Skip to main content

الفصل الثامن عشر: سفر زكريا

بيَّنّا في الفصل الماضي علاقة النبي بحجي. ولعله كان كاهناً كما كان نبياً (انظر نح 12: 16). نطق بالنبوة الأولى عندما دب روح الفشل في الشعب وهم يجددون الهيكل. فحذرهم من عصيان السلف، وذكر كلمة خصوصية لتشجيع زربابل الذي كان شديد الإحساس بعجزه واعتبر يومه "يوم الأمور الصغيرة": "لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود" (4: 6 – 10). ووعده بتذليل جبل الصعوبات حتى أنه كما وضع الحجر الأول في أساس الهيكل يضع الحجر الأخير بهتاف. وعلى ذلك قوله: "من أنت أيها الجبل العظيم. أمام زربابل تصير سهلاً. فيُخرج حجرَ الزاوية بين الهاتفين كرامةً كرامةً له". وغني عن البيان أن المسيح هو الأساس وحجر الزاوية جميعاً.

ثماني رؤى: النبوة الثانية لزكريا تتألف من ثماني رؤى تدور حول معاملات الله الأخيرة لشعبه. الأولى رؤيا شجر الآس تمثل شعب الله في العصر الحاضر مرفوضين من الله ولكنه لن ينسهم. والثانية رؤيا القرون والصناع، وتشير إلى قلب الأمم المعادية لشعب الله. والثالثة رؤيا حبل القياس ويشير إلى امتداد أورشليم ونجاحها وكون الرب سوراً من نار يغنيها عن الأنوار ويخلي مكانها للسكان. والرابعة رؤيا يهوشع الكاهن العظيم يمثل الشعب المختار وقد تطهروا من خطاياهم وعادوا إلى مقام القربى من الله حسب النظام الكهنوتي. الخامسة رؤيا المنارة وتشير إلى أن الشعب المختار منارة الله في العالم،والزيتونتان القائمتان على جانبيها تشيران إلى زربابل ويهوشع باعتبار أنهما رمزان إلى المسيح الكاهن العظيم ورئيس ملوك الأرض. والسادسة رؤيا الدَّرج الطائر أي لمحاكمة كل الأرض. والسابعة رؤيا الآيفة أي إقامة حد للشر. والثامنة رؤيا المركبات وتشير إلى قوات البر الإدارية.

وبعد ذلك تنبأ عن تتويج يهوشع الكاهن العظيم باعتبار كونه رمزاً إلى المسيح رئيس كهنتنا الحقيقي. وفي تتويجه تلميح إلى أن المرموز إليه جامع بين الكهنوت والملك. ودعاه الوحي على لسان النبي بهذا اللقب "هوذا الرجل الغصن اسمه" (6: 12)، ثم قال "فهو يبني هيكل الرب وهو يحمل الجلال".

ملكك يأتي إليك: تنبأ زكريا عن المسيح أكثر من غيره من الأنبياء الصغار الاثني عشر. فكنى عنه مرتين بالغصن وسماه عبد الرب (3: 8). وسمي بهذا الاسم في سفر أشعياء النبي. ثم تبنأ عن دخوله إلى أورشليم راكباً على أتان (9: 9) ثم تنبأ عنه كالراعي الصالح يخلص قطيعه (9: 16) ويعتني بأذل الغنم (11: 11)، ويتنبأ عنه كالراعي المضروب وقد تبددت خرافه "استيقظ يا سيف على راعيّ وعلى رجل رفقتي يقول رب الجنود" (13: 7). ولنا في هذا السفر تعليم صريح بلاهوت المسيح وناسوته. دعاه رب الجنود رجلَ رفقته أي مساوياً له وراعياً مضروباً أي إنساناً أطاع حتى الموت موت الصليب. ولنا من كونه رفيقاً له أنه أقنوم على حدته.

وتنبأ عن "دم العهد" (9: 11). وطبَّق المسيح هذه النبوة على دم نفسه قائلاً "هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (مت 26: 28). وتنبأ عن خيانة يهوذا له مقابل ثلاثين من الفضة واستقصى تفصيلات الحادثة إلى أن ذكر أن هذه القيمة ألقيت "إلى الفخاري في بيت الرب" (11: 12 و 13).

وتنبأ عن رجوع الشعب إلى الرب إلههم، يومً يسكب روحه عليهم وينظرون إلى الذي طعنوه وتغسل خطاياهم وبذلك الينبوع المفتوح بموت مسيحهم على الصليب (12: 10 و 13: 1). وأخيراً عن جروحه التي جرح بها في بيت أحبائه (13: 6) وقال أن ثلث البقية الباقية منهم يدخلهم الرب في النار ويمحصهم كمحص الفضة ويمتحنهم امتحان الذهب (13: 9).

ينتهي الإصحاح الأخير من سفر زكريا بوصف اليوم الأخير مقروناً بمجيء المسيح للدينونة. إن الذي صعد من جبل الزيتون إلى السماء سيأتي كما صعد. وكما رأوه صاعداً هكذا يرونه آتياً "وتقف قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون ... ويأتي الرب إلهي وجميع القديسين معك ... ويكون يوم واحد معروف للرب ... في وقت المساء يكون نور ... ويكون الرب ملكاً على كل الأرض. في ذلك اليوم يكون الرب وحده واسمه وحده".

  • عدد الزيارات: 4308