك الكمية من الكبريت في مكان واحد" فأعلنت برزانة قائلة: "إن كل شخص يأخذ معه الكبريت الخاص به"! ها هي الحقيقة إذاً: كل متمردٍ أو عاصٍ على الله، كل خاطئ ضد النور، وكل منتهك لضميره ذاته، يحمل معه كبريته. إنه بذلك يقرر أو يصنع مصيره بنفسه.

أعتقد أن الأنسب هو أن نعتبر الآيات 7- 15 معترضة، وليس فقط الآيات 13- 15. ففي هذه الآيات نجد مبادئ الدينونة التي ستجعل المعترضين يصمتون إلى الأبد، أولئك الذين يتهمون الله بعدم البر لأن البعض يتمتعون بالنور والامتيازات التي لا يحظى بها آخرون.

إن الدينونة ستكون "حسب الحق" و"حسب الأعمال". سيُدان الناس وفق النور الذي لديهم، وليس بحسب النور الذي لم يعرفوه البتة. والحياة الأبدية مقدمة لكل الذين "بالدأب المستمر يسعون بشكل حثيث إلى المجد، والشرف والفضيلة". (لاحظوا أنه ليس الخلود بل الفضيلة) والفرق بينهما شاسع رغم أن البعض يخلط بينهما أحياناً. إذا أردنا التحديد أكثر، فإننا نستطيع أن نرى أنه كان هناك ثمة عمل إلهي في النفس، ولكن أين نجد الإنسان الطبيعي الذي يعيش على هذا النحو؟ "وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ التَّحَزُّبِ وَلاَ يُطَاوِعُونَ لِلْحَقِّ بَلْ يُطَاوِعُونَ لِلإِثْمِ"، فسوف يُحكم عليهم في يوم الدينونة: "سَخَطٌ وَغَضَبٌ، شِدَّةٌ وَضِيقٌ عَلَى كُلِّ نَفْسِ إِنْسَانٍ يَفْعَلُ الشَّرَّ"، سواء كان يهودياً ذي امتيازات أم يونانياً (أممياً) جاهلاً".

هذا لا يعني أن الله سوف يدين جميع الناس بدون تمييز، بل إن إشراقة النور المعطاة لهم سوف تكون المعيار الذي تقوم الدينونة على أساسه. لا أحد يمكنه أن يتذمر أو يشكو، لأنه إذا "تبع المرء الوميض" فسيجد نوراً كافياً ليرشد خطواته ويضمن خلاصه. وإن أدرك الناس، بنور الطبيعة، مسؤوليتهم نحو خالقهم، فإن الله سيتولى منحهم المزيد من النور إلى خلاص نفوسهم.

ليس لدى الله محاباة وجوه. فكلما زادت الامتيازات كبرت المسؤولية. ولكن حيث تكون الامتيازات قليلة نسبياً، فإنه لا يعتبر الجهّال أقل أهمية ويستحقون مشاعر حنو أقل مما يفعل نحو الذين تكون ظروفهم الخارجية أفضل في الظاهر.

"لأَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ بِدُونِ النَّامُوسِ فَبِدُونِ النَّامُوسِ يَهْلِكُ وَكُلُّ مَنْ أَخْطَأَ فِي النَّامُوسِ فَبِالنَّامُوسِ يُدَانُ.".ليس من مبدأ يمكن أن يكون سليماً أكثر من هذا. فالناس يُعتبرون مسؤولين عما يعرفونه، أو يمكن أن يعرفوه لو أرادوا. فلا يُدانون على جهلهم ما لم يكن الجهل هو نوع من الرفض المتعمد الإرادي للنور. "الناس يحبون العتمة أكثر من النور لأن أعمالهم شريرة".

