إلى السماء أرفع صراخي
عندما نقرأ في كلمة الله وخاصة في سفر المزامير بهدوء وعمق نجد معظم الذين عبّروا عن تنهداتهم العميقة قد صرخوا إلى الله بقوّة طالبين التدخل الإلهي لكي ينقلهم من حالة اليأس والضياع
والتيهان في برية هذا العالم المليء بالظلم والحقد والكراهية إلى حالة الإنتصار بالروح وإلى علاقة متينة تجعلهم يتخطون هذه الصعاب.
فمنهم من صرخ إلى الله قائلا "لماذا أنت منحينة يا نفسي ولماذا تئنين فيّ. ترجي الله لأني بعد أحمده خلاص وجهي وإلهي"، فالوعد الكتابي الثابت دائما حاضر لكي يشجع ويغيّر نحو الأفضل ويحطم القيود، ويهدم كل مخططات إبليس وألاعيبه السوداء من أجل تدمير مسيرة أولاد الله.
وعندما وقف المسيح أمام التلاميذ وجد أن كثيرين من الأشخاص الذين كانوا يتبعونه من أجل تسديد حاجات الجسد قد ذهبوا بعيدا ولم يعد يتبعوه فقال المسيح لتلاميذه "... ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا" (يوحنا 6: 67). في تلك اللحظات المهمة والحساسة نجد بطرس قد فهم جيدا أن يسوع هو الملجأ الوحيد الذي يستطيع أن يحتمي به، وأنه عندما يكون متخبطا لا يعرف أين يذهب لن يجد أحد يسمع صراخه سوى يسوع، لهذا أجابه قائلا "... يا رب إلى من نذهب. كلام الحياة الأبدية عندك. ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحيّ، ونحن قد عرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحيّ" (يوحنا 6: 69-68).
ونجد الملك داود في أحد المزامير يعبّر من القلب عن ضعفه وسقوطه وفتوره الكبير، متمنيا أن يرتمي ويستسلم بين أحضان الله القدوس لأنه كان يعلم أن الله وحده يستطيع أن يفهمه ووحده كاشف كل ما يجول في قلبه وفكره ووحده أيضا يستطيع أن يمد له العون والمساعدة الجدّية والحقيقية في وقت الألم والضيق "يا رب قد اختبرتني وعرفتني. أنت عرفت جلوسي وقيامي. فهمت فكري من بعيد. مسلكي ومربضي ذريّت وكلّ طرقي عرفت. لأنه ليس كلمة في لساني إلا وأنت يا ربّ عرفتها كلّها" (مزمور 139: 4-1).
إلى السماء صرخ الكثيرين من رجالات الله فنتعلم منهم أننا في الظروف الصعبة وفي وسط المهالك لا ملجا لنا سوى أن نصرخ لله مباشرة لكي نتعزى ونتشجع ونتقدم من جديد في برية هذا العالم منتظرين سرعة مجىء الرب لكي يأخذنا معه إلى مكان لا حزن وفيه ولا وجع.
- عدد الزيارات: 6736