الطريق
استعمر الفينيقيون - سكان صور وصيدا القدماء - بلاداً كثيرة على جنوبي المتوسط . ويقال بأنهم عبروا بفتوحاتهم- مضيق جبل طارق ، واستولوا على بلاد كثيرة على الأطلسي ومن جملة أعمالهم بناء مدينة قرطجنة على ساحل أفريقيا الشمالي في البلاد التي تدعى تونس اليوم.
وبما أن قرطجنة كانت تقابل الشواطىء الايطالية ، فقد احدث الاحتكاك بين الفينيقيين - أصحاب قرطجنة - وبين سكان رومية مشادات عنيفة سبيت عداوة قوية بين شعبيها كانت نتيجتها حروب طويلة مؤلمة.
وبما أن الفينيقيين لم يتمكنوا من رومية بحراً ، قام هانيبال أعظم قوادها - بحركة التفاف بعيدة المدى عن طريق إسبانيا فقطع جبال البيرينيه التي تفصلها عن فرنسا ، ثم جبال الألب الشهيرة في اواسط اوروبا ، التي قطعها نابوليون بونابرت بعده بحوالي ألفي سنة ، ثم نزل منها إلى إيطاليا واخترقها من الشمال إلى الجنوب ، حيث تمركز مدة طويلة لم يتمكن الرومان من زحزحته فيها.
لكن جيشه لم يكن كافياً للإجهاز على رومية ، لذلك تبعه أخوه مزدروبال في نفس الطريق ، وأرسل كتاباً لاخيه من شمال ايطاليا ينبئه فيه بوصوله ويعين مكاناً يتقابل فيه الاخوان.
لكن کتاب هردروبال وقع بيد أغسطس قائد جيش رومية الثاني فعلم هذا شدة الخطر الذي كان سيتسبب لرومية عن اتحاد قوات الجيشين الفينيقيين ، فقام ليلا مع القسم المنتخب من قواته وتوجه الى نقطة زميله قائد الجيش الروماني الأول في الشمال ليساعده على هزم دروبال.
لكن دروبال إذ علم بوجود القائدين الرومانيين مقابله ، أخذ يتراجع الى نقطة حصينة لا يتمكن الأعداء من مهاجمته فيها .
إلا أن الدليل خانه ، فلم يتمكن من عبور نهر البو الى ضفته الأخرى ، وما كاد يبزغ النهار ، حتى داهمته قوات أعدائه المتحدة وسحقت جيشه بعد معركة قصيرة، وأُرسلَ رأس هر دروبال الى اخيه هانيبال لقتل الروح المعنوية في جيشه . و مع الزمن انسحب هانيبال من إيطاليا وتم النصر للرومان على قرطحنة.
ايها القارىء العزيز - لو لم يخن الدليل هردروبال فأضاع الطريق الى مكان الأمن ، لكانت قوات قرطجنة تمكنت من رومية وسحقتها وقضت عليها إلى الأبد، ولكان الفينيقيون اليوم أمة قوية يشار إلى عظمتها بلبنان .
فما هو سبب سقوط قرطجنة و اضمحلال الأمة الفينيقية يا ترى؟ ألم يتسبب ذلك عن ضياع الطريق الناتج عن خيانة الدليل ؟
قال يسوع " أنا هو الطريق والحق والحياة ، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي "
أفنسلم قيادتنا إلى الأدلاء الخونة الذين لا هم لهم سوى الصعود على أكتافنا وامتصاص دماءنا ثم سحقنا تحت أقدامهم ؟ أم نذهب الى الطريق والحق والحياة الذي من عظم محبته لنا قد بذل نفسه لفدائنا وتخليصنا ؟
أنصدق الثرثارين والمنافقين الذين لا هم لهم سوى غوايتنا وهلاك نفوسنا ؟
أم نتبع حبيبنا الأوحد الذي يوصلنا الى الميناء الأمين حيث البهجة والسلام والسرور الى أبد الابدين ؟ عندما كنت فتى في حوالي العاشرة من عمري ، طلب مني والدي أن أنتظره في مكان معين ، فمر بي ولد رديء وبلغني رسالة كاذبة عن لسان والدي بان أسبقه الى البلد وهكذا افترقت عن أبي مدة من الزمن كنت فيها بخطر جسیم سببته لنفسي بتصديقي لشخص كاذب لم يفوضه والدي بشيء بالمرة .
أيها الأحباء - إن يسوع ينادي بملء صوته ويقول " أنا هو الطريق والحق والحياة ولا أحد يأتي إلى الآب إلا بي"
فهل نطيع يسوع المحب الحنون ونمشي بمعيته فننال الحياة الأبدية من يديه ؟
أم نسمع الأشرار المنافقين الذين يخدعوننا بكلام معسول مدعين أن الخلاص بأيديهم، فيبعدوننا عن الطريق القويم حيث ننهك قوانا ذهاباً واياباً ، مرة وراء مريم العذراء وأخرى وراء مار جرجس أو مار الياس أو القديسة تريزا إلى ما هنالك من قديسين بلا عدد ، فنضيع داخل دهاليز مظلمة يجهز علينا العدو في داخلها ؟
أيها الأحباء - إن الأمر صريح واضح لا يحتاج إلى شرح أو تفسير فيسوع ينادي ويقول " أنا هو الطريق ولا طريق سواي وأنا هو الحق الذي لا حق غيره وأنا هوالحياة ولا حياة بدوني "
أيها الأحباء - إن أضعنا الطريق فكيف نصل إلى الله ، وإن تركنا الحق فكيف ننال الخلاص ، وإن خسرنا الحياة فكيف نحيا ؟
- عدد الزيارات: 20