Skip to main content

المحاكمة والصلب أو الثلاث الدرر

وهي كلمة ملخصة بتصرف عن عظة بهذا الموضوع الدكتور جورج فورد

"فحينئذ اسلمه ليصلب فأخذوا يسوع ومضوا به » يوحنا ١٦:١٩

 هوذا قد صار ليل 

مظلم نصف النهار 

و الصخور الصم شقت 

فلماذا ذاك صار

 ذاق رب المجد موتاً 

بعد صلب واحتقار

انظروا كيف يداه 

سمرت فوق الخشب 

وله إكليل شوك 

ناب عن تاج الذهب

 آه ما اقسى عداة 

صنعت هذا العجب

انظروا كيف دماه 

قطرت من جنبه 

واسمعوا صوت انين 

صاعد من قلبه

ياترى ذاك لماذا 

هل لكم علم بــه

(۱) ترنيمة لمجهول

أما المحاكمة فلا يختلف اثنان بانها كانت على غاية الظلم ، فقد حبك اليهود المؤامرة بدقة ، فدربوا الرعاع على القيام بهتافات داوية - اصلبه اصلبه - رجف من فظاعتها وفظاظتها بيلاطس الحاكم الروماني الظالم.

والأمر الذي لم يكن منتظراً هو ان ذلك الحاكم الروماني مع انه – بعد فحص دقيق اولاً وثانياً وثالثاً - لم يجد فيه علة فقد أصدر حكمه المجحف بصلب رجل اعترف هو ببراءته والبرهان على صحة ما اقول هو ان بيلاطس اخذ ماء وغسل يديه وقال " انا بريء من دم هذا البار "

فكان جواب اليهود على ذلك دمه علينا وعلى اولادنا .

 وهكذا صلب رب المجد على خشبة بين لصّين. 

اما اذا كان بيلاطس البنطي قد تبرأ حقيقة أمام الله ، فهذا ليس لنا ان نعرفه الآن لكن التاريخ خير مخبر عن نتيجة دعوة اليهود على أنفسهم وعلى اولادهم فلنترك ذلك له ولا لزوم ان نشمت بصالبي يسوع ، فالمصائب التي حدثت لهم والضربات التي وقعت عليهم لم تصب امة تحت الشمس.

اما كيف اهانوا الرب ، وكيف بصقوا عليه ، واستهزأوا به، ولكموه ، وكيف وضعوا إكليل الشوك على رأسه احتقارا لقدره ، فلا لزوم لتكراره فالنفس تشمئز من سماعه.

اذا فلنذهب الى الصليب لنرى ونسمع ، فالحديث ذو شجون ، فقد نلتقط كلمة ، او نستفيد شيئا، او نتعلم من المصلوب او نقتفي أثره.

فماذا علنا نرى؟

 علق الفادي على عود

صلب واهين

كل هزء وحملا 

وهو رب  العالمين

سخر الجند به 

وكبار الرؤسا

ودم من جنبه

سال والمر احتسى

وها جمهور كبير من الرجال والنساء واقفين خاشعين ، وهم يتأملون بمنظر يذيب الصخر ويفتت الاكباد . انظروا .. انه لا يهتم بذاته، ولا يكترث باقوال الشامتين كأنه بواد و هم بواد .

فبماذا عله يفكر وهو في تلك الحالة المريرة والآلام الشديدة أن ما نطق به يسوع وهو في حالة الالم الشديد ، نفسياً وجسدياً ، لكاف وحده ، لكاف وحده للدلالة على عظمته والوهيته فإنه وهو على الصليب، والدم يسيل من يديه ورجليه قد تلفظ بثلاث جمل تبرهن على شدة محبته وعظم حنانه فبينما ترى أعداءه يفغرون أفواههم مستهزئين، نراه يفكر بهم ويطلب خيرهم ، فيلفظ أولى درره من عن منبر آلامه " يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون" ما هذا ! ما هذا ! أيصلي لأجل قاتليه ، ويقدم الاعذار عنهم ايضاً؟

فلولا هذه الصلاة الشفاعية التي تلفظ بها رب المجد ، وهو في أقصى حالة من الألم والإذلال ، لكان قد انقطع ذكر اليهود من الأرض.

ايها الاحباء - أفيجوز بعد هذا أن ندعو أنفسنا اتباع يسوع، اذا كنا لا نسامح بعضنا البعض مثله ? مهما كان ذنب المسيئين الينا عظيماً ، فلن يبلغ جزءاً واحداً من مليون مليون جزء مما صنع أعداء المسيح به تعالوا نتصافح عند قاعدة الصليب الرمزي ، تعالوا نزيل ما علق بالقلوب من أقذار واوساخ ونجعل منها عروشاً يعلو عليها ذلك المصلوب ، فنعوضه بعض المحبة والإكرام الذين يستحقهما.

 ها انني ارى حركة غير عادية - فماذا جرى ؟

انها اللصان ، فأحدهما يجدف على يسوع ويحرضه على تخليص نفسه وإياهما ، أما الآخر فيدافع عن ربه ويرجوه بان يذكره متى جاء يملكونه كانت ساعات اللص معدودة ، فظهرت مراحم يسوع وهو مدلى على الصليب ، فكانت ثانية درره " الحق الحق اقول لك انك اليوم تكون معي في الفردوس" (لوقا ٢٣ : ٤٣ ) طوباك ايها اللص الشريف ، فما أشد ايمانك . فمع أن الجميع قد تركوه ، والبعض انكروه ، وغيرهم شكوا به ، فقد ثبت انت ، فنلت إكليل المجد، ايها الاحباء ، كلنا بالهوى سوى ، كلنا كغنم ضلنا ، ملنا كل واحد الى طريقه ، والرب وضع عليه اثم جميعنا.

فهلا صرخنا مثل ذلك اللص الشريف ورددنا قوله "اذكرنا يا رب متى جئت في ملكوتك " هلا قلنا ذلك قبل فوات الاوان ؟

وهاكم ثالث درره من على الصليب

أمه ! هل ينسى الابن البار أمه ؟

عن قريب سيترك يسوع هذا العالم ويكون مع أبيه، أفيترك الوالدة الحنونة بدون معين؟ كلا والف كلا.

فالتفت يسوع إلى أمه وهو منكس الرأس قليلا وقال " يا امرأة هوذا ابنك" ، ثم وجه خطابه الى يوحنا وقال "هوذا امك » ومن تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته.

أيها الأحباء - هذه ثلاث درر نطق بها الرب وهو على الصليب في اصعب الحالات وأشد الآلام ، وأظلم الأوقات ، فكانت وثالثها لاجل امه احداها من اجل اعدائه وثانيتها لتخليص لص في آخر ساعاته فهلا اقتدينا به، وعملنا كعمله ، ونلنا رضاه ؟

  • عدد الزيارات: 13