Skip to main content

الفصل الثاني: فحص النبوات في نور كلمة الله

1-رؤيا "حيرام إدسون"

التي أعلنها يوم 23 أكتوبر سنة 1844

بعد أن عدّل ملّر حساباته وأعلن أن مجيء المسيح إلى الأرض سيكون بين ربيع سنة 1843 وربيع سنة 1844 قام أحدهم وهو "صموئيل سنود" وأعلن أن مجيء المسيح سيكون يوم 22 أكتوبر سنة 1844.لكن خاب ظنهم فاضطر ملّر أن يعترف بأنه أخطأ في حساباته وأعطى أمراً بوجوب انتظار عودة المسيح دون تحديد وقت معين ولكن الأمر لم ينته بهذه السهولة لأن الشيطان لا يخجل من الكذب ولا يكف عن الشغب. ففي صباح اليوم التالي كتب أحد أقباطهم ويدعى "حيرام إدسون" بياناً هذا نصّه "علمت في رؤيا أن خروج كاهننا العظيم من قدس الأقداس لكي يأتي إلى الأرض مازال بعيداً جداً. إلا أنه في نهاية ال2300 صباح ومساء دخل للمرة الأولى القسم الأول من القدس لكي يكمل أحد الأعمال فبل مجيئه إلى الأرض، كلمات قليلة تضمنت ضلالات عديدة.

1-كيف يقول نبيهم هذا أن مجيء الرب ما زال بعيداً جداً وفي نفس الوقت يسمّون أنفسهم "أدفنتست" أي "منتظرو مجيء المسيح" أليست هذه هي لغة العبد الرديء الذي يقول "سيدي يبطيء قدومه" (مت 24: 48) وذلك عكس وصية الرب بوجوب الاستعداد الدائم وانتظاره. كما أن أقوالهم هذه تخالف الرجاء المسيحي وهو أحد أركان المسيحية الثلاثة "الإيمان والرجاء والمحبة" إن أول رسالة كتبها بولس الرسول وهي رسالة تسالونيكي الأولى يقول فيها "متذكرين بلا انقطاع عمل إيمانكم وتعب محبتكم وصبر رجائكم ربنا يسوع المسيح... وكيف رجعتم إلى الله من الأوثان لتعبدوا الله الحي الحقيقي وتنتظروا ابنه من السماء ... يسوع الذي ينقذنا من الغضب الآني" (1 تس 1: 3، 9، 10).

إن المؤمنين من زمن الرسل كانوا ينتظرون مجيء الرب يسوع المسيح كما أوصاهم، والرب يريد أن يبقي هذا الرجاء حباً في قلوب وأذهان المؤمنين. في انجيل يوحنا نقرأ أن الرب بعد قيامته من بين الأموات وقبل صعوده للسماء قال لبطرس عن يوحنا "إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أحي. فماذا لك؟ اتبعني أنت. فذاع هذا القول بين الأخوة أن ذلك التلميذ (يوحنا) لا يموت ولكن لم يقل له يسوع أنه لا يموت بل إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أحي فماذا لك" (يو 21: 22، 23)

2-ثم يقول أن المسيح دخل للمرة الأولى القسم الأول من القدس فهل يوجد هيكل في السماء وبه قسم أول وقسم ثان ومسكن أول ومسكن ثان وبينهما حجاب على نمط الهيكل الأرضي؟ هكذا تصوروا مع أن كلمة الله الصادقة الأمينة طبقاً لرؤيا يوحنا نسمعه يقول عن المدينة السماوية "ولم أرَ فيها هيكلاً لأن الرب الله القادر على كل شيء هو والخروف (الاسم الرمزي للرب يسوع) هيكلها" (رؤ 21: 22) إن السماء عينها هي هيكل الله لأنها مكان سكناه لكن السماء ليست مجزأة إلى قدس وقدس أقداس وبينهما حجاب كأنه يوجد جزء في السماء لم يستطع الرب يسوع أن يدخله إلا بعد 1800 سنة من إكمال العمل على صليب الجلجثة ما هو هذا الشيء الذي أخفاه عن الرسل الذين قال لهم "لقد أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي" (يوحنا 15: 15).

