Skip to main content

جهاد، حرب وكفاح

ها قد اعتدى العدو الظالم على أرض الوطن العزيز ، فخرق القوانين الدولية ، وكسر المعاهدات ، وخان العهود ، ولم تعد تنفع معه سوى القوة .

أسرع الوزراء الى اجتماع فوق العادة ، وصدرت الأوامر المشددة الى القيادة العليا للذود عن الوطن بكل ما أوتوا من قوة. ثم نشر الزعماء البيان تلو البيان من محطة الإذاعة ، وتلاهم الخطباء والشعراء بخطبهم الرنانة وقصائدهم الحماسية ، فالهبوا الشعور العام ، وقامت الامة كرجل واحد لمجابهة الموقف فتبرع الأغنياء بمالهم ، والنساء والاوانس بخدماتهم المجانية ، وعمت البلاد موجة من الحماس والتضحية لم يسبق لها مثيل وكانت الهتافات الحماسية تسمع في كل مكان - عاش الوطن عاش الجيش - عاشت الامة مكرمة معززة .

وكانت تتلى القصائد كالتي مطلعها : وإذا لم يكن من الموت بد فمن العجز أن تكون جباناً.

 تحرك الجيش بكل اقسامه وجميع وحداته ، لمجابهة العدو ، فتقدمت طائرات الاستكشاف اولاً ، ثم حاملات القنابل ، تحيط بها الطائرات المحاربة والمدافعة تم هذا فى الجو ، اما على الارض فتقدمت الدبابات الثقيلة اولاً المصفحات الخفيفة ، فناقلات الجنود الخ ..

وقام الجميع بهجوم موحد صاعق انتهى بانتصار شامل في كل الجبهات وهكذا أرغم الاعداء على الرجوع على أعقابهم بهمة الجيش المنظم الظافر والروح المعنوية العالية التي عمت افراد الامة رجالا ونساء. 

وقد وفر هذا الانتصار السريع جهوداً طائلة ودماء ثمينة و اموالاً كثيرة ، واكتسب من العدو أرضاً شاسعة واحتراماً واكراماً من جميع الشعوب.

 فقامت مظاهرات الابتهاج في كل مكان ، وظهرت علامات البشر والسرور على وجوه الجميع ، وخصص يوم النصر عيداً تذكره الأمة سنة بعد سنة و نشرت الجرائد والمجلات صور عظام القواد والجنود الذين ابلوا بلاء حسناً في قتال العدو ودحره .

ومن جملة من وضعوا على قائمة الشرف للذكرى والتاريخ، نخبة من رجال ونساء الوطن الذين عملوا في الخفاء ، وحاربوا طابور العدو الخامس ، الذي كان أفراده قد تسللوا بين طبقات الامة بقصد قتل الروح المعنوية في البلاد ، وإذلال الشعب.

ايها الأحباء ، اذ انا أتمنى الطمأنينة والسلام لوطننا العزيز ولامتنا العربية الكريمة ، احب بكلمتي هذه أن أحذركم من آخر يزيد ضرره عن ضرر العدو السياسي والحربي بما لا اقصده يهاجم النفس لا الجسد كما يفعل العدو الآخر.

أما خطط هذا العدو فتشبه الى حد بعيد خطط الطابور الخامس الذي يستخدمه الأعداء في بلادنا .

وها انا اسرد بعض هذه الخطط علنا نستعد لها ونقوم بمحاربتها ، فإننا إن لم نعجل الضربة ، سبقنا إليها وكنا من الخاسرين .

يبدأ ابليس باستخدام اولى طرقه إذ يخيفنا من بطشه وقوته، ويجعلنا نعتقد بأن الله بعيد عنا لا يتمكن من مساعدتنا. فإن داخلنا الخوف منه ، تمكن منا وطرحنا تحت أقدامه، فنصبح آلة بين يديه ، يؤرجحنا ويتلاعب بنا كما يتلاعب القط بالفأر ، فتكون آخرتنا اسوأ من بدايتنا ، هذا عدا عن الضرر الذي نسببه لاحبائنا وبني جنسنا إذ نكون بذلك سبب عثرة لهم بقدوتنا واستسلامنا . ثانياً ينشر الإلحاد بيننا ، فنخون بلادنا وانفسنا ، ومما لا شك فيه ان الكفر يؤدي بصاحبه الى استصغار الفضائل ، وبديهي أن الذي ينكر خالقه يكون ضعيفاً وجباناً ، بعكس لمؤمن المتوكل عليه تعالى ، فإنه يكون قوياً وشجاعاً.

 جاءني إبليس في حلم ، وهو يقصد نزالي ، فذعرت قليلاً ، لكننى أسرعت ووجهت إليه هذا الخطاب "انت لست سوی خیال اما انا فالله معي ".

