Skip to main content

ثانياً: استعمال المزامير

كانت المزامير تستعمل في المجمع اليهودي وفي المواسم الدينية وفي الأعياد. توجد مزامير تسمى مزامير التهليل الكبرى. وكلمة تهليل تعني هللويا. وهي 6 من مزمور 113 إلى مزمور 118. هذه المزامير كانت تستعمل في الأعياد الرئيسية الثلاثة التي يصعد فيها الشعب إلى أورشليم وهي الفصح وعيد الخمسين، وعيد المظال.

وفي انجيل متى 26 عندما صنع الرب الفصح مع تلاميذه يقول ثم "سبحوا". سبحوا أي سبحوا بمزامير التهليل الخاصة بالفصح. ثم خرجوا إلى جبل الزيتون. وكان الأفراد يستعملونها أيضاً في تعبدهم الفردى ونجد إشارة إليها في رسالة يعقوب التي هي مقدمة العهد الجديد حيث نقرأ "أعلى أحد منكم مشقات فليصل مسرور أحد فليرتل" كانوا يرتلون بالمزامير إلى أن نظم المؤمنون الأغاني الروحية في العهد الجديد. "مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب".

وقد استخدمت بعض المزامير قبل بناء الهيكل فمثلاً نقرأ أن داود عندما عرف أن الرب بارك بيت عوبيد أدوم بسبب وجود التابوت هناك أصعد التابوت من بيت عوبيد أدوم بسبب وجود التابوت هناك أصعد التابوت من بيت عوبيد أدوم ونصب له خيمة على الأكمة ونقله بالهتاف وبصوت البوق، وأثناء نقله كان يذبح عند مسيرهم ست خطوات ثوراً وعجلاً معلوفاً. وكان داود يرقص بكل قوته أمام الرب. وهو متمنطق بافود من كتان، فنظرت ميكال بنت شاول من الكوة فاحتقرته في قلبها فقال لها: إني أتصاغر دون ذلك أمام الرب.

وتوجد مزامير كتبت قبل أن بنى سليمان الهيكل. وقد رتب داود المغنين والمغنيات في فرق معينة. ويقول الوحي في مزمور 22 أنت الجالس بين تسبيحات اسرائيل أي أن الهيكل كان مليء بالتسبيحات بآلات العزف وصنوج الهتاف.

كان الكهنة يضربون بالأبواق أما المغنون فكانوا يستعملون آلات موسيقية مختلفة مثل أدوات النفخ وآلات ذوات الأوتار، صنوج الهتاف، الشجوية. ونفس كلمة المزامير من أصل كلمة مزمار. فالتسبيح كان جزءاً هاماً من العبادة. كل ما في الهيكل كان يحدث بمجد الله والعباد يسبحون الرب.

وقد بلغ عدد المغنين في الهيكل في أيام داود أربعة آلاف شخص. وهذا مكتوب في سفر أخبار الأيام الأول أصحاح 23 ع 5 وكانوا مكونين من 24 فرقة كل فرقة تتكون من 166 مرنماً منهم 12 من اللاويين الضاربين على آلات موسيقية و 154 من اللاويين المغنين بأصواتهم. في نظام كامل، وكل فرقة كانت تأخذ نوبتها في التسبيح أسبوعاً ثم تأتى الفرقة التي تليها وهذا النظام مكتوب أيضاً في سفر أخبار الأيام حيث نقرأ أن هيمان الزراحي كان يقف في الوسط وآساف عن اليمين ويدوثون عن اليسار ومجموعة ترنم ومجموعة أخرى ترد عليها ولذلك نقرأ عبارة "على الجواب" وتوجد ترنيمات "على القرار".

ويظهر من أخبار الأيام أصحاح 5 أن الكهنة كانوا يشتركون في التسبيح بالأبواق. فكان الكهنة يسبحون بالأبواق والمغنون بالآلات الموسيقية.

وتوجد مزامير لإمام المغنين أي كان يوجد أئمة للمغنين والأئمة عبارة عن موسيقيين يأخذون المزمور ويعملون له نغمة ويلحنونه ثم يعلمون النغمة للفرقة.

كان إمام المغنين ينظم المزمور والمغنون يرنمون. وكان يوجد مغنيات أيضاً من بنات اللاويين يشتركن في التسبيح للرب.

