Skip to main content

الفصلُ الأوَّل قانُونُ الزواج والعائِلة - من أينَ نبدَأُ؟

الصفحة 4 من 7: من أينَ نبدَأُ؟

من أينَ نبدَأُ؟

هُناكَ أربَعُ مناطِق مَشاكِل في كُلِّ زواج. ففي زواجٍ بينَ وَليد وسُعاد، مِنطَقَةُ المُشكِلة الأُولى هي وَليد. ومِنطَقَةُ المُشكِلة الثانية هي سُعاد. ومِنطَقَةُ المُشكِلة الثالِثة هي وليد وسُعاد وقضايا إنسجامِهما معاً. وأَولادُهما هُم المِنطَقَةُ الرابِعة للمشاكل في زواجِهِما.

فإن كانَ لدى وَليد خمسونَ مُشكِلَة مثلاً، ولدى سُعاد خمسُونَ مُشكِلة أيضاً، فسيكونُ في هذا الزواج مائة مُشكِلة قبلَ أن يبدأَ كُلٌّ من وَليد وسُعاد بمواجهَةِ المشاكل المُشتَرَكة. فإذا قرَّرَ وَليد أن يبدأَ العَمل على تَحسينِ زواجه، عليهِ أن يبدأ بالمُشكِلة رقم واحد – أي هُوَ نفسُهُ. وعلى سُعاد أن تبدأ بالمُشكِلة رَقم إثنين – أي هِيَ نفسُها. فإن كُنتَ غيرَ قادرٍ على الإعترافِ أو القُبُول بأنَّكَ جزءٌ من المُشكِلَة، فلن يكونَ هُناكَ مُرشدٌ زوجي على الأرض يقدِرُ أن يُساعِدَكَ في زواجِك. ولكن إذا نجحتَ في حلِّ المشاكِلَ في حَياتِكَ، تكونُ قد حللتَ الكثير من المشاكِل في علاقتِك.

دَعوني أُشارِكُ بِقِصَّةٍ تُوضِحُ هذا: ذهبَ رَجُلٌ إلى طبيبِهِ النفسِي، وعلى رأسِهِ خَسَّةٌ وثلاثُ بيضات، وشريحةٌ من اللحمِ المُقدَّد على كُلٍّ من أُذُنيه. فدَعاهُ الطبيبُ النفسيُّ للدخول والجُلوس، فجلسَ بحرصٍ شديد لكيلا تقعَ البيضاتُ الثلاثُ عن رأسِه. فقالَ الطبيب، "هل تُريدُ التحدُّثَ عن المُشكِلَة؟" فأجابَ، "نعم أيُّها الطبيب، أُريدُ أن أتكلَّمَ معكَ عن أخي المِسكِين، فهوَ يُعانِي الكثير من المشاكل."

يلتَقِي رُعاةُ الكَنائِس والمُعالِجُونَ النفسيُّون يوميَّاً بأشخاصٍ مثل هؤلاء، الذين لا يُريدونَ أن يعتَرِفُوا بإحتِمالِ كَونِهم جُزءاً من المُشكِلة. قالَ يسوع بهذا الصدَد ما معناه، "لدَيكَ خشبَةٌ في عَينِكَ، ولكنَّكَ تتجوَّلُ مُفتِّشاً عن قَشٍّ في عُيونِ الآخرين؟" (متى 7: 3). إنَّ الأشخاص اللاذعِي الإنتقاد هُم خُبَراء في إكتِشافِ أخطاءِ الآخرين، ولا سيَّما في مَنازِلِهِم وزيجاتِهم. وهم دائماً يضعُونَ اللومَ على الآخرين أوَّلاً، دُونَ أن يخطُرَ بِبالِهم أنَّهُ من المُمكِن أن يكُونُوا جزءاً من المُشكِلة، حتَّى ولو إتَّضَحَ للجميع أنهم الجُزءُ الأكبَرُ منها.

إنَّ أعظَمَ إرشادٍ زوجِيٍّ في العالم نجدُهُ في الكتابِ المقَدَّس. في هذا الكُتَيِّب، لهذا سوفَ ننظُرُ إلى نَوعٍ من الإرشادِ الزوجي الذي يُقدِّمُهُ الكتابُ المقدَّس. وهكذا سوفَ نكتَشِفُ بعضَ النماذِج والمَبادِئ. أحدُ النماذِج هُو: في كُلِّ مرَّةٍ يُعالِجُ فيها الكتابُ المقدَّسُ موضُوعَ الزواج، يعزِلُ الشريكَين إلى شَخصَين مُنفَرِدَين. فهوَ يتكلَّمُ إلى الرجُلِ عنِ دَورِهِ، وخِلالَ ذلكَ، يُخبِرُهُ عمَّا هي مسؤوليَّاتُه في الزواج. وعندما يُخاطِبُ الكِتابُ المقدَّس المَرأة، يُعلِّمُها عن مَسؤُوليَّاتِها في الزواج.

