الأنف
ألقينا نظرة عاجلة في الدرس السابق عن الأذن التي لها مركزها في الجسد، لأن عن طريقها تأتي الآراء لتعرض على أفكار الإنسان فيقبلها أو يرفضها. ورأينا أن التجربة الأولى أتت عن طريق الأذن وأدت بالبشر إلى الأخطار بسبب المعصية وامتلاك الخطية في الحياة الإنسانية، فالآن نريد أن ننظر إلى الأنف، العضو الصغير المسكين في الجسد الذي للمسيح. وبمجرد النظر إليه يتراءى انه لا يستحق الاهتمام بالدرس عنه. فليس هو كالعين التي تجل بنظرتها في الآفاق القريبة والبعيدة، وليس هو كالأذن التي وضعت في الجسم كأداة لاستيراد المعلومات بأنواعها من شتى النواحي.
ولكن مع صغر هذا العضو، ومحدودية عمله من الواجب أن لا نستخف به وبمقامه بين بقية الأعضاء، لأننا إذا دققنا النظر نجده العضو الوحيد بين كل الأعضاء الذي ميزه الخالق، لان عن طريقه، كما نعلم من درس الكتاب، أتت النفخة الإلهية بنسمة الحياة، ولولا هذه النفخة لبقي الإنسان بلا حياة.
فالنفخة بنسمة الحياة من الله لم تأت عن طريق العين ولا بواسطة الأذن، ولكنها أتت بواسطة هذا العضو الصغير - الأنف. ومن الضروري الآن أن ننظر إلى بعض الوظائف التي يقوم بها هذا العضو، لأننا نعلم انه بمقتضى حاسة الشم فسه يفرض على الإنسان بكامل قواه عدة أشياء.
أول شيء:
يفرضه على الإنسان ابتعاده عن الرائحة الكريهة التي تنزعج منها النفس. والمثل يقول ((لا تسكن بين القبور ولا تشم الرائحة النتنة)) وبما أن الأنف يرمز بحاسته هذه إلى الحاسة الروحية في النفس فيفترض في الإنسان، خصوصا الإنسان المتجدد، أن يبتعد كذلك عن كل مايشتم منه رائحة دنسة في المخالطات والمعاشرات الفاسدة، لان لها التأثير السيئ على الإنسان. وقد صرح الرسول بولس في ( 1كورنثوس33:15) بقوله ((المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة))، وكلمة الله بفم هذا الرسول المطوب تنصحنا في (1كورنثوس 14:6-17) بان نعتزل عن الأوساط الردية وننفصل عما هو نجس ودنس لكي نكون بنين وبنات لله، لان الاحتكاك بما هو غير طاهر يترك أثرا سيئاً على الأخلاق وعلى الإيمان. فالأشياء الموجودة في المحيط الفاسد يجب تجنبها لان خطرها على نفس المؤمن مثل خطر الميكروبات الطبيعية التي تدخل الجسم عن طريق الأنف وتسبب له المرض.
فلنبتعد إذا بحاستنا الروحية عن كل جراثيم الإثم والتعاليم الموبوءة بالضلالات من أي نوع كانت، وهي كثيرة لسوء الحظ في هذه الأيام وتغزو البيوت بدعاوتها. فكما نبتعد جسديا عن كل رائحة كريهة ينبغي أن نبتعد عن كل بدعة وتعاليم مضلة.
ثاني شيء:
نتأمل فيه بدرسنا هو انه يفترض في الإنسان أن يكون في جو عال لكي يستطيع انه أن يتنشق الهواء انقي المنعش. فكما يضطر الناس لترك بيوتهم في المدن المكتظة بالسكان والملوث فيها الجو بالعفونة ويذهبون إلى الجبال الجيدة المناخ، هكذا يجب أن يلجأ المؤمن إلى الجبال حيث يجد النشاط الروحي ونقاوة الهواء في الجو المرتفع. وربما أن المرنم كان يفكر بضرورة الارتفاع عن الأجواء الواطئة حينما قال ((ارفع عينيّ إلى الجبال من حيث يأتي عوني معونتي من عند الرب صانع السموات والأرض)) (مزمور1:121و2) فما هي الجبال التي نرفع أعيننا إليها ونرتفع لنوجد فيها حتى نتنشق الهواء الروحي؟
أ- من هذه الجبال جبل سيناء الذي فيه نجتاز الحدود التي عيّنها الله لكي نقترب إليه ونتقابل معه ونرى مجده ونصي إلى صوته ونتلقى وحيه والأوامر الوصايا الإلهية والعهود التي يفرض علينا أن نقعها معه لكي نكون من شعبه الخاص.