لم أكد أنهي خطابي هذا حتى سقط الشيطان تحت اقدامي، ورأيت عدداً من رفاقه يبتعدون عني ، فتصوروا .

ثم إن الإيمان يساعد صاحبه للتخلص من المآزق الحرجة ، كما حدث لامرأة مؤمنة كان يتصدى لها رجل فاسق فحدث أن فاجأ ذلك الرجل تلك الامرأة المؤمنة ليلا في مكان خلاء وقال لها " ليس هنا سوى النجوم فوقنا والارض تحتنا ولا احد يرانا "

فقالت له تلك الامرأة الفاضلة الشريفة بأن صانع النجوم يراهما ، فتاب ذلك الرجل على يدها .

فنحن يمكننا أن نرد على الشيطان بنفس الطريقة ونقول بان صانع النجوم الهنا ، او نردد مع المرنم المزمور التاسع عشر الذي مطلعه السموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه. أما طريقة العدو الثالثة فهي ترويج الشر والاباحية في وسطنا ، فنجين ويهون تسليمنا لعدونا ونصبح : كريشة في مهب الريح طائرة لا تستقر على حال من القلق وكما أن السفينة لا تهدأ في البحر الهائج ما لم تربط الى المرساة ، هكذا نحن لا ننجو من شر إبليس، ما لم نتمسك بالله صخرنا فلا يعود ابليس يؤثر علينا ، ولا يعود سلاحه يفعل فينا ، ولا تهزنا امواج وعواصف هذا العالم الصاخب أما طريقة ابليس الرابعة فهي انه يحلي التأجيل بعيوننا كي تسنح له الفرصة ليسحقنا.

فيهمس بآذاننا كلمات معسولة كهذه : "على مهل ، شو صاير ؟ انبسط الآن وأنت شاب متى شخت تطلب الرحمة والتوبة فتنالها "

ولا يفوت اللبيب مقصد العدو من وراء هذا التأجيل ، إذ يعطيه فرصة أطول للفتك بنا، وهو يعلم أنه كلما بقينا في خطايانا كلما زاد استعبادنا لها وصعب تركها ، وخير البر عاجله .

والطريقة الخامسة التي يستعملها عدونا هي الضغط علينا وايلامنا حتى يجعلنا نجدف على اسمه تعالى ، وهي نفس الطريقة اتبعها مع أيوب الصديق ، فإنه يضربنا الضربة تلو الضربة، ويأخذ مالنا واولادنا ، ويسقمنا فنصبح بحالة يرثى له، ونصير هزءاً لغيرنا . و مما يزيد الطين بلة ، هو اننا ونحن على هذه الحالة من الألم والضعف والشدة ، يقترب العدو منا ويهمس بآذاننا اقوالا كهذه "ابن الهك ، كفاك تعبده اجحد به" فما على المؤمن والحالة هذه إلا أن يقتبس جواب أيوب النبي ويقول "الخير نقبل من الله والشر لا نقبل؟" وهاكم آخر طريقة فعالة يستعملها الشيطان وهي أشدها فتكاً إذ أنه يجعلنا نيأس من مراحم الهنا.

جاء الشيطان مرة الى احد اولياء الله في حلم وقال له على اي شيء انت متكل لدخول السماء وقد زادت خطاياك على المئات ، ثم اخذ يسجل له الخطايا التي ارتكبها على حائط الغرفة التي يسكن فيها إلى أن ملأ الحائط منها .

لم يجبه الولي بشيء لكنه أخذ القلم وكتب العبارة التالية تحت ذلك السجل الكبير من الخطايا التي ارتكبها "ودم يسوع المسيح يطهرنا من كل خطية "

وللحال اختفت الكتابة عن الحائط مع كاتبها وظهر مكانها يسوع المسيح الذي غطى بدمه الخطايا وآثارها أيها الاحباء ، أن العدو قد تسلل الى صفوفنا ، وأخذ طابوره الخامس يبث دعاياته الكاذبة بيننا.

 فماذا علنا فاعلون ؟

أفتخافه أم نقاومه فيهرب منا .

احبائي، لا تسمحوا للعدو بأن يتغلغل بين صفوفكم بل دعنا نجند جميع قواتنا ونستعمل كل اسلحتنا ، مصلين كل حين طالبين من الله نجدتنا وليكن هجو منا موحداً ، صاعقاً ، لا هوادة فيه ، وهكذا نطرد العدو من وسطنا ومن جميع تخومنا، فنعيش بسلام واطمئنان ، حسب أمر ملك السلام ، يسوع المسيح مخلصنا.

  • عدد الزيارات: 17