يذكر متى في انجيله أن حجاب الهيكل انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل (أي أن الله هو الذي شق ذلك الحجاب كنتيجة مباركة ضمن النتائج المترتبة على موته) (مت 27: 51) إن الهيكل لم يكن إلاّ رمزاً لجسد المسيح كما قال المسيح لليهود "انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أنا أقيمه. وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه أنه قال هذا فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع" (يو 2: 19 – 22). والحجاب بين القدس وقدس الأقداس هو رمز آخر لجسد المسيح كما قال بولس الرسول في الرسالة للعبرانيين "فإذا لنا أيها الأخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع. طريقاً كرّسه لنا حديثاً حيّاً بالحجاب أي جسده... لنتقدم بقلب صادق..." (عب 10: 19 – 22) والمقصود بالأقداس أي إلى ذات محضر الله. ليس هناك فاصل يفصل بين المؤمنين والرب إلههم لأنه شق الحجاب الذي كان يفصل بين الله والساجدين. ووجه الشبه بين الحجاب وجسد المسيح أن الله كان محتجباً في ذلك الجسد ولم يقدر أن يعلن ذاته إلاّ المسيح نفسه بينه وبين المؤمنين ولا يبقى شيء في الوسط الآن بين الله والمؤمنين إلا المسيح نفسه وهو الذي حمل خطايانا وقربنا إلى الله بدمه. وكل من أراد أن يضع فاصلاً بين الله وبين المؤمنين ينكر حقيقة الإيمان المسيحي ويحاول أن يجدد الحجاب المشقوق ويرجعنا تحت النظام الناموسي الذي أبطله الله عند موت ابنه. إن الحجاب انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل (مت 27: 51) أي أن الله هو الذي شقّ الحجاب. قبل شق الحجاب كان اقتراب الإنسان إلى محضر الله موتاً (لاويين 16: 2) أما الآن بعد إكمال العمل (أي عمل المسيح الذي أكمله على الصليب عندما قال "قد أكمل" (يوحنا 19: 20) وليس سنة 1844 كما يقول السبتيّون) فالإقتراب إلى الله هو حياة أبدية وعدم الإقتراب إلى الله بواسطة المسيح هو الموت الأبدي وياله من فارق مبارك.

إن الروح القدس في الرسالة للعبرانيين يحذّر اليهود الذين اعترفوا بالمسيح من الرجوع إلى الفرائض الناموسية (وهذا هو غرض الرسالة) ويوضح لهم الفارق العظيم بين عهد الناموس ونعهد النعمة فيقول لهم "فإنه يصير إبطال الوصية السابقة (الناموس بفرائضه) من أجل ضعفها وعدم نفعها. إذ الناموس لم يكمل شيئاً ... على قدر ذلك قد صار يسوع ضامناً لعهد أفضل" (عب 7: 18 – 22) فما أعظم الفرق بين الناموس الذي لم يكمل شيئاً والرب يسوع الذي قال "قد أكمل".

في الرب يسوع المقام من الأموات والجالس الآن عن يمين العظمة في الأعالي البرهان الأكيد على عمله الكامل في الصليب. والروح القدس في الرسالة للعبرانيين يقول "بعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي" (عب 1: 3) برهان كمال تطهير خطايا المؤمنين وإلا كيف استطاع أن يجلس (كإنسان) عن يمين الله. بعد قيامته من بين الأموات ظهر لتلاميذه "الذين أراهم أيضاً نفسه حيّاً ببراهين بعدما تألم وهو يظهر لهم أربعين يوماً ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله (أع 1: 3) ثم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله. لقد تألم الرب يسوع الآلام الكفارية على الصليب في الثلاث ساعات التي حجب الله فيها وجهه عنه وقال "استيقظ يا سيف على راعي وعلى رجل رفقتي واضرب الراعي" (زكريا 13: 7، مت 26: 31، 27 : 45) هو "الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 10: 11) في عملية واحدة تمت على الصليب في الثلاث ساعات التي أظلمت فيها الشمس، "حمل خطايانا" (1 بط 2: 24) و "رفع خطايانا" (1 يو 3: 5). " إنه تألم مرة واحدة من أجل الخطايا البار من أجل الأثمة لكي يقربنا إلى الله" (1 بط 3: 18).

إن قول "حيرام إدسون" إن المسيح دخل يوم 23 أكتوبر سنة 1844 القسم الأول من القدس "لكي يعمل أحد الأعمال" قول يتضمن معنى أن المسيح لم يكمل كل شيء على الصليب وقوله هذا قالوا عته فيما بعد إن هذا العمل هو "تطهير القدس السماوي من الخطايا المسجلة فيه" فهل كلن عمل المسيح ناقصاً وبقي أن يكمله في السماء ذاك الذي في ليلة آلامه قال مخاطباً الله الآب "العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته" (يوحنا 17: 4) – مضمون رؤيا "حيرام إدسون" أن المسيح لم يكمل كل شيء وفي ذلك انتقاص من عمل المسيح الكامل وهذا ما يقصده الشيطان – إنه يقصد إهانة المسيح. والعجيب أن "مسز إلن هوايت" التي جاءت بعد "حيرام إدسون" أيدت أقواله هذه بنبوة أخرى وهي التي اعتمدوها رسولة ونبية. إن الشيطان يرسل خدامه اثنين اثنين مثل "هيمينايس والاسكندر" (1 تى 1: 20)، "هيمينايس وفيليتس" (2 تى 2: 17)، "ينيس ويمبريس" (2 تى 3: 8) لقد اتفقا على أن المسيح دخل القدس السماوي لتطهيره من الخطايا: وهذا مجرد كلام غامض أما كلمة الله فهي دائماً واضحة ليس فيها غموض. جاء في قاموس موريش "Concise Bible Dictionary" تفسيراً لكلمة "وحي Oracle أي أقوال الله" أن الشيطان يقلد أعمال الله والأرواح الشريرة تعطي أقوالاً غامضة لكي يفسروها حسب أهوائهم.

  • عدد الزيارات: 3239