Skip to main content

مقدمة

معظمنا يتذكّر قصة الوزير الحبشي الذي كان عائدا من أورشليم وكان يقرأ النبي اشعياء، ولكن لم يكن يفهم ما كان يقرأ وكيف أن ملاك الرب كلّم فيليبس ليقترب من مركبة ذاك الوزير ويسأله قائلاً: ألعلك تفهم ما أنت تقرأ؟ وجاء جواب الوزير الحبشي لفيليبس كيف يمكنني إن لم يرشدني أحد؟ وطلب إلى فيليبس أن يصعد ويجلس معه. وأما فصل الكتاب الذي كان يقرأه فكان هذا: "مثل شاة سيق إلى الذبح ومثل خروف صامت أمام الذي يجزّه هكذا لم يفتح فاه.. فأجاب الخصيّ فيليبس وقال: أطلب إليك عن من يقول النبي هذا؟ عن نفسه أم عن واحد آخر؟ ففتح فيليبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشره بيسوع (أعمال 8: 26- 35).

لقد أوردت هذه الحادثة لغرض في ذهني وهو أن بعض الحقائق الكتابية قد تخفى عن أناس قد يشغلون مناصب هامة كالوزير الحبشي أو ربما يحملون شهادات علميّة ولكن عيونهم الروحية تبقى مغمضة عن فهم الحق الإلهي. وفي مثل هذه الحالات لابدّ من توفير أحد شيئين أو الاثنين معاً: فإما أن يلجأ الشخص وبنيّة صادقة وتصميم أكيد إلى الرب كي يفتح بصيرته ليفهم المكتوب، وإما أن يطلب من اللَّه أن يرتّب له طريقة أخرى لإرشاده وتوصيل النور إليه عن طريق شخص آخر كما جاء في حادثة الوزير الحبشي.

فكلمة اللَّه نبع غزير وما على المرء إلا أن ينهل منه ما شاء لتغنى حياته بالفضائل الحميدة ومكارم الأخلاق التي تعود بالمجد للرب يسوع الذي خلقنا وخلّصنا بنعمته أن نكون تلاميذه بالحق خلال إقامتنا على هذه الأرض الفانية.

ورغم بساطة كلمة اللَّه إلا أنها تبقى غامضة للبعض إما لعدم إعطاء الوقت الكافي لهضمها وفهمها أو التقليل من أهميتها على أنها كلمة اللّه فيصعب فهمها وبذلك تأتي التفسيرات الخاطئة خصوصاً من أناس مغرضين لأسباب في نفوسهم كتشويه الحقائق الإلهية والطعن فيها.

وقد جاء هذا الكتاب كأداة فعّالة للتعامل مع بعض الجوانب التي كانت عسيرة الفهم على البعض. فالقس اسبر، كما عرفته على مدى الثلاثين عاماً الماضية، رغم جميع المناقب الفاضلة التي حباه اللَّه بها، والتي كرسها كلّها لمجد اللَّه ونشر البشارة، إلا أنه يبقى متمّيزاً في شيء واحد وهو عمق فهمه للكتاب المقدس. فكل سؤال يوجد له عنده جواب، والجواب عادةً يأتي حسب كلمة اللّه وبدون ارتجال.

فتراه دائماً يستشهد بأعداد من الكتاب المقدس، دون تردد، فيأتي الجواب شافياً ومقنعاً، لأنه مستمد من كلمة اللَّه الواضحة والحية والمقنعة. وفي مؤلّفاته السابقة كان يتعامل بنفس الطريقة مع مواضيع محدّدة فيعطيها من التحليل والتعليل لتأتي بالحجة الدامغة لإقناع الكثيرين ممن كانوا، لفترات طويلة، يجهلون معناها كموضوع المعمودية والخلاص والنبوّات وغيرها.

أما في هذا الكتاب فقد تعامل مع مواضيع أخرى شغلت أفكار الكثيرين من مسيحيين ومسلمين وهذه المواضيع هي: هل صلب المسيح حقاً؟ في أي يوم صلب؟ كم يوماً وليلة أمضى في القبر؟ هل ذهبت مريم المجدلية إلى القبر مرةً واحدة أو مرّتين؟ هل تحققت كل النبوّات المتعلقة بصلب المسيح وقيامته؟

جميع هذه التساؤلات تمّ الإجابة عليها من الكتاب المقدّس بنظرة فاحصة ودقيقة، ومدعمة بآيات كتابية لا لبس فيها ولا غموض. كما جاء الكتاب مجرّداً من الحشو والكلام المطوّل، الذي يدعو إلى الملل. فتناول هذه المواضيع المحدّدة بشكل مبوّب وبتسلسل زمني واضح يسهل فهمه.

فأشكر اللّه من أجل خدّامه المؤمنين المكرّسين الذين يصرفون الأوقات الطويلة بالبحث والتنقيب، حتى يأتوا بمثل هذه الدرر من كلمة اللَّه، وبهذا العمل الشاق يصير لنا نصيب أن نفهم أكثر، وندرك أن كلمة اللَّه حيّة وفعالة، وتحوي الإجابة على كل تساؤل. ولإلهنا نقدّم الشكر والحمد.

رجا مرشد

واشنطن دي سي

  • عدد الزيارات: 4490