Skip to main content

الفصلُ الخامِسُ نَوعانِ من الدِّين

يُخبِرُنا يعقُوبُ أنَّ كلمةَ الله هي الوَسيلَةُ الإلهيَّةُ التي يستخدِمُها اللهُ ليخلُقَ في قُلوبِنا حياةً رُوحيَّة ويعطيَنا إختِبارَ التجديد. فالتجديدُ يُمكِنُ أن يُعطيَنا قُوَّةَ العيشَ فوقَ الخطيَّة.

فبعدَ أن علَّمَ يعقُوبُ في الإصحاحِ الأوَّل عن الأخبار السيِّئة عن تجرِبَة الخطيَّة، شارَكَ بالأخبارِ السارَّة عن كيفيَّة عمل الله لمُعجِزَةِ الخلاصِ في قُلُوبِنا. ثمَّ كتبَ يعقُوبُ قائِلاً أنَّ كلمةَ الله هي حيثُ نجدُ الحلَّ لمُشكِلَةِ تجرِبَةِ الخطيَّة. وأعطى حضَّاً قَوِيَّاً يستَمِرُّ حتَّى الإصحاحِ الثاني، حولَ أهمِّيَّةِ إطاعَةِ اللهِ. بعدَ أن أخبَرَنا أنَّ كلمةَ الله المغرُوسَة فينا هي الوسيلة الإلهيَّة التي يُمكِنُ أن تُسهِّلَ تجديدَنا إذا تجاوبنا معَها بالطريقَةِ الصحيحة، أعطانا يعقُوبُ حلاً بشكلِ صُورَةٍ مجازِيَّةٍ جميلة: "كلمةُ اللهُ تُشبِهُ مرآة."

إنَّ القصدَ من المِرآة هُوَ أن تُظهِرَ عدَمَ كَمالِكَ لكَي تستطيعَ أن تقومَ بالتَّصحِيحَات اللازمة. فعندما تنظُرُ إلى مرآةِ اللهِ الكامِلة، أي كلمة الله، ستُريكَ نامُوسَ الخطيَّة والموت في حياتِكَ، لِكَي تعمَلَ شيئاً حِيالَ ما تراهُ في المرآة.

يُوافِقُ يعقُوبُ معَ يسُوع عندما يُخبِرُنا هُنا أنَّنا إذا تجاوَبنا معَ كلمةِ اللهِ بالطريقَةِ التي نتجاوَبُ بها معَ المِرآة، سنكتَشِفُ أنَّ كَلِمَةَ اللهِ حيَّةٌ. لهذا لدينا هذا التحريض من يعقُوب بأن نتجاوَبَ معَ كلمةِ اللهِ بطريقَةٍ مُلائمة. يستهزِئُ يعقُوبُ من الرجُل الذي يقرَأُ الكلمة ولا يُطيعُها، أنَّهُ يُشبِهُ رجُلاً ينظرُ خِلقتَهُ في مِرآةٍ كُلَّ صَباح. وبعدَ أن يرى الشوائِب في مظهَرِهِ، يَذهَبُ إلى العمل ولا يعمَلُ شَيئاً حِيالَ ما رآهُ في المِرآة.

عندما يُصبِحُ المُؤمِنُونَ غيرَ عامِلينَ بالكلمة، يُنتِجُونَ ديانَةَ كلامٍ مُزيَّفَةً، بدل أن ينُتِجوا ديانَةً حقَّة. فالدِّيانَةُ الحقَّةُ تُطيعُ كلمةَ الله، بِزِيارَةِ اليتامَى والأرامِل وبحياةِ القداسة.


نَوعانِ من الإيمان

في الإصحاحِ الثاني من هذه الرسالة، يبدَأُ يعقُوبُ بالكتابَةِ عمَّا نُسمِّيهِ "الوجه المُزيَّف والوجه الحقيقيّ." إن كلمة "شخص" تعني "وَجهاً" ولها علاقَةٌ بمظهَرِنا. يكتُبُ يعقُوبُ قائِلاً أنَّنا إذا كُنَّا نُقيِّمُ الآخرينَ على أَساس رُمُوز حالتِهِم الخارِجيَّة، أو إنعدام رُمُوز هذه الحالة الخارجيَّة، فإنَّ عَمَلَنا هذا هُوَ خطِيَّة، لأنَّ اللهَ يقيِّمُ الأشخاص على أساسِ ما يُوجَدُ في قُلوبِهم. فبِحَسَبِ كلمةِ اللهِ، "لأنَّ [الرَّبَّ] لا ينظُرُ كما ينظُرُ الإنسان. الإنسانُ ينظُرُ إلى العَينَين وأمَّا الرَّبُّ فإنَّهُ ينظُرُ إلى القَلب." (1صمُوئيل 16: 7)

ثُمَّ يُخاطِبُ يعقُوبُ الإيمان المُزيَّف والإيمان الحقيقيّ. ويقودُهُ هذا إلى إحدَى أكثر المقاطِع المُتنازَع عليها في العهدِ الجديد (يعقُوب 2: 14- 26). رُغمَ أنَّ البَعضَ يرَونَ تناقُضاً بينَ يعقُوب وبينَ تشديد بُولُس على النِّعمة، ولكنَّ هذه التناقُضات ليسَت إلا في الظَّاهِر. فلقد وافَقَ يسُوعُ معَ يعقُوب عندما قالَ "مِن ثِمارِهِم تعرِفُونَهُم." (متَّى 7: 20). لقد علَّمَ يسُوعُ بإسهابٍ أنَّ الرجُل الذي يسمَعُ تعليمَهُ ولا يعمَل بهِ، يبني بيتَهُ أي حياتَهُ بدُونِ أساس. يُوافِقُ يعقُوبُ معَ يسُوع، عندما يكتُبُ قائِلاً أنَّ الأعمال هي الثمر الذي ينمُو على شجرة الإيمان.

عبَّرَ أحدُهم عن هذا كالتالي: "الإيمانُ وحدَهُ يُخلِّصُ، ولكن الإيمان الذي يُخلِّصُ لا يبقى أبداً وحدَهُ." فنحنُ نخلُصُ بالإيمانِ وحدَهُ، ولكنَّ أعمالَنا تُبرهِنُ أنَّ إيمانَنا حقيقيّ، لأنَّ الأعمالَ دائماً تُرافِقُ الإيمانَ وتمنحُهُ قيمَةً.

  • عدد الزيارات: 6129