Skip to main content

الأصحاح 11

أصبح الشعب الآن في مواجهة الأرض، التمس لهم التابوت مكاناً يستريحون فيه، جهز لهم كل ما هو لازم لراحتهم، وإذا وجد أعداء كان لا بد أن يقف الرب بجانبهم ويحصلون عندئذ على النصرة لأن موسى قال عند ارتحال التابوت "قم يا رب فلتتبدد أعداؤك ويهرب مبغضوك من أمامك" وعند حلوله كان يقول "ارجع يا رب إلى ربوات ألوف إسرائيل" يرجع ليسكن في راحة في وسطهم، وبدلاً من شكر يهوه والتسبيح له نراهم كأنهم يشتكون شراً في أذنيه، قابلوا إحسان الله بالجحود والنكران والتذمر، وهذا ليس غريباً على الإنسان الذي نرى عصيانه في كل تاريخه، ونجد هنا في قلب الإنسان من مخبآت وشهوات. ورجعت قلوبهم إلى مصر، ألقوا نظرة على أثمارها وخيراتها ومن الغريب أنهم لم يذكروا شيئاً عن سياط المسخر، ولا عن متاعب صنع اللبن، وكم من المرات حدث هذا منا حين تركنا المحبة الأولى ولم يكن المسيح هو الشاغل الوحيد لحياتنا واتجهت نفوسنا إلى مصادر هذا العالم التافهة.

"كَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرًّا فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ. وَسَمِعَ الرَّبُّ فَحَمِيَ غَضَبُهُ، فَاشْتَعَلَتْ فِيهِمْ نَارُ الرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ الْمَحَلَّةِ" (ع 1).

"يشتكون شراً" أي لم يكونوا مسروين بنظام الرب وقيادته وتجهيزاته لهم، كان هناك شر داخل قلوب الشعب الذي هو موضوع نعمة الرب ومحبته، وكانت البرية هي مكان إظهار هذا الشر. كان ترتيب الله لهذا الشعب ترتيباً كاملاً، كان يقتضي خضوعاً وتدريباً للاعتماد على الله، وما حدث من الشعب هنا يتكرر حدوثه في تاريخ الكنيسة المبكر حيث وجدت روح عدم القناعة والرضا بترتيب الله لبيته، ولذلك وضع الإنسان نظاماً من تفكيره ملتمساً كل أنواع التبرير لنفض ترتيب الله لشعبه. وما عمله الشعب هنا كان في نظر الله أمراً خطيراً "فحمى غضبه فاشتعلت فيهم نار الرب وأحرقت في طوف المحلة" إن فكر الجسد لا بد أن يقع تحت دينونة الله وبصفة خاصة في عدم قبول للترتيب الإلهي، ونرى مثالاً لهذا في كورنثوس حيث وقعوا تحت التأديب، وصار كثيرون فيهم ضعفاء ومرضى ورقد كثيرون. إن الجسد في شعب الله ليس أفضل من الجسد في غير المؤمنين، ولذلك كثيراً ما نجدهم في ذلك المكان الذي يدعى "تبعيرة" أي إحراق.

وحين صرخ الشعب إلى موسى، وصلى موسى للرب خمدت النار، وهكذا نرى موسى في هذا السفر متشفعاً في هؤلاء الذين يستحقون الغضب. كان في إمكانه أن يدرك شر الشعب أكثر من أي شخص آخر. ولكنه كوسيط العهد كان يعرف ما في قلب الله، ويعتمد على نعمته ومحبته، وفي هذا رمز لربنا يسوع المسيح له كل المجد.

قصد الرب أن يشعر الشعب بمعاملاته القضائية، ولم يكن لديهم إدراك لحقيقة شرهم، لم تكن صرختهم صرخة الحزن، وحين يصرخ المؤمن صرخة الحزن وهو تحت القضاء فهو بهذا الفرصة للمسيح لكي يتشفع له، وصرخة الحزن تعبر عن إدراك الشر وحقيقته، والمسيح يتشفع لأنه يعرف ما في قلب الله من جهة شعبه، وفي شفاعته يسمو فوق فشلهم.

