Skip to main content

الدرس الرابع والخمسون: الوصية الأولى: عبادة الله الواحد

نبدأ الآن بدراستنا للوصية الأولى من وصايا الله العشر التي هي كما يلي: لا يكن لك آلهة أخرى أمامي.

ينهانا الله عن عبادة الأوثان والآلهة الكاذبة في هذه الوصية الأولى، وبما أن الوصايا العشر صبغت في قالب مختصر وبما أن بعضها صيغ في قالب سلبي أي أنها تبدأ بكلمة لا، يجدر بنا ونحن قد شرعنا الآن في بحث الوصية الأولى أن نذكر هذا المبدأ الأساسي الذي نستقيه من الكتاب المقدس والذي سنسير عليه في شرحنا لوصايا الله العشر: كل ما ينهانا الله إنما يأمر بعكسه وكل ما يأمرنا به الله إنما ينهانا عن عكسه. وبعبارة أخرى ما أن نطبق هذه القاعدة على الوصية الأولى حتى نستنتج ما يلي:

عندما ينهانا الله عن عبادة الآلهة فإنه إنما يأمرنا بأن نعبده تعالى اسمه. وهكذا نرى أن الوصية الأولى هي إيجابية في صُلبها لأنها وإذ تحرّم عبادة الأوثان والآلهة الكاذبة الوهمية إنما تطلب منا أن نعبد الله الواحد خالق السماء والأرض وكل ما يُرى وما لا يُرى وبارينا نحن البشر.

وقد تكلّم السيد المسيح عن عبادة الله الحقيقية قائلاً للمرأة السامرية: "ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا." (الإنجيل حسب يوحنا4: 23و 24)

وعندما نتأمل في هذه الوصية الإلهية فإننا نرى هذه الأمور الأربعة التي تتطلب منا بصورة إيجابية:

أولاً: علينا أن نعبد الله وحده خاضعين له ومطيعين لأوامره.

ثانياً: علينا أن نضع ثقتنا فيه فقط وأن نثق بجميع مواعيده التي أعطانا إياها في كلمته.

ثالثاً: علينا أن نلتجئ إليه في كل احتياجاتنا منتظرين منه العون والنجاة.

رابعاً: علينا أن نُقدم إليه آيات الشكر والامتنان من أجل جميع الخيرات والبركات التي يمنحنا إياها.

وعندما ندرس كلمة الله نرى كيف أنه تعالى اسمه يعلمنا دروساً هامة منبثقة عن وصيته الأولى وسوف نقتبس بعض الآيات الكتابية لكي نسمع صوت الله فيها وهو يخبرنا عن موضوع عبادته: ورد في شريعة موسى ما يلي: من ذبح لآلهة غير الرب وحده يُهلك. (خروج22: 20).

"فاحترزوا من أن تنغوي قلوبكم وتعبدوا آلهة أخرى وتسجدوا لها فيحمى غضب الرب عليكم ويغلق السماء فلا يكون مطر ولا تعُطي الأرض غلّتها، فتبيدون سريعاً عن الأرض الجيدة التي يعطيكم الرب" (تثنية11: 16و 17)

وقبل وفاة موسى النبي أنشد النشيد الذي أُعطي من قبل الله ومما قاله الله في هذا النشيد:

"انظروا الآن: أنا أنا هو وليس إله معي، أنا أُميت وأُحي، سحقت وإني أشفي وليس من يدي مخلّص. إني أرفع إلى السماء يدي وأقول: حي أنا وإلى الأبد" (تثنية32: 39و 40)

وقال الله بواسطة عبده اشعياء النبي عن موضوعنا هذا:

"أنتم شهودي يقول الرب وعبدي الذي اخترتُه لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا أني أنا هو، قبلي لم يصور إله وبعدي لا يكون. أنا أنا الرب وليس غيري مخلّص. أنا أخبرت وخلّصتُ وأعلمت وليس بينكم غريب. وأنتم شهودي يقول الرب وأنا الله. أيضاً من اليوم أنا هو ولا منقذ من يدي، افعل ومن يرد؟" (43: 10- 13)

وكذلك تكلّم الله وبواسطة عبده النبي اشعياء عن موضوعنا هذا وعن موضوع عبادة الأوثان قائلاً"

"أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري. ومن مثلي يُنادي فليُخبر به ويعرضه لي منذ وضعت الشعب القديم والمستقبلات وما سيأتي ليخبروهم بها. لا ترتعبوا ولا ترتاعوا. أما أعلمتك منذ القديم وأخبرتك فأنتم شهودي هل يوجد إله غيري؟ ولا صخرة، لا أعلم بها؟؟ (44: 6- 8).

وعن عابدي وصانعي الأصنام قال الله بواسطة اشعياء:

"قطع لنفسع أرزاً وأخذ سندياناً وبلوطاً واختار لنفسه من أشجار الوعر، غرس سنوبراً والمطر ينميه. فيصير للناس للإيقاد ويأخذ منه ويتدفأ يُشعل أيضاً ويخبز خبزاً ثم يصنع إلهاً فيسجد. قد صنعه صنماً صنماً وخرَّ له. نصفه أحرقه بالنار، على نصفه يأكل لحماً، يشوي مشوياً ويشبع. يتدفأ أيضاً ويقول: بَخْ قد تدفأت، رأيتُ ناراً. وبقيته قد صنعها إلهاً صنماً لنفسه يخر له ويسجد ويصلي إليه ويقول: نجني لأنك أنت إلهي.

"لا يعرفون ولا يفهمون لأنه قد طمست عيونهم عن الإبصار وقلوبهم عن التعقل. ولا يردد في قلبه وليس له معرفة ولا فهم حتى يقول: نِصفه قد أحرقت بالنار وخبزت أيضاً على جمره خبزاً شويت لحماً وأكلتُ، أفأصنع بقيته رجساً ولساق شجرة أخر؟" (44: 14- 19).

لنشكر الله الذي أعطانا وصيته الأولى التي تنهانا عن عبادة أية آلهة وغريبة وهمية والذي يحفظنا في يسوع المسيح لنخدمه ونعبده في كل أيام حياتنا ساجدين له ومقدمين له جميع آيات السجود والعبادة. ولننظر دائماً إلى هذه الوصية وإلى سائر وصايا الله كنور يقودنا في سُبل هذه الحياة متجنبين كل ما منعنا عنه الله لمجد اسمه القدوس ولخيرنا في هذه الدنيا وفي الآخرة.

  • عدد الزيارات: 6137