الفصل 3: المجيء الأول للمسيح
جاء المسيح يسوع قبل ما يقارب الـ (2000) سنة وأمر مجيئه الأول واضحاً جداً للكثيرين الذين كانوا ينتظرونه, إذ كانوا يعلمون ما هو مكتوب في الكتب المقدسة بهذا الخصوص, كسمعان الشيخ مثلاً, الذي كتب عنه البشير لوقا قائلاً: وكان رجل في أورشليم اسمه سمعان وهذا الرجل كان باراً تقياً ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه وكان قد أوحى إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب (لوقا 2: 25-26).
وأيضاً: وكانت نبيّة حنة بنت فنوئيل من سبط شير وهي متقدمة في أيام كثيرة قد عاشت مع زوج سبع سنين بعد بكوريتها وهي أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلاً نهاراً فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم (لوقا2: 36-38)
كلنا يتذكر قصة المجوس الذين أتوا من المشرق... إذا مجوس من المشرق قد جاؤوا إلى أورشليم قائلين: أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له (متى 2: 1-2).
يقال: أن هؤلاء المجوس, هم من شتات اليهود الذين سباهم نبوخذ نصر إلى بابل وبقوا هناك ويبدوا أنهم كانوا على إطلاع واسع بالكتب المقدسة وخصوصاً في موضوع مجيء المسيح, إذ أن الوقت اللازم لقطع هذه المسافة الطويلة من بابل إلى أورشليم كان يتطلب فترة زمنية لا تقل عن ثلاثة أشهر, وهذا يؤكد موضوع مجيء المسيح كان الأهم عندهم لأن توقيتهم الدقيق كان مدهشاً للغاية, إذ أنهم تركوا بابل ليصلوا بدقة متناهية بعد ثلاثة أشهر إلى بيت لحم حيث خروا وسجدوا له ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهباً ولباناً ومراً (متى 2: 11).
منذ بدء الخليقة والكتاب المقدس يتنبأ عن مجيء المسيح الأول. في أول سفر من أسفاره نقرأ هذه النبوة: واضع عداوة بينك وبينها وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه (تكوين 3: 15).
مرّت مئات بل آلاف السنين, إلى أن جاء اليوم الذي تحققت هذه النبوءة وثبت الرسول بولس تحقيقها بقوله: ولكن لما جاء ملء الزمان (أي الوقت المعين لذلك) أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة تحت الناموس (رسالة غلاطية 4: 4).
تنبأ النبي أشعياء عن الوسيلة العجائبية التي أعدها الله لكي يرسل إلى العالم ولأول مرة ابنه الوحيد حين قال: ولكن يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل (أشعياء 7: 14).
فما كان من الرسول متى إلا أن أكد إتمام هذه النبوءة وبشكل دقيق جداً, فكتب قائلاً: إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً: يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل فيها هو من الروح القدس فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا (كتى 1: 20-23).
وتنبأ النبي ميخا بشكل دقيق أيضاً عن مكان ولادة يسوع فكتب قائلاً: أما أنت يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطاً على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل (ميخا 5: 2).
وكتب متى مؤكداً تحقيق ذلك: ولما ولد يسوع في بيت لح اليهودية في أيام هيرودوس الملك... (متى 2: 1).
تنبأ النبي أشعياء عن هدف مجيء المسيح الأول فكتب قائلاً: محتقر من الناس رجل أوجاع ومختبر الحزن وكمستِّر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصاباً من الله مذلولاً وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا (أشعياء 53: 3-5).
فما كان من الرسول بطرس سوى أن أكد في موعظته الشهيرة في الهيكل في أورشليم, أن أمر تألم المسيح قد تم على أكمل وجه كما هو مكتوب فقال: وأما الله فما سبق وأنبأ به بأفواه أنبياء أن يتألم المسيح قد تممه هكذا (أعمال الرسل 3: 18).
وقد حد النبي داود طريقة موت المسيح وذلك قبل حدوث الأمر بمئات السنين فقال بروح النبوءة: ثقبوا يدي ورجلي أحصي كل عظامي وهم ينظرون ويتفرسون فيَّ ويقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون (مزمور 22: 16-18).
وصلب المسيح وحصل بالتمام ما تنبأ به داود, إذ أكد ذلك الأمر الرسول يوحنا حين قال: ثم أن العسكر لما كانوا قد صلبوا يسوع أخذوا ثيابه وجعلوها أربعة أقسام لكل عسكري قسماً وأخذوا القميص أيضاً وكان القميص بغير خياطة منسوجاً كله من فوق فقال بعضهم لبعض لا نشقه بل نقترع عليه لمن يكون ... ليتم الكتاب القائل: اقتسموا ثيابي بينهم وعلى لباسي ألقوا قرعة هذا فعله العسكر (يوحنا 19: 23-24).
حدد النبي داود مسلمه الخائن فكتب متنبأً: أيضاً رجل سلامتي الذي وثقت به آكل خبزي رفع عليَّ عقبه (مزمور 41: 9).
