Skip to main content

الأصحاح السابع عشر

جمع الفلسطينيون جيوشهم للحرب في "سوكوه" والاسم يعني "خيمته أو أقداسه" نزلوا بين سوكوه و "عزيقة" والاسم يعني السياج وكأن أقداس الله يحميها سياج هو الحق والكتاب المقدس يعلن أنه يوجد يابان وطريقان ونهايتان، طريق ضيق إلى أقداس الله ومحضره وما أقل الذين يدخلونه، وأما الباب الآخر فهو واسع ورحب ومن خلاله يدخل الكثيرون، ولا يصل بهم المر إلى أقداس الله، مع انه عليهم اسم المسيح ولكنه يصل بهم إلى مكان بين خيمة الشهادة وسوكوه، هناك تقع محلة الفلسطينيين التي ترمز إلى المسيحية الاسمية التي سفكت دم القديسين والأنبياء (رؤ 18: 24). أما الطريق الضيق فمكتوب عليه دم المسيح أي أن الذي يدخله فإن دخوله على حساب الدم ويصل بالإنسان إلى محضر الله حيث الشبع والحرية والفرح "إذ لنا ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع" (عب 10)، "أنا هو الباب إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى" (يو 10) "أمامك شبع سرور ف يمينك نعم إلى الأبد" (مز 16).

وكان جيش شاول في وادي البطم وهو يبدأ من نقطة تجاور مدينة حبرون القديمة ويتجه إلى الشمال الغربي نحو البحر ويبلغ اتساعه نحو ميل واحد، وتوجد في وسطه قناة عميقة وفي القناة يتدفق الكثير من مياه السيول في الشتاء.

جمع الفلسطينيون جيوشهم بعد أن بدأوا يستردون قوتهم بعد عسكرتهم أمام شاول وابنه يوناثان في مخماس، وعسكرت جيوشهم في الناحية الأخرى من وادي البطم، وظهر من صفوفهم ذلك العملاق وهو أحد العناقيين من جت، وكان من القوة بحيث لا يمكن لرجل أن يتغلب عليه والاسم "جليات" يعني "المطرود أو المنفى"، وجت معناها "معصرة"، وفي حقيقة الأمر فهو مطرود من محضر الله ولا بد أن يداس في معصرة غضب الله في هاوية العذاب.

وكان جليات يعير صفوف الله الحي فظل يفعل ذلك أربعين يوماً وهو في ذلك رمز للشيطان الذي ظل يعيّر البشرية أربعين قرناً إلى أن جاء الرب يسوع له المجد فأبطل حجة الموت من فمه (كو 2: 15 وعب 2: 14)، كان طوله ستة أذرع وشبر، والعدد ستة يشير إلى الشر، وكان يلبس ست قطع من السلاح، وفي سفر الرؤيا نقرأ أن عدد الوحش إنسان الخطية 666 (رؤ 13: 18) وهو العتيد أن يظهر العداوة العظيمة لله.

كانت موقعه وادي البطم غريبة جداً إذ يطلب جليات إنهاء المحاؤبة عن طريق المبارزة الفردية، وأي فرد من إسرائيل كان يمكنه أن يقف أمام ذلك العدو الأغلف المخيف؟ إنه أمر واضح أن الله أراد أن يظهر إسرائيل مرة أخرى أنه شعب ضعيف بلا قوة وأن خلاصه الوحيد كان بذراع الله القوية كما في القديم. وأنه مستعد كما كان في الماضي لأن يتقدم أمام شعبه في شخصيته العجيبة "كرجل حرب" عندما يتطلب منه الإيمان بذلك.

وإن كان سلاح جليات مكوناً من ست قطع فإن سلاح الله المشار إليه في أفسس 6 مكون من سبع قطع (عدد الكمال) وكان من أسلحة جليات درع مصنوع من حراشف النحاس ويغطى الظهر والصدر والذراعين ويقابله في سلاح الله الكامل درع البر الذي يغطيه رقائق البر العملي والذي ينبغي أن لا تكون فيه ثغرة واحدة أي أن كل أعمال البر العملي يجب أن تكون نابعة من ضمائر وقلوب مستريحة تماماً من جهة تلك الأعمال. أما الترس فيقابله ترس الإيمان أي إيمان الثقة في الله الذي نثق في محبته وقدرته كما أن سيف جليات يقابله سيف الروح الذي هو كلمة الله، وبترس الإيمان نستطيع أن نطفئ سهام الشرير الملتهبة كما أنه بسيف الروح نستطيع أن نسكت إبليس ونعطل تأثير مكايده.

