الإصحاح الثاني والثلاثون: خواء وخيبة الخصومة
لقد أفرغ أليفاز وبلدد وصوفر كل ما عندهم من أفكار. وأيوب بدوره سكت أيضاً! حينئذ دخل في المشهد شخص جديد وهو أليهو الذي معناه "الله نفسه". وتكلم الروح القدس على لسانه (1 بطرس 4: 11). وقد ظهر عجز الإنسان بوضوح، ففي أيوب ظهر عدم القدرة على احتمال التجربة، وفي أصدقائه ظهر بُطل التعزيات البشرية. والآن وقد ظهر بُطل الحكمة الأرضية. يتكلم الحكمة التي من فوق في أليهو (يعقوب 3: 14-17) لقد خزي الشيوخ الأربعة أمام هذا الرجل الأصغر منهم سناً. إن أليهو عنده تمييز. وقد انتظر بصبر نهاية الأحاديث السابقة. إن الشبان بصفة خاصة عليهم أن يتعلموا الإصغاء، وفي هذا علامة من علامات الحكمة (يعقوب 1: 19).
إن معرفة واختبارات الأكبر منهم هي أكبر من معرفتهم واختباراتهم بصفة عامة! وفي هذا أيضاً علامة من علامات الأدب والاحترام- ولكن هذه الاعتبارات لم تمنع أليهو من أن يغضب غضباً مقدساً. لقد مسّ أيوب ورفقائه مجد الله ولم يستطع رجل الله الأمين احتمال ذلك، وليس من حقه أن يتملّق أحداً أو أن يحابي لأحد وهذان خطران قلما نفلت منهما (ع21).
هذا القسم تمهيدي بوجه خاص. ولنا أولاً وفي أسلوب نثري ديباجة تفسيرية تقدم أليهو- شبيهة إلى حد ما بالإصحاح الأول والأخير من السفر ويعقب هذه الديباجة تفسير مهذّب يعلل به سكوته الطويل، وتوبيخ ضار للأصحاب من أجل خيبتهم. على أنه مملوء كلاماً. وينبغي أن يتحدث دفاعاً عن كرامة صانعه دفاعاً لا ينقصه الوعي المحقق. وهو يختم ديباجته بأقوال لطيفة لأيوب، مصالحاً إياه، داعياً له بأن يجيب بأي كلام يشاء والقسم كله يؤلف فاتحة مدهشة، تمتزج فيها خصائص التواضع والسخط والتشوق واللطف.
ويمكن تقسيم الإصحاح إلى أربعة أجزاء.
(ع1-5) مقدمة تفسيرية.
(ع6-10) أسباب سكوته.
(ع11-13) خيبة الأصحاب.
(ع14-22) لا بدّ أن يتكلم.
- عدد الزيارات: 13788