ب- ومن هذه الجبال التي نرتفع إليها بنفوسنا جبل الموعظة الشهيرة المسماة ((الموعظة على الجبل)) وهي التي لم ينطق بمثلها بشر، فنصغي لها من فم السيد الرب ونتخذها دستوراً لحياتنا من كل النواحي القول والعمل والفكر.
يقال أن احد قادة الفكر في الغرب، في أثناء جولته في الشرق، قابل ذلك الزعيم الشهير غاندي وسأله: في دراستك الواسعة ومعلوماتك الشاملة، أي شيء من التعاليم التي سجلتها الكتب يستحق بنظرك أن يكون في المرتبة الأولى؟ أجاب غاندي ((الموعظة على الجبل)). وعندما تناول بحثهما السياسة العالمية وحاجة العالم إلى الإصلاح سال الغربي غاندي ثانية: كي يمكن إصلاح أحوال العالم حسب رأيك؟ فقال: إذا مشى على أسس الموعظة على الجبل. فلنجعل إذا ما تتضمنه هذه الموعظة قاعدة لحياتنا اليومية ونطبق نظامها السماوي بكل تدقيق.
ج- ومن الجبال التي يجب أن نذهب إليها لنرتفع عن المحيط الدنيوي في فساده وشره هو جبل التجلي الذي فيه نشاهد الرب يسوع في أمجاده العظمى لكي نتيقن إننا سنكون معه في مجده حينما يدعونا إليه. فكما ظهر موسى وإيليا ليمثلا رجال العهد القديم- ومعرف إن موسى انتقل من هذه الحياة عن طريق الموت وإيليا عن طريق الاختطاف، ولكي يكونا بحالة تليق أن يوجدا مع الرب ظهر بمجده- هكذا نحن يجب أن نصعد إلى جبل التجلي في حياتنا الروحية وبرؤى نفوسنا ومنية أشواق قلوبنا وبرجاء حي متيقنين أننا سنؤهل بعمل نعمته أن نوجد معه بحالة تليق.
فلنجعل دعوة الرب لنا واختياره إيانا كخاصة له، ان تجد فينا روح التلمذة الحقيقية والملازمة لسيدنا المجيد، فنرافقه بأرواحنا للتمتع بما تمتع به بطرس ويعقوب ويوحنا الذين اختارهم ودعاهم لمشاهدة العظمى في رؤية مجده والاجتماع إلى المختارين من رجال الله ثم لنشنف آذاننا بسماع صوت ألآب القدوس يعلن مسرته بابن محبته ويأمرنا بسماع أوامره والعمل بها.
د- ومن الجبال المستحقة أن تكون هدفا لنا لنصعد إليها ولا غنى عن وجودنا فيها هو جبل الجلجثة الذي عليه أكمل فادينا خلاصنا ومصالحتنا مع ألآب بدم نفسه وجعلنا مقربين وأحباء له. وحينما نوج روحيا عل هذا الجبل، لا يكفي أن نتأكد أن الفادي الكريم وفي كل حقوق العدل الإلهي ومطالبه بالنيابة عنا بموته حاملا خطايانا ومبررا إيانا ببره الكامل، بل ينبغي أن نذهب بالروح الآن إلى هذا الجبل لكي يضع كل واحد منا نفسه تحت الدم المسفوك من جسد المخلص المجيد حتى نتسل ونتنقى من كل ادران الآثام. وليس هذا فقط إنما أن نذهب إلى جبل الجلجثة لنشترك مع الرب بالاتحاد معه بالموت عن الخطية فنموت نحن عنها حتى يتسنى لنل أن نحيا معه بقيامته حياة روحية جديدة. وليقل كل واحد منا كما قال بولي عن نفسه ((ومع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في)) (غلاطية20:2).
