Skip to main content

الأصحاح 4

يبدأ تعداد اللاويين في ص 3 من سن شهر- آخذاً في الاعتبار القوى الكامنة فيهم للخدمة، ولكن في ص 4 يذكر أن خدمتهم تبدأ من سن 30 وتستمر إلى سن الـ 50 سنة، لأن خدمة خيمة الاجتماع تحتاج إلى قوة لا تتوفر سوى في هذا السن، تحتاج إلى بلوغ، إنها خدمة مقدسة ليس من اللائق أن تسند للأطفال، ومع أنه ورد في ص 8: 24، أن اللاوي قد يخدم في الخيمة وهو في سن 25 أي يخدم تحت التدريب مدة خمس سنوات يصبح بعدها أهلاً للخدمة وليس الأمر مجرد رغبة أو عواطف مشتاقة للخدمة بل بلوغاً لا يصل إليه اللاوي سوى في سن الثلاثين، وهذا يرينا أنه لكي يخدم مؤمن الجديد ينبغي أن يصل إلى البلوغ الروحي.

 وترينا الإصلاحات الأولى من سفر العدد أن الأمور مرتبة حسب فكر الله، ونرى خدمتهم التي ترمز إلى خدمتنا نحن مؤمني العهد الجديد، الخدمة الموكلة لنا كأبكار مقدسين له، ويضع الله دائماً الخدمة الأكثر قداسة أولاً إذ يبدأ بالقهاتيين والأشياء التي يحملونها، وهي تشير كلها إلى المسيح وعمله بطرق مختلفة، وتبدأ خدمتهم حين ترتحل الخيمة، وخدمتهم رمز لحمل الشهادة بواسطة مؤمني العهد الجديد حين يجتمعون في الأقداس حول الرب يسوع له المجد، ويعمل المؤمنون ككهنة ويقدمون سجوداً، ولكن بعد ذلك يبدأون في حمل الشهادة المقدسة أثناء السير في البرية، لأن حمل أدوات الخيمة يرمز إلى شهادة مؤمني العهد الجديد الذين بشهادتهم يظهرون المسيح.

ولم يكن أي جزء من أدوات الخيمة يحمل إلا بعد تجهيزه بالكهنة للحمل، كان هناك في العهد القديم- الكاهن والقهاتي، لكن نحن مؤمني العهد الجديد نجمع بين الاثنين، لكن ينبغي أن تسبق الخدمة القهاتية التمييز الكهنوتي.

كان للكهنة في العهد القديم التمييز الروحي الذي به يغطون أجزاء الخيمة طبقاً لفكر الله وتعليماته، وبعد ذلك يحملها القهاتيون، لو تطلع القهاتيون إلى أجزاء القدس قبل لفها بواسطة الكهنة لحل عليهم الموت، وهذا يرينا خطورة الخدمة بدون أن يكون لنا التمييز الكهنوتي الذي يضع الحقائق الخاصة بالمسيح وعمله في وضعه المناسب.

التابوت- ولقد سلم التابوت لعهدة القهاتيين، أيضاً مائدة خبز الوجوه، والمنارة الذهبية، ومذبح المحرقة، وكلها رموز للمسيح. شخصه وعمله ووظائفه.

التابوت:

 وعند إعطاء إشارة بدء ارتحال المحلة يبدأ الكهنة بتغطية التابوت الذي يشير إلى المسيح، وكان الكهنة يغطون التابوت بالحجاب وهكذا نرى رمزين للمسيح في ارتباط معاً، فمع أنه الله ولكن في طريق تواضعه ظهر في صورة إنسان متواضع حاملاً العار حتى وصل إلى الصليب.