هذا الترتيب استمر من أيام داود لكن جاء بعده بعض ملوك لم يكونوا أتقياء فكانوا يهملون التسبيح في بيت الرب. لكن في أيام الملوك الأتقياء كان التسبيح يأخذ مكانه تماماً بحسب الفرق التي رتبها داود إلى أن جاء السبي البابلي فتعطلت الخدمة في الهيكل ثم عاد التسبيح بعد السبي ولكن في صورة مصغرة على يد عزرا ونحميا (عزرا 2: 65) إذ نقرأ والمغنين والمغنيات مئتان. وتوجد مزامير كتبت عند تدشين الهيكل الثاني الذي بناه عزرا.

من كل هذا نرى أن سفر المزامير هو قلب الكتاب المقدس، الجامع لعواطف وأحاسيس رجال الله. وهو قمة عالية.

الخمسة كتب التي تشملها المزامير توضح كل الاختبارات التي اجتاز فيها الشعب إلى أن يصل إلى الملك الألفي الذي تشير إليه المزامير الأخيرة.

وتوجد مزامير تسمى ترنيمات المصاعد وعددها 15 ترنيمة تبدأ من مزمور 120 حتى مزمور 134 وهذه المزامير كانوا يرنمونها وهم صاعدون إلى بيت الرب في أورشليم. كانوا يأتون من كل مكان صاعدين بالترنم وهذا نرى بدايته في مزمور 84 لبني قورح حيث نقرأ "طوبى لأناس عزهم بك طرق بيتك في قلوبهم عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعاً. يذهبون من قوة إلى قوة. يرون قدام الله في صهيون". كانوا يغنون طول الطريق ويرنمون ترنيمات المصاعد إلى أن يصلوا إلى بيت الرب.

ولا يستعمل سفر المزامير في العبادة في العهد الجديد واستعمال المزامير في العبادة الآن خطأ وقعت فيه الكنيسة عندما فقدت التمييز بين اسرائيل والكنيسة وبين رجاء اسرائيل ورجاء الكنيسة. في الكنائس التقليدية كانت تستعمل المزامير، لكن في الكنائس الإنجيلية نظموا المزامير كلها بالترتيب وكتاب الترانيم قديماً كان اسمه "نظم المزامير" وهو إلى الآن موجود ولكنهم غيروا فكرهم عندما عرفوا امتيازات الكنيسة ورجاء الكنيسة ومجيء المسيح الثاني الذي كان غائباً عن ذهنهم، فنظموا أغاني روحية تتفق مع العهد الجديد وجعلوها في كتاب منفصل بجوار نظم المزامير[1]

وإذا جاز لنا أن نرنم بعض المزامير فهي تلك التي تعبر عن اختبارات الاتكال على الرب وانتظاره في الضيق لينقذنا في حينه.

إن أطول مزمور هو مزمور 119 وهو مقسم إلى 22 قسماً بعدد الحروف العبرية التي هي 22 حرفاً..

القسم الأول هو (أ) الأبجدية العبرية ثم بالترتيب إلى أن نصل إلى الحرف الأخير.. أبجدية كاملة.

وتوجد بعض المزامير مثل مزمور 9، 10 يبدأ العدد الأول منها بالحرف الأول من حروف الأبجدية العبرية، وهنا نظام عجيب، موحى به من الله وهكذا إلى أن نصل إلى 15 أو 20 عدداً مرتبين بحسب الحروف الأبجدية العبرية.

ثم نلاحظ شيئاً عجيباً وهو أنه توجد بعض المزامير كانت سائرة بحسب الأبجدية ثم فجأة انقطع هذا الترتيب في مكان معين ثم يعود الترتيب مرة أخرى.. لماذا؟ نجد أن العداد التي انقطع فيها الترتيب الأبجدي تتكلم عن ضد المسيح المرتفع المجدف المتعالي الذي يجدف على اسم الرب.. في هذه العداد ينقطع ترتيب أبجدية التسبيح ثم يأتي بعد ذلك قم يا رب (أي يطلب تداخل الرب للإنقاذ من ضد المسيح) فيعود ترتيب الأبجدية من جديد.

من هنا يتضح أن سفر المزامير عجيب جداً. فمثلاً المزمور الأول والثاني. كيف جاء الأول وكيف جاء الثاني. كيف تكون وتركب ومن الذي ركبه ومن الذي أعطاه هذا الاسم. السفر الوحيد في الكتاب المقدس الموحى بتسميته من الله هو سفر المزامير. لكن اسم سفر الخروج غير موحى به ولكنه تسمى هكذا لأنه يبدأ بخروج الشعب من أرض مصر وكذلك سفر اللاويين سفر العبادة فكلها تسميات موضوعة ولكن اسم سفر المزامير تسميته إلهية موحى بها من الله ونجد ذلك واضحاً في انجيل لوقا 24 إذ يقول الرب له المجد "كان لا بد أن يتم ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير" أي أن الرب يسوع المسيح قال أن اسم هذا السفر "المزامير"

سفر المزامير كله يبين لنا القلوب المسكوبة قدام الله، أما بالصلاة أو بالشكر، أو بالتسبيح، ونجد في عناوين المزامير كلمة "أغنية"، أو "قصيدة"، أو "ترنيمة" أو "ترنيمة محبة" أو "مذهبة" _ كما نقرأ في العهد الجديد "مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين في قلوبكم للرب".

