Skip to main content

الدرس العشرون

" أَيُّهَا الإِخْوَةُ إِنَّ مَسَرَّةَ قَلْبِي وَطَلِْبَتِي إِلَى اللهِ لأَجْلِ إِسْرَائِيلَ هِيَ لِلْخَلاَصِ. 2لأَنِّي أَشْهَدُ لَهُمْ أَنَّ لَهُمْ غَيْرَةً لِلَّهِ وَلَكِنْ لَيْسَ حَسَبَ الْمَعْرِفَةِ. 3لأَنَّهُمْ إِذْ كَانُوا يَجْهَلُونَ بِرَّ اللهِ وَيَطْلُبُونَ أَنْ يُثْبِتُوا بِرَّ أَنْفُسِهِمْ لَمْ يُخْضَعُوا لِبِرِّ اللهِ. 4لأَنَّ غَايَةَ النَّامُوسِ هِيَ: الْمَسِيحُ لِلْبِرِّ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ. 5لأَنَّ مُوسَى يَكْتُبُ فِي الْبِرِّ الَّذِي بِالنَّامُوسِ: «إِنَّ الإنسان الَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا». 6وَأَمَّا الْبِرُّ الَّذِي بِالإيمان فَيَقُولُ هَكَذَا: «لاَ تَقُلْ فِي قَلْبِكَ مَنْ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ؟» (أَيْ لِيُحْدِرَ الْمَسِيحَ) 7أَوْ «مَنْ يَهْبِطُ إِلَى الْهَاوِيَةِ؟» (أَيْ لِيُصْعِدَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ) 8لَكِنْ مَاذَا يَقُولُ؟ «اَلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ» (أَيْ كَلِمَةُ الإيمان الَّتِي نَكْرِزُ بِهَا) 9لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ خَلَصْتَ. 10لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ وَالْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلاَصِ. 11لأَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ: «كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى». 12لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَالْيُونَانِيِّ لأَنَّ رَبّاً وَاحِداً لِلْجَمِيعِ غَنِيّاً لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِهِ. 13لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ. 14فَكَيْفَ يَدْعُونَ بِمَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ. وَكَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِمَنْ لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلاَ كَارِزٍ؟ 15وَكَيْفَ يَكْرِزُونَ إِنْ لَمْ يُرْسَلُوا؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ». 16لَكِنْ لَيْسَ الْجَمِيعُ قَدْ أَطَاعُوا الإنجيل لأَنَّ إِشَعْيَاءَ يَقُولُ: «يَا رَبُّ مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا؟» 17إِذاً الإيمان بِالْخَبَرِ وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ. 18لَكِنَّنِي أَقُولُ: أَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا؟ بَلَى! «إِلَى جَمِيعِ الأَرْضِ خَرَجَ صَوْتُهُمْ وَإِلَى أَقَاصِي الْمَسْكُونَةِ أَقْوَالُهُمْ». 19لَكِنِّي أَقُولُ: أَلَعَلَّ إِسْرَائِيلَ لَمْ يَعْلَمْ؟ أَوَّلاً مُوسَى يَقُولُ: «أَنَا أُغِيرُكُمْ بِمَا لَيْسَ أُمَّةً. بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُكُمْ». 20ثُمَّ إِشَعْيَاءُ يَتَجَاسَرُ وَيَقُولُ: «وُجِدْتُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِي وَصِرْتُ ظَاهِراً لِلَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنِّي». 21أَمَّا مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ فَيَقُولُ: «طُولَ النَّهَارِ بَسَطْتُ يَدَيَّ إِلَى شَعْبٍ مُعَانِدٍ وَمُقَاوِمٍ" (رومية 10)

لازلنا بصحبة الرسول بولس وهو يعالج موضوع عدم إيمان إسرائيل بالمسيح يسوع. وقد رأينا أن الرسول رأى في تعاليم الكتاب أن هذا الحدث المؤلم لم يكن مفاجأة بالنسبة إلى الله إذ أنه تعالى كان قد أعلن هذا الأمر لعبيده الأنبياء. ومع أنه من الصعب أن نفهم تماماً الأمور التي تتعلق بإرادة الإنسان تجاه إرادة الله إلا أنه لا يجوز لنا ونحن أمام أية معضلة أن نقول أن الله ظالم. بل على العكس يجب أن نذكر أننا لسنا إلا بشراً وأنه تعالى وهو صانعنا يعمل ما يشاء بمخلوقاته. وفي نفس الوقت رأينا أيضاً أن الله رحوم وشفوق وأنه جاء بطريقة فعالة لإنقاذ الإنسان من الخطية ألا وهي الإيمان بعمل يسوع الفدائي على الصليب. ويا للأسف الشديد فإن أنسباء الرسول حسب الجسد اصطدموا بطريقة الله للتبرير وهكذا منعوا أنفسهم من الخلاص بينما سارع العديدون من الأمم أي من الوثنيين إلى قبول الخلاص بواسطة الإيمان.

