الى أخواتي الرفاهية ...
الرفاهية، تلك العبارة البلورية الجميلة ، المرتسمة بأحرف ذهبية على فكر الإنسان وقلبه ، انها الجوهرة النفيسة التي يبذل كل امرىء كل جهده لنوالها. فهي حلم الرجل والمرأة امنية الشاب والشابة ومحبوبة الجميع.
إزاء هذه الرغبة الملحة للراحة والرفاهية ، قذفت المرأة بمجذاف محاولاتها المعهودة لتحصل على امنيتها ، فحقّقتها على حساب الرجل وبنت قصر راحتها الشامخ على صخور تضحيات الرجل واتعابه ، فاقتنت السيارات المريحة والاثاث البديع الذي يضم كل ما يضمن الراحة والانشراح لنفس ربة البيت . وبالإضافة إلى اقتناء الأدوات الكهربائية التي تقوم بالتنظيفات والغسيل وغيرها من الأشغال المنزلية بقيادة السيدة ، فهنالك خادمة ايضاً او خادمات يقمن بكل عمل متعب مضن.
ليس هذا فحسب ولكنك ياسيدتي قد حزت على ضمان راحتك واحترامك في أربع زوايا مجتمعك ، فليس من المسموح للرجل أن يتقدّمك بالدخول الى اي مكان، وان وجد مقعداً واحداً فانت تستريحين وهو يقف او ان كان هناك مجال للقيام بعمل ما ، فانتِ تقفين مكتوفة الأيدي وهو الذي يقوم به . هذا ما فرضته الاتيكيت الاجتماعية لأجلك . ولكن يا عزيزتي كل هذه العوامل والمساعدات ، تتكاتف لكي تجعل مادة شخصيتك مائعة ضعيفة ، وتولد فيك روح الاتكالية والانانية ومحبة الذات . وبما انني لست من عالمات الاجتماع فلن اتعرض لمعالجة هذه المشكلة الاجتماعية ولكني اعترض كل الاعتراض على شخصية روحية من هذا الطراز.
هنالك سيارات صنعت خصيصاً للسير في السهول والصحاري ، وإذا ما حاولنا استخدامها في تسلق الجبال العالية اكتشفنا عجزها و تقهقرها وعدم امكانياتها ، واذا استخدمناها لهذا الغرض وقعت فيها المعطلات وتوقفت عن المسير. فما يؤهلنا لأجله المجتمع هو السير في سهوله و صحاريه القاحلة بسهوله كاملة ، ولكنه لا يمكننا بتاتاً الارتقاء إلى جبال الشركة والإيمان والخدمة لان محرك حياتنا الضعيف لا يقوى على تحمل صعوبات الصعود المستمر.
ان الخطأ الكبير الذي نرتكبه يا اخواتي هو أننا نأتي بشخصياتنا المدللة المترفّهة ونرمي بها على درب الايمان العسر ، فنراها تتهشم وتتجرح وتتراجع .
اذاً ما العمل ؟ ما علينا سوى تحطيم الكسل والرخاوة وطرح الرغبة للراحة والرفاهية لكي نطيع دعوة سيدنا القائل : " فان اراد احد ان يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني . فإن من أراد أن يخلّص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من أجلي فهذا يخلصها " (لوقا ٢٣:٩ ٢٤) . اذًا دعوة المسيح لنا تتطلب التضحية الواسعة في إنكار الذات وفي كبت الجسد الذي يميل دائماً وابداً للخمول ، دعوة الله لنا لحمل الصليب الثقيل المتعب كل يوم . . وانّى لشخصياتنا المائعة على تحمل ذلك إذا ما رفضنا إدخالها في بوتقة التمحيص ، في فرن التدريب تحت مطرقة الروح القدس لكي يصيغ الله منا شخصيات فولاذية متينة تصمد في وجه كل تجربة وصعوبة . فان الرسول يشجعنا قائلاً : " أيها الأحباء لا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة لأجل امتحانكم" (۱بط ٤ : ۱۲) .
فالله يا اخواتي لا يريدنا ان نتمتع فقط بمضغ المن والسلوى اللذيذين ولكنه يحضرنا لايمان يجتاز البحر الأحمر ، لايمان ينال مواعيد ، يسد أفواه الأسود ، يطفىء قوة النار ، ينجي من حد السيف ، يقوي من ضعف.
فطفوليتنا الروحية تؤلم قلب الله كثيراً لأنه ينتظر منا نضوجاً ونمواً لنصبح بطلات ايمان قوي شديد.
اختي، ثقي ان بامكان الله ان يغير اعصابك الركيكة وعواطفك السريعة الانسياق، ويستطيع ان يغير شخصيتك العادية إلى امرأة عظيمة تقف وسط زوابع وعواصف العالم الهائجة على صخرة الإيمان القوي الكامل وقفة البطل الصنديد ، شرط ان تسمحي ليد الله على ابدال ضعفك الطبيعي بقوته الالهية الهائلة.
إن خطة الله لم تكمل بعد ، فهو يدرّبك ويمحصّك ويهيّئك للخدمة ، للعمل ، للجهاد ، انك مسؤولة أمام الله عن نفوس غالية ، اذ لديك البشرى لخلاصها وانقاذها من العذاب الأبدي.
فيا صاحبة الطبيعة الانثوية الرقيقة ليت لسان حالك يكون كقول ارميا : " أحشائي أحشائي توجعني جدران قلبي ، يئن في قلبي لا استطيع السكوت " (ارميا ١٩:٤) . ليتك تدوسي كل صعوبة ومانع يفصلك عن عن خدمة النفوس ، عن الزيارات التبشيرية ، عن الشهادة المستمرة لسيدك ، ليتك تصممي ان تضحي براحتك ورفاهيتك لأجل خدمة مخلصك . فلا بأس يا اختي بالسهر والنهوض المبكر ، لا بأس بالتخلي عن أوقات الراحة وسط النهار أو أوقات الزيارات الاجتماعية ، فليس لديك أكثر من فرصة واحدة لخدمة الرب وإرضائه في حياتك وتذكري ان يوم المجازاة ليس بعيداً.
فلتكن صلواتنا : " يا رب قوِّ ايماني ، زد ثقتي بقوتك وزد محبتي وغيرتي على النفوس الهالكة ، سيدي اني اضع نفسي على مذبح التكريس فاوقد نارك المدربة في واصغ مني اناء للكرامة نافعاً لخدمة السيد . آمين " .
ليكن شعارنا خدمة الرب وربح النفوس ، لاحياة الراحة والرفاهية.
اختك
- عدد الزيارات: 11