الدرس الثامن آباء الكنيسة والكتاب المسيحيون
ظهر نفر من الأشخاص في عهد الكنيسة الأولى الذين اشتعلت قلوبهم بروح الإيمان، فعملوا على توطيد أركان الكنيسة المسيحية في عهدها التكويني . انهم صمدوا بمبادئهم في وجه الاضطهادات العنيفة ، ودافعوا عن العقيدة المسيحية التي كان عليها أن تواجه ضغطاً عبرياً ووثنياً شديد الوقع والأثر . وإن لم يكن هؤلاء الأشخاص من رجال العلم والفلسفة إلا أنهم كانوا مملوئين من الروح القدس، وشاعرين أنهم أصحاب دعوة وارسالية من الماء. وظهر معظم هؤلاء الآباء في أنطاكية أو قرطاجنة او الاسكندرية أو المدن الاخرى التي كانت مركزاً للإشعاع الفلسفي في ذلك العصر . وبعض هؤلاء الاباء جاءوا قبل مجمع نيقية ، وآخرون عاصروه او جاءوا بعده . وفي الوسع تقسيم آباء الكنيسة الى ثلاث فئات:
اولاً : الآباء الرسوليون وهم الذين كانت لهم علاقة بالرسل ، فبعضهم عاصر الرسل ، وآخرون كانوا تلاميذ لمن عاشوا في زمن الرسل . ومن هذه الفئة كلمنت الاسكندري ، وبرنابا ، والقديس أغناطيوس .
ثانياً : الآباء المدافعون عن الإيمان المسيحي . وكان هؤلاء من الفلاسفة الذين اعتنقوا المسيحية في أواخر حياتهم. وعندما قبلوا التعاليم المسيحية تحمسوا لها وأخذوا يكتبون دفاعاً عنها وعن الحق المسيحي. ومن هذه الفئة یوستن مارتر ، وطيطيانوس.
ثالثاً : الآباء المحاربون للبدع والهرطقات . وامتازت عصور الكنيسة الأولى بكثرة ظهور البدع والهرطقات ، ونعني بالبدع والهرطقات الخروج العقائد المسيحية المعترف بها . وكثرت البدع لان المسيحية كانت عن تجتاز دورها التكويني، ولم يكن لها انظمة موحدة ، او دستور تسير بموجبه . وكان من هذه الفئة المحاربة للبدع : ايرينيوس ، أوريجينوس ، و ترتليان ، وكيريان.
ويرجع الفضل الى هؤلاء الآباء في تثبيت دعائم المسيحية والصمود في وجه المقاومة الوثنية . وهم الذين حفظوا لنا التراث المسيحي النقي إذ وقفوا سداً منيعاً في وجه من حاول تعكير صفائه أو تشويه أوضاعه بالبدع والهرطقات . وقد ترك هؤلاء الآباء ميراثاً ثميناً من المؤلفات والكتابات التي تعتبر مراجع قيمة وثمينة للكنيسة المسيحية .
ولاقى هؤلاء الآباء اضطهادات عنيفة من الرومان و من باقي العالم الوثني.
وكثير منهم عُذب ونُفي وطُرح للوحوش. وما أكثر الذين استشهدوا منهم في  سبيل عقيدتهم ، وولائهم للمسيح وقد غدا دماء هؤلاء الشهداء بذاراً للكنيسة، ومصدر قوة لها ، وسبباً في انتشار رسالتها وامتداد سلطانها.
وامتاز معظم الآباء بالوعظ والكتابة ، ولا غرابة فقد كانت غايتهم الدفاع عن الحق المسيحي ونشر رسالة الإنجيل . وقد ظهرت طائفة  من الكتَّاب الذين اهتموا بتفسير كلمة الله وبكتابة المباحث اللاهوتية، ومع توالي الايام غدت خزانة الادب المسيحي غنية بامثال هذه التآليف والتصانيف ، وبالكتب الدينية والروحية . وها اننا نجد في عصرنا الحديث ان اكثر الكتب رواجاً هي تلك التي تحمل طابعاً روحياً أو مبنية على قصص الكتاب المقدس - أمثال ابن حور ورواية الرداء كوفاديس والكأس الفضية .
فالكتاب المقدس كان الركن الأساسي في الأدب المسيحي وقد كان لهذا الكتاب تأثير كبير على حياة الناس في كل الأجيال . وقد تأسست في العصور الحديثة دور للطباعة والنشر لتعنى بطبع وبيع الكتب الدينية . وفي المحلات التبشيرية الحديثة كان للرسالة المطبوعة والأدب المسيحي الفضل الكبير على نشر الدعوة المسيحية . ولا عجب فالكتب هي الرابطة التي تربطنا بأرواح القديسين والعظماء ، والكتاب المقدس هو الذي حفظ الدين المسيحي ، والكتب الروحية هي التي تنير لنا طريق الحياة.
فالصفحة المطبوعة لا تعرف حواجز ولا حدوداً ، ولا تظهر جبناً أو حياء عندما تقابل الناس ، هي تسافر مجاناً ، وهي زائر يدخل البيوت ويبقى فيها وهي تهز المشاعر وتتكلم لأصحابها في ساعات الهدوء والصفا .... وقد كان للكتاب المقدس الفضل في الاحتفاظ بالكنيسة المسيحية حية على مدى الأجيال. والأدب المسيحي يبذر البذور لإثمار طيبة تمهد للحياة الفاضلة وللفردوس المنشود.
اسئلة
(۱) اذكر الفئات الثلاث لآباء الكنيسة ؟
(۲) ما هي أخطر البدع التي كان على الآباء في ذلك الوقت أن يقاوموها ؟
(۳) ماذا كانت تقدمات هؤلاء الآباء للكنيسة المسيحية ؟
 (٤) علق على هذا القول " ان دماء الشهداء كان بذار الكنيسة "
 (ه) تكلم عن تأثير الأدب المسيحي على حياة الكنيسة . 
(٦) اذكر أسماء بعض الكتب المسيحية المشهورة . وعدد بعضاً من دور النشر المسيحية المعروفة .
- عدد الزيارات: 31