يستمر الرسول في الفصل العاشر من رسالته إلى رومية في الكلام عن سبب فشل بني شعبه في إرضاء الله. وهو يشهد لهم بأنهم يتمتعون بغيرة لله ولكن تلك الغيرة ليست حسب المعرفة الحقيقية لمشيئة الله. كانت خطيئتهم الكبرى في تجاهلهم طريقة الله لتبرير الخطاة ومحاولتهم أن ينالوا برهم بواسطة التقيّد بنواميس وشرائع عديدة. وهكذا فشلوا في النظر إلى الشريعة الإلهية كقائد أو مدرب يوصل بالإنسان إلى المسيح واكتفوا بالنظر إلى الشريعة كمخلص لهم. وإذ لم يرد الرسول أن يظهر أن انتقاده كان انتقاداً شخصياً التجأ إلى الكتاب لبرهان صحة قوله. ذهب أولا إلى موسى النبي صاحب الأسفار الخمسة الأولى في الكتاب.

ماذا يعلم كليم الله؟ يكتب موسى في البر الذي بالشريعة أن الإنسان الذي يفعلها سيحيا بها. لا ينكر بولس أن الإنسان – إن حفظ الشريعة بكاملها – يخلص. ولكن هذا المبدأ للحصول على الحياة لا يمكن أن يطبق نظراً لعدم إمكانية الإنسان من القيام بجميع أوامر الشريعة الإلهية. لكن موسى لم يتكلم فقط عن تلك الطريقة لكسب الحياة والتي لا تساعد أحداً من بني البشر بعد سقوط آدم في الخطية بل تكلم أيضاً عن طريقة خاصة للخلاص وبواسطة تدخل الله الفعلي في قضية الخلاص. آمن فتخلص، نعم اترك كل أعمالك التي تتكل عليها من أجل الخلاص، آمن بالكلمة التي أنادي بها فتخلص.

ما هي خلاصة الكلمة التي نادى بها الرسول؟ أن المسيح يسوع هو الرب الذي مات من أجل التكفير عن خطايا العالم والذي قام أيضاً من الأموات في اليوم الثالث. ومع أن هذه الطريقة تظهر غير معقولة في باديء الأمر إلا أن الرسول يستشهد أيضاً بقول النبي إشعياء:كل من يؤمن به لا يخزى مظهراً بذلك صحة تعليمه.

فالمناداة بعمل يسوع المسيح الفدائي أمر هام للغاية إذ أنه بهذه الواسطة يأتي الناس إلى الخلاص. هل من الممكن للناس بأن يدعوا باسمه إن لم يؤمنوا به وكيف يؤمنون به إن لم يسمعوا به وكيف يسمعون إن لم يكن هناك مناد وكيف ينادون بالبشارة المفرحة إن لم يرسلوا؟ ولكن بولس يعرف بأن الناس لا يؤمنون دوماً وإن سمعوا بالإنجيل، المناداة ضرورية للإيمان لكن المناداة لا تضمن إيمان جميع السامعين. ألم يقل النبي إشعياء منذ مئات من السنين: يا رب من صدق خبرنا؟

كان بنو اسرائيل قد أنذروا منذ أيام موسى بمغبة عدم الإيمان وأخبروا بأن الله كان سيدعو الامم الوثنية لدخول ملكوته لعل ذلك يحرك غيرتهم للرجوع إلى مخلصهم وفاديهم. وقد كرر إشعياء النبي ذات الفكرة عندما قال بلسان الرب وجدت من الذين لم يطلبوني وصرت ظاهراً للذين لم يسألوا عني. أما من جهة اسرائيل فيقول: طول النهار بسطت يدي إلى شعب معاند ومقاوم.

لا يمكن إذاً لأي ما بأن يلوم الله. الخلاص منه تعالى وهو لم يعمل خلاصه في ناحية مجهولة من العالم بل في وسط الأرض المقدسة وفي ملء الزمن قام بفداء العالم بواسطة ابنه الوحيد ثم دعا رسله للمناداة بالإنجيل في كل العالم واعداً كل من يؤمن بالحياة الأبدية. وهكذا إن هلك إنسان أو مجموعة من الناس لا يستطيعون أن يلوموا الله. وإن خلص أحد فله المجد لأن منه وبواسطته خلاص العالم.

  • عدد الزيارات: 6427