Skip to main content

أقوال المصلوب أمام رئيس الكهنة

"من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء" مت 26: 64.

" وابن الإنسان في إنجيل متى هو المسيح، والمتحدث يقول إنه من الآن أي من اللحظة التي هو يتحدث فيها، يبصرون ابن الإنسان على النحو الذي أشار إليه. فكيف يكون ذلك، إلا أن يكون المتحدث شخص آخر غير المسيح، إذ لا يمكن أن يكون هو نفسه المسيح واقفاً بينهم، وفي نفس الوقت يكون المسيح في مكان آخر جالساً عن يمين القوة آتياً على سحاب السماء، لا شك إذاً أن هذا المتحدث شخص آخر غير المسيح، ولذا حسب اعتقاده قال: إنه في نفس اللحظة التي كان يتحدث هو فيها، يرون المسيح جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء"[1].

التعليق:

1-إن هذه العبارة التي جاءت في متى 26: 64، تشير إلى ما جاء في دا 7: 13-14 "كنت في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن الإنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه فأعطى سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لا يزول وملكوته ما لا ينقرض". وابن الإنسان لقب من ألقاب المسيح وقد أطلق المسيح هذا اللقب على نفسه كثيراً، في إنجيل متى أكثر من ثلاثين مرة، وفي إنجيل مرقس خمسة عشر مرة، وفي إنجيل لوقا خمساً وعشرين مرة، وفي إنجيل يوحنا اثنتي عشر مرة وقد ذكر مرة واحدة في حديث اسطفانوس (أع 7: 56) ومرة في رسالة العبرانيين (عب 2: 6)، ومرتين في سفر الرؤيا (رؤ 1: 13، 14: 14).

لماذا استخدم المسيح هذا اللقب في الإشارة إلى شخصه؟

أ-إن لقب ابن الإنسان يتضمن أنه "المسيا" ولكنه تجنب استخدام الأسماء المباشرة للمسيا، وذلك لأن المعاصرين من اليهود لم يكونوا على استعداد لقبول إعلانه ذلك.

ب-لقد ارتبط تجسد المسيح منذ بداية خدمته بلقب "ابن الإنسان" يو 3: 13. ويبدو سموه الفريد في كلماته لنيقوديمس "ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء" وهذه العبارة الأخيرة "الذي في السماء" تتضمن وجوده في كل مكان، وفي نفس الوقت دليلاً على لاهوته "فابن الإنسان" إذاً هو "الرب من السماء" ظاهراً في صورة بشرية على الأرض، وفي نفس الوقت هو في السماء"[2].

إذاً لقب "ابن الإنسان" يعني المسيح، وحيث أن المسيح هو الإله المتجسد في صورة بشرية إذا ً من الممكن أن يكون معهم بالجسد، وفي نفس الوقت لاهوتياً جالساً عن يمين القوة، وآتياً على سحاب السماء، ثم يجب ألا يغرب عن أذهاننا أن الجلوس عن يمين القوة لا يعني المكان لأن الله روح ليس محدوداً بمكان والمعنى هنا مجازي يشير إلى المجد والكرامة السلطان. وبالتالي فهذا القول لا يعني بالمرة أن الشخص المتحدث هنا ليس هو المسيح.

2-إن كلمة "من الآن" لا تعني هذه اللحظة التي يتكلم فيها الشخص الذي يحاكم أمام الكهنة، حتى كان يجوز الظن أن هذا الشخص هو يهوذا، لأن الكهنة لم يروا المسيح وقتئذ جالساً عن يمين الله أو آتياً على سحاب المجد[3].

ويتضح هذا من الترجمات الإنجليزية:

1-I say unto you. Here after ye shall see the son of man.                                                                        (k.j)

2-The time has come when you will see.              (Rieu)

3-Shortly you will see.                                           (Ber)

4-In the future you will see.                                  (Mof)

5-You will in the future see the son of man.         (Ant)

6-In the future.                                                      (N.iv)[4]

Here after، In the future، shortlyفكلمة "الآن" ترجمت              

وهي تعني في المستقبل أو فيما بعد أو بعد قليل

3-إن الفعل تبصرون "لا يرد في اللغة اليونانية –اللغة الأصلية للإنجيل- في صيغة المضارع، بل في صيغة المستقبل، وترجمته الحرفية "ستبصرون" وقد ترجم إلى اللغة العربية "تبصرون" في صيغة المضارع، لأن الفعل المضارع في العربية إذا لم يسبقه حرف "لم" فإنه يدل على الحال والاستقبال معاً (شرح شذور الذهب. ص61)[5].

