هل تعرف نفسك؟
غالبا ما يجهل الإنسان حقيقة نفسه، فهو دائما يظن بأنه الأفضل في كل شيء وبأنه يستطيع أن يقوم بأصعب الأمور من دون مساعدة وبأنه كامل حتى يظن أحيانا بأن الله لم يخلق غيره صالحا
ومفيدا للبشرية وكأن الكون كله يدور حوله. ولكن عندما يتقدم الإنسان بعمق وواقعية وصدق سيجد نفسه شخصا تائها ومشردا ومتمردا ومليء بالخطية وسيكتشف أنه ضعيف جدا، يحتاج لمن يقف إلى جابنه في كل الأمور التي تحيط به.
الكتاب المقدس يقدم لنا واقعية الإنسان الفاسد الذي يحتاج لمن ينقيه من خطاياه "كما هو مكتوب أنه ليس بار ولا واحد. ليس من يفهم. ليس من يطلب الله. الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد" (رومية 10:3). هذه هي حقيقة كل إنسان بكل شفافية وصراحة لهذا نجد المرنم في العهد القديم يصرخ إلى الله بعد أن اكتشف ذاته بانه لا شيء من دون الخالق المحب، "اختبرني يا الله واعرف قلبي امتحني واعرف أفكاري. وانظر إن كان فيّ طريق باطل واهدني طريقا أبديا" (مزمور 23:139).
إن اكتشاف ذاتنا بكل موضوعية وصدق يجعلنا نعي أننا خطاة ونحتاج لمن يرفع عنا خطايانا، ففي هذه اللحظات المهمة من حياتنا علينا أن نذهب إلى نبع الحياة حيث هناك نستقي ونرتوي من الغفران الحقيقي "ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية" (يوحنا 14:4).
موسى عندما اكتشف ضعفه ذهب منسحقا ومتواضعا أمام الله معترفا بأنه لن تستطيع أن يفعل شيئا ولأنه فهم ذاته وعرف حجمه أعطاه الله من لدنه قوّة وعزم "لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القّوة والمحبة والنصح" (2 تيموثاوس 7:1). فجعله يقف امام فرعون ومن ثم قاد الشعب من مصر إلى البرية متوجها إلى أرض الموعد.
وماذا نقول عن اشعياء الذي أدرك ضعفه أمام قداسة الله حيث خرجت الكلمات من قلبه إلى فمه "فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين لأن عينيّ قد رأتا الملك ربّ الجنود" (أشعياء 5:6). ندها نجد الله استخدمه في أن يكون إناء صالح لخدمة السيد.
أيها الإنسان اعرف نفسك واكتشف ضعفك وتقدم بخشوع إلى المسيح طالبا أن يستخدم هذا الضعف فيبدله إلى قوة وانتصار "فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوّتي في الضعف تكمل. فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحلّ عليّ قوّة المسيح" (2 كورنثوس 9: 12).
- عدد الزيارات: 8534