الدرس السادس
الفصل 4: 1-13
النص الكتابي:
"1فَلْنَخَفْ، أَنَّهُ مَعَ بَقَاءِ وَعْدٍ بِالدُّخُولِ إلى رَاحَتِهِ، يُرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنَّهُ قَدْ خَابَ مِنْهُ! 2لأَنَّنَا نَحْنُ أيضاً قَدْ بُشِّرْنَا كَمَا أولئِكَ، لَكِنْ لَمْ تَنْفَعْ كَلِمَةُ الْخَبَرِ أولئِكَ. إِذْ لَمْ تَكُنْ مُمْتَزِجَةً بِالإيمان فِي الَّذِينَ سَمِعُوا. 3لأَنَّنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ نَدْخُلُ الرَّاحَةَ، كَمَا قَالَ: «حَتَّى أَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي!» مَعَ كَوْنِ الأَعْمَالِ قَدْ أُكْمِلَتْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. 4لأَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ عَنِ السَّابِعِ: «وَاسْتَرَاحَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ جَمِيعِ أَعْمَالِهِ». 5وَفِي هَذَا أيضاً: «لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي». 6فَإِذْ بَقِيَ أَنَّ قَوْماً يَدْخُلُونَهَا، وَالَّذِينَ بُشِّرُوا أولاً لَمْ يَدْخُلُوا لِسَبَبِ الْعِصْيَانِ، 7يُعَيِّنُ أيضاً يَوْماً قَائِلاً فِي دَاوُدَ: «الْيَوْمَ» بَعْدَ زَمَانٍ هَذَا مِقْدَارُهُ، كَمَا قِيلَ: «الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ». 8لأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَشُوعُ قَدْ أَرَاحَهُمْ لَمَا تَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ يَوْمٍ آخَرَ. 9إِذاً بَقِيَتْ رَاحَةٌ لِشَعْبِ اللهِ! 10لأَنَّ الَّذِي دَخَلَ رَاحَتَهُ اسْتَرَاحَ هُوَ أيضاً مِنْ أَعْمَالِهِ، كَمَا اللهُ مِنْ أَعْمَالِهِ. 11فَلْنَجْتَهِدْ أَنْ نَدْخُلَ تِلْكَ الرَّاحَةَ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ أَحَدٌ فِي عِبْرَةِ الْعِصْيَانِ هَذِهِ عَيْنِهَا. 12لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إلى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. 13وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذَلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا" كان صاحب الرسالة إلى العبرانيين قد حذر أهل الإيمان من مغبة الارتداد عن الطريق القويم في الفصل الثالث من رسالته. وقد استشهد بالمزمور 95 مظهرا كيف أن أكثرية بني اسرائيل الذين خرجوا من أرض مصر على يد موسى لم يدخلوا أرض الميعاد لأنهم أغضبوا الله بعدم إيمانهم. ولا يزال الكاتب يتكلم عن الموضوع ذاته في القسم الأول من الفصل الرابع.
1. وعد الله بدخول الراحة لا يزال قائماً ولكن على الإنسان أن يقبل هذا الوعد بواسطة إيمان صادق.
ينظر صاحب الرسالة إلى العبرانيين إلى اختبارات بني اسرائيل في تاريخهم القديم كرمز لاختبارات الإنسان الذي يسمع عن وعد الله ويبدأ بالسير بمقتضى شروطه. فإن أرض كنعان أو أرض الميعاد كانت بمثابة رمز للراحة الأبدية التي يحصل عليها المؤمنون عندما ينالون خلاصهم التام بواسطة المسيح ونحن نعلم أن أكثرية بني اسرائيل ماتوا في البرية لأنهم لم يؤمنوا بكلمة الله التي كانوا قد سمعوها بواسطة موسى النبي. وكما قال كاتب الرسالة: "لَكِنْ لَمْ تَنْفَعْ كَلِمَةُ الْخَبَرِ أولئِكَ. إِذْ لَمْ تَكُنْ مُمْتَزِجَةً بِالإيمان فِي الَّذِينَ سَمِعُوا". وإذ لم يؤمنوا بوعد الله أظهروا أن الله لم يكن جديراً بثقتهم وهذا أمر مكروه للغاية بالنسبة له تعالى. ولذلك نقرأ أن الله قال: "أَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي". على كل إنسان بأن يقبل كلمة الله عن قلب صادق وأن يثق بجميع مواعيدها إذ أنه بدون الإيمان لا يمكن للإنسان أن يرضي الله. وسنرى أن هذا التعليم سيتكرر في أقسام أخرى من هذه الرسالة ويتفق أيضاً مع التعليم في الرسالة إلى رومية حيث تعلمنا أن الإنسان يتبرر بالإيمان وحيث نتعلم هنا أن الإيمان يجب أن يكون صفة دائمة تسير مع الإنسان في جميع أيام حياته.
2. لم تكن الراحة الزمنية في أرض الميعاد الراحة الدائمة التي تكلم عنها الله:
نرى في هذه الأعداد أن الله كان ينظر إلى أرض الميعاد كرمز للراحة الروحية والأبدية التي كانت ستصبح نصيب كل مؤمن حقيقي. وهكذا نفهم السبب الذي كان يحدو بالكاتب أن يقول: "لأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَشُوعُ قَدْ أَرَاحَهُمْ لَمَا تَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ يَوْمٍ آخَرَ". إذن حتى أولاد الذين ماتوا في القفر والذين مكنهم الله من دخول أرض الميعاد لم يدخلوا الراحة الحقيقية التي كان الله قد تكلم عنها في سفر التكوين بواسطة موسى النبي أي عندما ذكر النبي أن الله استراح من أعماله بعد أن انتهى من خلق العالم. وبما أن داود عاش بعد يشوع بمئات السنين فإن الراحة التي تكلم عنها في المزمور 95 لم تكن براحة زمنية لأن في أيامه كان بنو اسرائيل مقيمين في أرض كنعان، ولكنه كان يتكلم عن راحة الله الأبدية التي يقدمها الله لجميع المؤمنين به. وبما أن الله يكرر (بواسطة كلمته) الدعوة إلى دخول راحته في سائر أيام التاريخ فانه يجدر بكل سامع لكلمة الله أن يقبل دعوة الله بسرور ليدخل راحته. وفي نفس الوقت يعلّمنا صاحب الرسالة بأن هذه الدعوة الإلهية يجب أن تُقبل اليوم وأن لا يؤجل الإنسان أمر البت في قبولها. لأنه قد يأتي وقت عندما لا يستطيع الإنسان أن يستفيد من دعوة الله نظراً لأن قلبه قد تقسى. ولهذا نرى أن الروح القدس يقول منذراً وبدافع محبته لنا: "الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ". لنجتهد في دخول راحة الله الأبدية لئلا نصبح مثل أولئك الذين ماتوا في برية سيناء ولم يدخلوا الراحة الزمنية التي كان الله قد وعدهم بها.
3. ضرورة النظر إلى كلمة الله نظرة الاحترام والتقدير:
إن كلمة الله لم تُعطَ لبني البشر لتُهمل. أعطانا الله كلمته لنعمل بها ونحيا حسب مبادئها الأبدية. ويجدر بنا أن نقبلها ونحيا بها لئلا نُدان في النهاية إن لم نقبل دعوة الله المذكورة في كلمته بكل صراحة "لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ...".
- عدد الزيارات: 4328