إن الآيات الاعتراضية 3- 15 تؤكد على المبدأ البسيط الذي تم وصفه بقوة للتو. الدينونة هي بحسب الأعمال. فأن تعرف الناموس وتخفق في إطاعته إنما يزيد من إدانتك. الذين يعملون وفق الناموس سوف يُبررون، إن كان لهم وجود. ولكن في موضع آخر نعلم أن الجميع ضالون مدانون، استناداً إلى وجهة النظر هذه، ""لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ". كان اليهودي يفتخر بأنه يمتلك مصادر الوحي الإلهي ويفكر بأن هذا يجعله متفوقاً على الأمميين حوله. ولكن الله لم يترك نفسه دون شاهد. ولهذه الأمم أعطى الله بآن معاً نور الضمير ونور الطبيعة. لقد أظهروا "عمل الناموس مكتوباً في قلوبهم". لاحظوا أن عمل الناموس وليس الناموس هو المكتوب في قلوبهم. هذه ولادة جديدة، وهي بركة مميزة من العهد الجديد. إن كان الناموس مكتوباً هناك فإنهم يحققون برّه. ولكن عمل الناموس هو شيء مختلف تماماً. "الناموس ينشئ غضباً". إنه "مهمة الدينونة". والأمميون الذين لم يسمعوا بالشريعة السينائية لديهم حس الدينونة يقع عليهم عندما يمارسون انتهاكاً لإملاءات الضمير الذي زرعه الله في نفوسهم فهذا يشهد معهم أو ضدهم- "متهمين أو مبررين أحدهما للآخر". إنه دليل اختباري على أن المسؤولية ملقاة على عاتقهم وأن الله سيكون عادلاً في دينونتهم في ذلك اليوم الجليل عندما سيتربع يسوع المسيح الإنسان على عرش كرسي القضاء المهيب للعصور ويجلو الدوافع الخفية والعوامل الكامنة وراء السلوك. وعن هذه يقول بولس "بحسب إنجيلي". فيعلن أن المصلوب سيجلس على العرش في جلسة الحكم العظيمة الأخيرة. "لأَنَّهُ (الله) أَقَامَ يَوْماً هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ بِرَجُلٍ قَدْ عَيَّنَهُ مُقَدِّماً لِلْجَمِيعِ إِيمَاناً إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ" (أعمال 17: 31).

بكل هذه الأمور كتب الرسول، مظهراً إثم وانحلال الأمميين، سواء كانوا برابرة همجيين أم متمدنين جداً، ومفترضاً أن على اليهود أن يكونوا على توافق تام. لقد كانوا "بلا قيمة"خارج العهد الإبراهيمي، "وأجانب أو غرباء بالنسبة لجماعة إسرائيل". فكانت دينونتهم عادلة، لأنهم كانوا أعداء الله وشعبه المختار. ولكن الأمر كان مختلفاً مع العبرانيين. لقد كانوا مختارين من قبل الله، كانوا النسل المختار الذي أعطاه الله ناموسه المقدس وأيدهم بعلامات وافرة من عنايته الخاصة. هذا ما فكروا فيه، متناسين أن امتلاكهم للعقيدة الصحيحة لا ينفع إذا كان البر العملي مهملاً أو مستخفاً به.

وفجأة نجد بولس الرسول يستدعي الصدوقيين الدنيويين المتكبرين والفريسيين الراضين عن أنفسهم إلى القضاء، ويواصل على نحو مطرد توجيه الاتهام لهم بالموازاة مع الأمميين المستخفين. الآيات 17- 19 تظهر لنا استجواب الشعب المختار.

"هُوَذَا أَنْتَ تُسَمَّى يَهُودِيّاً وَتَتَّكِلُ عَلَى النَّامُوسِ وَتَفْتَخِرُ بِاللَّهِ وَتَعْرِفُ مَشِيئَتَهُ وَتُمَيِّزُ الأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ مُتَعَلِّماً مِنَ النَّامُوسِ. وَتَثِقُ أَنَّكَ قَائِدٌ لِلْعُمْيَانِ وَنُورٌ لِلَّذِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَمُهَذِّبٌ لِلأَغْبِيَاءِ وَمُعَلِّمٌ لِلأَطْفَالِ وَلَكَ صُورَةُ الْعِلْمِ وَالْحَقِّ فِي النَّامُوسِ" (2: 17- 20). في هذه الفقرات الدالة على البراعة يلخص بولس كل مزاعمهم. وعندما أقول (مزاعم)، فأنا لا أقصد (إدعاءات). فتلك كانت الأشياء التي كانوا يتفاخرون بها وكانت حقيقية إلى حد كبير. فقد أعلن الله نفسه لهذا الشعب دون سواه، ولكنهم كانوا مخطئين في اعتقادهم أن هذا يعفيهم من الدينونة إن لم يحفظوا عهده. كان قد قال لهم قبل زمان طويل: "إياكُمْ فقطْ عرفْتُ من جميعِ قبائِلِ الأرضِ لذلكَ أُعاقِبُكُمْ على جميعِ ذُنوبِكُمْ" (عاموس 3: 2)

الامتياز يزيد المسؤولية. ولكنه لا يلغيها، كما كانوا يعتقدون. إن معرفة الأقوال النبوية الإلهية وضعت اليهود تحت مقياس للدينونة لم يُوضع تحته أحد. ولذلك فكم بالحري يجب أن تكون حياتهم أكثر قداسة بكثير من غيرهم! هل كان الإسرائيليون آنذاك أناساً أكثر براً وصلاحاً من الأمم المحيطة بهم؟ على العكس، لقد أخفقوا أكثر بكثير من أولئك الذين كان لديهم نور أقل وميزات أقل.

