Skip to main content

الفصلُ الخامِس "ماذا بعد؟" - خِلافاتُ تلاميذ

الصفحة 4 من 6: خِلافاتُ تلاميذ

خِلافاتُ تلاميذ

في الإصحاحِ الرابِع عشر، يُوجِّهُ بُولُس تطبيقَهُ العمليّ إلى الخلافات بينَ التلاميذ في رُوما. لم يكُنْ بُولُس قد زارَ التلاميذ في رُوما بعد، ولكن بما أنَّ كُلَّ الطرُق كانت تقُودُ إلى رُوما عندما كتبَ هذه الرسالة، فلقد عرفَ الكثير من المُؤمِنين الذين كانُوا هُناكَ أو كانُوا سيُسافِرونَ عَرَضَاً إلى رُوما. وعرفَ أنَّهُ كانت تُوجَدُ خِلافاتٌ بينَ التلاميذِ هُناك.

إنَّ المجمَع الكنسيّ الأوَّل دُعِيَ ليَجِدَ حلاً لهذه القضيَّة: إنَّ تلاميذَ يسُوع الأُمَمِيِّين لم يرغَبُوا أن يعيشُوا مثل اليهود المُتدَيِّنين، بينَما رغِبَ التلاميذُ المُتجدِّدونَ من اليهود أن يستَمِرُّوا بالعَيش مثل اليهود المُتَدَيِّنين، بينما كانَ هذان الفريقان يتبعانِ مَسيَّا يهُوديّ (أعمال 15). ولقد كانَ قرارُ ذلكَ المجمع هو أنَّ التلاميذَ الأُمَمِيِّين لم يكُنْ مطلُوباً منهُم أن يُصبِحُوا يهُوداً، وسُمِحَ للتلاميذ من أصلٍ يهُودِيّ أن يُحافِظوا على طُرُقِهم اليهوديَّة، بينما كانَ هذانِ الفَريقَان يتبعانِ المسيح. ورُغمَ أنَّ هذه القَضِيَّة وَجدت حلاً رَسميَّاً، فبينما حاوَلَ هؤلاء التلاميذ اليهود والأُمم أن يكُونوا واحداً في المسيح، إستَمَرُّوا بخلافاتِهم الجدِّيَّة – خاصَّةً حِيالَ نظامَ طعامِهم وأعيادِهم.

بعضُ المُؤمنين من أصلٍ يهُودِيّ إستَمرُّوا بالإحتِفالِ باليومِ السابِع (السبت) كاليوم الذي ينبَغي أن يُخصَّصَ للعِبادَةِ والراحَةِ والتجديد. ولكي يحتَفِلوا بِقيامَةِ يسُوع، غيَّرَ الرسُلُ، الذي كانُوا جميعُهُم يهوداً، غيَّرُوا يومَ عبادَتِهم من اليومِ السابِع إلى اليومِ الأوَّلِ من الأسبُوع. ولم يرَ المُتَجدِّدُونَ من الأُمم أيَّ سببٍ للإحتِفاظِ باليومِ السابِع للعبادة.

أخبَر بُولُس المُؤمنينَ الرومان أن يجدوا حلاً لخلافاتِهم على هذا الأساس: "واحِدٌ يعتَبِرُ يوماً دُونَ يومٍ وآخَرُ يعتَبِرُ كُلَّ يَوم. فَليَتَيقَّن كُلُّ واحِدٍ في عقلِهِ." (14: 5) يقصُدُ أنَّهُ بالإضافَةِ إلى الجَدل حولَ يوم السبت، إعتَبَرَ بعضُ المُؤمنين اليومَ الأوَّل من الأسبُوع "يومَ الرَّبّ." مُؤمِنُونَ آخرُونَ إعتَبَروا كُلَّ يومٍ من أيَّامِ الأُسبُوع كيومِ الرَّب." ما الذي يعنيهِ "فليتقَّن في عقلِهِ" في مُعالَجَةِ هذه الخِلافات؟" أوَّلاً، يكتُبُ بُولُس أنَّهُ علينا أن نكُونَ مُقتَنِعينَ تماماً على أساسِ ضَميرنا. قالَ أحدُهُم، "الضميرُ هُوَ صَوتٌ صغيرٌ هادِئٌ يجعَلُنا نشعُرُ أنَّنا أصغَر." بمُِعظَمِهِ الضميرُ هُوَ تجاوُبٌ مُكَيَّفٌ منذُ سني التربِيَة من الأهلِ والآخرين.

من المُهِمّ أن نُلاحِظَ أنَّ بُولُس لا ينصَحُ بالضمير كمُرشِدٍ أمينٍ يمكِنُ الإعتِماد عليهِ بإستِمرار. ولكنَّهُ ينصَحُنا بالإصغاءِ إلى ضميرِنا عندما يقُولُ لنا أنَّ ما نعمَلُهُ هُوَ خطأ. إنَّهُ يُؤكِّدُ على قرارِ مجمَعِ الكنيسةِ الأُولى أنَّ المُؤمنينَ من أصلٍ يهُودِي لديهِمِ حقٌّ ومسؤُوليَّةٌ بإحتِرامِ نظامِ الطعام والأعياد في تقليدِ دِيانَتِهم، والمُؤمنُونَ الأُمَم لا ينبَغي أن يُرغَمُوا على أن يُطيعوا التقاليدَ اليهوديَّة في هذه القضايا.

لقد تقدَّمَ بُولُس خُطوَةً أبعد إلى الأمام عندما كتبَ أنَّهُ عليكَ أن تكُونَ مُقتنِعاً تماماً في عقلِكَ، بناءً على قناعتِكَ (6). إنَّ القناعَةَ ليست ما يُعلِّمُنا إيَّاهُ أهلُنا. إنَّها نتيجَةُ عملِ الرُّوحِ القُدُس في حياتِنا. فالرُّوحُ القدُس لا يُقنِعُنا جميعاً كمُؤمنين بالطريقَةِ نفسِها.

يتقدَّمُ بُولُس ليقُول أنَّهُ علينا أن نجِدَ حُلُولاً لهذه القضايا على أساسِ مُراعاةِ الأخ الذي يختَلِفُ عنَّا (10 – 23). فحتَّى ولو لم يكُنْ أخانا مُصيباً، وإن كانَ يُؤمِنُ بالضميرِ والإقتِناع أنَّ شيئاً ما هُوَ خطأ، فلدينا مسؤوليَّة تجاهَهُ.

يُبرِزُ بُولُس هذا المبدَأ في عُمقٍ أكثر للكُورنثُوسيِّين (1كورنثُوس 8- 10). يكتُبُ لأهلِ رومية وللكُورنثُوسيِّين أنَّ القَضِيَّة هُنا ليسَت ما هُوَ صوابٌ وما هُوَ خطأ، بل كم نكُنُّ لأخينا من المحبَّة. فليسَ علينا أن نُشكِّلَ حجرَ عثرة. بل علينا أن نعمَلَ كُلَّ ما بِوُسعِنا لنبنِيَ أخانا. فبالنِّهايَة، ينصَحُ بُولُس أن نجدَ حُلُولاً لهذه المشاكِل على أساس تِلكَ المحبَّة التي نُبرِزُها في إصحاحِ المحبَّةِ الشهير (1كُورنثُوس 13).

قَلب بُولُس الإرسالِيّ
الصفحة
  • عدد الزيارات: 10519