هـ-ومن الجبال التي نحتاج أن نذهب إليها جبل الزيتون لكي ننظر الرب يصعد إلى مجده السماوي ويأخذ مركزه عن يمين ألآب ممثلا لنا وشفيعا بجسده الممجد. وحينما نرافق الرب بالروح لهذا الجبل، نظير مرافقة التلاميذ له، يمكننا أن نأخذ مثلهم الإعلانات الأكيدة الملائكية بان فادينا المجيد سيأتي هكذا كما صعد. وعندئذ نتيقن نحن أيضا حقيقة مجيئه الثاني إلينا. وكما فرح التلاميذ بالإعلانات السماوية التي طمأنت قلوبهم وعزتهم بان الرب لا يتركهم بل يكون معهم بروحه الذي سيرسله إليهم هكذا نفرح نحن بوجوده معنا. ويجدر بنا أن نتمثل بهم بالمثابرة على الصلاة بروح واحدة كما فعلوا إلى أن امتلأوا بملء الروح.
وعلى جبل الصعود نلاحظ أمرا هاما يبعث فينا الرجاء الحي بأن الرب الذي صعد من على جبل الزيتون سينزل على ذلك الجبل عينه، كما أوضح ذلك الوحي بفم النبي (زكريا4:14) بقوله ((تقف قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون الذي قدام أورشليم من الشرق)).
والرجاء الحي الذي يفرح قلوبنا إذا هو اننا سنكون معه عند رجوعه بعد ما يكون قد نقلنا إليه بالقيامة الأولى أو بالاختطاف. فيا له من مشهد عظيم الغبطة أن نرافق الرب لنملك معه!
فإلى هذه الجبال المقدسة يجب أن نرتفع بأفكارنا وبإيماننا وأشواق قلوبنا حتى نتنشق الهواء الروحي النقي وتنتعش نفوسنا بإلهنا الحي.
ثالث شيء:
نتأمل فيه في درسنا أنه يفرض فينا أن نحذر من الاختناق المتسبب عن عدم إمكان التنفس من الأنف بواسطته، لان عدم استعمال التنفس به ينتج عنه الاختناق في الرئة. والرئة في الجسم، كما نعلم، تعمل عملا لا ينقطع طيلة أيام الحياة، وذلك بمشاركة الأنف لها في العمل. فإذا انقطع عملها فترة قصيرة يقضى في الحال على الحياة الجسدية. وكم نسمع عن حودث التسمم التي تحصل باختناق الناس بالتفحيم،أي يكربون الفحم، لان الرئة حينا لا يمدها الأنف بالهواء النقي الجديد تمتلئ بالهواء الفاسد ويتوقف عملها ويحصل الموت العاجل. فكما يحصل هذا جسديا يجب أن نحذر من مادة الخطيئة السامة والأدناس الخانقة بل أن نجعل الأنف في نفوسنا يأخذ باستمرار الهواء النقي لكي تحافظ الرئة في الحياة الداخلية على القيام بوظيفتها للانتعاش الدائم.
رابع شيء:
نتأمل فيه بدرسنا انه يفرض علينا أن يكون في انفنا الطبيعي في الجسد التمييز الدقيق بين الأشياء التي تعرض عليه ويتنشقها، لأنه بهذا التمييز يعرف ما هو جيد ويوافق أن يشمه ويعرف الكريه الذي يسد المنفذ بوجهه حتى لا تدخل رائحته للرأس.
فكما ان حاسة الشم بالأنف دليل على سلامة الإحساس في الإنسان كذلك حاسة الذوق بالفم أيضا، وكلها تعبر عن وجود الشعور السليم الحساس، لان الحالين في هذه الناحية متقاربتان وتؤلفان شعورا مشتركا، والذي لا يحسن الشم ولا يحسن الذوق أيضا.
اني اعرف شخصا اسمه قبلان صلاح كانت مفقودة عنده هذه الحاسة المشتركة ولذلك تناول مرة غداء كاملا في بيته بغمسه الخبز بالقطران من صحن ظاناً أن الذي فيه من الدبس المشابه لونه للقطران.
