Skip to main content

الفصلُ التاسِعُ رِسالَةُ بطرُس الأُولى - نمُوذَجُ الزَّواج

الصفحة 3 من 6: نمُوذَجُ الزَّواج

نمُوذَجُ الزَّواج

في الإصحاحِ الثالِث من رِسالَةِ بطرُس الأُولى، نجدُ إحدى أعظم المقاطع عن الإرشادِ الزَّوجِيّ في الكتابِ المقدَّس. فكُلٌّ من بُطرُس وبُولُس يقُولان، "أيَّتُها النِّساءُ، هل ترَينَ مِثالَ المسيح والكَنيسة؟ في هذا المِثال، أنتُنَّ الكنيسة. أيُّها الرِّجالُ، هل ترَونَ مِثالَ المَسيح والكنيسة؟ هذا هُوَ المِثالُ المُوحَى عن الزَّواج، وفي هذا المِثال أنتُم المسيح."

يُوجِّهُ بُطرُسُ إرشادَهُ الزَّوجِيّ للمَرأةِ التي لدَيها زَوجٌ لا يُطيعُ الكَلِمة. قد يعني هذا أنَّها مُتزوِّجة من رَجُلٍ غير مُؤمن لا يُطيعُ الكَلمَة، أو قد يكُونُ مُؤمِناً ولكنَّهُ لا يُطيعُ الكلمة دائماً.

في إرشادِ بُطرُس وبُولُس عن الزواج، المَطلُوبُ من المَرأَةِ أن تَكُونَ خاضِعَةً لزوجِها كما تخضَعُ الكنيسةُ للمَسيح. ليسَ من السَّهلِ الخُضُوع، ولكن ليست هذه هي المُشكَلة الكُبرى في زيجاتِ المُؤمنين. المُشكِلَة الكُبرى هي الرِّجال الذينَ لا يتحمَّلُونَ مسؤُوليَّةَ رِعايَةِ زوجاتهم وأولادهم كما يرعى المسيحُ الكنيسة.

وينصَحُ بطرُس أيضاً المَرأَة بأن تربَحَ زوجَها بدُونِ كلمة. يقُولُ بطرُس: زوجُها لا يُطيعُ الكلمة، ممَّا يعني أنَّهُ لا يأخُذُ مكانَهُ الصحيح في الزواج. وقبلَ أن يكتُبَ عدداً واحِداً لهكذا زوج، ينصَحُ بطرُس زوجتَهُ بأن تكُونَ رُوحيَّةً، خاضِعَةً، رَقيقَةً وصامِتة.

لِنُركِّزْ على كلمة "خُضُوع" بينما ننظُرُ إلى نمُوذج الزواج الذي يُقدِّمُهُ بطرُس. في نِهايَةِ الإصحاحِ الثَّاني، يُشيرُ بطرُس إلى يسُوع المسيح وإلى موتِهِ على الصليب كَعَبدٍ مُتألِّمٍ، الأمرُ الذي تُنُبِّئَ عنهُ في الإصحاحِ الثالِث والخمسين من سفرِ إشعياء.

إنَّ كَلِماتِهِ الأخيرة تُشيرُ إلى يسُوع المسيح "راعي نُفوسِكُم وأُسقُفِها." ثُمَّ يُشيرُ إلى هذا النمُوذج عن يسُوع المسيح وهُوَ يرعى الكنيسة، ويبدَأُ نصيحتَهُ إلى النِّساء بكلمة "كذلِكُنَّ." إنَّهُ يقُولُ للمرَأةِ أنَّهُ عليها أن تخضَعَ لِزَوجِها، كما تخضَعُ الكنيسةُ للمسيح.

إنَّ كلمة "تخضَع" في الإطار الذي يستخدِمُهُ بُطرُس، تعني بالحقيقة "دَعي زوجَكَ يَرعاكِ." فلقد أعطى اللهُ زوجَكِ مسؤُوليَّةً كَبيرَةً. فزَوجُكِ مطلُوبٌ منهُ أن يرعاكِ كما يرعى المسيحُ كنيستَهُ. هذا يعني أنَّ زوجَكِ عليهِ أن يُحِبَّكِ كما يُحِبُّ المسيحُ؛ وأن يُعطِيَكَ كما يُعطي المسيح؛ وأن يكُونَ لكَ كما هُوَ المسيح. يُعطي بُولُس إرشاداً مُشابِها جداً عن الزواج، وذلكَ في رسالتِهِ إلى أهلِ أفسُس (أفسُس 5: 22- 25).