مثلاً، يبدأُ المقطَعُ الموجود في 1بُطرُس 3 بمُخاطَبَةِ النِّساء، خاصَّةً اللواتي لا يُطيعُ أزواجُهُنَّ الكَلِمَة. وفي الأعدادِ الستَّة التالية لا يقولُ بطرُس أيَّ شيءٍ للزوج أو عنهُ. ولكنَّهُ يُعلِّمُ النساءَ عن قضايا مُتنَوِّعَة، مثل الطهارة، واللِّباس، والخُضُوع. ويُخبِرُ النساءَ بأن يبدَأنَ دائماً بمِنطَقةِ المشاكل رقم إثنين. وعليهِنَّ أن يسألنَ اللهَ أن يجعَلَ منهُنَّ ما يُريدُهنَّ أن يكُنَّ وأن يعمَلنَ في زواجِهِنَّ.

ثُمَّ يُخاطِبُ بطرُس الأزواج عن مِنطَقةِ المشاكل رقم واحد. يُعالِجُ الكتابُ المقدَّس دائماً الأُمُور بطَريقةٍ واقِعيَّة عمليَّة. فهوَ يتكلَّمُ معَ الأولادِ عن أدوارِهم ومسؤوليَّاتِهم تِجاهَ والِديهم. فالكِتابُ المقدَّس يُقدِّمُ تعليماً واقِعيَّاً عندما يفعلُ هذا؛ لأنَّ الشخصَ الوحيد الذي تستطيعُ أن تَعمَلَ شيئاً حِيالَهُ هو الشخص الذي أنتَ مَسؤُولٌ عنهُ، أي أنتَ نفسُكَ.

قد يتطلَّبُ الأمرُ الكثيرَ من الوقتِ لِيَتَعلَّمَ بعضُ المُتزوِّجين ذلك، ولكنَّهم سيقولونَ في نِهايةِ المطافِ، "أنا لا أستطيعُ أن أعملَ شيئاً حِيالَ شريكَةِ حياتي." وبالفِعل فأنت لا تستطيعُ. فأمامَ عرشِ الله في الدينونة، لن تكونَ أنتَ المسؤول عن مشاكِلِ شريكِكَ أمامَ الله. ولكنَّكَ سوفَ تُعطِي حِساباً عن نفسِكَ، لأنَّكَ مسؤولٌ عن نفسِك فحَسب. وسوفَ تكونُ حَكيماً إذا بدأتَ بتقديمِ هذا الحِساب النِّهائي منذُ الآن، بتحمُّلِ مسؤوليَّةِ الشخص الذي أنتَ مَسؤولٌ عنهُ في الزواج، أي أنتَ نفسُكَ.

في كَثيرٍ من الأوقات في حلقاتِ الإرشاد معَ المُتزوِّجين، لا يستطيعُ راعي الكنيسة أن يلتَقيَ معَ الزوجِ والزوجَةِ معاً، لأنَّهُ كانَ سينتَهي بهِ الأمرُ كَحَكَمٍ يُحاوِلُ إيقافَهما عن العِراك. لهذا سيكونُ من الحِكمَةِ أن يلتَقِيَ معَ كُلٍّ شخصٍ من الزوجين بمُفرَدِه. وبعدَ الكثير من العمَل معَ كُلِّ منهُما على مُواجَهةِ مشاكِله، بإمكانِهِ أن ينتَقِلَ إلى الحديثِ عن قضايا الشراكة والإنسجام. ولكن إن كانَ هؤلاء الأزواج غيرُ مُؤمِنينَ بيسوع المسيح، ينبَغي أن تكونَ الأولويَّة عند الرَّاعِي أن يقودَ الزوجَ أو الزوجة إلى الخلاص، وإلى علاقَةٍ معَ الله من خِلالِ المسيح. إن الإرشادَ الزَّوجي يُمكِنُ أن يكونَ أداةً تبشيريَّةً مُثمِرة بالنسبَةِ لمُرشِدٍ رُوحي أو لِراعي كنيسة.

قالَ أحدُ رُعاةِ الكنائس لرجُلٍ، "إنَّ الزواج ليسَ إتِّفاقَ مُناصَفة؛ وليسَ شخصانِ كُلٌّ منهما يتمتَّعُ مائة بالمائة بما يُريد. بل الزواج هو شخصان مُخصَّصانِ لله مئة بالمئة." فذهبَ رجُلٌ إلى منـزلِهِ وقالَ لِزوجَتِه، "قالَ راعي الكَنيسة أن الزواج هو مئة مُقابل لا شيء؛ أنا المئة وأنتِ اللاشيء." بعضُ الناسُ يجِدُونَ صُعُوبَةً أن يعتَرِفُوا بِالحَقِيقَةِ المُؤلِمة بأنَّ قسمَ "الأشخاص" من هرَمِ الزواج هُو أساسُ هذا الهَرَم. وهُنا تبدأُ المشاكِلُ الزوجيَّة،  وهُنا ينبَغي أن تبدأَ حُلولُ الزواج. عندما يقبَلُونَ هذه الحقيقَة، عليهِم أن يُدرِكُوا عندَها أن الشخصُ الذي ينبَغي أن يبدَأُوا معهُ هو الشخصُ الذي يستطيعونَ أن يصِلوا إليه، أي ينبَغي أن يبدَأُوا معَ أنفُسِهم.

ماذا يعني الزواجُ لله
الصفحة
  • عدد الزيارات: 12306