Skip to main content

الإصحاح الحادي والأربعون: لوياثان – كبرياء المخلوق ظاهرة تماماً

الصفحة 1 من 5

يتفق معظم الشرّاح على أننا نجد في "لوياثان" ذلك التمساح المصري، موصوفاً في تفصيل كثير، وكما أن فرس النهر (سيد قشطه) هو حيوان البر أو اليابسة، كذلك التمساح هو حيوان مائي، وكلاهما برمائي، إن هذا المخلوق يوصف بأسلوب يشبه إلى حد كبير وصف الحيوان السابق، ولكن في إفاضة فلزام علينا أن نحاول الإبانة عن الأجزاء المختلفة التي يمكن أن يتفرع إليها الوصف.

على أنه يحسن بنا، قبل الدخول في التفصيلات، أن نتساءل عن دلالة هذا الحيوان قياساً أو مقارنة مع الحيوان الأول. فذاك الحيوان يرمز – كما قلنا مقترحين – إلى روح الارتداد عن الحق المعلن، الذي يصل إلى أقصى درجات تطوره في ضد المسيح، إنسان الخطيئة. وهذا الحيوان يرمز – بوصفه طالعاً من الماء – إلى الوحش الأول المذكور في (رؤيا 13)، إلى السلطة العالمية الكبرى كما نراها في أربعة حيوانات سفر دانيال (ص 7). فإذا وجدنا في بهيموث روح الارتداد في الديانة، فإننا نجد الارتداد في الحكومة المدنية متجلياً في لوياثان ففي الأخير نجد الحاكم العالمي، دون النبي الكذاب، ومع ذلك فالاثنان مرتبطان معاً ارتباطاً وثيقاً. على أن هذه نظرة أمامية للتطور الأقصى في الأيام الأخيرة. إنما المبدأ في ذاته (أي الاستقلال عن الله) الذي يريد أن يحمل له اسماً، طالما تجلى في وضوح منذ أيام قايين الذي بنى لنفسه مدينة، ومنذ أيام نمرود مؤسس أول إمبراطورية عالمية كبرى (تكوين 10: 8-10). ولاحظ أن هذه القاعدة ليست قاصرة على الزعامة القومية، فإن الروح ذاتها. روح الإرادة الذاتية العنيفة، التي لا تطيق المقاومة والمعارضة، تبدو كذلك في الأفراد في عدم خضوع للسلطات، فمن ذا الذي استطاع أن يقيد إرادة الإنسان ويكبح جماحها؟.

هوذا وحش أكثر من بهيموث رهبة، إن الموت ليس له قوة إلا على الحياة الحاضرة بينما الشيطان الذي يرمز إليه لوياثان يجر ضحاياه معه في الموت الثاني (أشعياء 27: 1). وتجاه مثل هذا العدو نحن بالطبع معزولي السلاح مثل الطفل الذي يحاول اصطياد لوياثان (ربما التمساح) بشص (سنارة)! (ص 41: 1). بلا شك لا نلعب بلا عواقب مع قوة الشر. هل نحن إذاً تحت رحمته؟ كلا بنعمة الرب! لقد انتصر المسيح على العدو الرهيب. ليتنا نذكر هذه المعركة الحاسمة ونتعلق بذاك الذي غلبه (ص 41: 5، كولوسي 2: 15).

تحت صورة لوياثان الرهيبة، يكشف الله لأيوب المشتكي عليه في (ص 1) والذي صار عدوه في (ص 2). أن المقاتل يجب عليه أن يعرف عدوه حتى لا يقدّره بأقل من قدره الحقيقي. يجب أن يعرف المؤمن ما هي قوة إبليس (ع 11) الذي انهزم عند الصليب ولكنه دائماً يعمل ولا نجهل أفكاره (2 كورنثوس 2: 11). لنرى ما يتميز به: فكه المزدوج (ع 12، قارن 1 بطرس 5: 8). وقلبه الصلب مثل الحجر (ع 24) لأنه غريب تماماً عن المحبة الإلهية ولا قوة بشرية تقف أمامه (ع 26-29). وهو يشيع الرعب بسيفه: الموت الذي يلحق بأقوى الناس (ع 25). ولكن الشيطان هو أيضاً "الكذاب" والذي يغوي.

ليتنا نحترس من تصوراته (ع 18، يوحنا 8: 44، 2 كورنثوس 11: 14). إنه يجذب النفوس في العالم، بحر الملذات الفائر، بتقديم موارده كطعام ثمين (القدر) أو كدواء للألم (قدر العطارة) يقود إلى اللج تحت مظهر الحكمة والاختبارات (الشعر الأشيب) الجهلاء الذين يتبعون سبيله المضيء (ع 31، 32). أخيراً لنتذكر اللقب المرعب المعطى له "هو ملك على كل بني الكبرياء" (ع 34 – انظر 1 تيموثاوس 3: 6).

هنالك ثلاثة أجزاء في هذا الإصحاح:

(ع 1- 11) ضراوته غير المروضة.

(ع 12- 24) تحليل أجزاءه المختلفة.

(ع 25- 34) قوته البارزة.

ضراوته غير المروضة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 16346