كان الرسول بولس يحمل صفات الكهنوت، عرف كيف يغطي التابوت بالحجاب، كانت له معرفة مجد الله في وجه ربنا يسوع المسيح (2 كو 4: 6، 7)، كان مجد الله المشرق في وجه المسيح في ذلك الإناء الخزفي وهو الرسول بولس الذي كان يعتبر نفسه إناء خزفياً مكسوراً لا قيمة له على الإطلاق ولذلك كان النور- نور مجد الله يشرق من خلال الرسول الذي كانت له الخدمة القهاتية في أثناء سيره في البرية "حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا" (2 كو 4: 8- 10). الشر وهو ليس غطاء خارجياً بل داخلياً، إذ يوجد فوقه ثوب اسمانجون. وكونه داخلياً فإن هذا يرينا أن حماية الشهادة تكمن في التدريبات الداخلية، وحين يكون الأمر كذلك فلا بد أن تظهر حياة المسيح بكل صفاتها السماوية، وهذا ما يظهره الثوب الاسمانجوني الذي من فوق. ما كان سماوياً وجوهرياً فيه ظهر وتجلى في حياته المباركة هذا على الأرض، كان على الدوام الإنسان السماوي "من السماء".

مائدة خبز الوجوه:

تشير إلى المسيح كالمغذي والمعضد لشعبه أمام الله لمسرته، ويشير الخبز الدائم الذي يوضع فوق المائدة إلى المؤمنين في تطابقهم وسيرهم طبقاً لإرادة الله ومشيئته مثل المسيح الذي كان طعامه أن يفعل مشيئة الذي أرسله (يو 4)، اما الأواني التي كانت توضع على المائدة فتشير إلى المؤمنين كأوان للخدمة المتنوعة، أما الثوب الاسمانجوني الذي كان يوضع على المائدة قبل وضع الخبز والأواني فيرينا الأساس السماوي لهذه الاشياء التي فوق المائدة. ثم يبسط الكهنة فوق هذا ثوباً قرمزياً (ع 8)، ويشير القرمز إلى المجد الذي يضعه الله الله على المؤمنين وهم يحملون الشهادة للمسيح، تظهر عليهم لمحة من المجد لا المجد العالمي، مجد البشر مثل ما قيل عن البعض "أحبوا مجد الناس أكثر من مجد الله" (يو 12: 43) بل المجد هنا يشير إلى المجد الذي له الصفة الروحية ويشير إليه بولس بالقول "وإن كان عضو واحد يكرم فجميع الأعضاء تفرح معه" (1 كو 12: 26) إنها كرامة خدمة المسيح، ولكن هذه الكرامة يوضع عليها جلود التخس التي تشير إلى الحماية من الشر بالسلوك العملي إذ لا ينبغي أن يستعرض للناس كل التحركات الخاصة بالخدمة والشهادة في البرية والتي يجب أن تكون متوافقة مع الأمور المقدسة، ينبغي أن يسير القهاتيون بكل تدقيق حراساً لهذه الأشياء لكي لا يحدث ما يصيب هذه الأشياء بالتلف، لأن السجود في الأقداس يعتمد على بقائها سليمة تماماً.

المنارة الذهبية والمذبح الذهبي:   

  نرى في المنارة الذهبية ربنا يسوع المسيح له المجد بالعلاقة مع الروح القدس الذي يرمز إليه زيت المنارة ويضيء بالشهادة للمسيح أما المذبح الذهبي فيشير إلى شفاعة المسيح كما يشير البخور الذي يوضع عليه إلى رائحة المسيح الذكية وقيمتها لدى الله. وكانت الأواني الخاصة بالمنارة والمذبح الذهبي توضع في ثوب اسمانجون الأمر الذي يشير إلى الإدراك الداخلي لقيمة الشهادة وشفاعة المسيح. إن نور الشهادة للمسيح وتقدير شفاعته خدمة سماوية لا تنتسب إلى العالم أو الناس أو الجسد. وكان يغطى الثوب الأسمانجون بجلود التخس، أي أن هذه الخدمة يجب حفظها من الشر بالسلوك العملي السائر في أثر خطوات المسيح.

