القوات المعجزية أم الطاعة لكلمة الله
إننا نعيش الآن في زمن الخراب، وأحد علامات الأيام الأخيرة الصعبة التي نعيشها أنه يكثر الكلام عن القوات المعجزية ويقل الكلام عن الطاعة لكلمة الله والمعرفة التي نحصل عليها من الإيمان البسيط بكلمة الله تُرفض، إذ يُستبدل بها التعلق بقوات أو أمور لا صلة لها على الإطلاق بالروح القدس ولكنها تكون موضوع إعجاب الناس، وستصل هذه الحالة إلى ذروتها عندما يُستعلن "إنسان الخطية". وسيعطى الشيطان بكل سرور قوته لعمل معجزات للذين يتطلعون بشوق للقوات الخارقة للطبيعة بعدما يكونوا قد رفضوا تبكيت الروح القدس بالكلمة. ولا يحتاج الأمر إلى قدرة فائقة لكي نميّز في أيامنا الحاضرة أن هناك "طلائع" يمهدون "لعمل الضلال" العمل الذي أنبأ به الرسول في (2تس1: 1- 12). هؤلاء مستعدين للعمل حالما ترفع الكنيسة من الأرض. إن هذا العمل يعلن عن ذاته حالياً ويوقع الناس في فخاخه ولكنه سيستعلن كاملاً بمجرد رفع الحاجز.
يوجد تلهف وعدم رضى بين كثيرين من المسيحيين الذين يشعرون بالفراغ وبأن حياتهم غير مثمرة، لذا يتطلعون لاختبارات ذات مستوى عال. إنهم يعرفون قليلاً من كلمة الله والبركات المجيدة المذخرة في الرب يسوع المسيح، لذا تنمو بينهم أشواق غير صحية لأجل اختبارات جديدة وإحساسات قوية وانفعالات ينسبونها- نظراً لقلة روحانيتهم ونقض تمييزهم- لله ولروحه القدوس، مع أنها في الواقع ليست سوى تخيلات وانفعالات جسدية ومصدرها شيطاني.
كثيرون منهم على درجة كبيرة من استقامة الأخلاق، لكن الاستقامة ليست هي الحق. والاستقامة وحدها لا تحصّن صاحبها ضد كثير من الضلالات. إن محبة الحق والطاعة لكلمة الله هما وحدهما يحميان من الفوضى الدينية المنتشرة في أيامنا. إن كانت حياة المؤمن خالية من الثمر فالسبب عادة هو عدم الجلوس عند قدمي الرب لمعرفة مشيئته المعلنة في الكلمة والعيشة بحسب كلمته.
إن الأمناء هم الذين يرون حالة الكنيسة الحقيقية ويهتمون قبل كل شيء بالصحة الروحية، أي أن يسلك القديسون في الحق في انفصال حقيقي عن العالم وتجنب كل ما ليس بحسب إرادة الرب وأن يفسح المجال تماماً للروح القدس الذي مهمته تمجيد المسيح. وأن يعرف المؤمنون ويتمتعوا بقوة الرابطة بين المسيح وكنيسته، وأن يعرف أعضاء جسد المسيح علاقتهم العجيبة معاً إذ أنهم متحدون معاً الواحد مع الآخر بالرأس الذي منه كل الجسد "بمفاصل وربط" "متوازراً ومقترناً ينمو نمواً من الله" (كو2: 19، أف4: 16) وبهذا يتمسك المؤمنون لحق في المحبة، وينمون في كل شيء إلى ذاك الذي هو الرأس المسيح.
إن كل من يسلك في بساطة الطاعة لا بد أن ينال من الله الإجابة لتلك الطلبة السامية، طلبة الابن المبارك من أبيه في الليلة التي أسلم فيها "قدسهم في حقك. كلامك هو حق" (يو17: 17).
- عدد الزيارات: 2896