طبخة بائتة
دعنا نأمل أن معلمك في البيولوجيا يتمشى مع العصر ويضطلع على آخر ما يظهر في حقله, ولنأمل بأن من يقدمون لك التربية الدينية قد قرأوا أكثر من الكتيبات أو المجلات الشعبية والمثيرة عن النشوء. وإلا فمن المرجح أن معلميك سيقومون على الرغم من كل نواياهم الحسنة بتقديم أطباق عديدة من طبخة بائتة مضي على رفض المختصين لها عهداً طويلاً.
هل لا يزال معلمك يحدثك عن إنسان نيادرثال Neanderthal وعن إنسان جاوه المتحجر Pithecnthropus بأنهم أشكال متوسطة بين القردة والإنسان؟ هذه كلها أمست طبخة بائتة. من المتعارف عليها الآن أن هذين الإنسانين ليسا سوى رجلين عاديين, حتى وإن بديا بمظهر غريب بعض الشيء إلا أنهما ليسا أغرب من بعض الشيء إلا أنهما ليسا أغرب من بعض الأشخاص الذين يتجولون من حولنا اليوم. علاوة على ذلك فنحن نعرف أن أناساً في نفس مظهرنا عاشوا مثل هذين الرجلين من عصور ما قبل التاريخ.
هل مازال معلمك يقص عليك تلك القصة القديمة عن التطور الجنيني للإنسان (تطوره قبل الولادة) بأنها نوع من مراجعة تاريخية النشوئي؟ إنها طبخة بائتة مرفوضة منذ عهد طويل.
ليس من إنسان سليم التفكير يصدق هذه الأمور بعد. هل قص عليك معلمك مثلاً, أن الإنسان قبل أن يولد, في مرحلة مبكرة معينة تكون له فتحات خيشومية وذيل مما يبرهن أنه تطور من حيوانات ذات ذيل وخياشم؟ أنها ليست سوى طبخة بائتة. فهذه ليست ولا حتى خياشم وإنما أخاديد ضرورية ومهمة ينمو منها. فيما بعد أشكال مختلفة من الأعضاء. علاوة على ذلك فقد سبق وحدثتك بأن التلاؤم لا يمكن أن يكون أباً برهاناً على الترقي.
هل لا يزال معلمك يخبرك بأن الإنسان يملك العديد من الأعضاء البدائية والتي لا تؤدي بعد أي وظيفة. أعضاء – يفترض بأنها مخلفات الأجداد البعيدة من الحيوانات والتي قدرت على الاستفادة منها؟ هذا ما كان الناس يعتقدون به ذات مرة حين كانت وظائف الكثير من الأعضاء (مثل الزائدة الدودية, الغدة التيمية, العصص) لا تزال مجهولة. ولكننا اليوم نعرف هذه الوظائف أفضل بكثير. ونعرف على سبيل المثال أن الغدة التيمية هي عضو حيوي جداً.
هل مازال معلمك يقص عليك بأنها قضية بضع سنين حتى يتمكن خلالها العلماء من إنتاج الخلية الحية؟ إنها طبخة بائتة. لقد اعتاد الناس التفكير على ذاك النحو حين اعتقدوا بأن الخلايا ليست سوى قطرات ماء تحتوي على مواد معينة داخلها. مع مرور الوقت اكتسبنا بعض المعرفة عن التركيب المعقد المدهش للخلية. لقد حسب علماء الرياضيات بأن التريلايين[1]من السنين لن تكفي لأن تجعل ممكناً التصور بأن شيئاً على هذا التنسيق والروعة كان حصيلة ما هو بالحقيقة الصدفة الخالصة. وسوف يعتبر صنع الخلية الحية عن المواد اللاحية أعظم إعجازاً من انحدار الإنسان من تلك الخلية الوحيدة! لا تسمح لهم بأن يخدعوك بأساطير عن التجارب والاكتشافات الحديثة (والتي هي حالياً خيالية). إن النتائج التي أحرزت حتى الآن تشبه شخصاً استطاع أخيراً بعد جهد جهيد أن يصنع قرميدة (قالب من الطوب) وهو يعتقد الآن أنه يستطيع بدون أية صعوبات أن يبني قصراً. ومع ذلك افترض أن مئات من الرجال المهرة بمساعدة أحدث وأثمن الأجهزة توصلوا إلى بناء خلية حية فماذا سيبرهن ذلك؟ بكل تأكيد، ليس أن الحياة نشأت من ذاتها بمحض الصدفة الخالصة من المادة اللا حية، بل بالأحرى ستشير إلى أن الحياة يمكن أن تنشأ فقط بواسطة عقل ذي ذكاء رفيع وقوة خارقة- ذاك هو الله نفسه!
[1] -مفردها تريليون وهو رقم مؤلف من واحد وإلى يمينه 18 صفراً.
- عدد الزيارات: 3451