الفَصلُ التاسِع عشَر "قُدسِيَّة العُزُوبِيَّة"
(1كُورنثُوس 7: 25- 40)
هذه النصيحة في المقطَعِ الخِتامِيّ من الإصحاحِ السابِع من كُورنثُوس الأُولى، مُوجَّهَةٌ للأشخاصِ العازِبين، سواءٌ أكانُوا غير مُتزوِّجينَ أصلاً، أم أنَّهُم أرامِل أو مُطَلَّقون. وكما قُلنا سابِقاً، لكي نفهَمَ تعليمَ بُولُس هُنا، من الضَّرُوري أن نتذكَّرَ ما يقولُهُ بُولُس في العدد 26: "فأَظُنُّ أنَّ هذا حَسَنٌ لسببِ الضِّيقِ الحاضِر أنَّهُ حسَنٌ للإنسان أن يكُونَ هكذا." بالإضافَةِ إلى ما جاءَ أعلاهُ، كانَ بُولُس يعتَقِدُ بِرُجُوعِ المسيح القَريب والوَشيك. "الوقتُ قَريب. لأنَّ هيئَةَ هذا العالم تزُول." (29، 31)
أرادَ بُولُس أيضاً أن يبقى العازِبُونَ كما هُم، لكي يتكرَّسُوا لخدمةِ الرَّبِّ بِطريقَةٍ لا يستطيعُ المُتزوِّجُونَ أن يعمَلُوها. "فأُريدُ أن تكُونُوا بلا هَمّ. غير المُتزوِّج يَهتَمُّ في ما لِلرَّبِّ كيفَ يُرضي الرَّبَّ. وأمَّا المُتَزوِّج فيَهتَمُّ في ما للعالم كيفَ يُرضِي إمرأَتَهُ." (32- 34) قالَ بُولُس أنَّ الأمرَ نفسَهُ يَصِحُّ على النِّساء. أرادَ أن يتحرَّرَ العازِبونَ من إنشغالات العالَم.
عبرَ هذا الإصحاح، دافَع بُولس كثيراً عن العازِبين. وعلينا أن لا نستَغرِبَ إذا بَقِيَ أشخاصٌ في جسدِ المسيح عازبين، لكي يخدُمُوا الرَّبَّ بدُونِ أن يرتَبِكُوا بأمُورِ الحياة. فيُمكِنُ الإستنتاج من تعليمِ بُولُس في هذا الإصحاح – أنَّ الشخصَ العازِبَ يُمكِنُ أن يُصبِحَ أكثَرَ تكريساً لخدمةِ الرَّبّ – أنَّ الكنيسةَ التي تختارُ راعِياً عازِباً تكُونُ حكيمةً.
وفي الوقتِ نفسِه أوضَحَ بُولُس أنَّ الزواج لا يزالُ خَياراً مقبُولاً. "فإن كُنتَ مُتَزوِّجاً لا تطلُب الإنفِصال. وإن كُنتَ عازِباً لا تطلُب زوجَةً. وإن تزوَّجتَ لم تُخطِئ."
فيما يتعلَّقُ بالأرمَلة، كتبَ بُولُس يقُول، "المرأةُ مُرتَبِطَةٌ بالنامُوس ما دامَ رجُلُها حيَّاً. ولكن إن ماتَ رجُلُها فهِيَ حُرَّةٌ لكَي تتزوَّجَ بِمَن تُريدُ في الرَّبِّ فقط. ولكنَّها أكثَر غِبطَةً إن لَبِثَت هكذا بحسبِ رأيي. وأظُنُّ أنِّي أنا أيضاً عندي رُوحُ الله." (39- 40) ومن الواضِح أنَّ هذه النصيحة تنطَبِقُ أيضاً على الرجال الذين يفقُدُونَ زوجاتِهم.
فإذا فقدتَ شريكَةَ حياتِكَ، ولو كانَ لديكَ أفضَل زواجٍ في العالم يمكن تصوُّرُهُ، فأنتَ حُرٌّ بأن تتزوَّجَ من جديد. إنَّهُ الأمرُ الطبيعيُّ. فكلمةُ اللهِ تضعُ مبدَأً في سفرِ التكوين حيثُ تقول، "ليسَ حسناً أن يبقى آدم وحدَهُ." (تكوين 2: 18) فاللهُ لم يقصُد لذلكَ الرجُل الذي بدونِ زوجتِهِ هُو مُجرَّدُ جزءٍ من شخص، أن يقضِيَ حياتَهُ غيرَ كامِلٍ، حتَّى ولو كانت السنوات العشر أو الخمسة عشر الأخيرة من حياتِهِ بدونِ شريكةِ حياةٍ.
بينما أختُمُ هذه الدراسة لإصحاحِ الزواجِ، ينبَغي أن أُشدِّدَ على أنَّهُ لم يَمُرَّ وقتٌ كانَت هُناكَ أهمِّيَّةٌ لهذا الإصحاح بمقدارِ ما لهُ اليوم. فالزواجُ هُوَ تحتَ الهُجومِ اليوم في سائِرِ أنحاءِ العالم. وأعتَقِدُ أنَّ الشيطانَ يعرِفُ أنَّ الأزواجَ هُم القوس الذي منهُ ينطَلِقُ الأولادُ كالسهام، إلى هذا العالم. (ولقد شارَكَ سُليمانُ الحكيم معنا هذا الإيضاح في مزمُور 127) لو كُنتَ مكانَ الشيطان، وعرفتَ كم يُعبِّرُ هذا الإيضاح عن الحقيقة، ماذا كُنتَ ستفعَل؟ أما كُنتَ ستقطَعُ وترَ ذلكَ القوس؟ أما كُنتَ ستُحاوِلُ تحطيمَ الزِّيجات؟ هذا تماماً ما يفعلُهُ الشِّيطانُ؛ ولهذا تحوَّلَ الطلاقُ إلى عدوى مُتفشِّيَة حولَ العالم.
لَمَجدِ اللهِ ولخَيرِنا الرُّوحِي وسعادَتِنا الرُّوحِيَّة، نحتاجُ أن نُمَتِّنَ زيجاتِنا، لأنَّ الزواجَ هُوَ قَلبُ العائِلة، والوحدة الأساسيَّة المركزِيَّة والحَيويَّة التي من خِلالِها يُريدُ اللهُ أن يملأَ الأرضَ بالسُّكَّانِ الذين يُريدُونَ أن يكُونُوا ملحَ الأرضِ ونُورَ العالم.
- عدد الزيارات: 2862