Skip to main content

الفَصلُ الخامِس "الإنضِباطُ الرُّوحِيُّ والقِيَمُ العامُوديَّة" - الطَّلباتُ الشَّخصِيَّة

الصفحة 4 من 9: الطَّلباتُ الشَّخصِيَّة

الطَّلباتُ الشَّخصِيَّة

"خُبزَنا كفافَنا أعطِنا اليَوم..."

علينا أن نُتابِعَ النَّظَرَ للأُمُور من خلالِ مبدأ الله أوَّلاً، بينما نَصِلُ إلى قسم "أعطِنا" من هذه الصَّلاة التي علَّمَنا إيَّاها يسُوع. الطَّلَبات الثَّلاث الأُولى التي تضَعُ اللهَ أوَّلاً، ينبَغي أن تُرَكِّزَ على دوافِعِنا بينما نقتَرِبُ من أبينا السَّماويّ معَ طلباتِنا الشَّخصِيَّة. فلماذا نُريدُ من اللهِ أبينا السَّماوِيّ أن يُعطِيَنا خُبزَنا اليَومي، كفافَنا يَومِنا فقط؟ علينا أن نطلُبَ منَ أبينا السَّماوِيّ الكامِل أن يُزَوِّدَنا بخُبزِنا اليَومِيّ لأنَّنا نتطلَّعُ بِشَوقٍ لنرى جَوهَرَ من وما هُوَ الله، مُكَرَّماً عل الأرضِ من خِلالِنا.

تُعَلِّمُنا صلاةُ يسُوع هذه أنَّهُ علينا أن نُصَلِّيَ "هذا اليَوم" و"يَومِيَّاً" عندما نُقَدِّمُ حاجاتِنا كمَخلُوقاتٍ أمامَ خالِقِنا وأبينا السَّماوِيّ. لاحِظُوا كيفَ يختُمُ يسُوعُ الإصحاحَ السَّادِسَ من إنجيلِ متَّى معَ هذا التَّشديد ذاتِهِ: "فلا تَهتَمُّوا لِلغَد. لأنَّ الغَدَ يهتَمُّ بما لِنفسِهِ. يكفي اليَومَ شَرَّهُ." (متَّى 6: 34) بكلماتٍ أُخرى، عِيشُوا يوماً بعدَ الآخر.

في هذه الطِّلبَة الشَّخصِيَّة الأُولى، يستَخدِمُ الرَّبُّ رَمزَ الخُبزِ ليُشيرَ إلى حاجاتِنا. فالخُبزُ هُوَ إستِعارَةٌ ينبَغي أن لا تُحَدَّ بحاجَتِنا للطَّعامِ، بل ينبَغي تطبيقُها على كُلِّ حاجاتِنا الأُخرى التي نشعُرُ بها كخلائِق الله. فينبَغي أن يَكُونَ لدينا خُبزٌ لنُغَذِّيَ أجسادَنا كُلَّ يَوم، وعلينا أن نُغَذِّيَ نُفُوسَنا وأرواحَنا بالمَنِّ السَّماوِيِّ كُلَّ يَومٍ، ويومَاً بعدَ الآخر.

"إغفِرْ لنا ذُنُوبَنا كما نَغفِرُ نحنُ أيضاً للمُذنِبينَ إلينا"

الطِّلباتُ الثَّلاثة الشَّخصِيَّة المُقبِلَة تنطَبِقُ بِوُضُوحٍ على حاجاتِنا الرُّوحِيَّة. الطِّلبَةُ الشَّخصِيَّةُ الثَّانِيَة هي للغُفرانِ، وتتبَعُها طِلباتٌ للإرشادِ والإنقاذ. ومبدأُ الصَّلاة ليَومٍ بعدَ الآخر الذي نتعلَّمُهُ في طِلبَةِ الخُبزِ اليَوميّ، ينبَغي أن ينطَبِقَ أيضاً على هذه الطِّلبات الثَّلاث لحاجاتِنا الرُّوحِيَّة. فالغُفرانُ والإرشادُ والإنقاذُ أو التَّحرير هي أيضاً حاجاتٌ نشعُرُ بها كُلَّ يَوم. رُوحُ هذه الطِّلبات الشَّخصِيَّة الأربَع هي: "أعطِنا خُبزَنا كفافَنا اليوم، بما في ذلكَ حاجتَنا لِلغُفران، الإرشاد، والتَّحرير."

"لا تُدخِلنا في تَجرِبَة..."

