Skip to main content

الدرس السادس والستون: إطاعة الوصايا العشر

كنا ندرس وصايا الله العشر التي أعطاها الرب لنبيه موسى والتي تكلم عنها الأنبياء في كتبهم وكذلك السيد يسوع المسيح أثناء حياته على الأرض. والآن وقد انتهينا من دراسة مختصرة لهذه الوصايا يجدر بنا أن نذكر بعض الأمور الهامة المتعلقة بجميع هذه الوصايا لأنه يحدث أحياناً أن يُسيء البعض فهم موضوع الوصايا الإلهية وعلاقة الإنسان بها. قبل كل شيء نقول: لو كان الإنسان بدون خطية ولو لم يكن فيه الميل الدائم لعمل الشر والتعدي على النواميس الإلهية لكان بإمكان الإنسان أن يحفظ جميع الوصايا الإلهية ولكانت حياته حياة مفعمة بالسلام والخير. ولكن الحقيقة الصارخة هي أن الإنسان لا يحفظ وصايا الله ولا يقوم بالحياة بموجب تعاليمها السامية. فوصايا الله تعمل إذن على إظهار الهوة الروحية العميقة التي سقط فيها الإنسان ووجوب التخلّص منها. وهكذا تعمل على إظهار عدم إمكان إنقاذ الإنسان بواسطة جهوده الخاصة ووجوب البحث عن الخلاص خارج نطاق البشرية الساقطة. وبكلمة أخرى تصبح الوصايا الإلهية معلماً ومؤدباً تأتي بنا إلى المسيح يسوع الذي قام بإنجاز مهمة الله الخلاصية والتحريرية. فعندما نضع ثقتنا التامة في المسيح وفي عمله الفدائي نختبر الخلاص الانعتاق من عبودية الخطية.

السؤال العملي المهم الذي يجابهنا الآن هو: هل يصبح المؤمن بالمسيح يسوع، أي المتجدد بواسطة عمل الروح القدس في قلبه، هل يصبح إنساناً كاملاً بمعنى أنه يقدر أن يحفظ جميع وصايا الله حفظاً تاماً؟ وهنا وعندما نحاول الجواب على هذا السؤال علينا التمسك بتعاليم الكتاب لا بأقوال الناس أو أفكارهم. ما هو تعليم الكتاب؟ يعلمنا الكتاب أن المؤمنين لا يصبحون في هذه الحياة الفانية إلى حياة النعيم الكاملة. طبعاً هذا لا يعني أنه لا يوجد فرق بين المؤمنين وغير المؤمنين نظراً لعدم وصول المؤمنين إلى الكمال في هذه الدنيا. الفرق تام وجذري بين من تخلّص من عبودية الخطية ومن ظل عائشاً تحت سطوتها الغاشمة. تعلّمنا كلمة الله بكل وضوح أن الخالصين يخبرون تدريجياً وبصورة مستمرة نتائج انعتاقهم في الخطية وأن حياتهم هي حياة نمو في الإيمان وفي المعرفة وفي الانتصار ولكنها ليست بحياة الكمال الفجائي. لو كان المؤمنون فلماذا نجد التعاليم العديدة لأنبياء ورسل الله التي تعظ المؤمنين وتعلّمهم وتناشدهم بأن يجدّوا في حياة النعمة والقداسة؟ لو كان المؤمنون يصلون إلى الكمال في هذه الحياة لما كنا قد حصلنا- حسب تدبير الله- على رسائل الرسل في العهد الجديد مثلاً، لأنها إنما كتبت لمؤمنين (لا لغير المؤمنين) كانوا يعيشون في معترك الحياة الواقعية، ويحتاجون إلى التذكير بوجوب الجهاد الدائم في سبيل العيش حسب مشيئة الله وليس بمقتضى أهواء العالم الفاني.

وهذه بعض الآيات والتعاليم المستقاة من الكتاب والتي لها علاقة بموضوعنا هذا:

قال الرسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس عن موضوع الجهاد والسعي نحو الهدف الأسمى أي الحياة بمقتضى الإلهية ونيل إكليل الحياة في النهاية، قال الرسول:

"ألستم تعلمون أن الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون ولكن واحداً يأخذ الجعالة؟ هكذا اركضوا لكي تنالوا. وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء، وأما أولئك (أي الذين يدخلون في المباراة الرياضية) فلكي يأخذوا إكليلاً يفنى (وهنا يشير بولس إلى العادة في أيامه بأن يعطى الفائزون إكليل النصر) وأما نحن فإكليلاً لا يفنى. إذاً أنا أركض هكذا كأنه ليس عن غير يقين، هكذا أضارب كأني لا أضرب الهواء. بل أقمع جسدي وأستعبده حتى بعدما كرزت (أي ناديت بالإنجيل) للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضاً" (9: 24- 27).

وكتب الرسول بولس عن اختباراته في حقل الإيمان والجهاد المقدس إلى أهل الإيمان في مدينة فيلبي قائلاً:

"بل إني أحسب كل شيء أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفايةً لكي أربح المسيح وأوجد فيه، وليس لي بري الذي من الناموس بل الذي بإيمان المسيح، البر الذي من الله بالإيمان، لا عرفه وقوة قيامته وشركة ألامه متشبهاً بموته، لعلي أبلغ إلى قيامة الأموات، ليس أني قد نلت أو صرت كاملاً ولكني أسعى لعلي أدرك الذي لأجله أدركني أيضاً المسيح يسوع. أيها الأخوة أنا لست أحسب نفسي أني قد أدركت ولكني أفعل شيئاً واحداً: إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام أسعى نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع" (3: 8- 14).

  • عدد الزيارات: 2809