عير ذلك الفلسطيني شاول وجيشه المرتاع بمرارة قائلاً "أما أنا الفلسطيني وأنتم عبيد شاول". أجل هكذا كانت الحقيقة المؤلمة فقد سقط إسرائيل من مجده كعبيد يهوه وصاروا مجرد عبيد لشاول، وهذا نفس ما حذرهم منه صموئيل (1 صم 8: 11- 18) كل هذه التعييرات المرة حدثت لأنهم عوضاً عن أن ينظروا إلى الله كملك إسرائيل نظروا إلى شاول.

كان الله يهيئ في الخفاء تلك الآية التي يمكنها القيام بهذه المهمة الشاقة- وهو دائماً يهيئ في الخفاء من يريد أن يستخدمهم علانية، ويجعل عبيده يعرفونه في خلوة مقدسة ويمر بعظمنه أمام عيونهم- هكذا كان الحال مع داود فقد كان وحيداً مع الله حين كان يرعى غنم أبيه في البرية فامتلأت روحه بقوة الله وها هو يظهر في وادي البطم كمخلص إسرائيل الرجل الوحيد الذي استطاع أن يقابل حاجتهم في وقت ضيقتهم ولذلك طلب يسى من داود أن يذهب إلى إخوته ليفتقد سلامتهم، فبكّر داود صباحاً إذ كان رجلاً نشيطاً وهو في هذا رمز للمسيح الذي كان يتقدم للتمتع بالشركة مع الله الآب في الصباح الباكر جداً (مر 1: 35).

وترك داود الغنم مع حارس وفي هذا نرى أمانته وهي رمز لما قيل عن ربنا يسوع المسيح له المجد حال كونه أميناً للذي أقامه (عب 3: 2)، الشاهد الأمين (رؤ 3: 14). ونرى هنا طاعة داود وهو في هذا رمز للمسيح وطاعته إذ في طريق الطاعة "أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ" (في 2) فإنه هو المُرسَل من الآب إلى شعبه "الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي" (يو 8: 29) "اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ" (1 يو 4: 9).

أتى داود إلى المحلة في تواضع واتُهم اتهامات باطلة من إخوته وهو في هذا رمز للمسيح الذي "إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ" (يو 1: 11) وقالوا عنه "يُضل الشعب" (يو 7: 12) "إِنَّ مَعَهُ بَعْلَزَبُولَ وَإِنَّهُ بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ" (مر 3: 22).

وحين اتُهم داود هذه الاتهامات الباطلة التي أساسها الغيرة الجسدية رد داود قائلاً "أما هو كلام" أي لا يوجد سبب لذلك إذ أني مرسل في مهمة لله.

تحول عن إخوته لأنه كان متعلماً درس الوداعة مثل جدعون الذي أجاب سبط أفرايم جواباً ليناً كان سبباً في صرف غضبهم (قض 8: 1- 3). لم يكن داود مهتماً بالدفاع عن مسلكه أمام عجرفة أخيه لأن كان محمولاً بقوة عجيبة لا يعرفها أليآب. سأل أليآب داود "على من تركت تلك الغنيمات القليلة" وفي هذا نرى فقر داود الذي يذكرنا بما قيل عن المسيح "فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ" (2 كو 8: 9)، عاش المسيح فقيراً إذ كان يُعال من نِسوة (لو 8: 3)، وليس له أين يُسند رأيه (لو 9: 58) ولم يكن معه نقود لكي يدفع الدرهمين (مت 17: 24- 27). ولم يكن هذا هو كل الفقر بل كان فقره المدقع هناك على الصليب حيث كان متروكاً من الله محتملاً الآلام الكفارية.

عند سماع داود تعييرات الفلسطيني أراد أن يقتله لغيرته على مجد الله لأنه يقول "من هو هذا الفلسطيني الأغلف حتى يعير صفوف الله الحي" كما أنه سأل عن الأجرة التي يعطيها له الملك كما تكلم الملك فقيل له "إن الرجل الذي يقتله يغنيه الملك غنى جزيلاً ويعطيه بنته ويجعل بيت أبيه حراً في إسرائيل".

وتقدم داود إلى شاول وقال له "لا يسقط قلب أحد بسببه" (ع 23) أي بسبب جليات ونرى هنا داود رجل الإيمان الذي يشجع قلوب الشعب، ويُذكر داود في أصحاح الإيمان (عب 11) كبطل من أبطال الإيمان.

وقال شاول لداود "لا تستطيع أن تذهب إلى هذا الفلسطيني لتحاربه" (ع 33) ونرى هنا معوقات الإيمان التي يضعها الشيطان أمام المؤمن، لكن الإيمان يشق طريقه وسط هذه المعوقات وهنا نرى "فضيلة الإيمان" (2 بط 1) وقص داود على شاول قصة الشاة المستردة من فم الأسد والدب.