بِحَسَبِ يعقُوب اللهُ غَيرُ مُجَرَّبٍ بالشُّرُورِ وهُوَ لا يُجَرِّبُ أحداً (يعقُوب 1: 13). على ضَوءِ هذا التَّعليم، لماذا يُعَلِّمُنا رَبُّنا أن نُصَلِّيَ إلى اللهِ أبينا السَّماوِيّ، الذي لا يُجَرِّبُ أحداً بتاتاً، لماذا علينا أن نُصَلِّيَ لهُ قائِلين: "ولا تُدخِلنا في تَجرِبَة؟"

أنا مُتَيَقِّنٌ أنَّ رُوحَ هذه الطِّلبَة مَبنِيَّةٌ على مُجمَلِ تعليمِ الكتابِ المُقدَّس، بأنَّنا لسنا أعمدة قَلعَة حصينة عندما يتعلَّقُ الأمرُ بالتَّجارِب. فلقد قَيَّمَ يسُوعُ بِدِقَّة حالَتَنا البَشَريَّة عندما قالَ، "أمَّا الرُّوح فقَوِيّ، وأمَّا الجسد فضَعيف." (متَّى 26: 41)

عندما كانَ يسُوعُ يُواجِهُ أصعَبَ أزَمَةٍ في حياتِهِ، طالَبَ الرُّسُلَ أن يُصَلُّوا معَهُ. وعندما إستَسلَمُوا للنَّوم، أيقَظَهُم وقالَ، "صَلُّوا لكَي لا تَدخُلُوا في تَجرِبَة." (لُوقا 22: 46) يبدُو أنَّهُ كانَ يقصُدُ أن يَقُولَ التَّالي، "لو كُنتُم تعرِفُونَ قُوَّةَ الشِّرِّير وضعفَ جسدِكُم، لبَقيتُم مُستَيقِظينَ تُصَلُّونَ لكي لا تَدخُلُوا في تجرِبَة."

عندَما أوصى يسُوعُ بِهذه الطِّلبَة الثَّالِثَة الشَّخصِيَّة، "ولا تُدخِلنا في تَجرِبَة،" كانَ يتصرَّفُ بإنسجامٍ معَ تقييمِهِ لحالَتِنا الإنسانيَّة، جسدِنا – "طبيعَتنا البَشَريَّة بِدُونِ مُساعَدَةِ الله." أعتَقِدُ أنَّهُ سيَكُونُ تفسيراً مقبُولاً لهذه الطِّلبَة الشَّخصِيَّة الثَّالِثة بأن نُصَلِّي بهذه الطَّريقَة، "أرشِدنا، ولن نَجِدَ نُفُوسَنا نُواجِهُ صداماتٍ معَ التَّجرِبة لنَقتَرِفَ الخطيَّة."

"...لكن نَجِّنا منَ الشِّرِّير."

في ترنيمَةٍ قديمَة، حَذَّرَنا مارتن لُوثر من أنَّهُ لدَينا عَدُوٌّ قَديمٌ لا يُريدُ لنا الخَير. بل هُوَ يُقاوِمُ كُلَّ شَيءٍ يُريدُ المسيحُ أن يعمَلَهُ فينا ومن خلالِنا. إنَّ تقنيَّة وقُوَّة الشَّيطان كبيرَة جدَّاً، وهي مُسَلَّحَة بالكُرهِ القاسِي، بِشَكلٍ ليسَ لهُ مَثيلٌ على الأرض. فإذا وضَعنا ثِقَتنا بِقُوَّتِنا الذَّاتِيَّة، فعندَها سوفَ يفشَلُ جهادُنا، ولن يَكُونَ الإنسانُ الصَّحيح الذي يختارُهُ اللهُ إلى جانِبِنا. قد تَسألُونَ من يَكُونُ هذا الإنسان؟ إنَّهُ يسُوعُ المسيح!

هذه الطِّلبَة لنتَحَرَّرَ من عَدُوِّنا القَديم ينبَغي أن تُصَلَّى كُلَّ يَوم.

بركة "الله أوَّلاً"

"لأنَّ لكَ المُلكَ والقُوَّةَ والمَجد إلى الأبد. آمِين."

لقد علَّمَنا يسُوعُ أن نبدَأَ ونُنهِيَ صلواتِنا بذهِنيَّة "الله أوَّلاً: "ليأتِ ملَكُوتُكَ،" و "لكَ المُلك." عندما أوصَى يسُوعُ بهذه البَركَة، كانَ يُعَلِّمُنا أن نختُمَ صلواتِنا بتَعَهُّدٍ للهِ بأنَّ نتائجَ ومجدَ إستِجابَتِهِ للطَّلباتِ المُدرَجَة في هذا النَّمُوذَج منَ الصَّلاة ستَكُونُ دائماً خاصَّتَهُ.

بإختِصار
الصفحة
  • عدد الزيارات: 14496