Skip to main content

الأصحاح الرابع - عدد 15

الصفحة 9 من 11: عدد 15

ويكون لك لإرجاع نفس وإعالة شيبتك، لأن كنتك التي أحبتك قد ولدته وهي خير لك من سبعة بنين ( ع 15)

يلفت نظرنا أن النساء يلقبن ابن راعوث بلقب "من يسترجع الحياة". وعمل "الذي يسترجع" يختلف بعض الشيء عما تأملنا فيه فيما سبق. ففي بوعز رأينا المسيح كمن يفدي ويسترد. فرأيناه في قدرته على أن يفك ويخلص، وكمن يستطيع أن يعطي حياة جديدة من الموت. وأن يمنح تمتعاً كاملاً وامتلاكاً للميراث في الموضع الذي انطفأت فيه الشهادة، ولم يبق فيها شيئاً سوى الخراب التام والفقر والموت. ولكن في عوبيد نرى ثمرة الاتحاد بالرب المقام والممجد، وبالتالي نجد فيه الاسترداد الفعلي للميراث المفقود. ولنلاحظ أن النساء يقلن لها إنه يكون "لاسترجاع نفس" أي "من يسترجع لك حياتك". وهذا يوضح ما ذكرناه آنفاً. فعندما رجع المؤمنون إلى «الذي كان من البدء» في القرن التاسع عشر كان لهذا تأثير عظيم على حياتهم العملية. فما أن استعادوا مرة أخرى إدراك المركز السماوي للكنيسة حتى فهموا أنهم متغربون على الأرض، فأظهروا عملياً ذلك في حياتهم. فانفصلوا عن العالم في كل صوره المختلفة. ولم يظهر تأثير ذلك في هؤلاء الذين خرجوا من دائرة تأثير ثياتيرا وساردس، بل هم صاروا مثالاً كان له تأثيره على كل المسيحية، وهذا ما قصده الله بالفعل.

عندما وصل بنو إسرائيل إلى قادش برنيع كانوا قد طافوا في البرية أربعين سنة. كانت هذه رحلة طويلة ومضنية، جفت فيها ينابيعهم، واستنفذت طاقاتهم. ماتت فيها مريم التي هي صوت النبوة والتسبيح (عد 1:20). ولكن الرب عندئذ أعطى ماءً من الصخرة حتى لا يهلك الشعب بأسره.

في الملوك الأول ص1 نقرأ عن نهاية حياة داود «فشاخ الملك داود. تقدم في الأيام. وكانوا يدثرونه بالثياب فلم يدفأ. فقال له عبيده ليفتشوا لسيدنا الملك على فتاة عذراء فلتقف أمامه ولتكن له حاضنة ففتشوا على فتاة جميلة في كل تخوم إسرائيل فوجدوا أبيشج الشونمية. فجاءوا بها إلى الملك. وكانت الفتاة جميلة جداً فكانت حاضنة للملك وكانت تخدمه».

إن هذين المثالين يبينان لنا ما كانت النساء تقصده عندما قلن «يكون لك لإرجاع نفس وإعالة شيبتك». هكذا أعطى الرب فيلادلفيا للكنيسة ككلحتى ترجع إلى ما كانت عليه في البداءة، ولإعالتها في زمان شيخوختها. ياله من فكر جميل! ولكن من الناحية الأخرى ما أخطر المسئولية الملقاة على عاتق أولئك الذين استحضروا إلى المركز الفيلادلفي هذا. ليت هذا الفكر يحفظنا من النزعات الاستقلالية والطائفية، بل يكون عوناً لنا لكي ندرك واجبنا نحو جميع المؤمنين. فالرب يريد أن يستخدمنا كمصدر للدفء لشهادة تكاد تموت، ولكي نخدمها كما كانت أبيشج تخدم داود في شيخوخته. وسنرى فيما بعد أن اسم "عوبيد" معناه "عبد" أو "خادم". وهذه هي الصبغة التي تصطبغ بها فيلادلفيا. اسمعوا ماذا قالت النسوة لنعمي عن راعوث «كنتك التي أحبتك، وهي خير لك من سبعة بنين» وسبعة بنون هي إشارة إلى كمال وتمام البركة التي كانت تتمناها أي أم في إسرائيل (1صم 5:2).

عدد 16-17
الصفحة
  • عدد الزيارات: 19610