على هذا الشكل كم نجد بين الناس من هم في روحياتهم لا يميزون بين القطران والدبس في مذاقهم للطعام، بين الطعام المقوي للحياة وبين الذي يسمم النفس. لا يميزون بين الرائحة النقية المنعشة بكلمة الرب وبين رائحة التعليم الغريب والبعيد عن الحق. عندهم كل شيء مقبول ويأخذون بلا فرق ودون أي تمييز، ذلك لان الحاسة الحية في نفوسهم معطلة. إن قُدّم لهم طعاما من غير أقوال الله المحيية يلتهمونه، غير مميزين. والرسول بولس في (فيلبي9:1و10)ينبهنا للتميز الضروري بقوله ((وهذا أصلّيه أن تزداد محبتكم أيضا أكثر فأكثر في المعرفة وفي كل فهم حتى تميزوا الأمور المتخالفة لكي تكونوا مخلصين وبلا عثرة إلى يوم المسيح)).
وبعدما نظرنا في هذه الأشياء التي تفرض أن تكون الحاسة الروحية فينا جيدة نظير حاسة الأنف السليمة في الجسد، يعوزنا الحال أن ننظر في ضرورة أخرى وهي وجود الرائحة الطيبة في حياتنا أي أن نشتم قبل كل شيء رائحة نفوسنا لنحكم على ذواتنا قبل أن نحكم في الروائح الخارجية وذلك بالطرق الآتية:
الطريقة الأولى:
أن نعرف أنفسنا إن كانت فيها رائحة القداسة وان نكون كعروس المسيح الذي يروق له، كعريسنا السماوي، أن يشتمها ويسر بها. ففي سفر نشيد الانشاد المرموز به للكنيسة كالعروس والمسيح كالعريس، نجده يعبر فيه عن سروره برائحة عروسه بقوله: ((رائحة انفك كالتفاح)) (نشيد8:7). ويستعمل الكتاب رمزا آخر للكنيسة مشبهاً إياها بلبنان حيث يقول في (هوشع6:14) ((تمتد خراعيبه ويكون بهاؤها كالزيتونة وله رائحة كلبنان)).
ومن الإنجيل المقدس نعلم أن الرب نفسه كان يسرّ بالرائحة الطيبة ويقبل تقديمها له ووضعها على جسده نظير رائحة الطيب الذي سكبته مريم، والذي دهنت المرأة الأخرى رجليه به. وعلى هذا القياس لا نشك في انه يريد أن يجد فينا رائحة طيبة تقدم له.
الطريقة الثانية:
هي أن نلبس نحن ثياب بر المسيح حتى يشتم ألآب السماوي منا الرائحة الطيبة لكي يباركنا. لأننا نقرأ في (تكوين15:27-29) أن يعقوب لبس ثياب عيسو البكر وذهب إلى أبيه ليطلب البركة منه. وحين اشتم اسحق رائحة ثياب عيسو المألوفة لحاسة شمه باركه. ففي عدد 27 من هذه الأعداد نقرأ هكذا ((فتقدم وقبله. فشم رائحة ثيابه وباركه)). حقا أن البركة لم تكن ليعقوب أصلا لأنه ليس بكر أبيه، ولكنه أخذها لأنه تقدم باسم عيسو البكر وبثيابه التي لبسها. وهكذا نحن لا يحق لنا بأخذ البركة من أبينا السماوي، لأننا بسبب الخطية تدنسنا وصرنا مستحقين أن نأخذ اللعنة بمقتضى عدل الله، ولكن حين نتقدم باسم الابن الحبيب المبارك لابسين ثياب بره التي تحمل رائحته الجيدة نستطيع أن ننال بركة ألآب القدوس، لان مخلصنا الكريم هو الذي حمل لعنة الناموس بالنيابة عنا وهيأ لنا البركة الكاملة.
الطريقة الثالثة:
هي أن نجعل رائحة المسيح الطيبة تفوح من حياتنا وتظهر في معرفتنا بكل ما نلناه من محبة الفادي وعمل خلاصه.