كان داود يتجهز للخدمة الجهارية في مدرسة الله السرية، وهكذا يدرب الله دائماً في السر تلك النفس التي يريدها أن تخدمه في الجهر مثل موسى الذي ظل في مديان أربعين سنة، وجدعون الذي كان يُخبط حنطة في الخفاء ليهريها للشعب، وبولس الذي مكث في العربية ثلاث سنين (غل 1: 17).

فالشركة السرية مع الرب هي أعظم امتياز كما أنها سر القوة وأساس الغلبة. قد كانت هناك معاملة بين نفس داود في البرية وبين الله، وظهرت ثمار تلك المعاملة في الامتحان. فضلاً عن ذلك قال داود "قتل عبدك الأسد والدب جميعاً. وهذا الفلسطيني الأغلف يكون كواحد منهما لأنه قد عيّر صفوف الله الحي" (ع 36، 37) لقد تعلم داود مما حدث في الماضي دروساً لِما سوف يفعله الرب معه في المستقبل- لقد عرف أن الأمر الثاني يسير لدى الله كالأمر الأول تماماً، وهكذا عندما نكون في شركة سرية مع الله لا نقارن بين صعوبة وصعوبة فالإيمان يقبس كل صعوبة على قوة الله وحينئذ يُرى الجبل كالسهل تماماً.

لم يفتخر داود بقتله الأسد والدب إذ لم يخبر أحداً قبل ذلك بهذه الواقعة ولم يكن ليذكرها إلا ليبرهن على شدة يقينه في نتيجة العمل الذي سيدخله إذ يريد أن يثبت أنه ليس بقوته بل بقوة رب الجنود. وهكذا كان الحال في أمر اختطاف بولس إلى السماء الثالثة إذ ظلت هذه الحادثة مدفونة في طن الكتمان مدة أربع عشرة سنة ولم يذكرها إلا حين اضظرته مباحثات الكورنثيين لذلك.

قال شاول لداود "اذهب وليكن الرب معك" لغة التدين ولغة الإيمان تظهران في تباين عظيم، فداود عندما أعلن إيمانه أعلنه بأسلوب واضح جلي عن حضور وقوة يهوه لكن ما أقل إدراك شاول لهذه الحقيقة. كان شاول يُظهر اعتقاده في الرب بفمه ولكنه في الحقيقة كان يعتمد على قوة السلاح وإلا فما معنى إلباس داود عدة الحرب إذ بعد هذه الكلمات "ألبس شاول داود ثيابه وجعل خوذة من نحاس على رأسه وألبسه درعاً".

"فتقلد داود بسيفه فوق ثيابه وعزم أن يمشي.. ونزعها داود عنه" (ع 39) لم تكن تجربة داود فقط حينما قابل جليات في ساحة القتال العملية بل أيضاً حينما جرّبه شاول بإلباسه عدة حربه. ولو كان العدو قد نجح في جعله يذهب بها لضاع كل شيء، ولكن داود أمكنه التغلب على هذه التجربة بالنعمة وهكذا ترك نفسه كلية في يدي الرب. وما أعظم الأمان الذي وجده داود في ذلك. هذا ما يفعله الإيمان دائماً. إنه يترك كل شيء لله وحده. ونتعلم من ذلك أيضاً أن أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون" (2 كو 10: 4). ويذكر الوحي الإلهي عن استعداد دقيق قام به داود ليهزم عدوه، وإذ كان يؤمن أن استخدام الوسيلة هو أمر لا يخالف تدريبات الإيمان، نراه ليس فقط يحرص على أن يأخذ مقلاعه، ولكنه أيضاً يذهب إلى الوادي ليختار حجارة تناسب غرضه. ويمكننا أن نقول إن داود وهو ينتقي تلك الحجارة كان يرفع قلبه بالصلاة إلى الله طالباً منه الإرشاد الإلهي بل وهو موقن أنه يمكنه أن يحتاج إلى حجر واحد فقط إلا أنه اختار خمسة، دلالة على اجتهاده وإتقانه للعمل. وبهذا العمل التمهيدي كان يمارس نفس الإيمان الذي ظهر بعد ذلك في سلوكه وتحديه لجليات في الميدان نفسه، ولم يتجاهل ضرورة إعداد نفسه بالطريقة التي رآها للعمل الذي أمامه. وبعد أن عمل هذا استطاع بهدوء أن يترك النتيجة بين يدي الله. وكل الذين يشتاقون إلى الخدمة المثمرة عليهم مسئولية عظيمة أن يعملوا كل ما في طاقتهم ويتمونوا بكلمة الله حتى يضمنوا تقديم العلوفة المناسبة لقطيع الرب بالاعتماد على إرشاد الروح القدس. وهذا يتوافق مع تحريض الرسول بولس إلى تيموثاوس "أعكف على القراءة والوعظ والتعليم" (1 تي 4: 13) "تمسك بصورة الكلام الصحيح" (2 تي 1: 13).   