اشتكى الناس شراً على مدى السنين الطويلة للمسيحية ضد نظام الله، وتعرضت الكنيسة للقضاء الإلهي، وتشفع الرب يسوع من أجلها، واستجابة لشفاعته خمدت النيران، ولا يقال أن النار أخذت بعيداً، ولكنها خمدت، خمدت للمرة بعد المرة، وكان هذا برهان عطفه ونعمته.

"وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسَطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً. فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضًا وَبَكَوْا وَقَالُوا: «مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْمًا" (ع 4)- كان اللفيف هو نقطة بداءة الشر في الشعب الأرضي، وكان الأمر كذلك بالنسبة للكنيسة لأنه يوجد خطر يحدق بعمل المسيح وشعبه نظير اختلاط شعبه بغير المؤمنين الذين لهم صورة التقوى، ومثل هذا الخطر أعظم من خطر احتكاك القديسين بأعداء يعلنون صراحة عداوتهم لهم، والشيطان يعلم ذلك جيداً ولذلك يسعى بكل جهده لكي يجعل المؤمنين يختلطون بهؤلاء الناس أو يدخلهم وسط جماعة الرب كاللفيف الذي دخل وسط جماعة إسرائيل. كان هدف إبليس منذ البداءة زرع الزوان في وسط الحنطة لكي يستخدم هذا الزوان لتنفيذ عمله المميت، وتشبه به الكثيرون من أولاد الله وذلك لأن شعب الله فيهم الجسد الذي يمكنه استحضار التأثيرات الجسدية "وخميرة صغيرة تخمر العجين كله"- رغبة صغيرة في فرد تصبح واسطة لإثارة رغبات الآخرين، وأشار الرسول بولس إلى الذين دخلوا إلى جماعة الرب في يه 4 قائلاً "لأنه دخل خلسة أناس قد كتبوا منذ القديم لهذه الدينونة" وهذا يعلمنا ضرورة اليقظة لكي نحتفظ من دخول إخوة كذبة بيننا (انظر غلا 2: 4).

وحين دخل هذا اللفيف بين الشعب لم تظهر نتيجة عاجلة لدخوله ورغم أن الشعب كان يرنم على الشاطئ البحر، ولكن كان هذا اللفيف بينهم، وظهرت آثارهم بمجرد أن سنحت الفرصة، وفي تاريخ الكنيسة كثيراً ما تظهر هذه العوامل المعطلة عند وجود الفرص المناسبة.

وهكذا بدأت الشهوة باللفيف الذين لم يكونوا من بني إسرائيل وبكي بنو إسرائيل

"وَقَالُوا: «مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْمًا؟ قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الَّذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّانًا، وَالْقِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاثَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ. وَالآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا. لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ" (ع 4، 5).

الطعام الذي يقدمه هذا العالم لذيذ للإنسان الطبيعي، وإذا كنا نحن قد تذوقناه في الماضي فينبغي أن نكون حريصين من تأثيره، لأن الطبيعة العتيقة التي فينا تميل إلى إحياء ما كان في الماضي الأمور التي يشتهيها الجسد ولذلك فيجب أن نسلك حسب الروح، والسلوك ليس حسب الروح هو الذي استحضر الكنيسة إلى مستوى العالم.

وعدم القناعة التي نراها في 4، 5 أخطر من الشكوى التي ورد ذكرها في ع 1، وهناك يبدو عدم رضا بالنظام الإلهي، لكن هنا نرى كراهية لكل ما يسر الله في حياة البرية، وما يسر الله ظهر في حياة ربنا يسوع المسيح له المجد، وقصد الله من جهتنا أن تكون لنا هذه الحياة ظاهرة في جسدنا المائت وذلك بالتغذي عليه كالمن، ولا يستطيع الجسد أن تكون له ملامح حياة المسيح. إنه يحاول تحسين وتهذيب نفسه، لكنه أخيراً يتشبه بهؤلاء الذين يجد شيعه فيهم، هل نحن نسر بالتأمل في صفات المسيح: الطاعة، الخضوع، الاتكال على الله، الوداعة، التواضع، كراهية الشر، الانفصال الكلي عن العالم، مسرته بالقديسين والأفاضل، هذا هو طعامنا المجهز لنا من الله ليغذي ويشبع نفوسنا، وعلى قدر تغذيتنا بهذا الطعام على قدر سلوكنا كما سلك ذاك!

