Skip to main content

الدرس الثالث والثلاثون العلماء وخدام المجتمع

لا يقتصر البحث العلمي على عالم الطبيعة والمادة ، والوجود اللاإنساني ، بل يتعداه إلى الإنسان نفسه ، وإلى معرفة الله . لذلك فإننا نرى على مدى الأجيال نفراً من العلماء يتحرقون شوقاً الى كشف المجهول والسعي وراء الحقيقة ، ومعرفة الله الذي هو ينبوع كل حق، وخدمة المجتمع خدمة صادقة.
ولا يخفى في أن العلم يحمل بين يديه قوتين مختلفتين ، انه مثل السيف يمكن استعماله في سبيل الشر والدمار وازهاق الارواح او في سبيل الخير ونصرة المظلوم وتوفير الراحة لبني الإنسان . وهكذا ففي وسع العلماء أن يستخدموا
علمهم إما للنفع أو للضرر. وها هو تاريخ الحضارات والشعوب يوضح لنا كيف ان هذا الانسان كان يستخدم على مدى الأجيال تلك المعرفة العلمية إما للخير أو للشر .
لقد نتج عن تقدم العلم انقلاب خطير في جميع مناحي الحياة السكن العلم لم يكن في كل الحالات ضامناً لسعادة الإنسان ، لا سيما إذا تجرد هذا الإنسان عن رسالته الروحية ، وخرج عن نطاق الفضيلة واقتصر في تصرفاته على الأمور المادية . ولا يحقق العلم رسالته بأمانة الا متى حافظ على التوازن القائم بين مطالب المادة واغراض الروح . ولن يخدم العلم الحياة خدمة صادقة الا متى أدرك أربابه بأنه يجب على العلم ان يحقق رسالته الخلقية المرتكزة على المبادئ التي نادت بها الأديان السماوية والتي جعلت الرحمة والمحبة والخدمة والفضيلة في قائمة تعاليمها، ومواد برامجها .
وليس غريباً أن نرى طائفة من الرجال المبرزين في العلم والطب ينصرفون إلى خدمة المجتمع وإصلاح البيئة التي يعيشون فيها وتقديم الخير لبلادهم و لعالمهم . ولا عجب فالقيم الروحية ضرورية للإنسان ، ومتى سيطرت الحكمة على العلم فانها حتماً تعود بالخير العميم لهذا العالم . وليست الحضارة التي نتمتع بها هي البنايات التي نراها ، او الطائرات التي تحلق بنا الى مسابح الفضاء او غيرها من المظاهر المادية، فهذه المخترعات وأمثالها لا قسمة لها إن لم تقرن بالمحبة وروح الخير والرفق والمسامحة والخدمة .
وقد ترك لنا العلماء صفحة رائعة من صفحات الجهاد ، فكثيراً ما كافح هؤلاء في سبيل تحقيق أمانيهم ، وقدموا تضحيات ثمينة للتوصل إلى الحقيقة والحصول على المعرفة . انهم كثيراً ما دفعوا اثماناً غالية في سبيل المعرفة وللوصول إلى الحقيقة. وكان لسان حالهم دائماً أن العزيمة يجب ان يتبعها العمل والعمل لا بدَّ وان يتبعه النجاح . فهؤلاء العلماء كانوا جبابرة وابطالاً لنزوعهم الى الخير العام، ولجهادهم المتواصل وصبرهم ومثابرتهم ، و لكفاحهم الجبار في سبيل الكشف عن الحقيقة وخدمة المجتمع .
ومملكة العلم دولية اذ ان جميع الشعوب إشتركت في ترتيب المعارف ووضع حجارة في صرح الحضارة العالمي . و في كل العصور تلاقى العلماء من مختلف الأمصار والبلدان للعمل المشترك، لأن مملكة العلم لا تعرف حواجز او حدوداً إذ هي وقف على الجميع، وباب الخدمة مفتوح للكل على السواء. وويل للعلم إن فقد انسانيته . وويل له إن لم يتحصن بالاخلاق فإنه عند ذاك يصبح وسيلة من وسائل التدمير والخراب ! وويل للانسانية اذا سيطر عليها علماء طفت على عقولهم غريزة هوجاء عمياء ! و لنشكر الله لوجود فئة كبيرة من العلماء الذين مثَّلوا أدوارهم على مسرح الحياة كأحسن ما يطلب منهم . أنهم كانوا رسل خير ، ودعاة صلاح وإصلاح.

ويتعاون الدين مع العلم لإخضاع العالم الطبيعي والمادي للعالم الروحي وإخضاع ما هو زمني عابر لما هو أبدي خالد . ولا يجب على الدين أن يسمح للحركات الدنيوية أن تحتكر الجهاد ضد الفقر والمرض والجهل بل عليه أن يساهم في هذا الجهاد ويقوده . لان خدمة الإنسان في هذه الحياة هي جزء من خدمة الله . وهذا ما شعر به نفر كبير من العلماء وخدام المجتمع والمحسنين إليه ، فكرَّسوا حياتهم من أجله.
اسئلة
(۱) عدِّد بعض العلوم التي تدرس في الكليات الان .
(۲) اذكر اسماء اشخاص كانوا رجال علم ورجال إصلاح في نفس الوقت.
(۳) تحدث عن عالم جاهد وكافح في سبيل الوصول إلى المعرفة.
 (٤) ماذا نعني بقولنا أن مملكة العلم دولية ، وأن العلم يمكن استخدامه للخير والشر.
(ه) ما هي صفات العالم المثالي في نظرك ؟
 (٦) ما هي الضمانات لجعل العلم أن يكون خيراً ؟

  • عدد الزيارات: 8