من الواضح والمؤكد أن روح الله يستجلي حقيقة حالتهم، وذلك من خلال أسئلة أربعة كافية لتسبر أغوار قلوبهم وتعرّي خطايا حياتهم المخفية. "فَأَنْتَ إِذاً الَّذِي تُعَلِّمُ غَيْرَكَ أَلَسْتَ تُعَلِّمُ نَفْسَكَ؟" إنك موضع ثقة حتى أنك قادر على أن تعلّم الجاهل، فهل انتبهتَ إلى التعليم المعطى في الناموس؟ ليس من جواب.

""الَّذِي تَكْرِزُ أَنْ لاَ يُسْرَقَ أَتَسْرِقُ؟" في كل أرجاء العالم القديم كان اليهودي يُنظر إليه كاللص الماكر الذي يستخدم كل وسيلة ماكرة يعرفها مقرضوا المال والمرابين ليجرّد عملاءه من ثروتهم. والحق يُقال، أن الأممي، بدافع اليأس والقنوط، كان يضع نفسه طوعياً في قبضة المسترهن اليهودي، ولكنه كان يعلم أنه بذلك إنما يتعامل مع شخص ليس لديه ذرة من الشفقة أو العطف نحو مدين فقير مُعوز وخاصة عندما يكون المدين أممياً نكرةً مكروهاً ومحتَقراً. وهنا أيضاً لا يردّ اليهودي على هذا السؤال.

"الَّذِي تَقُولُ أَنْ لاَ يُزْنَى أَتَزْنِي؟" الفِسْقُ من النوع المميت لم يكن إثماً غير مألوف في إسرائيل، كما تُظهر الكتابات المقدسة ويشهد التاريخ. إن الشر هو في ذات طبيعة الإنسان. ومن القلب ينبع الزنا والفسوق، والدعارة، وكل بذاءة. من هذا المنطلق يكون اليهودي مذنباً مثله مثل جاره الأممي. وهنا أيضاً ليس من رد.

ولعل التهجم الأشد لهجة هو في السؤال الأخير. ""الَّذِي تَسْتَكْرِهُ الأَوْثَانَ أَتَسْرِقُ الْهَيَاكِلَ؟" إن الكلمة المترجمة بـ "تسرق الهياكل" تعني في الواقع "تتاجر بالهياكل". وكان هذا إثماً يرتكبه اليهودي بشكل كبير. فرغم أنه كان يمقت الأصنام، إلا أنه كان غالباً ما يأخذ دور الوسيط الذي يساهم في التخلص من تماثيل الأوثان المسروقة من المعابد على يد أناس يقومون بنهب المعابد مع أولئك المستعدون لشرائها في مناطق أخرى. بل حتى كان اليهودي يُتّهم بنهبه للمعابد بطريقة منظمة ثم بيع الأصنام. كان البائع في أفسس على علم بهذه الأمور عندما قال: "لأَنَّكُمْ أَتَيْتُمْ بِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ وَهُمَا لَيْسَا سَارِقَيْ هَيَاكِلَ (يقول هياكل وليس كنائس) وَلاَ مُجَدِّفَيْنِ عَلَى إِلَهَتِكُمْ" (أع19: 37). فكان هذا إذاً ذنباً محلياً، يكشف بآن معاً الشخصية المنافقة للرجل الذي يدّعي بغض الوثنية وكل أعمالها، ومع ذلك لم يكن ليرفض الاستفادة مادياً على حساب عابدي الأوثان بطريقة تخلو كلياً من النـزّاهة.

وهنا يأتي الرسول إلى الاتهام الكبير التالي: "إَنَّ اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ" (الآية 24). هذا ما أعلنه أنبياؤهم أنفسهم، وهو هنا يركز على ما تؤكد عليه كتبهم المقدسة وضمائرهم.

