Skip to main content

الدرس الحادي عشر القديس جيروم

( من ٣٦٠ او ٣٤٥ الى ٤٣٠ ب .م )
القديس جيروم ويدعى ايضاً بالقديس إيرونيموس كان رجل الخير والصلاح الذي صرف قرابة الثلث قرن في بيت لحم يترجم الكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية . وهو من آباء الكنيسة الذين جاءوا بعد العهد النيقاوي.
نشأ جيروم في إحدى المدن الإيطالية الواقعة على بحر الادرياتيك . وعندما
كبر توجه إلى روما ليتم دراسته فيها، وهناك اتقن اللغتين اليونانية واللاتينية . وكان في أول الأمر يقلد شباب العصر الأثرياء فيصرف أوقاته في ارتياد الملاهي والتردد على الحمامات . ولكن حياته تغيرت على إثر رؤيته حلماً فيه وبَّخه الرائي لانه كان يصرف اوقاته ويبذل قراء في سبيل الفلسفة الوثنية ويهمل قراءة الكتاب المقدس وكتب المسيحيين ، ومن ذلك الوقت اخذ جيروم يزور ايام الآحاد بعض السراديب التي اعتاد المسيحيون ان يقيموا عباداتهم فيها . وكثيراً ما كان يقرأ على  جدران الكهوف والدهاليز بعض العبارات التي تفيض بروح الإيمان وما أسرع ما أثرت هذه العبارات عليه وعملت على تقوية إيمانه وجعلته يجب الدين المسيحي.
ولم تطب له الاقامة في روما فقصد ديار الشرق ، وكان جيروم بطبيعته يميل الى حياة الانفراد ، ويهوى الدراسات والمطالعات . وقدم الى انطاكية ولكنه لم يمكث فيها بل ذهب ليعيش في دير في برية قنسرين يبعد عنها ٥٥ ميلا . واخيراً عاد الى روما لإتمام دراسته الدينية فيها ، وهناك اتخذ له بيت سيدة ارملة مركزاً للتبشير . وكان بيت هذه الأرملة المدعوة مرسيلا ندوة الرومانيات الراغبات في الدراسات الدينية وتأثرت الكثيرات منهنّ من مواعظه حتى ان البعض من جراء تعليمه لهنّ ومباحثاته معهنّ قدمنَ اموالهنّ لبناء الكنائس مقررات أن يعشن عيشة التقشف، ومنصرفات إلى الصوم والصلاة. ورافقته سيدة تعرف باسم پولا الى البلاد المقدسة حيث انتهى بهما المطاف إلى بيت لحم فاستقرا هناك وبنى جيروم في بيت لحم وبالقرب من كنيسة المهد ثلاثة أديرة واحداً له ولاتباعه ، والثاني لبولا وحاشيتها والثالث خصصه للحجّاج الذين يتوافدون على بيت لحم لزيارة كنيسة المهد ، وقضى جيروم في بيت لحم ما يقرب من الثلث قرن وصرف معظم حياته في التأليف والتعبّد.
ونجده في تلك المدة يواظب على درس المخطوطات العبرانية ، فيتصل بعلماء التوراة للتفتيش عن المخطوطات القديمة التي كانت في الأديرة والمعابد في فلسطين. وعكف على ترجمة الكتاب المقدس الى اللغة اللاتينية في المغارة المجاورة لمذود المسيح. وقد عرفت ترجمته للكتاب المقدس " بالفولكاتا " (Vulgata) وسميت كذلك لأنها كتبت بلغة الشعب.
ولم تُستقبل هذه الترجمة في بادىء الامر بحماس شديد بيد أنها ظلت لمدة ١٤ قرناً الترجمة الوحيدة المستعملة في الكنائس الغربية . وعندما شُرع بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغات القومية كانت " الفولكاتا " المرجع العظيم لهؤلاء المترجمين .
وفتح جيروم لأهل بيت لحم مدرسة دينية . وفسر للناس بعض ما جاء في الأناجيل، وعندما هاجم الرك (Alaric) ، ملك الغوط، مدينة روما هرب الكثيرون من وجه ذلك الفاتح والتجأ البعض منهم الى بيت لحم . فهب جيروم لإيواء هؤلاء اللاجئين وإطعامهم مجسماً تعاليم الإنجيل بالعمل عن طريق المحبة المسيحية والخدمة الاجتماعية.
وعندما حلَّت النكبة بروما قال : " انا لا استطيع ان اتابع دراساتي بل أشعر أن الوقت أصبح مؤاتياً لترجمة وصايا كتاب الله ليس بالأقوال فقط بل بالأفعال . وها هم اللاجئون المطاردون يتوافدون على مدينة مهد المسيح طالبين الراحة والاستقرار وأن مجال العمل مفتوح أمامي الآن . وتعب جيروم من أعماله المضنية وخصوصاً العناية باللاجئين ، وأنهكت الأشغال قواه ولم يعد يقوى على القراءة والمطالعة لضعف بصره . واخيراً وافته المنية عام ٢٠ ٤ ب . م . فدفن في كهف في تلك البقعة التي دعاها الفردوس الارضي والتي لا تبعد كثيراً عن المغارة التي ولد فيها سیده المسيح . ومات جيروم بعد أن قدم للعالم المسيحي " الفولكاتا " وبها خلد اسمه وهكذا غدا هذا القديس كوكباً لامعاً في سماء المسيحية.

اسئلة
(١) كيف ترجم الكتاب المقدس إلى اللاتينية ؟ وما هي الفولكاتا ؟ 
(۲) عدد الخدمات التي قام بها القديس جيروم.
(۳) لماذا رافقت پولا جيروم الى بيت لحم، وما هي الآثار التي تركاها هناك ؟
(٤) ماذا يخبرك الدليل لو زرت كنيسة المهد واقتربت من مغارة المذود ؟
(٥) ما هي ترجمات الكتاب المقدس في اللغة العربية ؟

  • عدد الزيارات: 22