الدرس التاسع بوليكارب
(من ٦٩ - ١٥٦ ب ٠ م )
كان بوليكارب أسقف مدينة ازمير في آسيا الصغرى ومن رجال الكنيسة البارزين في القرن الأول الميلادي . وقد ولد من أبوين مسيحيين في مدينة أفسس عام ٦٩ ب. م. وتتلمذ على يد يوحنا البشير . وحظي بوليكارب بعِشرة كثيرين ممن رأوا المسيح بالجسد . ورعى كنيسة ازمير ، وكان خير مثال لسكان تلك المدينة بسيرته وأعماله . وقويت الكنيسة بفضل رعايته الرشيدة . وله عدة رسائل مملوءة بالتعاليم والارشادات التي كان يعمِّمها على كنائس اسيا الصغرى. وحصل ان وقع اضطهاد على المسيحيين في زمانه وكانت ازمير مسرحًا لاشد الفواجع . واضطر بوليكارب ان يلجا الى قرية متاخمة وهناك ظل يصلي من أجل الكنيسة .
وقام الأعداء بجملة تفتيشية عن المسيحيين ، وتحت ضغط التعذيب دل احد خدام بوليكارب عن مكان سيده . وعندما بلغه الجنود بقي محافظاً على اتزانه ، وسلّم نفسه إليهم بكل هدوء ووقار . وسألهم أن يمنحوه فرصة للصلاة ، فصلى بحرارة من أجل اعدائه وعندما مثل بين يدي الحاكم
- قال له الحاكم : قدم لقيصر البخور وادع له .
- اجاب بوليكارب : لست بعازم ان اصنع هذا.
- قال الحاكم: اعلم انك بهذا تنجو من الموت فاشفق على شيخوختك!
- اجاب بوليكارب : اني خادم المسيح الامين .
قال الحاكم : انصحك ان تدعو لقيصر وتشتم المسيح .
أجاب بوليكارب بقولته الشهيرة : لمدة ست وثمانين سنة وانا اخدم سيدي بامانة وهو لم يسئ الي بشي. فكيف أجرؤ أن اجدِّف على هذا السيد الذي خلصني وفداني ؟
وعندما ربطوه إلى العمود ليحرقوه تطلع بطل ازمير إليهم وقال : " لا حاجة بان تسمروا جسدي فالذي أعطاني القوة لأن احتمل الاهانة هو نفسه يعطيني القوة لأن انتصب وسط النيران بدون شي ارتكز عليه وصلى قائلا :
" أيها الإله العظيم أبو ربنا يسوع المسيح اني اباركك لانك اخترتني في هذه الساعة لاكون واحداً من الشهداء الذين يتجرعون كأس الموت من أجل الشهادة باسم ابنك الحبيب. فأنا قد مجدتك في حياتي وها أنا الآن امجدك في مماتي " .
واحتفظت الايام بالرسالة التي كتبها مسيحيو كنيسة ازمير عن استشهاد اسقفهم المحبوب ، فقد جاءَ فيها انه عندما أشعلت النيران تحته احاطت ألسنتها به من كل ناحية ولكنها لم تمس جسده . وعندما رأى جنود الرومان ذلك طعنوه بحربة خشية أن توقره النار ولا تحرق جسمه ، وسالت من جسده كميات من الدماء أطفأت النار المتأججة . ورفض المسؤولون أن يسلموا الجسد الى اصدقائه بل حرقوه . لكن أتباعه بادروا الى جمع بقايا عظامه وجعلوها في صندوق كانوا يضعونه على المائدة المقدسة اوقات اجتماعاتهم السرية . وتقول الرسالة في الختام انه هكذا كانت نهاية بوليكارب - وهو كان كان الشهيد الثاني عشر من المسيحيين في إزمير إلا أن ذكره ظل حياً لدى المسيحيين والوثنيين زمناً طويلاً….
وهكذا مات بوليكارب شهيداً . وجمع أتباعه رماده وبقايا عظامه ، واحتفظوا بها في مكان أمين لأنهم اعتبروها أثمن من الذهب وأنفس من الجواهر . فمات بوليكارب كما عاش جندياً باسلا من جنود المسيح و باستشهاده نال إكليل المجد .
واليكم بعض ما جاءَ في وصية بوليكارب للوعاظ : " ليت الوعاظ يكونون عطوفين ورحومين ، ليتهم يجدون مأوى لمن لا مأوى له .. ليتهم لا يهملون ارملة ولا يتيماً... ليتهم لا يتعشقون المال ويعملون الصلاح .... ليتهم لا يتسرعون في الأحكام ويصفحون عن الزلات . ولنذكر أننا كلنا سنقف امام الديان ونقدم له الحساب في اليوم الأخير "
اسئلة
(۱) لماذا اضطهد الرومان المسيحيين ؟
(۲) اذكر ما جرى عند محاكمة بوليكارب وليمثل أحد الطلاب دور الحاكم وآخر دور بوليكارب .
(۳) اقتبس بعض ما جاءَ في الرسالة التي كتبها مسيحيو ازمير عن استشهاد اسقفهم.
(٤) ما هو أثر القيادة الروحية في حياة الكنيسة ؟
(ه) ماذا تجد في حياة بوليكارب لأخذها مثالاً لك ؟
(٦) لماذا نمجد أصحاب العقائد الذين يضحون حياتهم في سبيلها ؟
- عدد الزيارات: 29