ورغم ما حدث من الشعب لم يمتنع يهوه عن إعطاء المن اليومي أو حتى يهدد بمنعه، كان يريد أن يستمر الشعب بالتغذي بالمن، ومحاولة التشبه بالمسيح أمر يختلف عن التغذي به كطعام، الأولى تعني انشغالنا بأنفسنا الأمر الذي ينتج عنه بر ذاتي، أما التغذي بالمسيح فهو الذي يعطي قوة السلوك كما سلك هو.

وطحن المن بطواحين يدوية أو دقه في هاون (ع 8) أمر يختلف عن خبزه ملات أو طبخه (خر 16: 23) إن التغذي به كملات أو طبيخ ينشئ في من يتغذى به اختباراً وقدرة على التشبه به وبصفاته، أما طحنه فهو ليس سوى مجهوداً إنسانياً للتشبه به حين تغذى به الشخص في هذه الصورة، وما أقل ما يأخذ الجسد من المسيح في هذه الحالة.

ينتهز الروح القدس الفرصة في هذه الحالة المحزنة ليخبزنا أن المن يشبه "بِزْرِ الْكُزْبَرَةِ، وَمَنْظَرُهُ كَمَنْظَرِ الْمُقْلِ" (ع 7). وبزر الكزبرة حبة صغيرة متناهية الصغر وفي صغرها تشير إلى تواضع المسيح، كما أنها مستديرة تامة الاستدارة وهي في هذا تشير إلى أنه لا بداية أيام له ولا نهاية أيام له، كما أن في صغرها ترينا التفاصيل الدقيقة المسرة لله وأصبحت ظاهرة في حياة المسيح، كان يحيا بكل كلمة من الله (لو 4: 4)، كل كلمة من الله تجد جوابها فيه، أما المقل الذي ورد ذكره أيضاً في تك 2: 12 فهو على الأرجح حجر كريم، ويقترن هناك بحجر الجزع ويشير إلى قيمة المسيح الثمينة بالنسبة لله، لقد رفض من الناس ولكنه مختار من الله كريم (1 بط 2: 4)، وكان المن "طَعْمُهُ كَطَعْمِ قَطَائِفَ بِزَيْتٍ" (ع 8)، وفي خر 16: 31 نقرأ أن طعمه كرقاق بعسل، هناك نجد حلاوته لشعب مفدي متعلم بالنعمة، ولكن هنا نجد الشعب يتذوقه وهو في حالة التذمر ولذلك لم يكن يدرك معانيه الروحية لأن كل ما هو من الروح لا يجد تقديره من الجسد.

في ع 9 نجد أمانة الله تتعظم "وَمَتَى نَزَلَ النَّدَى عَلَى الْمَحَلَّةِ لَيْلاً كَانَ يَنْزِلُ الْمَنُّ مَعَهُ". "إن كنا غير أمناء فهو يبقى أميناً لن يقدر أن ينكر نفسه" (2 تي 2: 13). ويذكر هنا أن المن كان ينزل ليلاً. بينما في خر 16: 13 يذكر "وفي الصباح كان سقيط الندى حوالي المحلة"، وهو هنا رمز لأمانة الله ظاهرة في فترة مظلمة الأمر الذي يرينا عدم إمكانية الفشل من الجانب الإلهي، عين الله على كل شيء، وتستطيع أن تستحضر أشياء مختلفة إلى النور، وحالة الشعب الشريرة أصبحت بوتقة لاختبار موسى وإظهار ما في قلبه لأن الرب كان قد قال لموسى "احْمِلْهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ الْمُرَبِّي الرَّضِيعَ، إِلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفْتَ لآبَائِهِ" (ع 12)، هكذا كان الله يتصرف تجاه شعبه لأن موسى أخبرهم بعد ذلك بفترة طويلة "في البرية حيث رأيت كيف حملك الرب إلهك كما يحمل الإنسان ابنه في كل الطريق التي سلكتموها حتى جئتم إلى هذا المكان" (تث 1: 31)، وضع الرب على موسى تلك الكرامة، كرامة تمثيله في مشاعره من نحو شعبه وهم أناس أشرار، كان الله يحملهم من خروجهم من مصر، كانوا في حضنه، وكلمة "أحب" التي وردت في (تث 33: 3) تعني أنهم في حضنه.

