Skip to main content

شخصيات الكتاب المقدس المرأة الفينيقية

مت ۲۱:۱۰-۲۸

بقلم : القس يوسف قسطة

حين نفكر بيسوع المسيح نرجع بافكارنا الى فلسطين ففي فلسطين ولد المسيح

و في فلسطين عاش المسيح و في فلسطين خدم المسيح و في فلسطين صلب المسيح وفي فلسطين مات المسيح و في فلسطين قام المسيح

غير أن يسوع لم ينس لبنان ، بل شمله بعطفه ولطفه ، بحنانه واهتمامه : جاء إلى تخوم صور وصيدا (لبنان الجنوبي) فرأى شيئاً :

اثلج صدره

و ابهج قلبه

و اثار دهشته و اعجابه . رأى ايماناً عظيماً

لا شيء يثير اعجاب يسوع وتقديره وفرحه اكثر من الإيمان العظيم.

 هل تعرف ايها القارىء العزيز اين رأى يسوع هذا الإيمان ؟ رآه في امرأة

وثنية فينيقية.

فمع أنها كانت بسيطة في مظهرها

 أمية في علمها

 ضعيفة في قوتها

فقيرة في عيشتها

لكنها كانت عظيمة ... في ايمانها . وهنا سرّ العظمة الحقيقية. فاذا اردت

أن تعرف مقدار عظمة إنسان :


لا تسل عن جماله واناقته

لا تسل عن اسمه وسمعته

لا تسل عن علمه وثقافته

لا تسل عن أصله ونسبه

لا تسل عن لونه وبشرته

لا تسل عن ماله وثروته

 لا تسل عن لسانه ولغته

 لا تسل عن نفوذه وقوته 

لا تسل عن أخلاقه وصفاته

لا تسل عن بلاغته وفصاحته

 لا تسل عن ميوله واتجاهاته

 لا تسل عن برامجه ومشاريعه

 لا تسل عن عمره وفتوته 

لا تسل عن ارائه وفلسفاته

لا تسل عن احساناته وحسناته

لا تسل عن أعماله وإنجازاته

لا تسل عن مؤيديه وشعبيته

لا تسل عن سياسياته واجتماعياته

لا تسل عن سفراته ورحلاته

 لا تسل عن مقامه ومكانته

بل سل عن شيء واحد وحيد . سل عن إيمانه . فالرجل العظيم هو رجل الإيمان، حتى ولو كان إيمانه بمقدار حبة خردل . 

هذه المرأة كانت من هذه العينة ومن هذا الطراز - من ذوي الإيمان العظيم. ورجائي ان تكون انت كذلك. وإليك الآن نوعية هذا الإيمان :

كان ايمانها عظيمًا.

اولاً - لأنها آمنت بيسوع المسيح، والايمان هو تسليم واستسلام للمسيح ، كما يستسلم المريض للطبيب . فهو ليس مجرد تصديق عقلي ولا عقائد موروثة عن الآباء والأجداد بل :

اقتناع شخصي

وتسليم طوعي

واختبار داخلي

هكذا كان إيمان هذه المرأة .

سمعت عنه

آمنت به

وذهبت اليه

سمعت انه صانع الآيات وموتي الاعاجيب : يشفي المرضى ويخرج الأرواح بكلمة. وآمنت أنه يقدر أن يمنح الصحة والشفاء لابنتها التي كسرت قلبها .

 فقصدته وأخبرته عن حاجتها قائلة : " ارحمني يا سيد يا ابن داود. ابنتي مجنونة جداً ". وهكذا نفضت عنها غبار الأصنام .

هذه هي خطوات الإيمان في كل عصر و آن . وليس ثمة طريقة أخرى في الكتاب المقدس.

 وكان ايمانها عظيمًا :

ثانياً - لأنها آمنت الإيمان الذي يصمد في وجه الامتحان .

يدّعي الكثيرون من الناس أن لهم ايماناً وأن ايمانهم عظيم . ولكن ما أن يتعرض إيمانهم لإمتحان قاس حتى يتداعى وينهار فوراً. الإيمان الذي نقصده هنا هو أشبه بالذهب مع انه أثمن من الذهب . فهو لا يُعرف إلا بالمحك الذي وحده يحكم بصحته أو عدمها .

هكذا كان الحال مع هذه الم بكلمة . ولكثرة لرأة. فقد تعرض إيمانها لامتحان صعب من المسيح وتلاميذه. صرخت الى يسوع فلم يجبهاجاجتها انزعج التلاميذ منها وطلبوا إلى المسيح أن يصرفها . وفوق هذا اخذ يسوع يوجه اليها كلمات حرجة صعبة بقصد امتحانها . قال لها : " لم أرسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة" ، لكنها جاءت وسجدت له قائلة : " يا سيد اعني " . فقال لها : " ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب " . فقالت : " نعم يا سيد . والكلاب ايضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها " . اي " انا ارضى ان اكون ككلب ، لان الكلب يصيبه شيء من الخبز المتساقط عن المائدة " . ، فهي لم تيأس ولم تفشل ولم تتراجع بل على العكس صمدت في وجه الامتحان وبقيت تطلب من الرب الرحمة والعون . وهذا ما أثار دهشة المسيح .

يا للايمان العظيم

يا للجوهرة النفيسة

يا للنرجسة الفواحة

ويا للزنبقة البيضاء ، تنبت في أرض مليئة بالأتربة والاشواك والأوحال . إن هذه المرأة تخجلني و تجعلني أضع رأسي في التراب واقول : يارب زد ايماني .

وكان ايمانها عظيماً :

اخيراً - لأنها آمنت الإيمان الذي ينال …. فالإيمان الذي لا ينال شيئاً ليس ايماناً بل ليس شيئاً . ألا يقول الكتاب عن ابطال الايمان انهم " قهروا ممالك ، صنعوا براً ، نالوا مواعيد.. " (عب ۳۳:۱۱) . 

هابیل نال رضى الله

اخنوخ نال عدم موت

نوح نال البر الذي بحسب الايمان

سارة نالت قدرة على انشاء نسل .

موسى نال دعوة من الله للخدمة.

ابراهيم نال الميراث الذي وعده به الله .


راحاب نالت نجاة هي ومن لها ، وهذه الفينيقية ايضاً :

 نالت مديحاً من المسيح : " يا امرأة عظيم ايمانك " .

 نالت شفاء لابنتها : " ليكن لك كما تريدين " .

ونالت حياة لنفسها….

وكل من يؤمن ينال ولا يخرج فارغاً من عند الرب .

اخي القاريء ! هذه امرأة فينيقية أُعجب المسيح بايمانها جداً . وهو يقول لنا 

اليوم :

أيها الشرقيون كونوا كهذه الفينيقية

ليكن لكم ايمان عظيم كايمانها

وليكن لكم كما تريدون ...

  • عدد الزيارات: 15