في الخدمَةِ العَسكَريَّة، يكُونُ لديكَ قائدٌ واحد مسُؤولٌ عنكَ. لا يُمكِنُ أن يكُونَ لديكَ قائدانِ مسؤُولانِ عنكَ. قد يُفوِّضَ القائِدُ سُلطَتَهُ إلى أشخاصٍ آخرينَ لعدَّةِ أسباب. ولكن لا يُمكِنُهُ أبداً أن يُفوِّضَ مسؤوليَّتَهُ. وإذا حدثَ خطأ، هُوَ وحدَهُ المسؤول.

في إرشادِ بُطرُس وبُولُس عن الزواج، وعبرَ كُلِّ الكتابِ المقدَّس، يُفوِّضُ اللهُ مسؤوليَّةَ الزواجِ والمَنزِل للزَّوج، عندما يأمُرُ الرِّجال أن يرعُوا زوجاتِهم كما يرعى المسيحُ الكنيسةَ. وفي نفسِ الوقت، اللهُ يأمُرُ الزوجات أن يدعنَ أزواجَهُنَّ يتحمَّلُونَ المسؤوليَّةَ عنهُنَّ وعن أولادِهنَّ. فالمسؤوليَّةُ تعني أنَّهُ لا يُمكِنُ أن يكُونَ لكَ قائدانِ مسؤولانِ عنكَ. أحدُهم ينبَغي أن تكُونَ لهُ المسؤوليَّةُ، فيُفوَّضُهُ اللهُ بتلكَ المسؤوليَّة.

أوَّلُ كلمَةٍ يبدَأُ بها بُطرُس نصيحتَهُ للرِّجالِ في العدد السابِع، هي نفسُ الكلمة التي بدأَ بها نصيحتَهُ للنِّساء. عندما نقرَأُ نحنُ الرِّجالُ كلمة "كذلِكُم"، علينا أن نسألَ السُّؤال، "كَماذا؟ أو مثل ماذا يا بطرُس؟" يُجيبُنا بطرُس: "إرجِعُوا إلى الوَرَاء، إلى النَّمُوذَج المُوحى عن الزواج. هل ترَونَ المسيح والكنيسة في العدد الأخير من الإصحاحِ الثاني؟ أيُّها الأزواج، في ذلكَ المِثال، أنتُم المسيح. أُمكُثُوا معَ زوجاتِكُم، وكأنَّكُم المسيح. أحِبُّوهُنَّ كما أحبَّ المسيحُ الكنيسَةً. أبذُلُوا أنفُسَكُم عن زوجاتِكُم، كما بذلكَ المسيحُ نفسَهُ من أجلِ الكنيسة. كُونُوا لزوجاتِكُم كما هُوَ المسيحُ للكنيسة.

"كذَلِكُم أيُّها الرِّجالُ، أمكُثُوا معَهُنَّ بحَسَبِ الفطنة." (1بطرُس 3: 7) بطرُس لم يُخبِر الأزواج أن يفهَمُوا زوجاتِهم. فقد لا نفهَمُ نحنُ الرِّجالُ والنِّساءُ المُتزوِّجين، قد لا نفهَمُ حتَّى أنفُسَنا. بالواقِع، فإنَّ بطرُس يُخبِرُ الرِّجال، "أمكُثُوا معهُنَّ بحَسَبِ الفِطنة." قد لا تفهَم زوجتَكَ، ولكنَّكَ تستطيعُ أن تعرِفَ زوجَتَكَ.

يُعطي بُطرُس الأزواجَ بعضَ النصائح العَمَليَّة عندما يكتُبُ قائِلاً: "أُمكُثُوا معَهُنَّ." هذا يعني خُذُوا وقتَكُم معَهُنَّ. إجعَلُوا منهُنَّ أولويَّةً، وأعطُوهُنَّ الوقتَ الكافي. قد تُفكِّرُون أنَّ هذه النصيحة هي غَير ضَروريَّة، ولكنَّ الحقيقَةَ القاسية هي أنَّ الكَثيرَ من الأزواج يمكُثُونَ في أيِّ مكانٍ آخر إلا معَ نسائِهم وأولادِهم في المنزِل.

بالإختِصار
الصفحة
  • عدد الزيارات: 10913