أن يؤمنوا بالختان، علامة العهد مع إبراهيم، في حين يسلكون بطريقة شهوانية دنيوية إنما يخدعون أنفسهم بذلك. الطقوس لا تنفع إذا كانوا يتجاهلون فحوى ومعنى هذه الطقوس. وإن الأممي غير المختون، إذا سار أمام الله في البرّ، سيعتبر مختوناً، في حين أن علامة العهد على جسد اليهودي سوف تؤدي فقط إلى زيادة إدانته إذا ما كان يعيش بخلاف الناموس.

إنها لحقيقة تهمّ الله. اليهودي الحقيقي (و"اليهودي" هي اختصار مستمد من "يهوذا" ويعني "المديح") هو ليس هكذا بالولادة الطبيعية وحسب، أو بالامتثال الخارجي الظاهري للطقوس والشعائر، بل هو المختون بالقلب الذي أدان إثمه أمام الرب، والذي يسعى الآن لأن يسلك وفق إرادة الله المعلنة. "الَّذِي مَدْحُهُ (لاحظ التلاعب باللفظ على كلمة يهودي) لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ" (من الآيات 26-29(

في (3: 1- 20) لدينا الاتهام الكبير، وتلخيص لكل ما سبق. ليس هناك تمييز أخلاقي بين اليهودي والأممي. فالكل محرومون من البر. والجميع محتجزون للدينونة، ما لم يكن لدى الله بر ذاتي يوفره لهم.

أن يكون لليهود مزايا معينة على الأمميين أمر مسلمٌ به كدليل قائم بذاته، ومن بين هذه المزايا هو استحواذهم على الكتابات المقدسة، أقوال الله النبوية. ولكن هذه الكتابات المقدسة نفسها تجعل إثمهم أكثر وضوحاً. وحتى لو لم يكن لديهم في الحقيقة إيمان بهذه الكتابات المقدسة ومع ذلك فإن عدم إيمانهم لا يمكن أن يُبطِلَ أمانة الله. فهو سوف يفي بوعده حتى لو لجأ إلى تنحية الشعب الذي اختاره لنفسه. لابد أن يكون صادقاً رغم أن الآخرين جميعاً يظهرون العكس. وفي دينونته سيحفظ بره، كما أقرّ داود في المزمور 51 (الآيات1- 4).

فهل إثم الإنسان هو فقط إعداد للطريقة التي يُظهر بها الله برّه، وهل هذا ضروري في هذه الحالة؟ إن كان الأمر كذلك، فالخطيئة إذاً هي جزء من المخطط الإلهي ولا يمكن اعتبار الإنسان عُرضةً للمحاسبة أو المساءلة. ولكن هذه الفكرة يدحضها بولس الرسول بسخط. فالله عادلٌ. وسوف يدين البشر على خطاياهم بالبر. وما كان لهذا أن يكون لو كانت الخطيئة قد سبق تعيينها وتقريرها. إن كان هذا الأمر حقيقياً فإنه سيكون للإنسان الحق لأن يعترض قائلاً: "إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟" ومن هنا فإن ما تناقله البعض بافتراء على أنه تعاليم بولس قائلين: "لِنَفْعَلِ السَّيِّآتِ لِكَيْ تَأْتِيَ الْخَيْرَاتُ" يكون صحيحاً إذاً. ولكن كل من يدافع عن هذا الرأي إنما يُظهر ضعف الحس الأخلاقي لديه. وإن إدانتهم عادلة وواجبة.

بعد ذلك نجد في الآيات 9- 20 حكم المحلّفين الإلهي على الجنس البشري برمته. فليس اليهودي بأفضل من الأممي. فالجميع سواسية تحت الخطيئة- بمعنى أنهم عبيد لها. وهذا ما يؤكده العهد القديم. وكمحامٍ محترف بارع يورد بولس الحجة تلو الأخرى ليدعم قضيته. وإن الاقتباسات في معظمها هي من المزامير، وواحدة منها من أقوال النبي اشعياء (انظر المزامير 14: 1-3؛ 53: 1- 3؛ 5: 9؛ 140: 3؛ 10: 7؛ واشعياء 95: 7، 8؛ والمزمور36: 1). وفي هذه شهادات ما كان اليهودي قادراً على دحضها، وهي آتية من كتابه المقدس المسلم به ذاته. هناك أربعة عشر جلسة محاكمة واضحة في مرافعة الإدعاء هذه أو خلاصة الأدلة.

1- "ما من صالح، لا، ولا واحد". فالجميع أخفق في أمر ما.

2- "ما من أحد يفهم". فالجميع صاروا جاهلين عن عمد.

3- "لا أحد يطلب الله". والكل يسعون وراء ذواتهم.