وهكذا كان سلاح داود مكوناً من سبع قطع، خمس حجارة ملس وعصا وكنف الرعاة أي أنه سلاح كامل. وفي الحقيقة لم يكن في استطاعة داود أن يصيب كبرياء جليات بجرح أعمق من مجيئه إليه بمثل هذه الأسلحة. وقد شعر جليات بهذا الجرح القاسي إذ قال "ألعى كلب؟".

ولما نظر الفلسطيني داود استحقره وهو في هذا رمز للمسيح المكتوب عنه "محتقر ومخذول من الناس" (إش 53: 4).

وقال داود للفلسطيني "أنت تأتي إليّ بسيف وبرمح وبترس. وأنا آتي إليك باسم رب الجنود إله صفوف إسرائيل"  لأن "اسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع" (أم 18: 10) ويقول الرب للآب في يوحنا 17 "احفظهم في اسمك".

هنا يظهر غرض رجل الإيمان أن يعلن لإسرائيل وكل الأرض شهادة مجيدة عن قوة وحضور الله وسط شعبه. ولم يقل داود أنا آتي إليك بمقلاع وحجر، بل يقول "أنا آتي إليك باسم رب الجنود" وهكذا يؤكد أن الوسائل لم تكن شيئاً هاماً في نظر داود بل كان الله هو كل شيء، فالإيمان دائماً يمجد الله، كما أن الله يعظم الإيمان.

وأخذ واحداً من هذه الحجارة وضرب الفلسطيني فارتز الحجر في جبهته، وهنا نرى سلطان الله وسيادته في توجيه الحجر إلى جبهة جليات. ومع أن داود انتخب خمسة حجارة ملس لكنه استخدم واحداً منها فقط. وهو في ذلك رمز للرب يسوع المسيح الذي استخدم سفراً واحداً من أسفار موسى الخمسة هو سفر التثنية وغلب به إبليس عندما جرّبه في البرية.

وسقط جليات على وجهه على الأرض، وعندئذ أخذ داود سيفه وقطع به رأسه. وهذا يرينا رمزاً للرب يسوع له المجد الذي اشترك في اللحم والدم مثلنا لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس (عب 2: 14). وللوقت قام رجال إسرائيل ويهوذا وتبعوا الفلسطينيين وحصلوا على نصرة كاملة حتى مجيئك إلى الوادي وحتى أبواب عقرون التي تقع على بعد 25 كم إلى الشمال الغربي من سوكوه.

وذُكر في 2 صموئيل 21: 19 أن قاتل جليات هو ألحانان بن يعرى أرجيم البيتلحمي ولكن نجد توضيحاً لذلك في 1 أخبار 20: 5 حيث أن ألحانان قتل أخا جليات.

ولما رأى شاول داود خارجاً للقاء الفلسطيني قال لأبنير رئيس الجيش "ابن من هذا الغلام يا أبنير؟" عرف شاول في صفتين غير أنه كانت له ميزة أخرى لم يستطع شاول معرفتها ومن هذا يمكننا القول أن المسيح- نظير داود- صفتين عرفه بهما أناس كثيرون ولكن بقيت أمامهم صفة غامضة لم يدركوا معناها في المسيح. لقد عرفه شاول كمن أنعشه بالعزف على الموسيقى، وعرفه أيضاً كحامل سلاحه، ولكنه لم يعرفه أبداً ولم يمكن أن يعرفه كالمخلص الكامل. أولئك الذين يتخذون ربنا يسوع كمنعش لنفوسهم أو مساعد لهم فقط في طريق الخلاص عوض اعتباره المُخلّص الوحيد- الكل في الكل- يرتكبون أعظم الخطأ. لقد دخل الرب يسوع معركة الخلاص وحده. وكان فيها المنتصر والمخلص الكامل.

وهكذا كان داود آلة لخلاص إسرائيل من التعييرات والتهديدات المرة المهينة من ذلك الأغلف. ظهر هذا الراعي الضعيف محتقراً وغير معروف مع أنه كان مسيح الرب وذهب للقاء عدو الشعب بهمة إيمان لا تزعزعه الظروف والصعوبات، وخلّص إسرائيل خلاصاً عجيباً وهكذا كان انتصار الإيمان. وبحق إسرائيل أن يهتف لأن الله تقدم أمامهم وأنقذهم من يد أعدائهم وعمل بقوة على يد شخص لم يعرفوه أو يعترفوا به كمليكهم الممسوح ولكن صفاته الأدبية كانت حرّبة بأن تجذب كل قلب لها.

 

  • عدد الزيارات: 2166