استعلان كل صفات الله وكل مجده
فأين القوة أو القدرة في كل هذا؟ كل شيء كان ضده لم يكن هذا نصر تحرزه القوة أو القدرة. لأن الشر ينبغي أن يغلب بالخير فقط. كان ينبغي أن يترك ليتجرع الكأس حتى عكرها. وذلك الشخص الذي شهد عنه الله قائلاً "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" هوذا هو يصرخ الآن ولا سميع. والشخص الذي رآه التلاميذ على الجبل متغير الهيئة في لمعان أكثر من لمعان الشمس هوذا الآن يدخل في ظلمة دامسة. ولم يكن لكل هذا السحق ولكل تلك الضغطة على نفسه من أثر سوي إبراز الخضوع الكامل لمشيئة الآب والطاعة الكاملة لإرادته. وكلما زادت وطأة السحق والغضب كلما ازداد لمعان الكمال- كماله الفائق المطلق- كمال الصلاح المطلق- "الآن تمجد ابن الإنسان وتمجد الله فيه".
هذا هو الصليب. وبهذا وحده استطاعت المياه أن تنفجر في الأرض اليابسة. ضربت الصخرة فجرت منها ينابيع النعمة. لم يكن هناك تغاضي عن شيء لأنه حمل كل كلفة الفداء واستعلن البر, كما استُعلنت القداسة كما استُعلنت المحبة. وكل صفات الله تمجدت. والآن أمكن الله أن يكون كما يريد هو أن يكون- أمكن لله أن يكون منعماً على أشر الخطاة.
هذا هو الوسيط في عمله من نحو الله ومن نحو الإنسان. وما أروع وما أجمل بريق الأحجار الكريمة على الصدرة ذات الإطار الذهبي.
هذا العمل لم يطلب منه كأنه مطالب به هو نفسه كان يطلب الكفارة وقد صنعها- هو الذي قال "هأنذا أجيء لأفعل مشيئتك-" هو الذي غيره بيت أبيه أكلته- هو الذي اقتضت طبيعته أن تكون هناك كفارة وبنفسه صنع الكفارة المطلوبة. وكثمرة لهذا العمل, مضى إلي حضرة الله ليأخذ هناك مركزه كالكاهن المقام- أو كاهن القيامة والوسيط وليس هو بعد على الأرض ككاهن. "فإنه لو كان على الأرض لما كان كاهناً" لكن كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات" (عب7: 26, 8: 4). هناك أيها الأحباء هو لأجلنا وهذا يملأنا بالفرح.
- عدد الزيارات: 2488