وقد نتساءل- ماذا كان حال الشعب وقتئذ؟ والجواب كانوا أناساً أشراراً- وقد يتعامل الرب مع شعبه طبقاً لحالتهم، لكنه يبحث أولاً- هل موسى يتجاوب مع فكره؟ وكلمات موسى ترينا أنه لم يكن في المستوى الذي أراد له الله أن يكون فيه كممثل لله في مشاعره الأبوية لأنه اعتبر الوضع الذي وضعه فيه الله أكثر من طاقته وقال "لا أقدر أنا وحدي أن أحمل جميع هذا الشعب لأنه ثقيل علي "حقاً أنه أمر صعب أن يتولى اللحم والدم تمثيل الله كما يريد- رأى تمثيله في مشاعره البوية.

وإن كان موسى قد فشل في تمثيل الله في هذا الأمر، ولكن هذه المشاعر الجميلة ظهرت في المسيح بصورة رائعة، كان الله في المسيح يجذب الناس "كنت أجذبهم بحبال البشر بربط المحبة" (هو 11: 4).

ومع أن موسى كان عظيماً في مواجهة الروح الذي وضع عليه، ولكن شر الشعب أظهر ضعفه الشخصي، لم يكن الحمل في نظر الله ثقيلاً، وكان في إمكان الله أن يعين موسى في حمله، ولكن موسى فشل في أن يصل إلى مستوى الكرامة التي أسبغها الله عليه، لقد فشل موسى رغم أن الروح القدس يشهد عنه في العهد الجديد قائلاً أنه كان أميناً في بيت الله (عب 3: 5)، كل الإشارات تظهره كالإناء الثمين المبارك، ولكن البرية بكل ما فيها كفيلة بأن تظهر لنا كل ما هو مخبأ في قلوبنا من فشل وضعف، وإذا كان موسى قد شعر أن هذا الحمل ثقيل على كتفيه، فهل هو ثقيل على الرب؟ إن الرب يستطيع حمله لو استخدم رجلاً واحداً أو عشرات من الناس، وحين يضع الرب مسئولية على شخص فهو يؤهله لأن يحملها، وهذا بخلاف اندفاع شخص إلى العمل بدون المؤهل الإلهي، لو كان موسى في هذا الوقت مدركاً لهذا الدرس لما نطق بما قاله للرب. والرب لم يمنح قوة إضافية لهؤلاء الشيوخ السبعين، لأنهم لم يأخذوا قوة إلا بمقدار ما وزع عليهم من حمل.

ورغم شر الشعب وضعف موسى، فإن هذا لم يقلل من عناية الرب بشعبه إذ يقول عنهم في (هو 11: 7، 8) "وشعبي جانحون إلى الارتداد عني فيدفعونهم إلى العلي ولا أحد يرفعه. كيف أجعلك يا أفرايم. أصيرك يا إسرائيل. كيف أجعلك كأدمة. أصنعك كصبويم. قد انقلب على قلبي. اضطرمت مراحمي جميعاً". ومع أن موسى فشل ولكن الرب يسوع له المجد لم يفشل قط في حمل المحتاجين وأظهر شخصه في بولس بقوة الروح القدس. كان بولس على استعداد أن يتعب في ولادة المؤمنين، وأيضاً في العناية بهم "التراكم على كل يوم الاهتمام بجميع الكنائس" (2 كو 11: 28).

