الفصلُ التاسِعُ رِسالَةُ بطرُس الأُولى
كتبَ بطرُس للمسيحيِّين الذين كانُوا من أصلٍ يهُودِيّ، وكانُوا مُشتَّتِينَ عبرَ آسيا الصُّغرى. كانت خدمَةُ بطرُس بشكلٍ أساسيٍّ بينَ اليهُود. حاوَلَ بطرُس أن يُشجِّعَهُم ويُعزِّيَهُم في آلامِهم. ولقد أعطاهُم بعضَ النظرات الرائعة عن السبب الذي لأجلِهِ يسمَحُ اللهُ أن يتألَّمَ شعبُهُ.
لقد كتبَ بطرُس من رُوما، حيثُ كانَ أتباعُ المسيحِ يُضطَّهَدُون. عرفَ أنَّ الإضطِّهاد سيسُوءُ وينتَشِرُ إلى المُقاطعات حيثُ يعيشُ قُرَّاءُ رسالتَيه. فلقد إختَبَرَتِ الكنيسةُ في جيلِها الأوَّل إضطِّهاداًٍ عظيماً. بالواقِع، في القُرونِ الثلاثَةِ الأُولى من تاريخِ الكنيسة، كانَ يُعتَبَرُ المسيحيُّونَ خارِجينَ على القانُون.
أعطى بطرُس وُجهَتَا نظَر حولَ ألَمِ الذين كانَ يكتُبُ إليهم. أوّلُهما، "إن كانَ يَجِب." فهُوَ يعتَقِدُ أنَّ اللهَ يسمَحُ أحياناً بأن نتألَّمَ لأنَّنا نحتاجُ الألَم. أمَّا مُلاحَظَتُهُ الثَّانِيَة عن الألَمِ فهِيَ أنَّ بعضَ الألَم هُو "يَسيراً". بكلماتٍ أُخرى، الكثيرُ من الألم هُوَ مُؤقَّتٌ.
ثُمَّ يُقدِّمُ مُلاحَظَةً ثالِثَةً حولَ الألم، عندما يُشبِّهُ إيمانَهم الثَّمين بالذهَب. فالذهبُ هُوَ معدَنٌ ثمينٌ، والذهبُ يُنقَّى بالنَّار. فعندما ينظُرُ اللهُ إلى حياتِنا، الأشياءُ الذتي تهمُّهُ بالفعل هي إيمانُهم ونُمُوُّهُم الرُّوحِيّ (1بطرُس 1: 6- 7).
عندما ركَّزَ بطرُس على موضُوعِ الخلاص، عالجَ مفهُومَي التجديد والإختِيار. فلقد تنبَّأَ الأنبِياءُ عن الخلاص الذي كُرِزَ بهِ يومَ الخمسين. ولقد قدَّمَ مُلاحظَةً مُثيرَةً للإهتِمام، أنَّهُم عندما كانُوا يكتُبُون، رُغمَ أنَّهُم كتبُوا بقُوَّةِ ووحيِ الرُّوح القدُس، فهُم لم يفهَمُوا ما كانُوا يكتُبُونَ عنهُ. يُشيرُ بطرُس إلى أنَّهُ في اليَومِ الذي عاشَ فيهِ قُرَّاؤُهُ، تُمِّمَ هذا الخلاصُ الذي كُتِبَ عنهُ في أسفارِ الأنبِياءِ في كلمةِ الله.
نحنُ نجهَلُ الكثيرَ عن وُجهَةِ النظَر التاريخيَّة التي تُقدِّرُ عددَ الناس الذين ترتَّبَ عليهِم أن يمُوتوا، لكي نحظَى نحنُ بالكثير من البَركاتِ الرُّوحيَّة التي نتمتَّعُ بها اليوم. مثلاً، فكِّرُوا بكلمةِ الله المُدوَّنة. عندما بدأنا هذه الدِّراسة، شاركتُ معكُم بضعةَ أفكارٍ عن كيفَ جُمِعَ الكتابُ المقدَّسُ. إنَّ دراسَةً بسيطَةً عن كيفَ حصلنا على الكتابِ المقدَّس ستُساعِدُنا على أن نُدرِكَ كم نحنُ مَديُونُونَ للأشخاصِ الذين ضحُّوا بِحَياتِهم لكي نحظَ نحنُ بكلمةِ اللهِ كما نراها اليومَ بينَ أيدينا.
إذ نبدَأُ بتكوينِ وُجهَةِ نظَرٍ تاريخيَّة حولَ موضُوعِ الخلاص، يُذكِّرُنا بطرُس بأنَّنا ندينُ بالكَثيرِ لِلعَديدِ من الأشخاص. فإن كانَ اليومَ هُو يومُ حِصاد، تذكَّرُوا أنَّ الكثير الكثيرَ من الأشخاص تألَّمُوا لِيَزرَعُوا البُذُورَ لكي نتمكَّنَ نحنُ من أن نحصُدَ حصادَ اليوم (يُوحنَّا 4: 36- 38).
يُذكِّرُنا بطرُس بما تعلَّمناهُ عندما درَسنا أسفارَ الخُرُوج، اللاوِيِّين، التَّثنِيَة، وراعُوث، حيثُ كتبَ أنَّ يسُوعَ كانَ "وَلِيَّنا الفادِي." تماماً كما كانَ بُوعَز لرَاعُوث، فإنَّ يسُوعَ أعادَ شِراءَنا للهِ بمَوتِهِ، وأرجعنا إلى الله من خِلالِ قيامَتِهِ بتأسيسِ علاقَةٍ معنا (1بطرُس 1: 18، 19)
- عدد الزيارات: 11242