الدرس الثاني عشر القديس أوغسطين
( من ٣٥٣ الى ٤٣٠ ب . م )
يعتبر أوغسطين من رجالات الكنيسة المسيحية اللامعين ، وهو من الآباء الذين وضعوا أساسات الكنيسة المسيحية وأمدّوها بقوة للانطلاق طيلة القرون الوسطى بمباحثه اللاهوتية وكتاباته النفيسة  التي هي درر في خزانة الأدب المسيحي .
ولد أوغسطين قرب مدينة قرطاجنة في شمال أفريقيا ، في منتصف القرن الرابع ، وكانت أمه مونيكا قد اعتنقت الدين المسيحي ورغبت ان تغرس هذه المبادئ فيه منذ صغره. ولكنه انصرف في شبابه إلى الأمور الدنيوية والى طياشات الصبى . 
وما أكثر ما ذرفت والدته الدموع من أجله . ولمونيكا تأثير كبير على تغيير حياة أوغسطين وتهيئته لقبول المبادئ المسيحية . ومن معين دموعها اهتدى أوغسطين العابث واصبح قديساً لأنه تأثر كثيراً من محبة والدته وصلاتها المرفوعة من أجله .
وزاول أوغسطين مهنة التعليم ، واستدعته ميلان ليحاضر في مدرستها في علوم البلاغة والبيان ، وهناك التقى بالاسقف امبروز وتأثر كثيراً من حياته الطاهرة واعتمد على يده . وانشد امبروز ، أسقف ميلان ، عندما اعتمد أوغسطين نشيد البيعة المقدسة المعروفة " بالتيديوم " والذي يبدأ بالكلمات  التالية : اللهم انَّا نسبح لك ونعترف بانك انت الاب " وقد تلى هذا النشيد بالمناوبة عندما عمد الاول الثاني سنة ۳۸۷ .
 ويعتبر هذا النشيد آخر ترنيمة أخرجتها الكنيسة المسيحية في عهودها الأولى .
وقد دون أوغسطين قصة اهتدائه بما يلي قال : كنت ذات يوم ابكي ندامة على خطاياي واذ بي اسمع صوتاً ينبعت من بيت مجاور ويقول : خذ واقرأ وأصغيت إلى الهاتف خارجاً ، وللحال مسحت دموعي وتوخيت الى الدرج حيث كان رفيقي قد وضع رسائل بولس ، فتناولت الكتاب المقدس وقرأت بهدوء ما ورد في رسالة رومية : " لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسكر لا بالمضاجع والعهر ، لا بالخصام والحسد ، بل البسوا الرب يسوع ولا تصنعوا تبريراً للجسد لأجل الشهوات" (رومية ۱۳ :١٣ و ١٤ ) ولم اكن في حاجة الى ان اقرأ اكثر اذ عندما انتهيت من هذا شعرت بأن سحب الشك قد تبددت من أمامي حيث حل الصفاء في اعماق قلبي ، وقبلت المسيح سيداً لحياتي .
ولأوغسطين أبحاث لاهوتية قيمة وكتب خالدة وهي من أروع وأنفس ما كتبه الآباء المسيحيون الأوائل . وكان أسلوبه في اللغة اللاتينية أسلوباً ممتازاً . واشهر كتابين له هما : " مدينة الله " و " كتاب الاعترافات " . وفي اعترافاته يكشف لنا الكثير عن خلجات قلبه وصراع نفسه . وفيه سرد تفصيلات الخطية والطريق الايجابية لمحبة الله . وله مواعظ ذات تعمق ديني ومجموعة من الصلوات التي تنم عن اشواق نفس متعطشة إلى الله . فقد استطاع أوغسطين أن يوفق بين روح العلم ومبادئ الدين ، وكتاباته نشطت فرق المتصوفين و اللاهوتيين في القرون الوسطى .
ولنستمع إليه يتحدث عن تعليم الحق ومعرفة الله فيقول : " لقد علمتني يا الهي بطرق عجيبة وسرية . وأنا اؤمن بما علمتني اياه لانك انت هو الحق ، ولا أحد سواك يعرف الحق ويستطيع أن يوضحه لي ... دعني اعرفك يا الله كما عرفتني انت . فيا قوة روحي ادخل اليها لتتملكها كلها ، لأن قلوبنا تظل قلقة حتى تجد راحتها فيك "
واسمعه في كتاب الاعترافات يعبر عن روح القرون الوسطى إزاء الكون ومعرفة الله عندما يقول :
" لقد سألت الرضا عن الله فأجابتني : انا لست هو . . . وسألت البحر
والاعماق والكائنات الزاحفة فأجابت : لسنا الهك فابحث عنه في العلاء . ثم سألت السماوات والشمس والقمر والنجوم فقالت : لسنا الله الذي تبحث عنه ... وعندها اجبت جميع الأشياء التي أبصرتها بأم عيني لقد قلت عن الهي انك لست هو ! . . . افلا تخبريني شيئاً عنه. فهتفت كلها بصوت عال : نحن جميعنا خليقة الله فهو الذي خلقنا وصنعنا وكوننا " .
اسئلة
(۱) تكلم عن حياة اوغسطين الاولى وبيئته وتأثير أمه مونيكا على حياته.
(۲) كيف كان اهتداء أوغسطين للايمان المسيحي ؟
(۳) ماذا كانت علاقة أوغسطين بامبروز أسقف ميلان وراجع نشيد " التيديوم " في كتاب العبادة الجمهورية صفحة ١٣
(4) اذكر كتابين مشهورين لأوغسطين مع ذكر بعض المواضيع التي استهدف إليها في كتاباته.
- عدد الزيارات: 24