مذبح النحاس:  

كان ينظف من الرماد ثم يبسط عليه ثوب أرجوان الذي يشير إلى المجد. إن مجد المسيح الاكتسابي أساسه المذبح الذي يشير إلى الآلام. وضع بطرس ثوب الأرجوان فوق المذبح حين تكلم عن الآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها الأمور التي تكلم عنها الأنبياء (1 بط 1: 11). إن القهاتين الذين يحملون المذبح يشيرون إلى المؤمنين الذين يسيرون في البرية حاملين الشهادة للمسيح، وفي نفس الوقت لهم امتياز التألم لأجله "وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل أيضاً أن تتألموا لأجله" (في 1: 29).

ونلاحظ التابوت كان الجزء الوحيد من كل أجزاء الخيمة الذي لم يظهر عليه من الخارج جلود التخس بل ثوب اسمانجون، كما نلاحظ أيضاً أن مذبح النحاس هو الوحيد الذي وضع عليه ثوب أرجوان. فالتابوت يظهر فيه لأول وهلة ما هو سماوي، ولكن عندما ندقق النظر نرى جلود التخس فوق الحجاب الذي يشير إلى جسد المسيح، أي نرى المسيح محافظاً على مجد الله حين كان هنا بالجسد، أما في مذبح النحاس فنرى المكان الذي فيه دينت الخطية، فالتابوت يقودنا إلى أسمى نقطة في السماء، ويصل بنا مذبح النحاس إلى أدنى نقطة في الأرض، نرى في الأول الرب يسوع حين تتم الشريعة، وفي الثاني هو نفسه جعل خطية لأجلنا، لذلك رفعه الله وأعطاه اسما فوق كل اسم.

وكانت خدمة الجرشونيين والمراريين أقل خدمة من خدمة القهاتيين، ولكن كانت خدمتهم ضرورية، لأن أجزاء الخيمة التي كانوا يحملونها كانت ضرورية لإقامة الخيمة التي تشير إلى بيت الله، البيت الذي يبنيه الرب لا إنسان، وتشير خدمتهم إلى عمل الله في المؤمنين ليكونوا بيتاً مقدساً للرب، والكل في حلمهم أجزاء الخيمة إنما يحملون خيمة واحدة تتكلم عن استحضارنا على جسد المسيح ووحدتنا فيه، ليس فقط حين نجتمع معاً، ونرى وحدتنا في الخبر الواحد الذي يشير إلى جسد المسيح بل الوحدة التي نراها في تحركنا معاً في البرية بروح الفريق الواحد.

كان المراريون يحملون أثقل في الخيمة، وحملهم لهذه الأجزاء الثقيلة يرينا ما جاء في (مت 11: 30) من حمل نير المسيح الأمر الذي يعني الخضوع تماماً لإرادة الله ونشيئته في كل ما يسمح به لنا غي الطريق، ويقول الرب عن نيره هذا أنه هين. كان الرسول بولس يتصور أن الشوكة التي أعطيت له في الجسد أنها ثقيلة وطلب من الرب ثلاث مرات أن يرفعها عنه، ولكن قال الرب له "تكفيك نعمتي لن قوتي في الضعف تكمل" مهما كان الحمل ثقيلاً فالرب يعطي القوة على حمله.

في (ع 32) كان على الكهنة أن يعدوا القطع الخاصة بالخيمة لكي لا يفقد منها شيء، وكانت كلها تحمل بعناية كاملة، كان طول الخيمة ثلاثين ذراعاً وعرضها عشر أذرع، ولكن كان اللاويون المكلفون بحملها 8580 شخص، ويرينا هذا عناية الله ببيته أي كنيسته التي لا يفقد منها فرد واحد (يو 10: 27- 31).

أغفل هذا الأصحاح قطعة مهمة وردت في خر 30 وهي المرحضة، ونرى في عدم ذكرها دقة كلمة الله وكمالها- لأن المرحضة صنعت من مرائي المتجندات اللواتي تجندن عند باب خيمة الاجتماع (خر 38: 8)، وصنعت لتطهير الكهنة قبل دخولهم إلى الخيمة.

  • عدد الزيارات: 2021