وأكد ذلك الرسول متى قائلاً: ولما كان المساء اتكأ مع الاثني عشر وفيما هم يأكلون قال: الحق أقول لكم إن واحد منكم يسلمني فحزنوا جداً وابتدأ كل واحد منهم يقول هل: هل أنا هو يا رب؟ فأجاب وقال: الذي يغمس يده معي في الصفحة هو يسلمني (متى 26: 20-23).
تنبأ النبي زكريا بكل دقة عن الثمن الذي قبضه مسلمه وعن ذيول هذه الجريمة فقال: فقلت لهم أن حَسُنَ في أعينكم فأعطوني أجرتي وإلا فامتنعوا فوزنوا أجرتي ثلاثين من الفضة فقال لي الرب: ألقها إلى الفخاري الثمن الكريم الذي ثمنوني به فأخذت الثلاثين من الفضة وألقيتها إلى الفخاري في بيت الرب (زكريا 11: 12-13).
وأكد الرسول متى إتمام هذه النبوءة بشكل دقيق جداً فقال: ماذا تريدون أن تعطوني (أي يهوذا الاسخريوطي) وأنا أسلمه إليكم فجعلوا له ثلاثين من الفضة ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه (متى 2: 15-16).
وأيضاً: حينئذ لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم وردّ الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ قائلاً: قد أخطأت إذ سلمت دماً بريئاً فقالوا: ماذا علينا أنت أبصر فطرح الفضة في الهيكل وقالوا لا يحل أن نلقيها في الخزانة لأنها ثمن دم فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء لهذا سمي ذلك الحقل حقل الدم إلى هذا اليوم حينئذ تم ما قيل بالنبي القائل: وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنوه من بني إسرائيل وأعطوها عن حقل الفخاري كما أمرني الرب (متى 27: 3-10).
هذه بعض من مئات بل آلاف الشواهد والنبوءات التي تنبأ عنها الكتاب المقدس في القديم وهي تمت بدقة وكلها توجه أنظار القارئ إلى شص واحد وليس غيره هو المسيح يسوع ربنا له كل المجد.
عزيزي القارئ, هناك خلاصة واحدة ستصل إليها بعد قراءتك لهذا البحث ألا وهي: أن تقرر, هل المسيح يسوع هو واحد من هذه الأربعة: كاذب أم مجنون أم أسطورة أم رب...؟
تصور أنه لو علم بأن كل هذه الإعلانات التي دونها لنا في كلمته لم تكن صادقة وبالرغم من ذلك, سمح بتدوينها في الكتاب, لكان حتماً كاذباً...
تصور أنه لو صدق كل هذه الإعلانات التي أعطاها والتي لم تكن صحيحة فانخدع, لكان حتماً مجنوناً...
تصور أنه لو لم يعط هذه الإعلانات قط وهي التي تكلمت جميعها عنه, بل كانت عمل أناس مهووسين, مبتدعين, لا شيء عندهم سوى إظهار بدعة ما إلى الوجود, لكان حتماً أسطورة...
الحقيقة تقال: أن كل شخص يقبل إحدى هذه الصفات عن شخص المسيح يعني أنه يرفضه أو أنه ضدّه... لكن, هناك حقيقة تؤكد أن التاريخ يصنف هذه الاحتمالات الثلاثة السابقة بالكاذبة!!!
والخلاصة المنطقية الوحيدة المتبقية لنا والتي على المرء أن يتسلح بها لا محال هي: أن المسيح يسوع, على ضوء كل هذه الحقائق والثوابت التاريخية والكتابية, هو ما أراده أن يعلنه لنا عن نفسه, أي أنه وحده المستحق أن يدعى رباً...
وما هذه الإثباتات التاريخية القليلة التي طرحناها أمامك عزيزي, إلا وسيلة نوجه أنظارك بواسطتها إلى المسيح وإلى صدق كلمته وإعلاناته ولنلفت انتباهك إلى أنه محور كل موضوع في الكتاب المقدس وخصوصاً موضوع مجيئه الأول, فكم بالحري هو أهم موضوع مجيئه الثاني, الذي يحتم عليك أن تشمر عن ساعد الهمة وتبذل كل الجهد لكي تصل إلى السلام الحقيقي بالنسبة لهذا الأمر وعلاقتك به.
هناك حقيقة ينبغي أن تعرف ألا وهي: أنه لا سلام حقيقي بدون يسوع... أراد الله من محبته أن يعلن هذا الإعلان لليهود, فلم يدركوا هذا الأمر, فأعلنه لنا نحن الأمم على فم الرسول بطرس حين قال: الكلمة التي أرسلها إلى بني إسرائيل يبشر بالسلام بيسوع المسيح هذا هو رب الكل. (أعمال الرسل 10: 26).
إن كنت تبحث عن السلام الحقيقي في كل أمر, تعال إلى يسوع...
نبع السلام...
رئيس السلام...
- عدد الزيارات: 4761