Skip to main content

الدرس الحادي والعشرون: الفادي يسوع المسيح

يعلمنا الكتاب أن كلمة مسيح بالنسبة إلى المخلص يسوع تُشير أيضا إلى كونه ملكا أبديا والرب يسوع يمارس سلطته الملكية الروحية بواسطة كلمة الله والروح القدس بالنسبة لجميع الذين يؤمنون به كمخلص. وكذلك نتعلم من الكتاب المقدس أن الرب يسوع المسيح له سلطة مطلقة في هذا الكون وإن هذه السلطة قد مارسها له المجد أثناء وجوده على الأرض ولا يزال يمارسها وهو الآن عن يمين الله الآب. وهذه حقيقة واقعية بالرغم من العصيان الهائل التي شاهدته الأرض والتي لا تزال تشاهده ضد الله ومسيحه. والوقت آت هندما سيظهر الرب يسوع انتصاره التام والنهائي على جميع القوات المعادية له.

قال الملاك جبرائيل للعذراء مريم: " لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله، وها أنت ستحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيما وابن العلي يُدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية" (الإنجيل حسب لوقا 1: 30- 33).

وقبل أن يصعد السيد المسيح إلى السماء قال لتلاميذه: " دُفِعض إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض. فاذهبوا وتلمذوا جميع المم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كل الأيام إلى إنقضاء الدهر، آمين" (متى 28: 18- 20).

إن ملكوت السيد المسيح هو ملكوت عمل لا مجرد كلام وقد أظهر له المجد سلطته اللامحدودة على نواح عديدة من الحياة والوجود أثناء حياته على الأرض. نقرأ مثلا في الإنجيل حسب مرقس مايلي بخصوص تسلط المسيح على الطبيعة بشكل تام:

" وقال لهم في ذلك اليوم لما كان المساء: لِنَجْتَز إلى العَبْر. فصرفوا الجمع وأخذوه كما كان في السفينة وكانت معه أيضا سفن أخرى صغيرة. فحدث نوء ريح عظيم فكانت الأمواج تضرب إلى السفينة حتى صارت تمتلئ، وكان هو في المؤخر على وسادة نائما. فأيقظوه وقالوا له: يا معلِّم أما يهمُّك أننا نهلك؟ فقام وانتهر الريح وقال للبحر: اسكت. أبكم. فَسكت الريح وصار هدوء عظيم. فقال لهم: ما بالكم خائفين هكذا؟ كيف لا إيمان لكم؟ فخافوا خوفا عظيما وقالوا لبعضهم بعضاً: من هو هذا؟ فإن الريح أيضا والبحر يُطيعانه" (4: 35- 4).

وكذلك أظهر الرب يسوع المسيح أنه سيد الحياة والموت، والصحة والمرض. فإن معجزات الشفاء العديدة التي قام بها وكذلك أقامة الموتى كان لها صفة إعلانية عن كونه سيدا مطلقا لحياة البشرية وأنه له المجد لم يكن ليقف مكتوف اليدين تجاه المرض والموت. وكم من المؤسف أن نلاحظ أن العديدين من الذين شاهدوا تلك المعجزات لم يَرضخوا لشاهدتها القوية بخصوص سلطان المسيح وملكوته. وكذلك كم من المؤسف أن يحاول اليوم غير المؤمنين إنكار المعجزات والآيات التي قام بها الرب يسوع وذلك لكي يتخلصوا من شهادة الكتاب عن كونه الواقع التاريخي المدون على صفحات الإنجيل المقدس.

ويجدر بنا أن نشير إلى أن الرب يسوع المسيح أثناء وجوده على الأرض أظهر سلطته اللامحدودة على العالم الروحاني.فقد كان العديدون من الناس في تلك الأيام تحت سلطة الشرير وكانت تسكنهم أرواحا شريرة ولكن الرب يسوع طرد تلك الأرواح الخبيثة من الناس وأعطى للجميع صورة مصغرة لما سيجري في نهاية التاريخ البشري عندما سَيُظهر السيد له المجد اندحار الشيطان وأعوانه الأبالسة وانتصار ملكوت الله على الشر والخطية.

ولابد لنا الآن من التعليق على النتائج العملية التي نَجنيها من كون المسيح له المجد نبينا وكاهننا وملكنا الأعظم، فنحن لا ندرس في هذه الدروس الكتابية مجرد دروس تاريخية بل دروس حياتية لها علاقة بصميم الحياة التي نحياها اليوم. وهكذا نطرح بعض الأسئلة العملية: ماذا أستفيد أنا كمؤمن وفي هذا اليوم من كون المسيح نبيا؟ إني أستفيد بصورة كبيرة من كون مخلصي نبيا لأنه ينيرني بواسطة كلمته المقدسة ويُعطيني المعرفة الحقيقية عن الآب السماوي جاعلا إياي خادما أمينا لله وشاهدا غيورا لمخلصي وسيدي.

علينا ألا ننسى أن عمل المسيح لم يكن له علاقة بالماضي السحيق فقط بل إنه كنبي لا يزال ينير جميع المؤمنين به ويعطيهم يوميا(وهذا يُرينا أهمية قراءة الكلمة الإلهية والصلاة يوميا) إن ينمو في معرفة الله. والمسيح الحي الذي هو في السماء يمكننا من أن يكون خداما أمناء لله وأن نشهد له في شتى المناسبات. ولذلك لا نكون مبالغين إن قلنا أننا نُصبح مشاركين له في عمل النبوة العظيم لا بمعنى أننا نصبح أنبياء ولا بمعنى أننا نقدر أن نعرف المستقبل المجهول بل بمعنى أننا نُصبح متكلمين باسم الله وبخصوص عمله الخلاصي العظيم الذي تم في وسط العالم وفي ملء الزمن.

وقد كتب الرسول يوحنا عن موضوعنا: " الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب، هو خبر" (الإنجيل حسب يوحنا 1: 18).

وقال السيد له المجد لتلاميذه: " ليس أحد يعرف هو البن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الابن ومن الابن أن يُعلن له" (الإنجيل حسب لوقا 10: 22).

  • عدد الزيارات: 2820