4- "الجميع ضلوا سواء السبيل". لقد أداروا ظهورهم للحق عن عمد.

5- "أصبحوا جميعاً لا نفع فيهم". فقد أنكروا الله بدل أن يمجدوه.

6- "لا أحد يعمل الصلاح، لا، ولا واحد". فممارساتهم شريرة. ولا يتبعون الصلاح.

7- "حنجرتهم قبر مفتوح" وذلك بسبب الفساد في داخلهم.

8- "بألسنتهم لجأوا إلى الكذب". فالكذب والخداع يميزهم.

9- "سمّ الأفاعي تحت شفاههم". إنه السم الذي أُدخل إلى نفس طبيعة الإنسان عن طريق "الأفعى القديمة، إبليس والشيطان" منذ البدء.

10- "فمهم ممتلئ لعنةً ومرارةً لأنه "من فضلة القلب يتحدث الفم".

11- "أقدامهم سريعة إلى سفك الدماء". والكراهية تنتج جريمة، ويا للأسف، كم هي كثيرة المظاهر التي تتبدى فيها الجريمة.

12- "الدمار والبؤس في طريقهم" لأنهم نسيوا الله مصدر الحياة والبركة.

13- "لم يعرفوا طريق السلام" لأنهم اختاروا عن قصد طرق الموت.

14- "ليست مخافة الرب أمام أعينهم". لذلك ليس فيهم حكمة.

هل يستطيع أحد أن يستأنف قائلاً "ليس مذنباً" (أي بريئاً) إزاء كل هذه التهم؟ إن كان كذلك، فليتحدث. ولكن ما من أحد يستطيع بصدق أن يفعل ذلك. ولذلك يأتي بولس الرسول إلى الاستنتاج قائلاً: "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ النَّامُوسُ فَهُوَ يُكَلِّمُ بِهِ الَّذِينَ فِي النَّامُوسِ لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ وَيَصِيرَ كُلُّ الْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ اللهِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ" (الآيتان 19 و 20).

وهوذا الله يقول من جديد، كما في أيام نوح: "نهاية كل ذي جسدٍ أن يأتي أمامي"، "الَّذِينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ". "الجسد لا ينفع شيئاً". يا لبطء إدراكنا وتعلمنا لذلك! وكم يصعب على الإنسان الطبيعي أن يتخلى عن كل إدعاء بالبر وأن يخرّ راكعاً في رمال دنيوية الذات والتوبة أمام الله، ليكتشف فقط آنذاك أن هذا هو نفس المكان الذي تنسكب فيه النعمة عليه.

لقد أُعطي الناموس لشعب معين كما رأينا. وهم وحدهم كانوا "تحت الناموس". ولم يكن الأمميون هكذا، وها قد أخبرنا بولس لتوه في (2: 12- 14) كيف أن فشل أولئك الذين كانوا آنذاك تحت الناموس قد جعل العالم كله يقف مذنباً أمام الله. لربما يساعدنا الإيضاح التالي في فهم المسألة أكثر. كان ثمة رجل يملك مربى ماشية في البرية بحجم كبير. فقيل له أنه لا ينفع كمرعى للماشية أو أرض زراعية. ولذلك يُسَيّج اثنتي عشر أَكْراً، ويحرثها، ويمهد التربة فيها، ويسمّدها، ويبذرها، يفلحها، ويحصد القَصْعين والصبار فقط. ليس من فائدة تُرجى في أن يحاول العمل في بقية الأرض، إذ أن لها جميعاً نفس المواصفات. فيقول أنها لا تنفع لشيء في الزراعة هذا من وجهة نظر علم الزراعة. كانت إسرائيل هي الأكرات الاثني عشر لله. أعطاهم ناموسه، وأرشدهم، وأدبّهم، وحذرهم، وكبح جماحهم، وحماهم، وأرسل لهم ابنه، فرفضوه وصلبوه. واشترك الأمميون في هذا الفعل. فجميعهم تحت دينونة الله. فلا فائدة من امتحانات أخرى. ليس في الجسد شيء من الله. الإنسان فاسد للغاية. وليس هو بمذنب أثيم وحسب، بل عاجز تماماً عن استرجاع أو إصلاح حالته. لقد أثبت الناموس ذنبه. ولا يمكنه تبرئة هذا الذنب، بل يدينه فقط.

كم هي بائسة وباعثة على اليأس هذه الصورة! ولكنها الخلفية القاتمة التي سيُظهر الله عليها غنى نعمته في المسيح يسوع.

  • عدد الزيارات: 3469