الدرس السادس عشر الرسول بولس
(عاش في عصر المسيح)
كان اسم بولس وهو صغير شاول وقد ولد في مدينة طرسوس في آسيا الصغرى . وكان أبوه عبرانياً ومن طبقة الفريسيين المتعصبين للدين ، وكانت أمه سيدة تقية وتعلم شاول العبرية ومبادىء اليونانية ، وأراد والده أن يدربه على صناعة يدوية ، فتعلم صناعة الخيام . وبعد ان اتم شاول دراسته في طرسوس بعثه والده إلى أورشليم ليتلقى علوم الدين على اخبارها . وكانت أورشليم عند ذاك محط آمال الشعب العبري ومحور تاريخه . وهناك تتلمذ على يد غمالائيل أشهر علماء ذلك الوقت .
وكان شاول متعصباً لدين قومه فلم يطق أن يرى أتباع يسوع يذيعون رسالتهم ، ويخرجون على الشريعة الموسوية . ونراه مشتركاً مع الجماهير في رجم الشهيد اسطفانوس . وعندما اشتد الاضطهاد على تلاميذ يسوع تزعم شاول شرذمة من حماة الهيكل المتعصبين وبدأوا يطاردون المسيحيين ، ويسوقونهم إلى السجن ، وفرّ من جراء هذه الحملة الشديدة عدد من أتباع المسيح من أورشليم . اما شاول فلم يزل ينفث تهدداً وقتلا على تلاميذ الرب وطلب من رئيس الكهنة رسائل الى دمشق الى الجماعات حتى اذا وجد اناساً مسيحيين كان يسوقهم موثقين الى اورشليم .
وحصلت له المعجزة قرب دمشق إذ ظهرت له رؤيا سماوية غيرته من شاول الطرسوسي الى بولس رسول المسيحية الاكبر وبطل الجهاد الاعظم. ويقص كاتب السفر المقدس قصة ذلك الاهتداء في الإصحاح التاسع من أعمال الرسل. وعلى الأثر يغدو هذا المقاوم لاتباع يسوع من اقوى دعاته، ومن أعظم رسله. فراح يجوب البلاد وهو يكرز بإنجيل المسيح ، ويؤسس الكنائس المسيحية.
حملت كنيسة أورشليم مصباح النور المسيحي للأوساط اليهودية ، ومنها امتدت الشعلة الى انطاكية التي غدت المركز الهام لانطلاق بشارة الإنجيل فقد رأت تلك المدينة المسيح كمخلص العالم فقبضت بيد حازمة على مصباح الإنجيل وأرسلت أشعته إلى كل مكان . وما نراه اليوم من مجهودات المرسلين في العالم إنما هو تكملة اعمل أنطاكية العظيم . وأشدّ ما اتخذ بولس هذه المدينة مركزاً لعمله التبشيري ، ومحطة لسفراته.
و تراءى لبولس في ترواس رجل مكدوني يدعوه قائلا : " اعبر الينا واعنّا " . ولبى بولس الدعوة وفي سفرته التبشيرية الثانية هبط لأول مرة القارة الأوروبية حيث زار بلاد اليونان وأسس أول كنيسة اوروبية في فيلبي . 
قام بولس بسلسلة من المخاطرات وسافر السفرات الطويلة ، فزار بلدان آسيا الصغرى واليونان و جزيرتي قبرص وكريت ووصل مالطا وروما لنشر بشارة الإنجيل . انه تحمل العذاب والاضطهاد في سبيل رسالة يسوع ..
كان بولس يواصل الإسفار في المدن الكبرى ليعظ الشعوب ويؤسس الكنائس . وقد حملته إسفاره من سوريا الى قبرص وآسيا الصغرى وبلاد اليونان . واخيراً أخذ اسيراً الى رومية ليحاكم فيها ، وهناك أخذ يعظ الجند ويبشرهم . ولم تكن إسفار بولس هيئة فكثيراً ما كان يتعرض للسجن والرجم . ومراراً عديدة وقف أمام المحاكم وتكلم بجرأة وشجاعة .
وفي سفر الأعمال تفصيل لسفراته وصورة رائعة عن حياة هذا المرسل العظيم. وفي الرسائل التي كتبها بولس للكنائس والتي هي قسم من العهد الجديد نجد حكمة خالدة وتعاليم سامية . وهناك اثنتا عشرة رسالة لبولس نجدها مدرجة بعد الاناجيل . ويعتبر بولس الرسول الموطد لأركان الكنيسة المسيحية الأولى .
وظل بولس يبشر ويجاهد حتى ألتي القبض عليه حوالي عام ٥٨ . ب. م في مدينة أورشليم ، ومن هناك سيق ا سيق الى روما للمحاكمة أمام نيرون الطاغية. وقد عذب وأعدم في روما، لكن رسائله ما زالت حية وذكراه ما برحت خالدة . وفي روما يسدل الستار عن حياة الرسول بولس الارضية فمات بعد ان خلف للكنيسة المسيحية في نظمها وإدارتها تراثاً خالداً وترك للأجيال تعاليم سامية. وحيثما وجدت كنيسة مسيحية فلا بد لها من أن تعترف بفضل ذلك الرسول الذي كان أول من نادى بالمسيحية ديناً شاملًا العالم أجمع .
كان تأثير بولس على المسيحية عظيماً جداً ، ولولاه لكان يخشى على المسيحية أن تظل مذهباً من المذاهب التي تقتصر على شعب اليهود فقط، ولكنه بفضل جهاده جعل المسيحية ديانة شاملة . وقد أوجد بولس في المسيحية روح الخدمة والتفاني بضربه المثال لهم في تكريس حياته المسيح اذ انه لاقي اضطهادات ومصاعب ، وترك مركزاً سامياً في أعلى مجلس من مجالس أمته يسعى وراء تأسيس مملكة غير منظورة – هي مملكة الله الحي الحقيقي.
اسئلة
(۱) أقرأ الاصحاح التاسع من سفر الأعمال واذكر بالتفصيل قصة
اهتداء شاول .
(۲) عدد الرسائل التي كتبها بولس والموجودة في العهد الجديد . 
(۳) تتبع البلدان التي زارها بولس في سفرته الثانية كما تشير إليها الخارطة المدرجة مع الدرس .
(٤) لماذا دعي بولس رسول الجهاد وموطّد أركان الكنيسة المسيحية ؟
(ه) راجع كتاب " سيرة رسول الجهاد " واخص أحد فصوله .
- عدد الزيارات: 26