سفر المزامير موحى به من الله ونقرأ في سفر الأعمال 1: 20 لأنه مكتوب في سفر المزامير لتصر داره خراباً ولا يكن فيها ساكن، وليأخذ وظيفته آخر" هذا عن يهوذا الإسخريوطي فنجد في العهد الجديد اسم سفر المزامير، ونجد أيضاً أنه "بفم داود" وبناء على ذلك انتخب الرسل واحداً ليملأ مكان يهوذا الإسخريوطي.

ونجد في سفر المزامير أسماء آلات العزف: فبعضها مكتوب بالعبري وبعضها مترجم فمثلاً "الجتية" كلمة عبرية معناها "معصرة الزيت" والاسم "آيلة الصبح" معناه العزالة (أي أول أشعة الشمس التي تأتي مثل قرون العزالة. وهناك كلمات عبرية مذكورة في عناوين المزامير ومترجمة مثل "لا تهلك" و "على موت الابن" وتوجد كلمة عبرية تتخلل بعض المزامير (وقد أتت في سفر حبقوق ثلاث مرات) وهي "سلاة" ومعناها وقف وتأمل.

وتوجد أيضاً عبارة (على السوسن) في مزموري 45، 80. ونستطيع أن نرى بوضوح أن الروح القدس في تدوين اختبارات داود المتنوعة اختاره لأنه نبوياً يتكلم عن المسيح ابن داود حسب الجسد، الملك.

توجد مزامير لا تنطبق إلا على المسيح مثل مزامير الصليب والقيامة. لكن المزامير التي تتكلم عن الاختبارات الشخصية أغلبها لداود إذ كانت له اختبارات متنوعة: في عظمته، وفي مطاردة شاول له، وفي هروبه من أمام أبشالوم، وفي ذله، وفي سقوطه، وفي اعترافه كما جاء في مزمور 6 حيث نقرأ "أعوم سريري بدموعي" وفي مزمور 32 حيث نقرأ "لما سكت بليت عظامي". هذه تنطبق على المؤمن لكن لا تنطبق على الرب يسوع فحالات الارتفاع والهبوط تتفق مع اختبارات المؤمن.

توجد ترنيمات أخرى مذكورة في الكتاب المقدس مثل ترنيمات موسى ومريم على الشاطئ الشرقي لبحر سوف ونشيد موسى في سفر التثنية 32 حيث علم الشعب كلمات هذا النشيد. وترنيمة دبورة وباراق في سفر القضاة مع أنه سفر مظلم روحياً وترنيمة حنة أم صموئيل بعدها أعطاها الرب سؤل قلبها. ونجد كلمات داود الأخيرة في سفر صموئيل الثاني 23 وهي نبوة عن الملك ابن داود عندما يتسلط على الأرض فإنه يتسلط بالعدل مثل شروق الشمس بعد المطر. أي بعد الضيقة العظيمة تشرق شمس البر.

وفي الكتاب المقدس توجد أسفار شعرية أخرى هي سفر أيوب _ سفر الأمثال _ سفر الجامعة _ سفر نشيد الأنشاد _ مراثي أرميا.

وقد جمع الملك حزقيا مزامير داود المبعثرة وأعادها إلى مكانها بحسب تقسيمها أي بحسب الوحي الإلهي للاستعمال في الهيكل وهذا نجده في أخبار الأيام الثاني أصحاح 29.


[1] - توجد مزامير تطلب من الله الانتقام من الأعداء وتوجد مزامير تطلب تداخل الرب لخلاص شعبه من المضايقين وإبادتهم. وهناك مزامير أخرى تشيد بالبركات الأرضية في الملك الألفي وهذه كلها لا تتفق مع روح النعمة في العهد الجديد ولا مع بركات الكنيسة _ البركات الروحية ولا مع رجاء الكنيسة الذي هو مجيء المسيح لأخذها إليه لأن الكنيسة لم تكن معروفة في العهد القديم لأنها تكونت منذ يوم الخمسين فقط. أما المزامير المشار إليها فتتفق مع أتقياء اسرائيل في مدة الضيقة العظيمة.

  • عدد الزيارات: 15742