Skip to main content

الدرس الحادي عشر

"12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإنسان وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ. 13فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ. 14لَكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى وَذَلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي. 15وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هَكَذَا أَيْضاً الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً نِعْمَةُ اللهِ وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإنسان الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ. 16وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هَكَذَا الْعَطِيَّةُ. لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ. 17لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ هَكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ. 19لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإنسان الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضاً بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً. 20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ. وَلَكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدّاً. 21حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ هَكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ لِلْحَيَاةِ الأبديةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا." (رومية 5: 12-21).

وصل الرسول بولس في بحثه العقائدي إلى النتيجة الآتية:

لا يستطيع الإنسان أن ينال البر بواسطة أعماله، وهذا يعود إلى فقدان الإنسان للمقدرة على عمل كل ما يطلب منه في شريعة الله. لكن الإنسان يستطيع أن يتبرر نظراً لمحبة الله العظمى التي جاءت بطريقة أخرى للتبرير ألا وهي الإيمان بيسوع المسيح. كان الله قد أرسل ابنه يسوع المسيح إلى العالم لكي يكفر عن خطايا الإنسان وليكسب أيضاً له البر الذي يحتاجه. يحصل الإنسان بواسطة الإيمان على غفران خطاياه وعلى بر يسوع المسيح، ذلك البر الذي يكفي لتغطية جميع آثام الإنسان ولإعطائه السلام مع الله ومع نفسه.

وعندما تكلم الرسول عن هذه الطريقة الإنجيلية للتبرير كان بذلك قد جاء بمبدأ للتبرير قد يعترض عليه من قبل أعداء البشارة التي كان بولس ينادى بها ويضحي حياته في سبيل الدفاع عنها. والاعتراض قد يكون على هذه الشاكلة: كيف يجوز للإنسان الخاطيء أن يعد باراً من قِبَلِ الله نظراً لاتكاله على يسوع المسيح وعلى عمله الفدائي؟ هل يمكن أن يكون الخاطيء باراً؟ وبعبارة أخرى يحاول المعترض القضاء على الأساس الذي بنى عليه الرسول عقيدته للتبرير، فإذا أظهر أن الأساس هو خاطيء أو غير متناسق مع تعاليم كلمة الله فإن البناء العقائدي بأسره ينهار، وتصبح عقيدة التبرير بالإيمان بدون أعمال الناموس من وليدة الخيال لا من وحي الله.

جواب الرسول على هذا الاعتراض الذي يحاول نسف أساس التبرير بالإيمان هو أن الطريقة المتبعة في التبرير ليست طريقة جديدة أو مبتدعة. إن الله تعالى قد سار على نفس الطريقة بخصوص خطية أو معصية آدم الإنسان الأول. وهذا الذي سندرسه في القسم الثاني من الفصل الخامس من الرسالة إلى رومية.

1. الطريقة التي يمنح الله بها بر يسوع إلى المؤمنين به هي ذات الطريقة التي جعل بها نسل آدم خاطئاً نظراً لمعصية آدم.

هناك شبه في الطريقة التي يحسب بها البر والطريقة التي تحسب فيها الخطية ولكن هذا لا يعني أن الشبه تام بين آدم والمسيح إذ أن آدم بمعصيته أدخل الموت إلى العالم بأسره، بينما بإطاعة يسوع لله وبموته الكفاري على الصليب كسب البر والخلاص لجميع المؤمنين به.

2. سببت الخطية دخول الموت إلى الجنس البشرى بأسره وهكذا نرى أن جميع الناس منذ آدم إلى موسى ماتوا، وإن لم يكونوا قد أخطأوا بنفس الطريقة التي أخطأ بها أبوهم آدم. وهذا يعني أن الشريعة كانت موجودة – ولو أنها لم تكن قد أعطيت بنفس الشكل الذي أعطيت به إلى موسى – إذ أنه إن لم يكن هناك شريعة قبل موسى لا تحسب الخطية إذ أن الخطية هي التعدي على الناموس أو الشريعة الإلهية. ولكن بما أن الناس كانوا يموتون فلابد من أن الخطية كانت تحسبه وإن كانت الخطية تحسب فهذا يعني أن الشريعة كانت موجودة وسارية المفعول.

3. مات الناس بسبب خطية آدم وذلك لأنه كان يمثّل البشرية بأسرها أثناء حياته في جنة عدن وخاصة أثناء امتحانه من الله. لما سقط آدم سقط الجنس البشرى بأسره وحُسِبَت خطية آدم خطية جميع أفراد البشرية. نرى إذن أن الله كان يسير على مبدأ التمثيل بمعنى أنه حسب آدم ممثلاً للجنس البشري بأسره.

4. إن مبدأ التمثيل يسري أيضاً على طريقة الخلاص من الخطية وبشكل أقوى وأعظم. فكما أن الناس حُسِبوا خطاة لسقوط آدم في الخطية وذلك بمعصية واحد كذلك فإن المؤمنين بيسوع من أفراد البشرية سيحسبون أبراراً بالرغم من وجود خطية آدم وخطاياهم العديدة التي ارتكبوها في حياتهم. "لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإنسان الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضاً بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً ".

5. طبعاً إن الناس في العالم القديم كانوا قد غرقوا في الخطية إلى هكذا درجة حتى أنهم لم يعرفوا خطورة حالتهم وهكذا فان الله أعطى شريعته بشكل إعلان وحي، وهذا الوحي أدى إلى اشتداد رحى الحرب الروحية في حياة الإنسان وإلى تكاثر الخطايا. ولكن حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً حتى كما ملكت الخطية في الموت هكذا تملك النعمة بالبر للحياة الأبدية بيسوع المسيح ربنا.

  • عدد الزيارات: 7387