قابل الرب ضعف عبده بتقديم سبعين من شيوخ إسرائيل ليحملوا الحمل مع موسى، والرب دائماً له ظروف بديلة يستحضرها عند الحاجة، ويقول لموسى "وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ، فَيَحْمِلُونَ مَعَكَ ثِقْلَ الشَّعْبِ، فَلاَ تَحْمِلُ أَنْتَ وَحْدَكَ" (ع 17). لم تزداد القوة لكن وزعت وأخذت صورة جديدة "فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِمِ الرُّوحُ تَنَبَّأُوا، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا" (ع 25) والتنبؤ هو النشاط الذي به يقدر الله أن يعمل أدبياً وسط شعبه مهما كانت حالتهم، تأخذ أمانة الله هذه الصورة في يوم التحول عن النظام الطبيعي الذي أقامه الله، إذ يتكلم الله مباشرة إلى الضمائر والقلوب، عمل ذلك خلال تاريخ إسرائيل ويعمله مع الكنيسة، وما يتكلم به بقوة روحه يكون دائماً كلمة مناسبة للوقت لمقابلة الظروف الموجودة، ولذلك نقرأ عن الذين تنبأوا أنهم " لم يزيدوا" أي لم يكرروا ما سبق أن قالوه. والرب يقابل الظروف المختلفة المتغيرة بإعطاء ما هو إلهي ومناسب، قد تكون هناك دينونة الرب للكنائس المختلفة (رؤ 2، 3) والرب يؤكد ما يقوله الروح للكنائس وينير على ضرورة الالتفات إليه بالقول "فلنسمع ما يقوله الروح للكنائس".

لم يخرج ألداد وميداد إلى الخيمة، أهملا ذلك، وإهمالهما هذا لم يؤثر على اختيار الله لهما، أو على موهبتهما، فتنبأ في المحلة بدون بالارتباط علناً بموسى لأنه في وقت التحول والفشل يتسامى الله بالنعمة عما ينبغي أن يكون وذلك بسبب نعمته غير المحدودة.

وإهمال ألداد وميداد كما كان ينبغي عمله آثار غيرة يشوع من أجل موسى لكن ذلك أظهر روحاً جميلة- روح الوداعة وقال "يَا لَيْتَ كُلَّ شَعْبِ الرَّبِّ كَانُوا أَنْبِيَاءَ إِذَا جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَهُ عَلَيْهِمْ" (ع 29). كان في تنبؤهما امتلاك لجزء الكرامة التي كانت لموسى.

ع 30- 35 نرى هنا قاعدة في معاملات الله معنا- أنه إذا اشتقنا أن يكون لنا ما هو من الجسد قد نحصل عليه إلى أن يصبح مكروهاً لنا. يعطي الرب ما نرغب فيه ليرينا أن يده لم تقصر عن أن تعطي، وما يعطيه يوجد فيه جزء قضائي "أعطاهم سؤلهم وأرسل هزالاً في نفسه" (مز 106: 15). وليس من الضروري أن يكون ما نشتهيه رديئاً كما يحكم الناس، ولكنها الأمور التي تخدم مذاق الإنسان بحسب الطبيعة وتجذبه- ولكن ما أعظم الهزال الذي نحصل عليه وقتئذ.

وفي خروج 16 أعطيت السلوى بالنعمة كشيء مضاف للمن، السلوى في المساء والمن في الصباح نرى هناك ينابيع النعمة الإلهية لكن هنا نرى طلب الجسد، وما نراه في نهاية الأصحاح هو ظلمة الارتداد الذي وصل في النهاية إلى "قبروت هتأوه" أي قبور الشهوة وهي الحالة التي وجد فيها يهوذا الإسخريوطي نفسه، لقد جاء مع اللحم الدينونة، وحل على الجماعة قضاء الله.

  • عدد الزيارات: 1920