الدرس الثالث عشر توما الكمبيسي
( من ۱۳۸۰ - ١٤٧۱ ب ٠ م )
ولد تو ما همركت عام ۱۳۸۰ في بلدة كمبيس الواقعة في حوض الرين. وقد دعي بالكمبيسي نسبة إلى بلدته كمبيس . ونشأ توما من عائلة هولندية فقيرة ، وترعرع في بيئة بسيطة وضمن أحوال وضيعة . واشتهرت امه بالتقوى فغرست فيه منذ نعومة أظفاره بذور التقوى والخدمة المسيحية .
ودخل توما احدى الاخويات لمواصلة دراسته ، وهناك وجد من أحد الرؤساء عطفاً عليه ورغبة في إعالته ، لا سيما وأن حالة والديه المادية كانت صعبة . وقضى توما في تلك الاخوية سبعة اعوام كاملة . وعندما حانت ساعة مفارقة من كان معيلا له استدعاه ذلك الرفيق وقال له : انك تقف يا توما على مفترق طريق فاختر الطريق الذي يبدو لك نافعاً وصالحاً . فهناك طريق تأملي وفلسفي للحياة ، وهو الطريق الذي سلكته مريم عندما جلست عند قدمي المسيح ، ونصيحتي أن تسلك وتقضي حياتك فيه، اما الطريق الثاني فهو طريق العالم وهذا طريق لا يقودك الى الأبدية وإلى السماء .
وعلى الاثر اختار توما دير القديس أوغسطين ليكون مركزاً لتأملاته . واشتهر في الدير بتقواه وأعماله الخيرية وهناك انصرف إلى نسخ الكتب وإعداد فصول كتابه العظيم " الاقتداء بالمسيح " وكانت حياته في الدير تنساب كالنهر الصافي، وهي حافلة بالتأملات العميقة والصلوات الانفرادية .
ويحتل كتاب الاقتداء بالمسيح مكانة ممتازة في خزانة الأدب المسيحي إذ كان هذا الكتاب حتى القرن الخامس عشر الكتاب الثاني بعد الكتاب المقدس . وقد جاب تعرية كبيرة لملايين من الناس . وهو كتاب خالد لا يشيخ مع مرور الازمان. وقد دعاه الروائي الشهير تشارلز كنجزلي " انه مدرسة لتكوين اصحاب النفوس النبيلة". ويمتاز الكتاب بسلامة الاسلوب ، وبالروح المسيحية الحقة التي تعبق فيه، فهو مجموعات تعزيات داخلية ونصائح تفيد الحياة الروحية ، وتساعد على خلق روح الطهارة والتقوى والقداسة . فهو كتاب النفوس المتعبدة في كل عصر وتحت كل سماء . فيه مجموعة نصائح تفيد الحياة الروحية ، واخرى تتعلق بالحياة الابدية والامو الخالدة ، ومجموعة ثالثة كلها تعزيات داخلية .
عاش توما الكمبيسي ، الراهب الهولندي ، عيشة هادئة وبسيطة ، و مكرسة للخدمة والدرس والكتابة والصلاة . وقد نظم امور معيشته فعمر طويلا ومات عندما تجاوز التسعين من عمره . وربما كان هذا القول أحسن ما يصوّر لنا حياته الرضية : طوبى لبسطاء القلوب لأنهم يتمتعون بالسلام ، وهنيئاً لمن يعيش عيشة صالحة فيموت سعيداً .
وفي كتابه الاقتداء بالمسيح نسمعه يقول : باطل هو طلب الأموال الفانية والاتكال عليها ... وباطلة ايضاً هي الرغبة في المناصب العالية والترفع الى المراتب السامية . . وباطل هو اتباع الشهوات الحيوانية وطلب اللذات الجسدية التي تقود صاحبها إلى العذاب الأليم ... وباطل هو تمني الحياة الطويلة مع إهمال العيشة الصالحة ... وباطل هو الاهتمام بالحياة الحاضرة وعدم العناية بالأمور المستقبلة.
واسمعه يخاطب ربه قائلا : ها انت الهي وانت لي الكل في الكل . فأي أمر أفضل من ذلك وماذا ابتغي بعده وأي سعادة اشتهي ؟ ! فأنت يا الهي النور الأزلي الذي لا ينطفئ، والفائق جميع الأنوار المخلوقة . أرسل ايها الازلي شعاعاً ينفذ الى باطن قلبي، وطهر روحي وكل قواي وفرحها ونورها واحيها كي تتبعك وتتحد معك ... الشكر لك لأنه يصدر منك كل ما هو حسن اما انا فباطل ولست شيئاً أمامك . . . ويتطلب الناس المجد الصادر عن بعضهم البعض اما انا فاطلب المجد الصادر من الله وحده لانك يا الهي انت حقي ورحمتي ولك وحدك المجد والكرامة والقوة إلى دهر الداهرين.
اسئلة
(١) ماذا تعرف عن حياة توما الاولى ولماذا لقب بالكمبيي ؟
 (۲) ما الذي حمل توما الكمبيسي أن يختار حياة الرهبنة وكيف كان يصرف حياته في الدير ؟
(۳) حاول أن تقرأ صفحات من كتاب الاقتداء بالمسيح واقتبس بعض الفقرات منه.
(٤) ماذا كان تأثير كتاب الاقتداء بالمسيح على ممر الأجيال ؟
- عدد الزيارات: 23