فكما نلاحظ أن الإنسان الذي يضع على ملابسه رائحة عطرية يجعل الآخرين يشتمونها عن بعد, هكذا نحن كمخلَّصين بنعمة الرب وكمؤمنين حقا به ينبغي أن نكون كما قال الرسول بولس في (2كورنثوس14:2و15) ((شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون)). فعلينا أن نمتلئ من معرفة الرب، لأنه عندما تمتلئ حياتنا منها لا يمكن أن تخفى بل يلاحظ الجميع وجودها كرائحة المسيح، فتنبعث من أقوالنا ومن أعمالنا وفي معاملتنا مع الآخرين.
و الرائحة الطيبة التي يجب أن تظهر فينا كمؤمنين بالحق تفتقر إلى بعض أحوال مماثلة في الأشياء الطبيعية، كالسحق مثلا إذ أن حب الهال لا تظهر رائحته إلا عند سحقه، والحبق لا تظهر رائحته إلا عند هزه، والبخور لا تظهر رائحته إلا عند إحراقه. وعلى هذا الشكل يجب أن نحتمل من اجل سيدنا ومن اجل إنجيله كل ضغط ومقاومة وآلام لكي تظهر فينا رائحته ونتمثل به. والرسول في (عبرانيين3:12) يقول ((فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلّوا وتخوروا في نفوسكم)). والرسول بولس يقول عن نفسه ((لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبها بموته)) (فيلبي10:3). فرائحة المسيح تظهر في حياتنا في تحملنا الأتعاب والاهانة من اجله وحينما نظهر بمظهر إنكار الذات ومحاربة الخطية بقوة تستمد من قوته فينا.
الطريقة الرابعة:
الضرورية لوجود الرائحة الطيبة تنبعث من حياتنا كأعضاء في جسد المسيح هي قبولنا النفخة الإلهية في أنوف نفوسنا،لأننا بدونها نحن مثل آدم عندما خلقه الله بكيان كامل ولكن بدون حياة ولم ويصر نفسا حية إلا حينما نفخ في انفه نسمة حياة فصار آدم نفسا حية (تكوين 7:2). وما علينا إلا أن نقبل النفخة السماوية بشكل أفضل بما لا يقاس من نسمة الحياة التي حصل عليها آدم، لأنه بتلك النفخة كانت له حياة جسدية أما فعندما ينفخ الله في أنوفنا الروحية نفخة جديدة من روحه نصير خليقة روحية جديدة ونحيا حياة جديدة.
الرب يسوع وجد تلاميذه بحاجة إلى نفخة من روحة لكي يحيوا حياة أفضل من الحياة التي تمتعوا بها. لذلك نقرأ في (يوحنا22:20) ((ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس))، وكان قبولهم لنفخته عربوناً لامتلائهم من الروح في يوم الخمسين. فحاجتنا إذا أن نفتح الحاسة الروحية في نفوسنا ونقبل روح الله ((لأنه ليس بكيل يعطي الله الروح)) (يوحنا34:4).
وهنا لابد لنا من النظر في ملاحظتين: الأولى، إن الإنسان بلا وجود روح الله فيه هو عبارة عن تمثال مركب من المادة بلا حياة نظير الأشخاص القائمين في واجهات المخازن التجارية. الثانية، إن النفخ بروح الله لا يمكن أن تأتي للإنسان ما لم يكن قد أُعدَّ لقبولها. فآدم أعده الخالق بشكل كامل الجسد، والذي كان ينقصه هو نسمة الحياة, فوهبه إياها الله والتلاميذ أعدهم الرب يسوع بتلمذته إياهم وبإتباعهم إياه وقبولهم سيادته في حياتهم بالإيمان. وبعدما أكمل إعدادهم ووجد انه ينقصهم النفخة من روحه نفخها فيهم. فلنجعل ذواتنا مهيئين بروح التلمذة والإيمان وقبول روح الرب لكي نحيا من جديد به، وعندئذ تتصاعد صلواتنا كبخور، لان الوحي يصف صلاة المؤمنين في (رؤيا8:5) ((جامات من ذهب مملوة بخورا هي صلوات القديسين)). ومن الرب نلتمس أن يجعل كل واحد منا مبخرة مقدسة مملوة من بخور العبادة الروحية لتمجيد اسمه القدوس.
- عدد الزيارات: 5525