وهذا واضح في الترجمات الإنجليزية –المذكورة سابقاً- حيث جاء الفعل في صيغة المستقبل You will See.

وأيضاً في الترجمات العربية الحديثة كما في:

الترجمة العربية الجديدة "وأنا أقول لكم: سترون بعد اليوم ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء"[6].

وفي الترجمة التفسيرية "وأقول لكم أيضاً أنكم منذ الآن سوف ترون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة ثم آتياً على سحاب السماء"[7]

4-آتياً على سحاب المجد "تعني تبرير وتمجيد ابن الإنسان في السماء".

فعلى ضوء ما جاء في دا 7: 13-14. هي تعني مجيء إلى الله ليعطي ملكوتاً. والعبارتان تشيران إلى نفس حالة المجد، وليس إلى موقفين متعاقبين أو حدثين منفصلين بل تشير إلى فترة تبدأ من الآن، لأنه سرعان ما سيتضح سلطان ومجد المسيح. أي أن هذا النص يشير إلى مجيء المسيح إلى الآب. وهذا ما حدث بعد فترة قصيرة من القول به، عندما قام المسيح وجلس عن يمين الله وهو الآن في سلطانه الأسمى، وهو سلطان يصل إلى ذروته عندما يروا يسوع كديان للعالم"[8].

5-إن القول "تبصرون ابن الإنسان" وليس تبصرونني، لا يدل على أن المسيح لم يكن هو المتكلم، بل على العكس يدل على أنه هو بعينه، لأنه هو الذي كان استعمل هذا اللقب عن نفسه. وقد قال لليهود عن نفسه من قبل "وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه"

كما قال لهم "إن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا" مر 8: 10. ولم يقل إن لي سلطاناً أن أغفر الخطايا الأمر الذي يدل على أن الشخص الذي كان يحاكم أمام الكهنة هو المسيح[9]. وليس يهوذا أو أي شخص آخر.

 

(66) دعوة الحق. ص 124.

(67) دائرة المعارف الكتابية. مجلد2. ص 214-216.

*ويذكر عبد الكريم الخطيب: إن كلمة ابن الإنسان التي ترد على لسان السيد المسيح تحمل في مضمونها المعنى الذي يراد من كلمة "الله" قضية الألوهية. جـ2. ص 259.

*ويقول الأستاذ عباس محمود العقاد: "أما الصفة التي تثبتت له (ع) في طوية ضميره فقد تكررت في كلامه عن نفسه على صور شتى, فهو نور العالم, وخبز الحياة, والكرمة الحقيقية وهو ابن الله, وابن الإنسان .. إن كلمة ابن الإنسان قد جاءت أحياناً مرادفة لضمير المتكلم "أنا" حين يتكلم المسيح عن نفسه. (مت 10, 16. مر 13. مر 8. لو 12). حياة المسيح. ص 184-186.

*وكتب الأستاذ خالد محمد خالد: "فوق أرض فلسطين, شهد التاريخ يوماً, إنساناً شامخ النفس, مستقيم الضمير, بلغ الإنسان في تقديره, الغاية التي جعلته ينعت نفسه "بابن الإنسان". وابن الإنسان هذا, ذو العبير الإلهي تتركنا كلماته, ويتركنا سلوكه ندرك إدراكاً وثيقاً, الغرض العظيم الذي كابد تحقيقه, ألا وهو إنهاض الإنسان وإزهار الحياة ... نلتقي بالمسيح ينعت نفسه كثيراً بأنه "ابن الإنسان" بيد أن ابن الإنسان هذا لم يعرف فؤاده الذكي أية تخوم بين الآب والرب. لقد تخطى حدود النسب الأرضي وجاوزها جميعاً ... فالمسيح ينعت نفسه بأنه ابن الإنسان ويكررها كثيراً. إن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس, بل ليخلص". معاً على الطريق محمد والمسيح. ص 6, 55, 7.

(68) قضية الصليب. ص 128.

(69)                                                –The N.T. from 26 translation

-The Amplified .N.T

-New international version

(70) قضية الصليب. ص 129.

(71) الترجمة العربية الجديدة. دار الكتاب المقدس لبنان. سنة 1993.

(72) كتاب الحياة. ط سنة 1989.

(73) التفسير الحديث: إنجيل متى ص 424, 425, 289.

(74) قضية الصليب. ص 129.

  • عدد الزيارات: 495