الدرس الرابع عشر يوحنا بنيان
( من ١٦٢٨ – ١٦٨٨ ب . م )
في قرية الستو ( Elstow ) من أعمال انكلترا كنيسة بسيطة رسم على زجاج نافذتها الملون صورة فارس ينازل جباراً ، وقد انتزعت هذه الصورة من کتاب سياحة المسيحي الذي كتبه يوحنا بنيان . والستو هي القرية التي ولد فيها يوحنا بنيان وكان ذلك عام ١٦٢٨ . وكأن تلك الصورة قد وضعت في ذلك المكان لتذكّر المسيحيين بالحرب المقدسة التي يجب أن يثيروها بجانب الله مثلما صنع صاحب كتاب سياحة المسيحي .
كان والدا يوحنا فقيرين وبعيدين عن الله مما اضطره وضعه بأن يسير وهو صغير حافي القدمين وملابس ممزقة . ولم يذهب يوحنا بادىء الأمر الى المدرسة بل تُرك ليتصرف على هواه ، مما أدى إلى استعمال ذكائه للشر ، ولكن الله طرقاً خاصة في اختيار أشخاص من عامة الناس ليجعلهم في عداد الخالدين . ولم يحرم يوحنا من سماع كلمة الله من أفواه المبشرين والوعاظ الذين كانوا يترددون على قريته . وكثيراً ما كان ينتبذ مكاناً قصياً ويجلس تحت شجرة يفتكر في هذه الخطايا التي بدأت تتعب ضميره وتجعل الحياة قاتمة وثقيلة عليه.
واضطر يوحنا أن يمارس مهنة والده فأخذ يعمل كسمكري في قريته التي تبعد ميلا عن مدينة بيدفورد الانكليزية. وكانت تلك المهنة محتقرة في ذلك العصر. ولكنه وهو يصلح الصفائح المثقوبة وينتقل من مكان إلى آخر أخذ يدرس الكتاب المقدس ويعظ الناس عما سمعه من المبشرين وعما بدأ يتحسسه عن الحياة الجديدة . والتحق عندما كان عمره ١٧ سنة بجيش الملك اثناء الحرب الاهلية، فشاهد أحد رفاقه يقتل على مقربة منه أثناء حصار احدى المدن فتأثر من ذلك المشهد واخذ يتألم من أحمال الخطيئة ، مما جعله يميل للتجدد والتكريس ذاته للمسيح.
وبدأ حياته الجديدة بعد زواجه ، فقد كانت زوجته تقية ورعة ، استطاعت أن تعرفه على الأدب المسيحي وتحمله على التعمق في مطالعة الكتاب المقدس ، واثر عليه أحد الوعاظ فاستماله إلى الحياة المسيحية المكرسة ورسم قسيساً. ومن فرط اندفاعه للتبشير بدأ يعظ الناس في الشوارع ، وكان القانون لا يسمح بالوعظ في الشوارع ، لذلك ترتب عليه إما ان يكف عن الوعظ أو ان يتحمل العواقب . ولاقى بنيان في سبيل التبشير متاعب كثيرة، واخيراً سيق الى سجن بيدفورد حيث قضى فيه قرابة ١٢ سنة . ولم تفتر عزيمته او تضعف غيرته وهو في غياهب السجن بل كان يقول إذا أطلقتم سراحي اليوم أعود غداً إلى الوعظ.
بدأ كتابه سياحة المسيحي في ذلك السجن ولكنه لم يفرغ منه إلا بعد ست سنوات من خروجه أي في عام ١٦٧٨ وكنّى عن السجن بمغارة آوى إليها في دار هذه الدنيا . ثم ذكر ما جال في خاطره عن فوائد الآخرة في شكل رؤيا . وقد بدأها هكذا فقال : بينما أنا عابر في تيه هذا العالم وجدت كيفاً ثم أخذتني سنة النوم فنمت ، فإذا برجل يتراءى لي في الحلم لابساً ثياباً رثة ، وعلى ظهره حمل ثقيل وفي يده كتاب وكان يبكي ويقول : ماذا اعمل لأخلص ... ؟! وليس في وسعنا أن نلخص ما جاء في هذا الكتاب العظيم إنما ننصح كل طالب أن يقرأ كتاب " سياحة المسيحي " لمؤلفه يوحنا بنيان .
وما أسرع ما نال هذا الكتاب اقبالاً ورواجاً ! ولا عجب فللكتاب قيمة رمزية تشير إلى النفس البشرية، وهو صورة حياة إنسانية ذات ضمير حساس تقوم بمحاولات جبارة لتتخلص من أحمال خطاياها ، وعندما نقرأ الكتاب نتلمس اشياء واقعية عن حياتنا وحياة أقاربنا وجيراننا . وقد اعترف أساطين الكتّاب بعظمة كتاب سياحة المسيحي . فصرح ماكولي المؤرخ الإنجليزي الشهير مرة قائلا : " لمست عَقلين ذوي خيال واسع . الأول في كتاب ملتون للفردوس المفقود والثاني ليوحنا بنيان في كتابه " سياحة المسيحي " . وفعلا فقد كان بنيان واعظاً بسيطاً لشعب بسيط لكن من وسط كتاباته المشبعة بكلمة الله ظهرت ثروة روحية وكنوز يستفيد منها كل انسان .
وصرف يوحنا بنيان البقية من حياته في خدمة الناس والوعظ بكلام الحق . ومات في سن الستين ودفن في قبر حقير بقريته حيث كتبت هذه العبارة البسيطة فوق ضريحه : " هنا يرقد يوحنا بنيان " . مات بنيان لكن كتابه ما برح يأخذ مكانة ممتازة في خزانة الأدب الديني العالمي فهو خالد على مدى الأجيال.
اسئلة
(۱) صف حياة يوحنا بنيان في صغره وشبابه.
(۲) كيف اهتدى يوحنا إلى حياة الإيمان وتكلم عن تأثير زوجته والمبشرين عليه
(۳) لماذا سجن يوحنا ؟ وما هي المدة التي قضاها في سجن بيدفورد ؟ 
(٤) تكلم قليلا عن كتابه الشهير " سياحة المسيحي " بعد أن تطلع على النسخة العربية منه.
(ه) ماذا نتعلم من حياة يوحنا بنيان ؟
- عدد الزيارات: 25